أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - السيطرات بين وهم الأمن وحقيقة التعطيل: قراءة سياسية–اجتماعية–أمنية














المزيد.....

السيطرات بين وهم الأمن وحقيقة التعطيل: قراءة سياسية–اجتماعية–أمنية


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 09:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*سيطرات بلا أمان: مسرحيات أمنية وفشل استخباري
على مدى عقدين من الزمن، تحوّلت ظاهرة انتشار السيطرات العسكرية والبوليسية—الدائمة منها والمؤقتة—إلى مشهد يومي مألوف في الشوارع الرئيسة، ومداخل المدن، والأحياء السكنية، بل وحتى الأزقة الفرعية.... ؛ كثافة لافتة، وانتشار أفقي وعمودي، وحضور دائم يزعم حماية الأمن العام... ؛ غير أنّ السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه بإلحاح : ماذا حققت هذه السيطرات فعليًا؟ وهل أدّت الغاية التي أُنشئت من أجلها، أم تحوّلت إلى عبء ثقيل على المجتمع والدولة معًا؟
على الرغم من كثرتها الكاثرة، لم يشهد المواطن—طوال سنوات طويلة—حالة موثّقة أُحبطت فيها عملية انتحارية بحزام ناسف عند إحدى هذه السيطرات، أو أُلقي القبض على إرهابي كان في طريقه لتنفيذ جريمة كبرى... ؛ بل إنّ أجهزة كشف المتفجرات التي استُوردت في حينه، وروّج لها بوصفها إنجازًا تقنيًا، تبيّن لاحقًا—باعتراف رسمي وقضائي—أنها فاسدة وغير صالحة ؛ لا تؤدي الغرض الذي جيء بها من أجله، وأنها كانت جزءًا من ملف فساد واسع كلف البلاد أموالًا طائلة وأرواحًا بريئة...!!
المفارقة الأكثر إيلامًا أنّ بعض المسؤولين، ورؤساء الحكومات تحديدًا، لا يتذكّرون عبء هذه السيطرات وآثارها السلبية إلا عند اقتراب الاستحقاقات الانتخابية... ؛ حينها تُطلق الوعود بإزالتها “تخفيفًا للازدحام المروري” و”رحمة بالمواطن”، وكأنّ الأمر منّة أو مكرمة حكومية، لا حقًّا أصيلًا لمواطن أنهكته الاختناقات والانتظار والإهانات اليومية... ؛ أو كأنها كانت عثرة في طريق المواطن يجب إزاحتها! ... ؛ وما إن تُطوى صفحة الانتخابات حتى تعود السيطرات بأعداد أكبر، وتتبخر الوعود، وتذهب أدراج الرياح هباءً منثورًا...!!
إنها دورة نفاق سياسي صارخة، تعامل فيها الأجهزة الأمنية كأداة للاستعراض في الأوقات العادية، وللتذكير "بين الحين والآخر" بثقل وجود الدولة، وإن كان وجودًا شكليًا عاجزًا...!!
بل تجاوز الأمر كونه إخفاقًا أمنيًا وشكليًا سياسيًا، إلى تحوله إلى وكر للفساد والابتزاز المنظم... ؛ فكما تشيع التقارير الإعلامية ونشاطات التواصل الاجتماعي، أصبحت بعض هذه النقاط تُباع وتُشترى، ويُتاجر بمواقعها بين الضباط والفصائل... ؛ لقد تحولت إلى محطات لنهب المواطن، خصوصًا أصحاب الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع ، الذين يُفرض عليهم "الجبايات" اليومية تحت مسميات وذرائع شتى... ؛ والأخطر من ذلك، ما تُشير إليه بعض الروايات من أن هذه البؤر الفاسدة، تحت غطاء الرتابة والروتين، قد تسهل – مقابل الرشوة – مرور العناصر الإرهابية والاجرامية ومعداتها، ليصبح الحاجز المفترض أن يكون خط الدفاع الأول، بوابة خلفية للنفاذ، وبثمن بخس من "السحت الحرام"...!!
إنّ الإشكال ليس في وجود السيطرات من حيث المبدأ، بل في الفلسفة الأمنية التي ترى في قطع الطرق ونشر الحواجز الثابتة بديلاً عن العمل الاستخباري الحقيقي... .
كثير من الضباط والقادة يتصوّرون أنّ ضبط الأمن يتحقق بكثرة السيطرات، وبخلق ازدحامات مرورية خانقة، وبأسئلة نمطية من قبيل: “وين رايح؟ ومنين جاي؟” وكأنّ المطلوب سيعترف من السؤال الأول، أو أنّ الجريمة تُكتشف بالصدفة لا بالتحليل والمتابعة...!!
تجربة “فرض القانون” في أكثر من محافظة—ومثال ميسان حاضر—كشفت هذا الخلل بوضوح... ؛ سيطرات عديدة نُصبت في مفاصل الطرق الحيوية، ولا سيما عند مداخل المدن، حتى بدت المدينة ثكنة عسكرية ثابتة لا تتحرك... ؛ أمام هذا الواقع المزري، اضطرّ المسؤول المحلي للتدخل ومعالجة الظاهرة بعد أن تحولت إلى كارثة يومية على السكان والقادمين، دون مردود أمني ملموس.
لا يزال وهْمُ "الأمن بالحصار" يسود في عقلية الكثير من قادة الأجهزة الأمنية، الذين يتصورون أن ضبط الأمن وتحقيق الاستقرار لا يكون إلا بقطع الطرق، ونشر الحواجز الثابتة والمتحركة في كل شارع رئيسي وزقاق فرعي ... !!
أيها القادة، إنّ الأمن لا يتحقق بقطع الطرق ولا بالاختناقات المرورية الكارثية، ولا بإرهاق المواطن وإذلاله... ؛ والأمن يُبنى بالجهد الاستخباري العميق—البشري والتقني—وبتحليل المعلومات، وملاحقة الشبكات قبل أن تتحرك، وبقضاء حازم وصارم لا يساوم، وبمؤسسات وشخصيات خاضعة للمساءلة لا محمية بالحصانة... ؛ و الأمن يُصان حين يشعر المواطن أنّ الدولة تحميه لا تعرقله، وتثق به لا تشتبه به على الدوام.
إنّ إعادة النظر الجذرية في مفهوم السيطرات، وتحويلها من عبء شكلي إلى أداة ذكية ومتحركة، وربطها بمنظومة استخبارية فعّالة، هو الطريق الوحيد لاستعادة الثقة المفقودة... ؛ أما الإبقاء عليها بهذا الشكل، فليس سوى إعادة إنتاج لوهم الأمن، على حساب كرامة الناس، ووقتِهم، واقتصادِهم، ومستقبلِ الدولة نفسها... .
نعم , إن هذا المشهد المأزوم يكشف خللاً منهجيًا عميقًا في الفلسفة الأمنية السائدة... ؛ فالأمن الحقيقي لا يُبنى بحجب الطرقات وتعطيل الحياة، بل بالعقل الاستخباري الذي يجمع المعلومة الدقيقة، وبالكفاءة البشرية المدربة، والتقنية الفعالة النظيفة، وأخيرًا وليس آخرًا، بقضاء عادل وسريع وحاسم، يضرب بيد من حديد على الفاسد والإرهابي معًا، دون تمييز... ؛ فمتى نعي أن الحواجز الخرسانية لا توقف الأفكار المتطرفة، وأن الازدحامات لا تصنع استقرارًا، وأن الأمن هو ثمرة العدالة والكفاءة، وليس نتاج حصار المواطنين في شوارعهم.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطائفية والنكران: تحليل عابر للحدود للعلاقات العراقية الأرد ...
- العمالة الأجنبية والوافدون في العراق: قراءة سياسية-اجتماعية ...
- استمرارية كابوس الثعابين السبعة
- مرونة النظام العراقي الديمقراطي: آلية التصحيح الذاتي وقابلية ...
- ثروات بلا أصحاب: العمالة الأجنبية في جنوب العراق بين منطق ال ...
- تسلّل السوريين إلى بغداد عبر أربيل: مقاربة سياسية–أمنية لظاه ...
- جريمة في المنصور: انعكاس لجروح إقليمية عميقة وتحولات في طبيع ...
- العنصرية والاستغلال بحقّ السوريين في تركيا: قراءة سياسية-اجت ...
- مرثية الروح والظل
- الطفولة العراقية بين قسوة التاريخ و ميراث العنف وبنية الاستغ ...
- مرايا البعد والاغتراب وأطياف الاصدقاء القدامى
- دوامة التغيير… حين تبتلعك ذواتك المتعددة
- سيولة الشعور وهشاشة اللحظة: قراءة نفسية في زمن العاطفة المتح ...
- حين يشوي العمّ ( أبو محمد) لحمَ الذاكرة على جمر الزمن
- الكائن الذي فضحته إضاءته
- كيمياء الوجود بين صرامة القوانين ووهم الاستثناء
- الواقع المزيف: بحثًا عن الحقيقة في زمن الالتباس وطمر الوعي
- حين تدور الأسطوانة… ويستيقظ زمنٌ لم يمت
- وليمة الجوع الذي لا يُشبِع … وسراب الشِّبع الذي لا يرحم
- العابر بين ظلاله


المزيد.....




- رد فعل شجاع لفتاة لحظة تعرضها لمحاولة اختطاف.. لن تصدق ما فع ...
- مصر.. السلطات تحقق في فيديو يظهر -جسمًا يشبه التمساح- في محا ...
- إسرائيل تهدد بـ-الرد- على -حماس- بعد انفجار في غزة يُصيب ضاب ...
- خبراء أمميون نددوا بالحصار الأمريكي على فنزويلا ودعوا لمحاسب ...
- أمم إفريقيا: محرز يقود الجزائر لفوزها الأول منذ تتويجها عام ...
- مكملات الألياف لإنقاص الوزن.. فوائد حقيقية أم خدعة تجارية؟
- احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من حرب غزة
- عاجل | الداخلية السورية: قوات الأمن والجيش استهدفت مجموعة إر ...
- غارات أردنية تستهدف تجار أسلحة ومخدرات جنوبي سوريا
- من السيارات إلى الروبوتات.. شيري الصينية تصنع موظفي المستقبل ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - السيطرات بين وهم الأمن وحقيقة التعطيل: قراءة سياسية–اجتماعية–أمنية