رمضان حمزة محمد
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 20:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تُعدّ الخزانات الضخمة للسدود من أكثر المنشآت الهندسية تعرضًا للمخاطر الجيولوجية والزلزالية، ولا سيما تلك المنشأة في مناطق معروفة بنشاطها الزلزالي وتاريخها الطويل من الهزات الأرضية، مثل نطاقات جبال زاكروس وهضبة الأناضول. وفي فترات الارتفاع السريع والكبير في مناسيب المياه داخل الخزانات، تتصاعد احتمالات حدوث اضطرابات جيولوجية قد تمتد آثارها إلى مناطق واسعة في دول المصب.
إنّ تغيّر منسوب المياه ضمن فترات زمنية قصيرة، سواءً بدافع توليد الطاقة أو بهدف التحكم بالتدفقات المائية نحو دول المصب، يخلق ضغوطًا إضافية على البنية الجيولوجية المحيطة بالسدود. وتزداد خطورة هذه الضغوط في بيئات غير مستقرة أصلاً من الناحية الجيولوجية، حيث يمكن أن يؤدي الملء السريع للخزانات إلى تحفيز النشاط الزلزالي أو تفاقم الانهيارات الأرضية أو الانخسافات. ولعلّ ما شهده عدد من الخزانات الكبيرة حول العالم من حوادث مماثلة يوضح حقيقة هذا التهديد.
وعلى الرغم من أن دول المنبع تعدّ سدودها ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية وتنظيم المياه والطاقة، فإن السؤال الجوهري يبقى: لماذا تُنشأ هذه السدود في مواقع عالية المخاطر دون اعتماد تقييمات دقيقة للمخاطر الجيولوجية والزلزالية أو دون تنظيم عمليات الملء بما يمنع الارتفاع المفاجئ للمياه؟ إنّ هذه الممارسات لا تهدد فقط استدامة المشاريع نفسها، بل تُعرّض أيضًا أمن وسلامة سكان دول المصب والبيئة إلى مخاطر جسيمة.
وفي ظل الطبيعة الجيولوجية المعقدة وغير المستقرة لمناطق مشروع الكاب التركي والمشاريع الإيرانية على الأنهار العابرة للحدود، تتزايد الحاجة الملحّة إلى اعتماد تقييمات شاملة للمخاطر قبل الشروع في بناء أي سد جديد، مع ضرورة تطوير أنظمة دقيقة للإنذار المبكر والرصد الزلزالي.
من هنا، يُطلب من الحكومة العراقية المقبلة أن تعتمد موقفًا واضحًا وصارمًا في ملف المياه المتشاركة والعابرة للحدود، وأن تُلزم دول المنبع بإجراء تقييمات مفصلة للمخاطر الجيولوجية والزلزالية لأي مشروع سد كبير، مع توضيح مدى تأثيره المحتمل على العراق كدولة مصب. فوجود تقييمات علمية دقيقة ورقابة مستمرة يمثلان شرطًا أساسيًا لحماية البنى التحتية والأمن البيئي، وضمان عدم تعريض العراق لمخاطر قد تتسبب بها القرارات الأحادية في إدارة المياه.
إنّ التعامل مع هذه القضية ليس خيارًا تقنيًا فحسب، بل هو ضرورة وطنية لضمان سلامة المجتمع واستدامة موارد البلاد المائية والبيئية.
#رمضان_حمزة_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟