أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امير وائل المرعب - عباءة الدين وسوط السلطة: حين يصبح الله -أداة- للوجاهة والنفوذ














المزيد.....

عباءة الدين وسوط السلطة: حين يصبح الله -أداة- للوجاهة والنفوذ


امير وائل المرعب
ماجستير هندسة كهرباء جامعة بغداد ومهتم بالادب والشعر والفلسفة والعلوم والرياضيات

(Amir Wael Abdulamir Murib)


الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 09:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بقلم: امير وائل المرعب
في المجتمعات التي يختلط فيها المقدس بالمدنس، يتحول الدين من علاقة روحية عمودية بين المخلوق والخالق إلى "عملة اجتماعية" أفقية يتم تداولها في أسواق السياسة والمجالس العشائرية والبيوت المغلقة. في العراق تحديداً، وبرؤية فاحصة للواقع، نجد أن ما يطفو على السطح تحت مسمى "التدين" ليس سوى قشرة سميكة تخفي تحتها أطماعاً دنيوية، ورغبة جامحة في السيطرة.
هذا التدين الشكلي، بطقوسه الصاخبة ومظاهره الاستعراضية، هو في جوهره "تدين زائف"، لا يمت للروحانية بصلة، بل هو استثمار "براغماتي" بحت للدين كأداة للوجاهة الاجتماعية والسلطة السياسية.
أولاً: الدين "وجاهة" ورأسمال رمزي
في التركيبة الاجتماعية العراقية، لم يعد التدين مجرد التزام أخلاقي، بل أصبح طريقاً مختصراً لانتزاع الاحترام والتقدير الذي لا يستحقه الشخص بمهاراته أو علمه.
• قناع التقوى: يرتدي الفرد عباءة التدين ليحصل على لقب "حجي" أو "شيخ"، مما يمنحه حصانة اجتماعية تجعل نقد تصرفاته أمراً محرماً.
• الثقة العمياء: يُستخدم المظهر الديني (اللحية، المحبس، الزبيبة في الجبهة) كشيك ضمان مفتوح في المعاملات التجارية والاجتماعية، وكثيراً ما كانت هذه المظاهر ستاراً لعمليات نصب واحتيال كبرى، حيث يثق الناس بالشكل ويُلدغون من المضمون.
ثانياً: استبداد "رب الأسرة" باسم السماء
تتجلى خطورة هذا التدين الزائف بأبشع صورها داخل جدران المنازل. هنا، يتحول الدين من رحمة وسكينة إلى "سوط" يسلطه الذكر (أباً كان أو زوجاً) على رقاب النساء والأبناء.
• انتقائية النصوص: يتم استحضار الآيات والأحاديث التي تخدم سلطة الرجل فقط، وتفسر بتسفّف لقمع أي صوت معارض أو مطالب بحرية شخصية.
• الوصاية الإلهية: يُنصّب رب الأسرة نفسه وكيلاً عن الله، فكل أمر يصدره هو "أمر إلهي" لا يقبل النقاش، وكل اعتراض عليه هو "كفر" أو "عقوق"، مما يخلق جيلاً مكبوتاً أو منافقاً يمارس التدين خوفاً لا حباً.
ثالثاً: العراق.. حينما يسرق "الكهنوت السياسي" الدولة
في الساحة السياسية العراقية، بلغ توظيف الدين ذروته الانحطاطية. الأحزاب السياسية أدركت مبكراً أن العقل الجمعي العراقي عاطفي تجاه المقدس، فاستبدلت البرامج السياسية الاقتصادية بالشعارات المذهبية.
• شرعنة الفساد: يتم تغليف الفشل الإداري والفساد المالي بغلاف القداسة. السارق ليس مجرد سارق، بل هو "ممثل للمذهب" أو "حامي للمقدسات"، وبالتالي فإن محاسبته تعتبر مؤامرة على الدين نفسه.
• التخدير الجماعي: يُستخدم الخطاب الديني التعبوي لإلهاء الجماهير عن حقوقهم المسلوبة في الخدمات والعيش الكريم، وتحويل انتباههم نحو معارك طائفية وهمية تضمن بقاء الزعماء على كراسي الحكم.
رابعاً: الاستثناء الوحيد.. البحث عن الحقيقة
أمام هذا الطوفان من النفاق والتدين المصلحي، يبرز مساران فقط يمثلان النقاء والصدق، لأنهما يتجهان نحو الداخل والحقيقة، لا نحو الخارج والمصلحة:
1. التصوف والعرفان: حيث الدين "ذوق" و"تجربة". المتصوف والعارف لا يبحثان عن سلطة ولا يتاجران بالدين في الأسواق؛ لأن غايتهم الفناء في المحبوب (الخالق) وتزكية النفس. إنه تدين الجوهر الذي يرى الله جمالاً وحباً، لا أداة قمع وتخويف.
2. الربوبية الغربية (Deism): وهي الإيمان بوجود خالق عظيم لهذا الكون بناءً على العقل والتأمل في الطبيعة، دون الحاجة لوساطة رجال الدين أو المؤسسات الدينية التي لوثت الفطرة. هذا المسار يحترم العقل البشري ويقدس الخالق بتنزيهه عن خرافات "تجار الدين".
الخاتمة:
إن التدين الشائع اليوم في العراق، والذي نراه في الفضائيات والبرلمانات وحتى في كثير من البيوت، هو "صنم" جديد مصنوع من التقاليد والمصالح. الحقيقة الإلهية لا تسكن في مظاهر النفوذ والوجاهة، بل تسكن في قلوب العارفين الذين زهدوا في الدنيا، أو في عقول الربوبيين الذين أدركوا عظمة الخالق دون تزييف. ما عدا ذلك، فهو مجرد مسرحية بائسة يدفع ثمن تذاكرها البسطاء من دمائهم ومستقبلهم.
هل ترغب في أن أقوم بتوسيع جزئية معينة، مثل إضافة أمثلة تاريخية أو أدبية تدعم فكرة "التصوف كمهرب روحي"؟



#امير_وائل_المرعب (هاشتاغ)       Amir_Wael_Abdulamir_Murib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما تتحدث الخلايا بلغة الأرقام: لماذا نحتاج إلى ثورة رياضي ...
- -الروح- كمعادلة رياضية: حين يصبح الترتيب هو جوهر الحياة
- علاقة الدين بالسياسة
- فلسفة نيتشه وظلال الرايخ الثالث: جدلية الإنسان الأعلى، التزو ...
- انشتاين فيلسوف وليس عالم رياضيات
- ميتافيزيقا الجمع: من البوابات المنطقية إلى مفارقات اللانهاية ...
- علاقة حقيقة الوحي باثار الهلال الخصيب العراق والشام
- الحتمية البايوكيميائية لانفلاق التناظر الفائق العظيم
- مناشدة انقذوا السودان الحبيب
- التجريد السير وراء ظل الاشياء ( مقال مشترك)
- التجاوريات وسرعة الهدم
- ميزان العدالة في كونٍ تحكمه الفوضى
- وهم الامة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة
- الشروك واعادة رسم المشهد السياسي العراقي بعد 2003
- هل كانت توجد امة عربية حقا
- سؤال الوجود دالة ام علاقة؟
- انتخابات العراق
- من سومر الى عرب الاهوار
- نقد الفكرة غير نقد الشخص
- تحت مشرط النقد


المزيد.....




- رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس يحذر من سعي جماعات يهودي ...
- -عين الصقر-.. عملية عسكرية أميركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية ...
- مع انقضاء عيد الأنوار اليهودي.. أبرز انتهاكات المستوطنين بال ...
- المسلمون أيضا يمكنهم الاحتفاء بعيد الميلاد
- لماذا يشهد يهود بريطانيا أكبر تحول لهم منذ 60 عاماً؟
- هل يحل تصنيف حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في السودان ...
- هجوم سيدني: رئيس الوزراء يعتذر عما مرت به الجالية اليهودية و ...
- تقرير: مؤسسات أوروبية موّلت منظمات مرتبطة بالإخوان
- بعد هجوم سيدني.. وزير خارجية إسرائيل يوجه رسالة إلى اليهود
- 917 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى.. وإبعاد أحد حراسه


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امير وائل المرعب - عباءة الدين وسوط السلطة: حين يصبح الله -أداة- للوجاهة والنفوذ