أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - درس التعبير














المزيد.....

درس التعبير


سنية عبد عون رشو

الحوار المتمدن-العدد: 8138 - 2024 / 10 / 22 - 20:16
المحور: الادب والفن
    


تكتبُ تلك الصبية الجميلة في درس التعبير موضوعا لا أعرف فحواه ..لأني منحتهن حرية اختيار الموضوع الذي يكتبن فيه ...شدتْ انتباهي دون الأخريات ...كانت تكتب قليلا ثم تتنهد بحرقة شديدة ثم تعاود خفض رأسها نحو الدفتر ...وأخيرا انفجرت باكية ...وغطت وجهها بمنديلها ... وأغلقت دفترها ...
اقتربت منها ...ومسحت على راسها ...وقلت لها هامسة أي موضوع بهذه الحياة لا يستحق منا دمعة واحدة ...
قالت أحيانا نحتاج الى رقود طويل كي ننسى ما يستحق ان نبكي من أجله ...سحبتُ الدفتر من أمامها وأخبرتها ...انه بإمكانها تأجيل الكتابة الى درس آخر...
قالت :_ لكني انهيت كتابة موضوعي ....قلت اذن هذا جيد أنت فتاة مجدة وعليك ان تكوني قوية كذلك ...نظرتُ الى ساعتي وقلت ..ارجو المعذرة ان الوقت على وشك الانتهاء ثم توجهت للجميع وبصوت مسموع ...قلت
الانسان الضعيف لا ينجح في مراحل حياته القادمة ...اذن علينا ان نكون أقوياء ونمتلك ارادة صلبة ثم ان البكاء يليق بطلاب الأول الابتدائي وليس الأول متوسط...اليس صحيحا يا ابنتي وأشرت اليها بيدي ...ابتسمت ثم قالت نعم صحيح...ولن أكررها مرة أخرى ...
جمعتُ دفاتر طالباتي وخرجت بعد انتهاء مدة الدرس....دفعني خوفي على مشاعر هذه الصبية ولمعرفة ما الذي تخفيه بروحها الغضة وما الذي كتبته وكان سببا لبكائها بحثت عن دفترها من بين الدفاتر ...
فوجدتها قد كتبت ..
أمتلك ذكرى عن أبي لا تمحوها السنون ..عانيت من أوجاعها أياما صعبة للغاية ..وأنا ابنة الخمس سنوات ...
والدي كان يحب أمي ولم أسمعهما قد تشاجرا في يوم ما ولو لمرة واحدة ..أمي كانت تحمل أعباء الدار وتشرف على مراجعة دروسنا وأبي منهمك في عمله وحين يعود للدار تحاول أمي أن تحافظ على هدوء المنزل من أجل راحته وتقدم له وجباته من الطعام في موعدها ..
لكن لا أدري ما الذي جعل أبي يتصرف بهذه الطريقة البشعة معها والتي غيرت مجرى حياتنا وغيرت نظرتنا له كأب حنون ...
فان كانت أمنا قد قصرتْ معه في أمر ما فما ذنبنا نحن الأبناء ليضع هذا الحاجز بيننا وبينه ...
وبالتأكيد ان كل طفل يحب أمه أكثر من أي انسان آخر ولا يمكنه ان يراها حزينة ..فهو يحزن لحزنها ويفرح حين يراها فرحة ...هذه سنة الحياة ...
نعم لا يمكنني ان أنسى هذا المنظر دائما وكأنه عشعش في تلافيف مخيلتي .. ليت هناك دواء للنسيان ...
أتذكر سيارة حمل محملة بغرفة نوم جديدة وكنت وقتها العب مع صديقاتي أمام باب دارنا .....وخلفها سيارة أخرى ( تكسي ) تجلس بداخلها سيدتان ....وكان أبي يجلس في المقعد الامامي .. وقفت السيارتان أمام باب دارنا ...هرعتُ مسرعة وناديتُ أمي وحين حضرتْ لم تتحدثْ مع أبي ...لكني فهمتُ من ملامح وجهها ان هناك أمرا مزعجا أحزنها وأعتصر روحها بقوة لا تصدق ......
أتذكر.... أمي وحزنها العميق وامتناعها عن الطعام لعدة أيام حين علمت بزواج أبي من امرأة أخرى وقد بنى لها بيتا صغيرا في الطابق العلوي لدارنا...وكانت تعتقد أمي أن هذا البناء لفك تكدسنا نحن الأبناء ذكورا واناثا في غرفة واحدة ...
إلا انه عاد ومعه زوجه الجديدة وأختها .... وأختها هي من تبرعت وبجرأة عالية بإخبار أمي بالموضوع وانه حدث قبل عدة شهور... ويتوجب عليها مباركة هذا الزواج...
مرَّ اسبوع كامل ...وقد وصلنا لقمة اليأس والألم
كلهم كانوا في حالة صمت الا أنا آخر العنقود وقفت أمامه وبجرأة عالية واجهته ... رغم طبعه الذي يتصف بالحزم والتجهم ... وقفتُ أمامه وقلت...أبي أنت ظالم ...وهذا اصطلاح سمعته من جارتنا وهي تواسي أمي...
فحزن حزنا شديدا وحاول ان يضمني الى صدره لكني هربت منه ونفرته حتى موته المفاجئ والمبكر بذبحة
قلبية ... كلنا تمردنا ضده
لكني شعرت فيما بعد بندم يضايق روحي الى يومنا هذا ..



#سنية_عبد_عون_رشو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صبي القُمامة ...قصة قصيرة
- جرح قديم
- قصتان قصيرتان هي...هو
- وضاع العمر
- ملامح غريبة
- رقص الافاعي
- غدا يوم آخر
- النازحة
- صانعة القلق
- اليوم الأول
- شجرة مسيلمة
- محنة عشتار


المزيد.....




- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - درس التعبير