أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - ترنيمة الحرية في مهبّ العواصف: ملاحم الروح وسراب الخرائط














المزيد.....

ترنيمة الحرية في مهبّ العواصف: ملاحم الروح وسراب الخرائط


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 00:26
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في لجة التحولات الكبرى التي تعصف بجسد الأرض السورية، وتحديداً عند تخوم "حلب" الشهباء التي ما زالت تقاوم الصقيع والنسيان، يبرز السؤال الوجودي العميق: هل أزفت ساعة السقوط؟ أم أننا أمام فصول جديدة من مأساة مستمرة؟ إنّ ما نراه اليوم من تحركات تركية لا يمكن وصفه في منطق السياسة والسيادة إلا بأنه "استفزاز للروح"، وتدخل سافر في شؤون بيتٍ لا يزال أهله يبحثون عن مفاتيح أبوابه. هذا التمدد الغريب لا يثير حفيظة "قوات سوريا الديمقراطية" فحسب، بل يوقظ في وجدان كل حرٍّ رفضاً قاطعاً لمحاولات الوصاية، خاصة حين تتحول القوى الإقليمية إلى "شريك" في نزيف الدم بدلاً من أن تكون بلسماً للجراح. إن العلاقة بين هذه القوى وبين جسد الشعب السوري تبدو اليوم مستعصية على "الاندماج"، فكيف يندمج السيف مع الغمد إذا كان السيف غريباً ومسلطاً على الأعناق؟

إن المشهد العسكري اليوم ليس مجرد صراع أرقام، بل هو صراع "إرادات وتنظيم". فمن يمتلك العقيدة الراسخة والتنظيم المحكم، كقوات "قسد"، يجد نفسه في مواجهة مجموعات هجينة جُمعت من شتات الأرض، تفتقر إلى الانسجام وتغرق في وحل الخلافات الفصائلية. وهنا تبرز الحقيقة الإنسانية الساطعة؛ إذ تجد "الأقليات" – بتنوعها الثقافي والروحي – نفسها في خندق واحد مع تلك القوى التي تؤمن بالتعددية، ليس حباً في الحرب، بل دفاعاً عن حق البقاء. إنهم يدركون أن مصيرهم واحد في وجه إعصار يهدد باقتلاع الجميع، مما يجعل الانسجام بينهم نابعاً من وحدة المصير لا من مجرد تكتيك سياسي عابر.

أما في غرف القرار المظلمة، فإن الاتفاقات الدولية التي نُسجت بدم الحبر يبدو أنها بلغت "خريف العمر". إن الرهان على انكسار روح المقاومة لدى السوريين الأحرار هو رهان خاسر، خاصة وأن القوى الدولية، وفي مقدمتها واشنطن، تدرك أن الثقة تُبنى بالوفاء لا بالغدر. وبينما يتسابق الطامعون للسيطرة على "ثروات البادية" والكنوز المخبوءة في ريف حمص، تطل برأسها مخاوف "التقسيم" المشؤوم. إنها ليست مجرد فيدراليات إدارية، بل هي محاولة لتفتيت العباد وتقسيم البلاد لإرضاء شهية المصالح التي تزن الروح السورية ببراميل النفط وتريليونات الثروات. إن الصراع القادم، إن اشتعلت نيرانه الكبرى، لن يحرق الجبهات فحسب، بل قد يغير خارطة الوجود في المنطقة إلى الأبد.

وفي سياق هذا التلاعب بمصائر الشعوب، يبرز شبح "داعش" كذريعة جاهزة يُشهرها الطامعون كلما أرادوا بسط نفوذهم على نقطة استراتيجية. إنها المسرحية الكبرى التي تُستخدم لمعاقبة المخالفين وذر الرماد في العيون، بينما الحقيقة تقول إن هذا الفكر المتطرف هو "الوجه الآخر" لذات العملة التي تقتات على دماء الأبرياء. كيف نتحدث عن محاربة الإرهاب وأباطرة الدم يتحركون تحت جنح الظلام، ويتغلغلون في مفاصل المؤسسات؟ إن التنازل عن الأرض، كما جرى في فضيحة الجولان السوري المحتل ومحو هويته من الخرائط، هو الطعنة الكبرى في خاصرة الشعب السوري، وكأن حفنة من المرتزقة تبيع إرث الأجداد في مزاد النخاسة الدولية.

أما الساحل السوري، ذلك الملاذ الوجداني الذي يرفض الانكسار، فإنه اليوم "قنبلة موقوتة" من الكرامة. إن صمت الجبال هناك ليس خنوعاً، بل هو ترقب حذر. فبينما يرفض أهل الساحل الانجرار إلى حروب عبثية، يؤكدون بصوت الشيخ "غزال غزال" وأمثاله أنهم لن يقبلوا بالعيش تحت وطأة الإرهاب المنظم. إن تجربة "السمندر" ليست إلا غيضاً من فيض؛ فعشرات الآلاف من أبناء الساحل، بخبرتهم العسكرية وكرامتهم المتجذرة، مستعدون لحماية شرفهم إن فُرضت عليهم المواجهة. إنهم يبحثون عن حل دولي ينصف إنسانيتهم، لا عن معارك تزيد من يتم الأطفال وثكل الأمهات، بعيداً عن أي تدخلات إيرانية أو إقليمية تحاول ركوب موجة وجعهم.

إننا نعيش اليوم زمن "الخيانات الكبرى" والتنازلات السرية التي تُوقّع خلف ظهور الشعوب. إن الجولاني، الذي يحاول الرقص على حبال متناقضة بين أنقرة وواشنطن، يجد نفسه محاصراً بتبعات قراراته التي لم تجلب للسوريين سوى الويل. وبينما تتصارع القوى الكبرى، من روسيا التي ترسل رسائلها بالنار، إلى بريطانيا التي تصنف الفصائل على قوائم الإرهاب، يظل الشعب السوري هو القربان الوحيد على مذبح هذه المصالح. إن الخلاص لن يكون إلا بسقوط عقلية القمع والارتهان، وعودة سوريا إلى حضن أبنائها، حيث يتصافح الصوفي مع الدرزي والعلوي والكردي في حكومة وحدة وطنية حقيقية، تقتلع فكر "ابن تيمية" المتطرف الذي سجن الروح السورية في زنزانة التكفير لقرون، ليعود فجر الحرية يشرق من جديد على "شام" ترفض أن تموت.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضرة الضمير – تأمل في هشاشة الأخلاق وقوة الإنسان
- رقصة الظل على جدران السجن
- أنين الجبال: صرخة الهوية في ممر الزمن
- سِرُّ القَلبِ الكورديِّ فِي مَهَبِّ الرِّيَاحِ التُّركِيَّةِ
- نداء الوجدان: حين ينسج المصير خيوطه بين إمرالي وشرق الفرات
- نحو وعيٍ يعبر فوق حدود الطائفة
- طقوس الانحناء في معبد السياسة
- قرنٌ من رماد: تأملات في جرح الإمبراطورية ووميض الروح الحرة
- نردد نشيد الحرّية في صمت الجبال الكوردية
- في حضرة المرايا المكسورة: رقصة السلاطين على أنغام الصحراء وا ...
- حكمة الصخر ورنين الروح: في مقام الكينونة الكوردية ونداء السل ...
- حجر الواقع ووهم الأمة الديمقراطية: صرخة الوجدان الكوردي في ل ...
- النار لا تُحرر… إن لم تكن في يد واعية!
- سجال القيادة وسيف السجن: أي فجر ينتظر كُردستان؟
- رقصة النار والماء: الأكراد وسوريا، بين الفلسفة الجريحة وبلاغ ...
- صرخة المعرفة في زمن الغياب
- شعلة نوروز: فلسفة الوجود ووجع النكران
- صوت الشلومية الذي لم يهن: مزكين حسكو وسرمدية الروح الكوردستا ...
- أن تكون كوردياً: شهادة لا تُمحى على جبين التاريخ
- أنقرة والخوف من الظل الكوردي


المزيد.....




- عبدالملك الحوثي: أي تواجد إسرائيلي في -أرض الصومال- سيكون هد ...
- -اركبوا أقصى خيلكم-.. نعيم قاسم: لن نتراجع ونزع سلاح حزب الل ...
- كأس أمم أفريقيا: الجزائر على قمة مجموعته والسودان يغازل دور ...
- من روسيا...إيران تطلق ثلاثة أقمار اصطناعية منتجة محليا -للمر ...
- نتنياهو وترامب.. خلاف حول مستقبل اتفاق غزة وإيران
- قلق إسرائيلي من ضغط ترامب على نتنياهو لفتح معبر رفح والانسحا ...
- زيلينسكي وترامب يناقشان الوضع في أوكرانيا والضمانات الأمنية ...
- جوائز غلوب سوكر: ديمبيلي الأفضل بالعالم ورونالدو نجم الشرق ا ...
- ألغاز بلا حلول .. سبع لغات لم يتمكن أحد من فك رموزها
- الرئيس الصومالي يعتبر اعتراف إسرائيل بـ-أرض الصومال- -تهديدا ...


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - ترنيمة الحرية في مهبّ العواصف: ملاحم الروح وسراب الخرائط