أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - سِرُّ القَلبِ الكورديِّ فِي مَهَبِّ الرِّيَاحِ التُّركِيَّةِ














المزيد.....

سِرُّ القَلبِ الكورديِّ فِي مَهَبِّ الرِّيَاحِ التُّركِيَّةِ


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 11:20
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في رِحابِ هذهِ الأرضِ الممزوجةِ بالبُركانِ والزّيتونِ، تتجلّى حكايةُ سُلطةٍ أرادَت أن ترسمَ خَارِطَةَ الروحِ على مقاسِ إرادتِها، وأن تَنحَتَ وجهَ وطنٍ جديدٍ بأزمِلةِ الماضي. هُوَ القائدُ الذي استمَرَّ في العَرشِ لسِنينَ عِدادٍ، فغدا كالمؤسّسِ الأوّلِ، يُغيِّرُ وجهَ الكِيانِ من عِلمانيةٍ تَنحو للغَربِ إلى صبغةٍ شَرقيةٍ، مُحافِظةٍ، ذاتِ وَجهٍ سياسيٍّ إسلاميٍّ؛ مُستلهِمًا في آليّاتِ الحُكمِ ما ورِثَهُ عن سَلَفِه، ولكِنْ مُبدِّلًا للقيمِ والمَرامِي. إنّهُ يُصوِّبُ سِهامَ التوجيهِ الاجتماعيِّ نحو النّشءِ، سَعيًا لهَندسةٍ تبدأُ من القِمَمِ لِتَنزلَ إلى قاعِ التّفاصيلِ، تمامًا كفعلِ أيِّ حاكِمٍ يريدُ الانفرادَ بسُلْطَانِ الأمرِ والنَّهيِ.

ولكنَّ الحُكمَ في زمنِ الشَّعبِ ليسَ كالحُكمِ في عهدِ الجُندِ، فالوِلايةُ العامّةُ هي سِرُّ الاستمراريةِ، وإنْ شابَها الشَّكُّ، وطَعَنَتْها شُبهاتُ الخَرْقِ والمُخالفاتِ، فتبقَى النّتيجةُ المُرادَةُ إعلانَ قُدرةٍ مُطلَقةٍ، لا تَزِيدُ المُجتمعَ إلّا انقسامًا وتأجُّجًا. فالدولةُ باتَت خليطًا من التيّاراتِ والأفئدةِ، لا يستطيعُ أيُّ حَاكمٍ، مهما عَلا شأنُهُ، أن يُصمِّمَها على مِثالِ حُلمِهِ وحدهُ؛ فالمدائنُ السَّاحليةُ، وقُطْبُ الاقتصادِ، وأصحابُ الرّساميلِ العَلمانيةِ، كُلُّهُم يُعارِضونَ، كأنّها صَرخةُ الطبقةِ البُورجوازيّةِ الحُرّةِ التي يَنبضُ قلبُها بالليبراليةِ الغربيّةِ. هؤلاءِ يَصُدّونَ تيارَ الاستبدادِ بمَدِّ وعيٍ، فتركيا غدَتْ أضخَمَ من أن تُحَاصَرَ في رُؤيةِ شخصٍ واحدٍ، وأكثرَ تعقيدًا من أن تُدارَ بعصا السّلطةِ المُنفردةِ.

إنّ هذهِ الروحَ السياسيةَ في البلادِ مُتأصِّلةٌ في عِشقِ "الدّولةِ" حدَّ العبادةِ، فالدولةُ هي مَن بَنَتْ، والدولةُ هي مَن أغنَتْ، فكيفَ يجرؤُ ابنُ الطبقةِ الوسطى على مُعاندةِ مُنقِذِهِ ومُنشِئِهِ؟ لذلكَ، فإنَّ أصواتَ القَبولِ بالتّعديلِ لم تكُنْ بالضرورةِ تأييدًا للاستبدادِ، بل رُبّما كانت سُكوتًا عنهُ، ومُماشاةً لإيديولوجيةٍ تَرى في الحاكمِ صورةَ البَطلِ الضَّحيةِ، وهي الرّوايةُ التي أحيَتْها حادثةُ الانقلابِ الفاشلِ.

ولكنَّ هذهِ الولايةَ الضّئيلةَ تُبشِّرُ باستمرارِ اللّعبةِ الانتخابيّةِ، وتَدفَعُ الحاكمَ إلى مُراجعةِ سياستِهِ، فلعلَّ مُغازلةَ الأصواتِ الكورديّةِ هي طوقُ النجاةِ من خَنقِ الاستقطابِ، وهو مَسارٌ قد يَحملُ الخَيرَ للاقتصادِ والأمنِ، ويُفَتِّحُ أبوابًا للمُناورةِ الإقليميّةِ. ومعَ ذلك، يبقى خَطرُ التَّوَحُّدِ معَ الذّاتِ السّلطويةِ قائمًا، فالزّعيمُ الذي طالَ بهِ العَهدُ باتَ هو الكِيانَ، وقد يَغلِبُ التَّبَرْمُجُ الإيديولوجيُّ على براغماتيةِ الحُكمِ.

في مَهَبِّ هذهِ الرّياحِ، يَتّجهُ بَعضُ الأبصارِ نحوَ الخارِجِ، نحو الجارِ الرُّوسيِّ المُعادي الذي يَدعمُ بعض القوى في الشَّامِ، مُهدِّدًا أمْنَ أنقرةَ القوميَّ، ونحوَ صِراعِ الهويّاتِ الذي يَجعلُ السّياسةَ الخارجيّةَ خادمةً للاستقطابِ الداخليِّ. إنّ القوميّةَ المُتطرِّفةَ ستَبقى سِلاحًا مَاضيًا لِضمانِ ولاءِ القواعدِ الرّيفيّةِ، ولكنْ في الأفقِ تلوحُ وُجوهٌ مُنشقّةٌ تُحاوِلُ لمَّ الشّتاتِ المُعارِضِ.

إنَّ نَصرَ الاستفتاءِ الضّئيلَ، رغمَ كلِّ العوائقِ التي وُضِعَتْ أمامَ حُرّاسِ القَلمِ والمُناضلينَ الكورد، هوَ شَهادةٌ على صُمودِ الوعيِ المدنيِّ الذي لم يَعدْ يَعتمدُ على قُوّةِ الجيشِ، بل على القَرَارِ الفَرديِّ؛ فالمُجتمعُ الذي رَفَعَتهُ الإنجازاتُ إلى طبقةٍ وسْطى، يَبْحثُ الآنَ عن حُرّياتِها، مُطالِبًا بوطنٍ يَتنفّسُ فيهِ النّصفُ حُرّيةَ الدّينِ، ويَتحرّرُ النّصفُ الآخَرُ من قُيودِهِ، وطنٌ تُصانُ فيهِ كرامةُ كُلِّ مواطنٍ، بما فيهِم نحنُ الكورد، لتكونَ هذهِ الأرضُ مَحطَّةً للحُرّيةِ والوِفاقِ، لا مَصِيرًا للاقتتالِ المَشؤومِ. وهذا ما ينتظرُ بَزوغَ قَائدٍ يَعبُرُ بالنّاسِ إلى دولةٍ ليبراليةٍ، تحترمُ الرّوحَ الإنسانيّةَ الحُرّةَ.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء الوجدان: حين ينسج المصير خيوطه بين إمرالي وشرق الفرات
- نحو وعيٍ يعبر فوق حدود الطائفة
- طقوس الانحناء في معبد السياسة
- قرنٌ من رماد: تأملات في جرح الإمبراطورية ووميض الروح الحرة
- نردد نشيد الحرّية في صمت الجبال الكوردية
- في حضرة المرايا المكسورة: رقصة السلاطين على أنغام الصحراء وا ...
- حكمة الصخر ورنين الروح: في مقام الكينونة الكوردية ونداء السل ...
- حجر الواقع ووهم الأمة الديمقراطية: صرخة الوجدان الكوردي في ل ...
- النار لا تُحرر… إن لم تكن في يد واعية!
- سجال القيادة وسيف السجن: أي فجر ينتظر كُردستان؟
- رقصة النار والماء: الأكراد وسوريا، بين الفلسفة الجريحة وبلاغ ...
- صرخة المعرفة في زمن الغياب
- شعلة نوروز: فلسفة الوجود ووجع النكران
- صوت الشلومية الذي لم يهن: مزكين حسكو وسرمدية الروح الكوردستا ...
- أن تكون كوردياً: شهادة لا تُمحى على جبين التاريخ
- أنقرة والخوف من الظل الكوردي
- رقصة الأقنعة على رمال الشرق المتحركة
- رؤية في دهاليز السياسة: حينما يصبح الحل هو الُمشكل
- صدى الروح في ميزان الشرق: جدل السياسة والإنسان
- الصواريخ لا تُنبئ بالسلام.. والدم الكردي ليس وقوداً للهيبة


المزيد.....




- تركيا.. زواج محارم سبب بناء مدينة بودروم.. هذه قصة أحد عجائب ...
- بلجيكا تقع في المحظور.. برطمانات الكاربونارا في متجر البرلما ...
- بعد مهلة ترامب.. زيلينسكي يعلق على خطة الـ28 نقطة لوقف حرب ر ...
- شاهد مزحة ترامب بلقاء ممداني بعد وصف الأخير له بـ-الفاشي-
- تحت وقع خلافات بالجملة ـ قمة مجموعة العشرين تنطلق في البرازي ...
- قمة العشرين: ألمانيا تسعى لتعزيز التقارب مع البرازيل والمكسي ...
- العالم يعيد رسم خرائطه: ماذا يعني غياب الثلاثة الكبار عن مجم ...
- كييف تبحث مع الأوروبيين مقترح السلام الأمريكي فيما أعلنت موس ...
- الاحتلال يداهم مناطق بالضفة والمستوطنون يحرقون منشأة زراعية ...
- أوكرانيا تبحث الخطة الأميركية مع الأوروبيين وترامب يمهلها حت ...


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - سِرُّ القَلبِ الكورديِّ فِي مَهَبِّ الرِّيَاحِ التُّركِيَّةِ