أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - ملحظ تاريخي مقتضب في أسباب اثارة الفتن واضعاف الدولة














المزيد.....

ملحظ تاريخي مقتضب في أسباب اثارة الفتن واضعاف الدولة


سالم روضان الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 14:17
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


اثناء قراءة كتاب العلامة الشيخ اسد حيدر (رحمه الله) الموسوم (الامام جعفر الصادق والمذاهب الأربعة)، اثار الانتباه الى الاخبار التي تضمنها، حيث ان الكتاب فيه استعراض تاريخي لمواقف العلماء والحكام والسلاطين والقضاة، ولاحظت بانه ينقل الوقائع من مصادر موثوقة ومحل اعتبار لدى الجميع، وتشير هذه الوقائع الى ان القضاء في التاريخ الإسلامي كان سبباً في حصول الفتن بين المسلمين، وهو امر استغربته في اول وهلة لأني وسواي نظن بان القضاء ملاذ المظلوم في الانصاف من جور الاخر من نظرائه من البشر او من الطغاة والظالمين، واضفينا عليه وصف القداسة، لان الله عز وجل جعل وظيفة القضاء من وظائف الأنبياء بقوله تعالى (يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)
الا ان هذه الاخبار التي حفظت الوقائع المتصلة بالفتن، كانت تشير الى ان سببها هو القضاء بوصفه العام المؤسسي او بعض القضاة الذين كانوا هم السبب المباشر من جراء فتاواهم واحكامهم،
ويشير المرحوم العلامة اسد حيدر، الى احدى تلك الوقائع حيث يقول، (بان القضاء كان لمذهب معين لإيثار الخلفاء لهم بذلك، ولما أراد الخليفة العباسي "القادر باللّه" نقله إلى مذهب اخر، عين القاضي "...." بدلا من قاضي بغداد "..." بإشارة أبي حامد الاسفراييني، و كتب أبو حامد بذلك إلى السلطان محمود، و أهل خراسان: أن الخليفة نقل القضاء عن "..." إلى "..." فاشتهر ذلك و صار أهل بغداد حزبين ثارت بينهما الفتن) نقلا عن (الامام الصادق والمذاهب الأربعة ، طبعة عام 2004 ـ منشورات دار الكتاب الإسلامي في بيروت ـ ج1 ـ ص209)
ويضيف الشيخ اسد في كتابه المذكور انفاً، الى أهمية القضاء لدى المذاهب الإسلامية فيقول (يظهر لنا من هذه القصة عظيم اهتمام المذاهب، يعود الأمر لمنزلة القضاة إذ هم همزة الوصل بين البلاط و أهل ذلك المذهب، و تكون لهم تلك الحظوة و نيل الكرامة و العناية و الحرمة) ويعلل الامر بان هذا كان سبباً في حمل بعض انصار هذه المذاهب على إثارة تلك الفتنة والسعي لان يكون الاختصاص بهذه المنزلة دونهم،
كما يصل الى استنتاج صاغه بالجملة الاتية (بان القضاة في أغلب الأوقات يثيرون الفتن ويوقدون نار الحرب بين الطوائف. فأحمد بن صاعد رئيس نيسابور وقاضيها وكان يلقب بشيخ الإسلام قد بالغ في تعصبه على بقية المذاهب فأغرى بعضهم ببعض حتى لعنت الخطباء أكثر الطوائف على المنابر)، ويضيف الشيخ اسد عن السبب في هذا الحال بان (إن أسباب تلك الفتن التي حلت بالمسلمين كلها تعود لمسايرة بعض العلماء للدولة، ويؤيد وجهة نظرها، فأغدقت عليه العطاء وذلك أصبح العلم مسايرا للدولة.) (ص200)
لان قوة الدافع السياسي هو الذي يحاول ألا تتفق الأمة على رأي واحد فهو يعمل على إحياء العصبية (إذ لا حياة للنظام الملكي إلا بها) (ص197)
وهذه الوقائع التاريخية تؤكد لنا بان أي مؤسسة مهما كان وصفها تجاه قول الحق والانصاف، فإنها قد تكون سبباً في الفرقة والفتنة وضياع المال العام، لان هذا التعصب الذي طال مؤسسة القضاء في القرن الخامس الهجري وما قبله وما بعده كان سبباً في ضياع الدولة وضعفها،
ومن اهم النتائج التي أشار اليها الشيخ اسد تمثل بأبعاد الكفاءات من المسلمين عن مراكز القرار او مواقع العمل في الدولة، وكان ابن خلدون قد أشار الى ذلك بقوله (اشترط في الحاكم قلة الإفراط في الذكاء، و تقرر من هذا أن الكيس و الذكاء عيب في صاحب السياسة لأنه إفراط في الفكر كما أن البلادة إفراط في الجمود و الطرفان مذمومان من كل صفة إنسانية) نقلا ن كتاب (مقدمة ابن خلدون الفصل 24 الباب 3 من الكتاب الأول)
ويبدو ان هذا السياق السلوكي يشمل اغلب المجتمعات ولا يقتصر على المجتمع الإسلامي والعربي، وانه لم يتوقف بل ما زال ممتداً لغاية الان، ويشير عالم النفس الفرنسي غوستاف لوبون المتوفى عام 1932 في كتابه الموسوم (سيكولوجية الجماهير) منشورات دار الروايات العالمية الطبعة الأولى عام 2021 ـ ص180، حيث يقول (يمكن للقادة المحركين ان يكونوا أحيانا أذكياء ومثقفين، لكن ذلك يضرهم عموماً اكثر مما ينفعهم، لان هؤلاء القادة في المجالس النيابية على مر العصور، وخصوصا الذين برزوا أثناء الثورة الفرنسية كانوا محدودي العقل جداً ومع ذلك مارسوا تأثيراً كبيراً) ـ
وفي الادب هناك مخيال يدور في فلك قوة السيف وليس قوة العقل والذكاء، وأشار الى ذلك الكاتب الفرنسي أناتول فرانس المولود في نهايات القرن السابع عشر ميلادي في روايته الموسومة (فقيرٌ أمام القضاء) والتي عربها الكاتب يوسف ابراهيم يزبك وطبعتها بيروت عام 1938، حيث يقول (عندما يتقدم الإنسان إلى الشهادة ومسلحاً بسيف أو مسدس فان الرئيس يصغي إلى السيف أو المسدس وليس إلى حاملهما، لان الإنسان محتقر ومطبوع على الخطأ وأما السيف أو المسدس فلم يكن احدهما يوماً محتقراً، وإنما كان على حق ،وعلى حق دائماً!) ثم يستمر بقوله (إنهما يمثلان القوة وما القضاء إلا إدارة القوة) وهذا ما ورد في الصفحة (41) من الرواية
وهذا الملحظ التاريخي يبين لنا ان مقومات الانصاف واحقاق الحق لا يمكن ان تستقيم بمجرد وجود المؤسسة المعنية بذلك، وانما لابد وان تدار ممن يملك العقل والذكاء والضمير ويكون سلوكه العام هو الانصاف واحقاق الحق والنزاهة والاستقامة، والا فان الفتن ستكون النتيجة الحتمية لكل مجتمع وفي أي زمن ومن ثم تضعف الدولة وتستباح ثرواتها ويسود الظلم فيها، وتقع تحت نير الاحتلال، مثلما حصل مع الخلافة العباسية ومن بعدها الخلافة العثمانية، والحال الذي عليه العرب والمسلمين ليس بأفضل من الحال الذي كان سائداً آنذاك
قاضٍ متقاعد



#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقديم الدكتور حامد حفني داود لكتاب العلامة الشيخ اسد حيدر ال ...
- حرية التعبير بين التقييد والاطلاق (قراءة في المشهد القانوني ...
- يوم النصر من ثمار فتوى الجهاد الكفائي
- هل قرارات الهيئة القضائية للانتخابات باتة؟
- هل يجوز انعقاد المحكمة بنصاب ناقص وما هو مصير الاحكام التي ت ...
- مخاطبات المحكمة الاتحادية هل تملك حجية القرارات التفسيرية وا ...
- هل انتهى مجلس النواب قبل أوانه الدستوري؟
- انتخابات مجلس النواب والصناعة النمطية.....
- انتخابات مجلس النواب والصناعة النمطية .......
- انتخابات مجلس النواب والصناعة النمطية
- موعد اجراء الانتخابات في ضوء احكام الدستور العراقي
- هل الشعب يكره الديمقراطية ويرفضها؟
- القاص الرائد ذنون أيوب/ قبل عام 1954 في قصة من وحي الانتخابا ...
- عندما تسهم الدولة بسرقة اموالها
- زعماء السلطة المستبدون وحواشيهم التابعين والخانعين (الطاهر ب ...
- الا تعد الأموال المتحصلة بالكسب غير المشروع سوء سلوك؟ قراءة ...
- هل يجوز توجيه النقد الى القضاء؟
- التخارج بين العوز التشريعي والاجتهاد القضائي المتباين ـ دراس ...
- ضحايا احتجاجات تشرين، أرواح منسية وجناة طلقاء
- أحسنوا اختيار رئيس الجمهورية لتضمنوا تكليف الأنسب لمنصب رئيس ...


المزيد.....




- مدير الصحة العالمية: نرحب بالتقدم المحرز بشأن المجاعة في غزة ...
- من قانون الإعدام إلى سجن التماسيح.. كيف حول بن غفير سجون الا ...
- السعودية: الداخلية تعلن إعدام شخصين في مكة وتكشف عن هويتهما ...
- قرار الأمم المتحدة 2017: مرجعية قانونية ثابتة في مواجهة محاو ...
- الحوثيون يعتقلون 10 موظفين إضافيين بالأمم المتحدة
- من مسافة صفر.. جريمة إعدام طفل فلسطيني تهز المنصات
- الجيش العراقي ينشر تفاصيل عملية -إنزال جوي- داخل سوريا لاعتق ...
- مجلس الأمن يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الكونغو الديمقرا ...
- الأمين العام للأمم المتحدة يدين مقتل موظف أممي في جنوب السود ...
- الأمم المتحدة تدين مقتل أحد موظفيها بجنوب السودان مع بدء إغل ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - ملحظ تاريخي مقتضب في أسباب اثارة الفتن واضعاف الدولة