أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - العمالة الأجنبية والوافدون في العراق: قراءة سياسية-اجتماعية في التداعيات والمآلات














المزيد.....

العمالة الأجنبية والوافدون في العراق: قراءة سياسية-اجتماعية في التداعيات والمآلات


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 09:09
المحور: الصحافة والاعلام
    


يشهد العراق منذ سنوات طويلة تصاعدًا ملحوظًا في أعداد العمالة الأجنبية والوافدين واللاجئين والمقيمين غير العراقيين، حتى بات هذا الملف من أكثر الملفات حساسية وتأثيرًا في الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد... ؛ فالقضية لم تعد مجرد حركة عمالة طبيعية تفرضها ظروف السوق أو نشاط سياحي ، بل تحوّلت إلى ظاهرة مركّبة ذات أبعاد أمنية وديموغرافية واقتصادية، تداخلت فيها اعتبارات السيادة مع ضعف التشريعات وغياب التخطيط الاستراتيجي.
تشير التقديرات غير الرسمية إلى وجود ملايين الأجانب داخل العراق، ينتمون إلى جنسيات متعددة: عربية وآسيوية وإفريقية، من بينهم عمال، ولاجئون، ومقيمون بصورة مؤقتة أو دائمة، فضلًا عن فئات تسعى إلى الحصول على الجنسية العراقية، وقد نجح كثيرون فعلًا في ذلك خلال العقود الماضية في ظل ظروف سياسية استثنائية، وحروب، وانهيارات مؤسساتية، وغياب الرقابة الصارمة على ملف الجنسية والإقامة.
من الناحية الاقتصادية، يمثّل هذا الوجود الكثيف ضغطًا مباشرًا على سوق العمل العراقي، ولا سيما في بلد يعاني أصلًا من نسب بطالة مرتفعة بين شبابه... ؛ فكل فرصة عمل يشغلها عامل أجنبي تعني – بصورة أو بأخرى – إقصاء عامل عراقي أو حرمان عائلة عراقية من مصدر رزق محتمل... ؛ كما أن التحويلات المالية التي يرسلها هؤلاء العمال إلى بلدانهم تستنزف العملة الصعبة، وتُخرج مليارات الدولارات سنويًا من الدورة الاقتصادية المحلية، دون أن يقابلها إنتاج حقيقي مستدام داخل البلد.
أما اجتماعيًا، فإن غياب التنظيم القانوني الدقيق لوجود العمالة الأجنبية يفتح الباب أمام إشكالات متعددة، من بينها تفكك النسيج الاجتماعي في بعض المناطق، وظهور أنماط سلوكية وقيم دخيلة لا تنسجم دائمًا مع الخصوصية الثقافية للمجتمع العراقي... ؛ ولا يمكن إنكار أن أغلب حالات الجريمة، أو العمل غير المشروع، أو استغلال النساء، أو شبكات المخدرات والاتجار بالبشر، ارتبطت – في بعض الوقائع – بأفراد وافدين دخلوا البلاد دون تدقيق أمني كافٍ، أو كانوا فارين من العدالة في بلدانهم الأصلية... ؛ وهذه الملاحظات لا تُحمَّل على الجميع، لكنها تفرض ضرورة المعالجة الجدية لا سياسة التجاهل.
أمنيًا وسياديًا، تبرز المخاوف بصورة أوضح في أوقات الأزمات. ففي حال تعرّض البلاد لحرب أو طارئ أمني كبير، فإن الأجنبي – بطبيعة الحال – سيغادر إلى بلده، بينما يبقى ابن البلد وحده في ساحة الدفاع والصمود والتضحية ... ؛ كما أن وجود أعداد كبيرة غير مضبوطة قد يسهّل عمليات التجسس أو الاختراق الأمني، خاصة في ظل الصراعات الإقليمية والدولية التي تُدار أحيانًا عبر أدوات بشرية ناعمة.
وتتفاقم الإشكالية أكثر عند الحديث عن ملف الجنسية العراقية، الذي أصبح – في نظر كثيرين – سهل المنال خلال فترات سابقة، دون ضوابط دقيقة أو معايير صارمة، ما أضعف قيمة المواطنة وأثار شعورًا بالغبن لدى شريحة واسعة من العراقيين الذين يرون أن دولتهم لم تحمِ حقوقهم كما ينبغي، ولم تميّز بين من يستحق الاندماج القانوني ومن استغل الفوضى والضعف.
ولعل المقارنة مع سياسات دول أخرى تكشف حجم الخلل في التجربة العراقية... ؛ فإيران، على سبيل المثال، رغم قوتها، اتخذت إجراءات صارمة بحق اللاجئين و العمالة الأفغانية ، شملت الترحيل ، وتقييد الإقامة، وربط العمل بتصاريح محددة... ؛ والكويت وضعت قيودًا شديدة على ملف التجنيس، بل وأعادت مراجعة جنسيات مُنحت سابقًا، وسحبتها ممن ثبت عدم استحقاقهم... ؛ وفي الولايات المتحدة، لا يتردد الساسة – ومنهم دونالد ترامب – في استخدام خطاب الترحيل وتشديد قوانين الهجرة كجزء من حماية سوق العمل والأمن القومي، بغض النظر عن الجدل الانساني و الحقوقي المصاحب.
إن المطالبة بتنظيم ملف العمالة الأجنبية والوافدين في العراق لا تنطلق من عنصرية أو عداء للآخر، بل من حق مشروع في حماية السيادة، وصون الاقتصاد الوطني، والحفاظ على السلم الاجتماعي... ؛ فالدولة القوية هي التي تعرف من يدخل أراضيها، ولماذا، وإلى متى، وتحت أي التزامات قانونية... ؛ أما ترك الأبواب مشرعة بلا ضوابط، فهو وصفة مؤكدة لمزيد من الأزمات، وتآكل الثقة بين المواطن والدولة، واستمرار الشعور بأن العراق تحوّل – ظلمًا – إلى ساحة مفتوحة لفوضى بشرية لا رابح فيها.
إن معالجة هذا الملف تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وتشريعات واضحة، وإحصاءات دقيقة، وتوازنًا عاقلًا بين الاعتبارات الإنسانية والمصلحة الوطنية العليا، لأن بقاء الحال على ما هو عليه يعني أن تداعيات اليوم ستتحول إلى كوارث الغد.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استمرارية كابوس الثعابين السبعة
- مرونة النظام العراقي الديمقراطي: آلية التصحيح الذاتي وقابلية ...
- ثروات بلا أصحاب: العمالة الأجنبية في جنوب العراق بين منطق ال ...
- تسلّل السوريين إلى بغداد عبر أربيل: مقاربة سياسية–أمنية لظاه ...
- جريمة في المنصور: انعكاس لجروح إقليمية عميقة وتحولات في طبيع ...
- العنصرية والاستغلال بحقّ السوريين في تركيا: قراءة سياسية-اجت ...
- مرثية الروح والظل
- الطفولة العراقية بين قسوة التاريخ و ميراث العنف وبنية الاستغ ...
- مرايا البعد والاغتراب وأطياف الاصدقاء القدامى
- دوامة التغيير… حين تبتلعك ذواتك المتعددة
- سيولة الشعور وهشاشة اللحظة: قراءة نفسية في زمن العاطفة المتح ...
- حين يشوي العمّ ( أبو محمد) لحمَ الذاكرة على جمر الزمن
- الكائن الذي فضحته إضاءته
- كيمياء الوجود بين صرامة القوانين ووهم الاستثناء
- الواقع المزيف: بحثًا عن الحقيقة في زمن الالتباس وطمر الوعي
- حين تدور الأسطوانة… ويستيقظ زمنٌ لم يمت
- وليمة الجوع الذي لا يُشبِع … وسراب الشِّبع الذي لا يرحم
- العابر بين ظلاله
- نارٌ تُضيء ظِلال الروح
- النقل والرواية بوصفها ساحة للصراع: نقد تمثّلات الخصم والاخر ...


المزيد.....




- شاهد.. نيكي ميناج تشيد بترامب بظهور مفاجئ كضيفة شرف في مؤتمر ...
- مراسل CNN يفصل ما نعرفه للآن عن مقتل جنرال روسي بارز بموسكو. ...
- سرّ تحضير المسقعة اليونانية بالباذنجان.. أشهى ما حضّرته هذه ...
- مئات ينضمون إلى حملة تنظيف سنوية لنهاية العام في معابد كيوتو ...
- رسائل واشنطن وسلاح الفصائل: لحظة سياسية حساسة في بغداد
- الرقم 79432 يربح 4 ملايين يورو في يانصيب عيد الميلاد الإسبان ...
- تايلاند وكمبوديا تستعدان لاستئناف محادثات وقف إطلاق النار
- وثائقي -ردع العدوان- وأحمد الشرع: سرد أحداث معركة أم بناء شر ...
- وزيرا الخارجية والدفاع التركيان في دمشق.. واتفاق 10 آذار مع ...
- تدربا على أسلحة في الريف.. الشرطة تكشف دوافع مهاجمي سيدني


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - العمالة الأجنبية والوافدون في العراق: قراءة سياسية-اجتماعية في التداعيات والمآلات