أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - خوذة مرقطة














المزيد.....

خوذة مرقطة


سنية عبد عون رشو

الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


..دخلت استوديو التصوير سيدة فارعة الطول ناعسة العينين تقترب من الخمسين عاما رشيقة القوام شديدة الاناقة . رفعت عباءتها وعلقتها خلف الباب الخشبي داخل غرفة مخصصة لتصوير زبائن المحل...
متشحة بملابسها السود من رأسها حتى أخمص قدميها .نظرت في المرآة التي عكست صورة كاملة لجسدها ...انتابها احساسان أولهما انها مازالت شابة ومتمسكة بأذيال الحياة تحب الموسيقى والرسم والتنزه في المروج الخضر أما روحها الثانية فهي مهمومة ومنكسرة بداخلها فقط . دون ان تبدي ذلك للناس وحتى لزوجها الذي هو بحاجة لمن يسنده ايضا ..
لكنها أدركت فجأة ان عليها أن تجهز نفسها للتصوير ولا تظهر بصورة اضحوكة للآخرين ...
الحياة تناديها والقمر ما انفك يغازل جفنيها .واليأس يسحبها وأجنحتها المتكسرة تؤلم روحها .لديها حلم طويل تنتظره الى الأبد . تتناثر أمانيها مع أحلامها كل يوم ثم تبدأ في اليوم الثاني لترسم أحلاما جديدة .
...كان الجو يبدو ربيعيا وقد منح روحها شيئا من انتعاشه وعليها ان لا تبدو قلقة رغم شعورها ان قلبها منقبض .العواصف لا تهدأ داخل روحها رغم محاولاتها كي تتأقلم مع وضعها الذي أجبرت ان تتعايش معه ..
انفتح الباب الخشبي وظهرت عاملة الاستوديو . هل جهزت نفسها سيدتي أو تحتاج لمساعدة ما ..؟
بأدب شديد اللهجة طلبت منها السيدة ان تقوم بمساعدتها في ترتيب وأناقة شالها الحريري . بذلت العاملة مجهودا لإقناعها بوضع حجابها مرتفعا قليلا عن عينيها الواسعتين الجميلتين كي تظهران بشكل أجمل في الصورة .
إلا انها قطبت ما بين حاجبيها وأظهرت انزعاجها . مع شعورها ان العاملة ليست مخطئة لكنها لا تعرفها ولا تعرف شيئا عن مصدر حزنها ولكن . عليها ان تتحاشى من شفقة أي انسان .
فتذكرت وجهه الأسمر وهو يبتسم لها وكأنه يقول لها . حذاري من الضعف . لاح لها وجهه في المرآة . فلوحت له وهي مبتسمة ثم أغمضت عينيها .
احترمت العاملة صمتها وشرود أفكارها وكان عليها ان تنزوي جانبا واكتفت بالنظر اليها من طرف عينيها وهي مندهشة لتصرفها الغريب .
أخرجت المرأة الخمسينية من حقيبتها اليدوية خوذة عسكرية مرقطة ووضعتها فوق شالها الأسود وهي تنظر للمرآة ثم طلبت النصيحة من العاملة ان كان وضعها مائلا لجهة اليمين أو ان تتوسط رأسها ..فإيهما هو الوضع الأفضل . ازدادت دهشة العاملة لهذه المرأة ولغرابة تصرفاتها التي لا تليق بعمرها . فحاولت ان تخبرها ان الخوذة المرقطة ستجعل الصورة غير لائقة ومنظرها غير مناسب للصورة البتة .
الا ان المرأة أصرت ان تظهر الخوذة فوق شالها . مما أثار في نفس العاملة طرافة حكايتها . وربما شككت بعدم اتزان عقلها .
حاولت العاملة ان تخنق نوبة ضحكتها بصوتها المسموع . فهربت خارجة من غرفة التصوير الى واجهة المحل وطلبت من صاحبتها التي حضرت توا ان تحل محلها...كي لا تسبب للمرأة احراجا أو ربما تثير غضبها ثانية.
دخلت صاحبتها وقد أصيبت بالدهشة عند رؤيتها للمرأة . نعم اتضح انها تعرفها وتعرف حكايتها فهي احدى قريبات أمها . فأخبرت السيدة ان القبعة المرقطة منحت الصورة اشراقا وجمالا ...فما كان من السيدة الا ان تطبع قبلة على خدها ...ومضت بعد استلامها وصل المراجعة في يوم آخر لاستلام صورتها .
غادرت السيدة محل التصوير وما زالت تردد هامسة مع نفسها لن أنساك أبدا من الغسق وحتى آخر نهار في عمري ستبقى حبيبي الى الأبد ولن يفرقنا سوى الرمس .
انزوت العاملة مع صاحبتها وأخبرتها على الفور حكاية هذه السيدة . ان هذه الخوذة المرقطة طالما ارتدتها في مناسبات عديدة وحتى في دارها أحيانا . وانها تعود لأبنها الوحيد الشاب الذي اختفى قبل عدة أشهر ولم يحصلوا حتى على جثته في معسكر ( سبايكر ). كما يسمونه
2014



#سنية_عبد_عون_رشو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ترحل
- المفاجأة
- مفاجأة
- المسرحية الهزيلة
- غصة في ذاكرة الزمن
- الأنكسار
- سرقة منسية
- عتاب شجرة
- شهيق وزفير
- المتهم رقم واحد
- طفلة من غزة
- كذبة نيسان
- الحلم الكاذب
- مَنْ المسؤول
- رماد السنين نص شعر
- المزارع والحسناء
- رسام الكاريكاتير
- حدثني أديم الأرض
- منعطف الطريق
- درس التعبير


المزيد.....




- مهرجان الدوحة السينمائي ينطلق بتكريم جمال سليمان ورسائل هند ...
- 200 شخصية سينمائية أجنبية تحضر فعاليات مهرجان فجر الدولي
- كتابة الذات وشعرية النثر في تجربة أمجد ناصر
- الكلمة بين الإنسان والآلة
- الفنان الأمريكي الراحل تشادويك بوسمان ينال نجمة على ممشى الم ...
- مصر.. الأفلام الفائزة بجوائز مهرجان -القاهرة السينمائي- الـ4 ...
- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - خوذة مرقطة