رمضان حمزة محمد
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 14:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما ننظر إلى مواردنا المائية بواقعية، نجد أن التحديات المائية والمناخية تتزايد بوتيرة سريعة. درجات الحرارة ترتفع، الموارد الجوفية تتراجع، الاعتماد على التحلية يتنامى، والسكان يتزايد في مدن تتوسع بلا توقف. ومع ذلك، ما تزال السياسات المائية في البلاد أسيرة التفكير قصير المدى، ومتعلقة بتوفير المياه الآني، أكثر من صياغة إطار مبني على استراتيجية يحمي الأمن المائي لعقود قادمة. هنا بالضبط، تكمن قيمة الحوكمة الرشيدة بالنسبة لاستخدامات مواردنا المائبة المتاحة وهذا لا يأتي في تكرار ما تفعله دول التشارك المائي، بل في فهم طريقة تفكيرهم في إدارة موارد المياه في أعالي نهري دجلة والفرات.؟
العراق يمتلك نسبة جيدة من المياه العذبة داخل حدودها السياسية، فإنها إن استطاعت إدارة مواردها بكفاءة وحكمة رشيدة ستسمح لها بتأمين احتياجات العراق بما يكفي، وتدعم نمو اقتصاد مستدام التأثير، وهذه الحقيقة، من منظور خبير في استراتيجيات وسياسات المياه وتغير المناخ، يكشف أن حجم الموارد ليس معيار النجاح؛ بل الرؤية، والسياسة، والحوكمة الرشيدة. لان الخوف يراود المجمتع العراقي من ان الاستمرار هذا النهج التقليدي في إدارة مواردنا المائية سيمضي بمستقبل اجيالنا الى "عراقٌ بلا ماء"… وهذا سوف لن يكون سيناريو خيالي، بل جرس إنذار بكوارث لا تحمدُ عقباه. بلاد الرافدين التي علّمت العالم معنى الحضارة تُختبر اليوم في أبسط حق من حقوق الحياة وهو" الماء". الأزمة لم تعد توصيفاً ولا تقارير تُركن على الرفوف. إنها نتيجة قرارات مؤجلة، وعدالة مائية غائبة، وإرادة سياسية لم تُختبر بعد. الماء ليس رقماً في ميزانية، ولا ملفاً تفاوضياً عابراً. هو شريان الإنسان، وكرامة الريف، وبقاء المدن، وروح الأرض. ما نحتاجه اليوم ليس مزيداً من الوعود، بل الانتقال من الخطاب إلى الفعل، بيانات حقيقية، علم يُحترم، سياسات تُحاسَب، وحلول تُنفَّذ. من كفاءة الاستخدام، إلى إعادة التدوير، إلى حلول مستوحاة من الطبيعة تحمي الإنسان والنظام البيئي معاً. العراق يملك المال، والعقول، والخبرة…ما ينقصه فقط هو القرار. إما أن نختار طريق العدالة المائية والاستدامة، أو نترك الأجيال القادمة تواجه عطشاً لم تصنعه الطبيعة فقط. لان العراق لا يُنقذ بالشعارات… بل بالإرادة السياسية والإدارة المتكاملة للموارد المائية.
#رمضان_حمزة_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟