رمضان حمزة محمد
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 8570 - 2025 / 12 / 28 - 18:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نجت ايران وبالأخص عاصمتها طهران وهي الجارة الشرقية للعراق في اللحظات الأخيرة من جفاف مطبق بفضل هطول الأمطار، لكنها سرعان ما يظهر الوجه الآخر للأمطار وتحدث كوارث الفيضانات والسيول، لسنوات، كان الحديث عن ندرة المياه في المنطقة يُصنف كـ "خطر مستقبلي"، لكن العراق عاش هذا المستقبل المرير. هذه القصة ليست قصة عابرة، بل هي مرآة تعكس الواقع الذي يزحف نحو المدن العراقية، من الموصل نزولاً إلى البصرة، مروراً بالعاصمة بغداد.
في العراق أزمة إدارة مائية قبل أن تكون أزمة مناخ لانه في العراق، نحن لا نعاني فقط من تراجع هطول الأمطار أو انخفاض مناسيب دجلة والفرات، بل نعاني من عقود من القرارات التي أضعفت النظام المائي منها الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية بحفر الآبار العشوائي الذي يستنزف مخزوننا الاستراتيجي دون تعويض. والبنية التحتية المتهالكة من شبكات نقل مياه تعاني من ضياعات تصل إلى مستويات قياسية نتيجة الإهمال والتقادم. ناهيك عن توسع عمراني غير مدروس مع نمو سكاني وانفجار في الأحياء السكنية (العشوائية والرسمية) فاق قدرة محطات التصفية وشبكات الصرف الصحي المصممة لعقود مضت، رافق كل ذلك البيروقراطية وغياب الرؤية من عجز الهياكل الحكومية عن تصحيح المسار فور ظهور علامات الخطر، والاعتماد على حلول "رد الفعل" بدلاً من "الاستباق". ويأتي تغير المناخ ليفاقم الوضع، لكنه ليس المسبب الوحيد. فالكوارث المائية التي شهدتها مدن في ارجاء اخرى، تتكرر اليوم في منطقتنا لأننا استبدلنا الإدارة طويلة الأمد بحلول ترقيعية قصيرة الأجل.
لذلك يجب ان تُبنى السياسات المائية على أساس البدء من معالجة الأعراض إلى اقتلاع الأسباب
لان الأمن المائي العراقي لن يتحقق بتمني هطول الأمطار، بل بمعالجة الأسباب الجذرية من حوكمة المياه بالانتقال من الإدارة المركزية التقليدية إلى إدارة تعتمد على البيانات الحقلية والذكية.
وزيادة كفاءة الاستخدام بتفعيل تقنيات إعادة تدوير المياه الرمادية في المدن وتقنيات الري الحديثة في الريف. وإرادة سياسية عابرة للحدود تتجلى في التفاوض على حصص العراق المائية برؤية فنية وقانونية صلبة، تضمن استقرار التدفقات. المائية الى العراق، وهنا يطرح تساؤل مشروع.. ولكنه مؤلم بينما نجى العراق هذه المرة ببركات السماء، يبقى السؤال المطروح على طاولة صناع القرار في العراق هل الدروس المستقاة من جفاف الأهوار وتراجع مناسيب نهري دجلة والفرات كانت كافية لندرك كيفية تقييم مخاطر المياه؟ أم أننا ننتظر وصولنا إلى "نقطة الصفر (Day Zero) “ لنبدا التحرك؟ إن أمن العراق المائي هو جوهر أمنه الاجتماعي والاقتصادي، والاستثمار في "المهارات الخضراء" والخبراء الوطنيين ليس خياراً، بل هو طوق النجاة الوحيد.
#رمضان_حمزة_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟