أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - العربة














المزيد.....

العربة


سنية عبد عون رشو

الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 23:31
المحور: الادب والفن
    


في الغبش جلس عند ضفاف الفرات . يتأمل خيوط الفجر ذاوية أمام ضفائر شمس الصباح . تبهره ترانيم عنادل فوق شجيرة بقربه
تضعف رؤية عينيه فيعود أدراجه . إلى داره . لا أحد في انتظاره
الغموض يشوب أيامه ولياليه . ساهما تراه . وأحيانا وفي أيام الصيف تجده يعوم في نهر الفرات
مبتهجا . لكنه يحذر التقرب من الآخرين
ربما . تسألني . أمجنون . أم حكيم . ؟؟؟
سيكون جوابي حائرا . أنه مجنون بثوب حكيم . أحيانا جنونه مطبق وأحيانا تراه رجلا اعتياديا. أما
الحقيقة . فهي سَر لا يعرفه سواه .!!
يتناول فطوره وحيدا. صامتا . لايبدو انه نادم على شيء مضى . لكنه يتمنى بداخله نسيانه. أو إنه يكره فكرة التقصي عن أسرار حياته أمام الآخرين. يتأمل ماحوله بصمت . سجينة بداخله الكلمات. تحذر الانفلات ربما . يتوسلها أن تخرج كي يعرف نفسه . من هو. ؟؟. من أين أتى . ذلك سرّ لا يعرفه حتى هو.
عربته الخشبية وحدها تحظى باهتمامه . ترتفع منها أربعة أعمدة خشبية تربطها أسلاك متعددة الطوابق. ينشر فوقها قصاصات قماش مختلفة ألوانها يغلب عليها اللون الأخضر . يعلق بداخلها صور ا لأولياء وبعضا من المرايا . أرضية العربة مفروشة بقطعة خضراء اللون . ينشر فوقها الحرمل والبخور . فارقته التي يحن إليها . لا يفارق وجهها مخيلته . فارقته منذ سنين . وها هو يكابر الزمن .
والحياة والموت سيان لديه . حين تمر أمامه جنازة يخاطبها : هنيئا لك
لكنه يبتسم وتنفرج أساريره حين تمر أمامه امرأة حسناء
يبكر في خروجه يدفع عربته التي ترتفع أعلى من هامته .مواصلا سيره من الصوب الصغير الذي يقطنه إلى الصوب الكبير لا يبيع ولا يشتري بهذه العربة المزركشة يركنها عند أحد الأرصفة ويجلس قبالتها في مقهاه التي تعود ارتيادها صامتا . تلك خصوصيته التي عُرف بها العم
صابر ، لا أحفاد له ولا أبناء . !! . تعرفه الأرصفة كلها. وجسر المدينة الأخضر. تعرفه نساء المدينة والرجال. والأطفال
يرد تحيته لمن يلقي عليه سلامه . بحركة رأسه أو يرفع له يده . واحيانا يتجاهل الأمر كأنه لا يعنيه . !!
نظيف هندامه ب( دشداشته) ذات اللون الرصاصي . يعتمر كوفية فوق رأسه ويضع الحزام على وسطه . تتضح نحافة جسده وخصره
يختار نعله أكبر من قياس قدمه . !! وقد ضرب به المثل . فيقال لمن أنتعل نعلا أكبر من حجم قدمه كنعل العم صابر .
أبناء مدينته يحبونه رغم صمته وعزلته .يقدمون مساعدتهم له . يسكن في بيت قديم آيل للسقوط تركه أصحابه له
ذاته في عزلته . !!
في سره يناجي رفيق وحدته
في حلمي أراك سرمديا
يغتسلون بفيض حنانك
يدس الثوريون في عربته بعضا من الكتب المحظور تداولها آنذاك
. ذات ظهيرة مرتبكة جعلوه يحمل راية كبيرة تجوّل بها في قلب المدينة كتب عليها (يا حسين يا شهيد) . في وقت كانت مثل هكذا لافتة تورد المرء موارد التهلكة . يلصقون فوق مراياه بعض العبارات
ومما يبعث الأسى إنه لا يشعر بخطورة ما يجري . !!! أو إنه يدري ولكنه لا يبالي . بعد أن ضيع رفيقة دربه لم يعد ثمة مايخاف عليه . وبذلك دخل أسمه في سجلات دوائر الأمن . !!
أي أحمق دفعك إلي . قالها من يراقبه غاضبا . فهو لايفهم معنى صمته ورتابة حركاته . رمقه بنظرة حادة متفحصة ثم أمره أن ينصرف بحركة من كفه ورأسه .
قبل أيام زاره أحد المسؤولين طالبا منه حديثا عن نضاله السابق . التفت العم صابر
إلى صبي يدور حول عربته إعجابا وانبهارا . سأله . من هذا .؟؟؟؟
الصبي : لا أعرفه . ثم ضحك الاثنان
المشكلة . بل المأزق
لا أحد يعرف اليوم كيف يكافأ العم صابر على مجازفته أيام الصمت والخوف



#سنية_عبد_عون_رشو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمت القديسين
- رمزية شاعرة .. ولكن
- تسرق الريح أغانيها
- القمر والبحر
- الصوت
- أصغر سيدة
- خوذة مرقطة
- كيف ترحل
- المفاجأة
- مفاجأة
- المسرحية الهزيلة
- غصة في ذاكرة الزمن
- الأنكسار
- سرقة منسية
- عتاب شجرة
- شهيق وزفير
- المتهم رقم واحد
- طفلة من غزة
- كذبة نيسان
- الحلم الكاذب


المزيد.....




- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - العربة