أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رمضان حمزة محمد - أنهار العراق: من مهد الحضارة والتناغم إلى تحديات الجفاف والتلوث.؟














المزيد.....

أنهار العراق: من مهد الحضارة والتناغم إلى تحديات الجفاف والتلوث.؟


رمضان حمزة محمد
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 18:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما كانت الأنهار هي شريان الحياة الذي احتضن الحضارات الإنسانية منذ فجر التاريخ. ففي وادي الرافدين، لم يكن نهرا دجلة والفرات مجرد مصدر للبقاء، بل كانا "النهران الأم" الذي صاغ الهوية والثقافة والذاكرة الوطنية للعراقيين. يمثل هذين النهرين رمزًا عميقًا للارتباط الوجداني والحيوية، حيث تبلورت في أحضانه أقدم الحضارات التي استطاعت الصمود عبر العصور.
إن العلاقة بين الإنسان والمياه تحمل طبيعة مزدوجة معقدة. فبقدرة الماء على "تغذية جميع الكائنات الحية" وتعزيز الحضارات، فإنه يحمل أيضًا إمكانية "الفيضان والجفاف وإحداث الكوارث". وقد تمحورت جهود الحضارة العراقية، منذ ترويض الفيضانات القديمة وحتى العصر الحديث، حول تحقيق التعايش المتناغم بين الإنسان والمياه وضمان التوازن بين النمو الاقتصادي والاجتماعي والحيوية الدائمة للأنهار. لكن، في ظل التحولات الكبيرة التي أحدثتها الحضارة الصناعية والتحضر غير المنظم، وتحكم دول المنبع بالإيرادات المائية الى دول المصب انقلبت الموازين. أدى الإفراط في استغلال الموارد والتنمية غير المدروسة إلى عواقب وخيمة، تمثلت في جفاف الأنهار، والتلوث، وتعطيل النظم البيئية. في القرن الحادي والعشرين، يواجه العراق والعالم سؤالاً مشتركاً حاسماً كيف يمكن إعادة صياغة العلاقة بين البشر والأنهار في ظل الضغوط البيئية؟ يجب على العراق أن يضع حوكمة الأنهار كركيزة أساسية لتوجهات الحوكمة الوطنية. فالأنهار ليست مجرد موارد، بل هي جوهر مصير الدولة العراقية وشعبها. الاستراتيجية الأساسية المقترحة هي تبني نهج "تحويل مخاطر الفيضانات والسيول إلى منافع". هذه الاستراتيجية لا تسعى إلى الاستخراج أو الغزو أو المواجهة، بل تهدف إلى تحقيق الوحدة الجدلية للتناغم بين الإنسان والطبيعة: عبر نهج قائم على النظم يراعي البيئة. وفلسفة تتمحور حول الإنسان لتحقيق التكامل بين محبة الطبيعة ورعاية الإنسان. إن تطبيق هذه الاستراتيجية يتطلب رؤية بعيدة المدى والتزاماً راسخاً وطويل الأمد. لقد أصبحت حوكمة الأنهار دافعاً أساسياً للتنمية المستدامة، وتعزيز التقدم البيئي، واستدامة تقاليد إدارة المياه في بلاد ما بين النهرين. كما أن هذه الاستراتيجية تمثل إجابة حاسمة في ظل تحديات تغير المناخ وتحكم دول المنبع بالإطلاقات المائية. إنها فرصة لكتابة فصل جديد من التنمية عالية الجودة، حيث تكون الأنهار هي "القلم" الذي يرسم حضارة جديدة للعراق "بلد الرافدين"، تتوافق مع الظروف الطبيعية والبشرية القاسية. لطالما آمن العراقيون القدماء بأن "من لم يستطع إدارة الرافدين لا يستطيع حكم العراق". هذه الحكمة تكتسب اليوم معنى أعمق، حيث لا يمكن تحقيق حوكمة وطنية وعالمية فعالة إلا من خلال الإدارة السليمة والمستدامة لنهرَي دجلة والفرات.
إن رؤية وخبرة الخبراء العراقيين في وضع الحلول والاستراتيجيات ضمن سياسات مائية وطنية بعمق علمي وعملي، يجب أن تُطبق عملياً لضمان أن تتدفق الأنهار بلا انقطاع، ويعيش الناس في سعادة، وتزدهر الحضارات طويلاً. إن الأنهار تغذينا مادياً وثقافياً وتاريخياً، وتجسد الرؤية الملهمة للانسجام بين الإنسان والطبيعة.



#رمضان_حمزة_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوسع الحضري العشوائي وقرارات استخدام الأراضي في العراق وبُ ...
- من رفوف مكتبات الجامعات إلى التنفيذ كمشاريع تنموية:متى سيترج ...
- التراث الثقافي وتغير المناخ- الاهوار العراقية أنموذجاً-
- العدالة المناخية وأهمية قياس مؤشر الهشاشة المناخية.؟
- تصاعد عنف المياه في العراق -الأزمة الداخلية والتهديدات العاب ...
- دروس من بركان -هايلي غوبي- والعودة إلى التاريخ الجيولوجي لهض ...
- هل يتعامل العراق بإدارة المياه السطحية والجوفية كنظام واحد.؟
- الحوكمة والمساءلة في تنظيم المياه الدولية المتشاركة والعابرة ...
- كيف اجبرت الجيولوجيا (خسف الارض والهزات الارضية) والهيدروجيو ...
- أدارة احواض الأنهر والإدارة التشاركية من المفاتيح الأساسية ل ...
- مستقبل المياه العذبة في العراق: تحديات متصاعدة وفرص ممكنة
- سدود دول المنبع والمخاطر الجيولوجية والزلزالية الناتجة عن حج ...
- العراق انتخب... ومستقبل مواردها المائية ينتظر: هل سيستمر الت ...
- تأثير الانتخابات العراقية على مستقبل موارد العراق المائية
- العراق بين تشخيص فجوة الطموح المائي وتنفيذ التزامات دول المن ...
- العراق بحاجة إلى خطط عاجلة لضمان أمنها المائي والغذائي.؟
- مقاربة واقعية بقدر ما هي حادة في نقدها للسياسات المائية الإق ...
- نحو دبلوماسية مائية وقائية وتوصيات لحوكمة مستدامة لمعالجة مخ ...
- الاتفاقية الاطارية مع تركيا فرطت بحقوق العراق المائية ومست س ...
- المياه في العراق من حاجة أساسية الى مصدر قلق إنساني وسياسي.؟


المزيد.....




- إلغاء حق الجنسية بالولادة.. ماذا قال ترامب عن احتمال خسارة ا ...
- هل يبقى أحمد الشرع في السلطة -للأبد- وكيف يؤثر تاريخه بمستقب ...
- كوريا الجنوبية تنشر مقاتلاتها بعد دخول طائرات روسية وصينية م ...
- بيت لحم: شجرة الميلاد تضيء ساحة المهد رغم الجراح
- ذكرى سقوط نظام الأسد.. عودة إلى طفولة اختطفت وآلاف السوريين ...
- مقتل 67 صحافيا خلال سنة حوالى نصفهم في غزة
- المخ يغير وصلاته العصبية بالكامل 5 مرات خلال عمر الإنسان
- كيف تحولت شبابيك سوريا إلى أكبر منصة إعلامية خلال ردع العدوا ...
- اللواء الدويري: لهذه الأسباب تنقل إسرائيل قواعدها إلى الخط ا ...
- قلة النوم مرتبطة بانخفاض متوسط ??العمر المتوقع


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رمضان حمزة محمد - أنهار العراق: من مهد الحضارة والتناغم إلى تحديات الجفاف والتلوث.؟