أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - المسرحية الهزيلة














المزيد.....

المسرحية الهزيلة


سنية عبد عون رشو

الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 02:51
المحور: الادب والفن
    


قدمت أوراقها أمام القاضي ووقفت تنتظر حكمه العادل بقضيتها . عدّل القاضي نظارته وقرأ طلبها بهدوء وروية شديدة دون ان تظهر على وجهه أي تأثيرات سلبية أو ايجابية فقد تمر عليه الاف القضايا المشابهة لحالتها
وأخيرا التفت اليها قائلا :ـ
دعيني اسمع أسبابك المقنعة لطلب الطلاق من هذا الرجل الماثل أمامنا
بثقة عالية وقفت وهي تبتسم ابتسامة متفائلة ثم تمالكت نفسها وبدأت تروي قصتها . قائلة
سيدي القاضي : حين يشعر المرء بحمى تصيب عظامه يبادر الى أخذ مسكنات علاجية ليريح جسده المتعب ثم ينام بهدوء . ولكن ما عساه ان يفعل من أصيب بوجع روحه وطعنة كرامته . دعني أحدثك سيدي القاضي بما ابتليت به من هذا الرجل فقد عشت معه عمرا مديدا وغدا أبنائنا اليوم بعمر الشباب والحمد لله .
كنت أشعر بضنك العيش فتصيبني كآبة مقيتة كان هو يخفف عني ويقول : اصبري ان غدا يوم آخر . كنت أصدقه بثقة عالية لأني أعتبره الجدار الذي يسند ظهري . وربما تسألني هل أحببته . ؟؟
أجيبكم نعم بالتأكيد ولكن قبل ارتدائه معطف أبي ريغال . والذي خان بيته كمن خان وطنه وقومه . واليوم ها انا أقف أمامكم وأقول للأسف كل ذلك كان كذبة كبيرة وهباء مزقته المواقف وقد تأكدتُ من خيانته واكتشفت مدى براعته بفن التمثيل طيلة تلك السنين التي عشتها معه وكان يدعي انه المخلص العتيد وفي ختام جملتها كانت تتمتم بكلمة غبي وكررتها مرات عديدة مما جعل القاضي يرفع يده اشارة منه لإسكاتها وبدا مستاء منها .
اما زوجها فاخذ يردد بخجل وقلق واضحين ان هذا غير صحيح انها ليست خيانة بل كانت لعبة للتسلية .
القاضي :ـ ما قولك أنتِ .
أجابته على الفور: سيدي القاضي يبدو انه تفاجأ كيف عرفت هذه المرأة التي يعتبرها برأيه مسكينة ومغفلة .
وكيف خانه ذكائه هذه المرة ولا يعرف كيف ينسج لها قصة أو اكذوبة جديدة تنقذه من هذا الموقف المخزي بحق نفسه قبل الآخرين فادعى انها لعبة .
سيدي القاضي لم أخبره بمعرفتي بهذا الموضوع الا أمامكم لذلك بهت وظل يتأبط أعذاره الباهتة .
الزوج :ـ أخذ يسعل سعالا شديدا احمر وجهه وبانت على جبينه حبيبات تعرقه وكأنه تعرض لأزمة قلبية فتوقف عن الكلام ثم جلس على أقرب أريكة . .
ما زالت هي واقفة والدموع تنهمر على خديها مثل المطر حتى جعلت كل من في قاعة المحكمة يتماهى مع قصتها ويتعاطف معها في محنتها . .
كأنها تحكي ما تعانيه بملامح وجهها ودون ان تطأطأ رأسها .قابلته حين وقف أمامها وهو في غاية الخجل .
سيدي القاضي تأكدتُ من خيانته في أمور كثيرة يندى لها الجبين . أضمرتُ ذلك في نفسي وحافظتُ على هدوئي . الخيانة يا سادتي لا تعني أني ضبطته مع امرأة أخرى فقط بل هناك أمور كثيرة أسمها الخيانة مثل سرد القصص الوهمية لتبرير مواقفه والقسم الكاذب بكل مقدساته وبرؤوس أولاده . .
ما الفائدة من الكلام وقد وقع المحظور وربما كان يقنع نفسه ليتبع قاعدة ( الضرورات تبيح المحظورات ) وان كانت بكل بشاعات الدنيا . غدت حياتي معه مسرحية هزيلة .
وبكل ثقة وطمأنينة وجهت سؤالها للقاضي الذي يصغي لها باهتمام بالغ لما تحمله كلماتها من وجع .
سيدي القاضي : بماذا تحكم لامرأة تكتشف مؤخرا ان سنوات عمرها قد ضاعت هباء مع رجل لا يستحقها أساسا انه أمر مثير للشفقة . اليس كذلك ..؟؟
انتقلت لتحدثهم عن حادثة مجنون المدينة والذي تهجم على امرأة اجنبية في أحد المباني في ( الكرفانات ) التي ابتنتها الدولة لإكمال احد مشاريعها . ولولا تواجد بعض الحراس في موقع الشركة لنالت منه الكثير من الأذى ثم ليخبرهم هذا المجنون انها لعبة . كانت
وبسخرية تتساءل ، فهل تقادم السنين تجعل المرء أحمقا أو قريبا من حافة الجنون ليغدو مثل مجنون المدينة مثلا .؟؟؟ .
وبالتأكيد يا سيدي القاضي انه نوّر بصيرتي وجعل مني امرأة أخرى وبصوت يتكسر وجعا قالت سأخبرك سيدي إنه تعرض في الماضي الى جلسات استجواب من قبل أمن النظام السابق ويدعي انهم اشبعوه ضربا وركلا وتحمل جسده اثار عصيهم وتعذيبهم بشتى أنواع التعذيب وشتموه بكل أنواع قذاراتهم التي تدربوا عليها . من اجل ان يتراجع عما امن به من مبادئ أو افكار سياسية .
ان الرجل الذي امامي يا سادتي ( وأشارت بيدها نحوه اشارة تدل على غضبها ) هو صورة ممسوخة من ذلك الرجل الذي عرفته قبل عدة اعوام فربما اصيب بنوع من الخرف . .
ساد صمت حزين . ودون ان ينطق هو بكلمة واحدة للدفاع عن نفسه لم يجد جوابا مقنعا يستعيد به ماء وجهه الذي أريق . فهرع الى خارج القاعة وروحه تئن ندما .
تابعت هي كلامها . اذن لا فائدة من الكلام وعليه سأطلب من سيادتكم الحكم العادل وان كان على حساب راحتي والدفء الذي من المفترض ان تتمتع به اي امرأة تعيش في كنف رجل محب ويرتدي ثوب الخجل من اي نقيصة تخدش كرامته بنظر زوجه التي شاركته عبء اشرس السنين واقساها ضراوة . لذلك كان قراري صائبا . ان أتركه والى الابد وأتحمل ثرثرة الاخرين وأسئلتهم .
ظل هو مضطربا بقميصه المتهدل وينفث دخان سيجارته
صدر حكم القاضي بالموافقة على قرار طلاقهما وأخيرا
_________________________



#سنية_عبد_عون_رشو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غصة في ذاكرة الزمن
- الأنكسار
- سرقة منسية
- عتاب شجرة
- شهيق وزفير
- المتهم رقم واحد
- طفلة من غزة
- كذبة نيسان
- الحلم الكاذب
- مَنْ المسؤول
- رماد السنين نص شعر
- المزارع والحسناء
- رسام الكاريكاتير
- حدثني أديم الأرض
- منعطف الطريق
- درس التعبير
- صبي القُمامة ...قصة قصيرة
- جرح قديم
- قصتان قصيرتان هي...هو
- وضاع العمر


المزيد.....




- -هنا رُفات من كتب اسمه بماء- .. تجليات المرض في الأدب الغربي ...
- اتحاد أدباء العراق يستذكر ويحتفي بعالم اللغة مهدي المخزومي
- -ما تَبقّى- .. معرض فردي للفنان عادل عابدين
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء غزة الأطفال بقراءة أسمائهم في مدر ...
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء أطفال غزة بقراءة أسمائهم في مدريد ...
- الفنان وائل شوقي : التاريخ كمساحة للتأويل
- الممثلة الأميركية اليهودية هانا أينبيندر تفوز بجائزة -إيمي- ...
- عبث القصة القصيرة والقصيرة جدا
- الفنان غاي بيرس يدعو لوقف تطبيع رعب الأطفال في غزة.. الصمت ت ...
- مسرحية الكيلومترات


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - المسرحية الهزيلة