أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - اسحق قومي - قريةُ تَلِّ جَميلو:















المزيد.....



قريةُ تَلِّ جَميلو:


اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)


الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 00:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


رَقْمُها العَقاريُّ 197، ومِساحَتُها 7200 دونمٍ، إضافةً إلى 52 دونمًا أَرْضًا للبِناءِ والبَيادِرِ والتَّلِّ.
تَقَعُ قَرْيَةُ تَلِّ جَميلو على الطَّريقِ بينَ الحَسَكَةِ والدَّرْباسِيَّةِ، وهي أَقْرَبُ إلى الحَسَكَةِ منها إلى الدَّرْباسِيَّةِ؛ حيثُ كانتْ تَبْعُدُ عن الحَسَكَةِ، على الطَّريقِ التُّرابيِّ القَديمِ ثمَّ المُعَبَّدِ لاحقًا، مَسافَةَ 21 كم.
وبَعْدَ مَشْروعِ البُحَيْرَةِ، تَمَّ تَغييرُ الطَّريقِ إلى الغَرْبِ، ولهذا أَصْبَحَ أطوَلَ، ويُقَدَّرُ الطَّريقُ من الحَسَكَةِ إلى القَرْيَةِ بنَحوِ 35 كم.
يَحُدُّ القَرْيَةَ مِنَ الشَّرْقِ قَرْيَةُ الفَرَحِيَّةِ، وأَهْلُها أَكْرادٌ، والقَرْيَةُ الثَّانِيَةُ إلى الجَنوبِ الشَّرْقِيِّ هي المُشَيْرِفَةُ، وأَهْلُها عَرَبٌ.
ومِنَ الشَّمالِ تَحُدُّها قَرْيَةُ الطَّامَةِ، وكانتْ لموسى الكَيْسُو القَصُوارانِيِّ، واليومَ أَهْلُها عَرَبٌ، وكذلك قَرْيَةُ تَلِّ رَجَبٍ، وأَهْلُها أَقْصُوارِنَةٌ.
ومِنَ الغَرْبِ تَحُدُّها أَراضي قَرْيَةِ تَلِّ رَجَبٍ وقَرْيَةِ البَرْغوثِيَّةِ، وهي لِبَيْتِ العُكْلَةِ، وهم عَرَبٌ مَعامِرَةٌ (عَلَيْزات). كما يَحُدُّها مِنَ الغَرْبِ الجَنوبِيِّ أَراضي قَرْيَةِ أُمِّ المَساميرِ، وهم عَرَبٌ مَعامِرَةٌ، ومُخْتارُها كَوْكَبُ العَلِيْويِّ. وكَوْكَبُ العَلِيْويِّ هو من عَرَبِ الدُّلَيْمِ، وليسَ مَعامِرِيًّا، ولكنَّه مَحْسوبٌ عليهم.
ومِنَ الجَنوبِ أَراضي قَرْيَةِ نِصْفِ تَلٍّ، وأَهْلُها أيضًا عَرَبٌ مَعامِرَةٌ.
تَقَعُ قَرْيَةُ تَلِّ جَميلو بالقُرْبِ من تَلٍّ عالٍ؛ إذا صَعِدْتَ فوقَه في لَيالي الصَّيْفِ، تأتيكَ النَّسائمُ العَليلَةُ من الغَرْبِ، وإنْ نَظَرْتَ إلى الشَّمالِ وأَمْعَنْتَ النَّظَرَ، تَرى أَضْواءَ مَدِينَةِ ماردين التُّرْكِيَّةِ. ومِنَ الجَنوبِ تَرى الشَّفَقَ (أَضْواءَ مَدِينَةِ الحَسَكَةِ)، وهي تَعْلو وتَتَسَلَّلُ من وراءِ جَبَلٍ بُرْكانِيٍّ قَليلِ الارتفاعِ يُسَمُّونه الحَمَا.
ويَجْري غَرْبَ القَرْيَةِ شِبْهُ نَهْرٍ مَوْسِمِيٍّ صَغيرٍ نُسَمِّيه الرَّجْلَةَ، يأتي قادِمًا من شَمالِ ماردين، وهو مَجْرىً لِمياهِ الأَمْطارِ شِتاءً. وقد وَرَدَ اسمُ الرَّجْلَةِ باسمِ رَجْلَةِ عُوَيْجٍ في أَشْعارِ الشَّاعِرِ عبدِ اللهِ الفاضِلِ، الذي كان عَزيزَ قَوْمِهِ، وأُصيبَ بالجَرَبِ، وبعدَ شِفائِهِ جاء إلى مِنْطَقَةِ رَأْسِ العَيْنِ وخَدَمَ عندَ الباشاتِ.
أمَّا اسمُ القَرْيَةِ فهو آراميٌّ؛ حيثُ إنَّ اسمَ المَكانِ أو الأَشْخاصِ في اللُّغَةِ السُّرْيانِيَّةِ يُضافُ إلى أواخِرِهِ واوٌ. مثالُ ذلك: آلوهو (الله)، شَبْقونو (عفوًا)، أو قَرِيْثو (القَرْيَة). وحتى كَلِمَةُ كَفَر أو كَفْرو، التي تَعْني القَرْيَةَ، يُضافُ إليها واوٌ، فيكونُ الاسمُ جَميلو.
تَلُّ كَمْلو، أي تَلُّ الجَمالِ.
وقد بُنِيَتِ القَرْيَةُ في نِهايَةِ الثَّلاثينيّاتِ ومَطْلَعِ الأَرْبَعينِيّاتِ من قِبَلِ القَصُوارِنَةِ، على كَتِفِ تَلِّها العالِي، ومن الجَنوبِ وعلى مُنْحَدَرِهِ، وامتدَّتْ حتّى البِئْرِ الذي يَقَعُ جَنوبَ القَرْيَةِ، قُرْبَ مَجْرى الرَّجْلَةِ.
وعلى تَلِّها إشارَةٌ حديديَّةٌ عالِيَةٌ، كان قد وَضَعَها الفِرَنْسِيُّونَ عندما أَتَوُا الجَزيرَةَ؛ حيثُ قاموا بوَضْعِ خَرائِطَ جُغْرافِيَّةٍ وإدارِيَّةٍ، ومن عادَتِهِم أنَّهُم كانوا يَضَعونَ فوقَ كُلِّ مُرْتَفَعٍ إشارَةً كَعَلامَةٍ على أَهَمِّيَّتِهِ وعلوِّهِ. وكانتْ تَقَعُ تلك الإشارَةُ في الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ من التَّلِّ، وكُنَّا نَصْعَدُ إلى أَعْلاها عن طريقِ التَّسَلُّقِ على قَوائِمِها الأَرْبَعِ، التي كانتْ زَوايا حديديَّةً.
وكانتْ تَرْتَفِعُ أَكْثَرَ من 3.5 م، ولَها صَفائِحُ حَديديَّةٌ بَدا عليها الصَّدَأُ. وكانَ كِبارُ القَرْيَةِ يقولونَ لنا إنَّ الفِرَنْسِيِّينَ كانوا قد وَضَعُوها في مُنْتَصَفِ العِشْرينِيّاتِ من القَرْنِ العِشْرينَ، وبَقِيَتْ مَوْجودَةً حتّى عامِ 1987م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ المَرْجِع: الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة، ابن شدّاد، جـ3، القسم الثاني، صـ542.
ولكنَّنا نَجِدُ أَعْداءَ الحَضارَةِ يَقْتَلِعونَها كجُزْءٍ من حالَةٍ انتِقامِيَّةٍ من أَهْلِ القَرْيَةِ؛ فلا يَكْتَفونَ برَعْيِ الزُّروعِ الّتي كان أَهْلُها يَسْكُنونَ الحَسَكَةَ، بل يَرْعَوْنَ أَيضًا أَيّامَ الحَصادِ وفي كافَّةِ الأَوْقاتِ في أَراضي القَرْيَةِ. بل لقد هَدَموا بِئْرَ القَرْيَةِ القَديمَةَ منذُ عامِ 1978م.
أمّا التَّلُّ، فَتَعودُ ـ حَسَبَ كُلِّ الدَّلائِلِ والقَرائِنِ، وبالمُقارَنَةِ مع غَيْرِهِ من التِّلالِ ـ أُصولُه إلى العُهودِ القَديمَةِ؛ أي إلى العُهُودِ السّومَرِيَّةِ، والأَكّادِيَّةِ، والبابلِيَّةِ، والآشورِيَّةِ، والآرامِيَّةِ، والحِثِّيَّةِ، والرّومانِيَّةِ، ثمَّ العَهْدِ العَرَبِيِّ الإِسْلامِيِّ.
وحتّى إنَّ المُوجَداتِ فيهِ وعلى مُنْحَدَراتِهِ تُثْبِتُ قِدَمَهُ الّذي يَعودُ إلى العَصْرِ الحَجَرِيِّ، وذلك من خلالِ الجَوارِيشِ الحَجَرِيَّةِ (جَمْعُ جاروشة)، الّتي عُثِرَ عليها في أَطْرافِهِ.
ويَحْتَوي التَّلُّ والأَرْضُ الّتي تُحيطُ بهِ على كُنوزٍ أَثَرِيَّةٍ؛ ففي عامِ 1958م كُنّا قد رَجَعْنا إلى القَرْيَةِ، وشاهَدَ الأَهالِي بالصُّدْفَةِ، وعلى أَثَرِ نَبْشِ الغَنَمِ قُرْبَ المَدْرَسَةِ، دارًا كَبيرَةً مَبْنِيَّةً من القِرْميدِ، مُرَبَّعَةَ الشَّكْلِ ومَشْوِيَّةً. وكانَتْ تَحْتَوي على كِتاباتٍ. وقد رَأَيْتُ المَكانَ، وكنتُ من بَيْنِ الصِّبْيَةِ الّذينَ تَجَمَّعوا حَوْلَ هذا الاكْتِشافِ.
وكانَتِ الدّارُ على شَكْلِ غُرْفَةٍ مُسْتَطيلَةٍ كَبيرَةٍ، تَتَّصِلُ بثلاثَةِ أَبْوابٍ مع غُرَفٍ مُجاوِرَةٍ لها. وقد أَخَذَ أَهْلُ القَرْيَةِ القِرْميدَ. كما أَتَذَكَّرُ أنَّ أَهْلَ القَرْيَةِ عَثَروا، عندَ حَفْرِ بِئْرٍ (جُبٍّ) لِبَيْتِ موسى البِرّي، على قَنَواتٍ رُومانِيَّةٍ على عُمْقِ ثَلاثَةِ أَمْتارٍ من سَطْحِ الأَرْضِ.
وكما تَجِدُ الآلافَ من قِطَعِ القِرْميدِ الّتي تَعْلو التَّلَّ وأَطْرافَهُ الجَنوبِيَّةَ والشَّرْقِيَّةَ. وإنَّها، بلا شَكٍّ، كانتْ جِرارًا وأَدَواتٍ اسْتَخْدَمَها الإِنْسانُ في العُصورِ القَديمَةِ. وقد حَطَّمَتْها أَيْدي أَعْداءِ الحَضارَةِ، وأَحيانًا بِسَبَبِ جَهْلِ إِنْسانِنا لِما تُمَثِّلُهُ من أَهَمِّيَّةٍ بالِغَةٍ. وكانَ على بَعْضِها رُسوماتٌ كالأَشْجارِ أو الطُّيورِ، وبَعْضُها مَصْبوغٌ بِأَلْوانٍ تُرابِيَّةٍ أو حَمْراءَ.
وفي عامِ 1986م أَخَذْنا كْرَيْدَرًا (آلَةً كَبيرَةً مُهِمَّتُها تَسْوِيَةُ الأَرْضِ وشَقُّ الطُّرُقاتِ) من المَواصَلاتِ، لتَسْوِيَةِ أَرْضٍ لنا وَراءَ التَّلِّ من الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ، وهي خِرْبَةٌ ذاتُ مُنْحَدَرٍ كانَ يُزْعِجُ الجَرّارَ أَيّامَ الفِلاحَةِ، وكذلكَ الحَصّادَةَ يَوْمَ الحَصادِ.
وبَعْدَ أنْ قَشَطَتْ سِكّينُ الكْرَيْدَرِ أَكْثَرَ من مِتْرٍ واحِدٍ، وَجَدْنا أَعْدادًا هائِلَةً من الجِرارِ الكَبيرَةِ والصَّغيرَةِ تَتَكَسَّرُ تَحْتَ دَواليبِ الكْرَيْدَرِ وسِكّينِهِ، وكانَ يَخْرُجُ من تلكَ الجِرارِ لَوْنٌ رَمادِيٌّ. وقد كانتْ تلكَ الجِرارُ تَوابيتَ للإِنْسانِ القَديمِ، ورَأَيْتُ عِظامًا كانتْ تَتَفَتَّتُ عِندَ لَمْسِها بِأَيْدِينا.
فأَوْقَفْتُ السّائِقَ ـ وكانَ من قَرْيَةِ أُمِّ المَساميرِ واسْمُهُ عَوّادٌ ـ ومَنَعْتُهُ من إِكْمالِ المُهِمَّةِ؛ لأَنَّني عَلِمْتُ أنَّ هذا المَكانَ ما هوَ إلّا مَقْبَرَةٌ لِأَهْلِ القَرْيَةِ في الأَزْمِنَةِ الغابِرَةِ. وكُنّا قد حَصَلْنا على الكْرَيْدَرِ من المَواصَلاتِ بِمُساعَدَةِ أَخي المُهَنْدِسِ إِلْياس قَوْمِي، الّذي كانَ مُديرَ مِرْآبِ المَواصَلاتِ آنَذاكَ.
نَعودُ لِنَقولَ: لقد تَمَّ شِراءُ نِصْفِ القَرْيَةِ من جَماعَةٍ كانَ يُطْلَقُ عليهم (آل أَبي عاصي)، وكانَ ذلك عامَ 1939م، واشْتَرَوْا نِصْفَها الآخَرَ من عَلِيّ الحَمْزَةِ المَعامِرِيِّ، ولهُ قَرْيَةُ أَبو خُوَيْطٍ، وهي على نَهْرِ الخابورِ إلى الغَرْبِ من الحَسَكَةِ.
وعِندَما اشْتَراها القَصُوارِنَةُ، لم يَكُنْ في القَرْيَةِ دُورٌ مَبْنِيَّةٌ من لَبِنٍ، بل كانتْ بُيوتُ ساكِنِيها الأَوائِلِ من خِيامٍ. وكانَ قَبْلَهُم بِئْرُ القَرْيَةِ القَديمُ، لا يُعْرَفُ مَتى حُفِرَ، حيثُ كانَ مَبْنِيًّا حتّى السَّطْحِ من حِجارَةٍ بازَلْتِيَّةٍ سَوْداءَ، ومِنْهُ تُسْقَى الحَيَواناتُ، ومِنْهُ يَشْرَبُ أَهْلُ القَرْيَةِ، رغمَ أنَّ ماءَهُ كانَ مالحًا.

وللقَرْيَةِ ساحةٌ تَقَعُ أمامَ بيتِ الجَدِّ بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي (أبو جميل)، جنوبَ بابِ حَوْشِهِم. ومن شَرْقِ تلكَ السّاحةِ يَقَعُ بيتُنا الّذي بَنَيْناه، وأَعْنِي بيتَ حَنّي الجِجّي قومي (أبو إلياس)، الّذي أَصْبَحَ لاحقًا لِبيتِ ياسو، السَّيِّدة (إلياس خَلَف)، بعدَ أنِ اشْتَرى من أَهْلِي حِصَّتَيْنِ عامَ 1951م. ومن غَرْبِ السّاحةِ يَقَعُ بيتُ سليم القومي (أبو فرحان) وإِخْوَتِهِ.
أمّا بُيوتُ القَرْيَةِ، فقد كانتْ تَتَكَوَّنُ من البُيوتِ التّالِيَةِ:
بيتُ موسى البِرّي اللُّولي (عدواني) وأَوْلادِهِ: فِرْمان، وعبد الأَحَد (بحو)، الّذي تَوَفّاهُ اللهُ في شَهْرِ تِشْرينَ الثّانِي من عامِ 2002م، وولدٌ آخَرُ اسْمُهُ جاجان، أَرادَ أنْ يَأْكُلَ لَبَنًا من تَحْتِ المَكَبَّةِ، فَلَدَغَهُ عَقْرَبٌ فمات. ثمَّ جاءَ بعدَهُ ولدٌ أَسْمَوْهُ إبراهيم، المُلقَّبُ بأبي جوزيف، وقد تَوَفّاهُ اللهُ أَيضًا عامَ 2006م في الحَسَكَةِ.
ومن بَناتِ موسى البِرّي خاتوني (خاتون)، الّتي تَزَوَّجَتْ من خالي حَنّا كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي. وقد ماتتْ في القَرْيَةِ، وتَبِعَها أَوْلادُها، وآخِرُهُم الشّابُّ المُقْعَدُ إسماعيل (سمعو)، الّذي كُنْتُ أَلْعَبُ معه، أنا وأُخْتي نورة، يومَ تَوَفّاهُ اللهُ في قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو. وكانوا آنذاكَ يَسْكُنونَ بيتَ إبراهيم المسعودي في شَرْقِيِّ القَرْيَةِ، جنوبَ بيتِ موساو. وقد أُصيبَ بالحُمّى منذُ زَمَنٍ، ودُفِنَ في مَقْبَرَةِ المَسِيحِيِّينَ على الجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ من تَلِّ القَرْيَةِ.
وأَتَذَكَّرُ أنّ الوَقْتَ كانَ خَريفًا، وكانَ أَخْوالي ـ وأَعْنِي والدَهُ وأَعْمامَهُ ـ في المَصْلَحَةِ يَحْرُثونَ ويَبْذُرونَ جَنوبًا، حيثُ ذَهَبَ والدي على فَرَسِنا، وأَخْبَرَهُم، فجاؤوا ودَفَنوه. وكانَ ذلك عامَ 1958م.
أمّا البِنْتُ الثّانِيَةُ لِموسى البِرّي (عدواني)، فكانَ اسمُها مريمي (مريم)، وكانتْ بَسيطَةً، وديعَةً، حَنونَةً، تُقَدِّرُ الأَقْرِباءَ كثيرًا، وقد ماتتْ في الحَسَكَةِ في شَهْرِ تَمّوزَ من عامِ 1999م.
لقدِ اختارَ المُخْتارُ موسى البِرّي أنْ يَبْنِيَ له بيتًا في الجِهَةِ الجَنوبِيَّةِ الغَرْبِيَّةِ من التَّلِّ، وكانتْ حَوْشُهُ كَبيرَةً جِدًّا قِياسًا ببيوتِ الآخَرينَ. وبِجانِبِهِ من الجَنوبِ بيتُ ابنه فِرْمان الكبير (أبو فيصل)، ويَعْقوب، وفوّاز، وميخائيل، وجبرا، ولهُ بَناتٌ.
ومن شَرْقِ بيتِ موسى البِرّي، عَمَّرَ الحاجّ جِرْجِس آسيا (أبو إيليا) بيتَهُ، ولهُ بَحود، وعبود، وآسيا. ومن بَناتِ الحاجّ جِرْجِس آسيا: مريم، الّتي تَزَوَّجَتْ من ذياب بن كِرْمو كالو، وحَبّو الّتي تَزَوَّجَتْ من ابنِ خالتِها إبراهيم حَنّا البَرْفي، زوجِ نعيمة، وغزالي (غزالة).
ومن جَنوبِ بيتِ الحاجّ، نَجِدُ بيتَ برو الجِزْعو، وأَوْلادَهُ: كِرْمو، وإلياس، وجوزيف، وجِزْع، وابنتَهُ الكُبْرى سارة، الّتي تَزَوَّجَتْ من ابنِ بانوس.
وإلى الشَّرْقِ من بيتِ الحاجّ وبيتِ برو الجِزْعو، يَقَعُ بيتُ الخَوال (حنّا، وإبراهيم، وعيسى، وكِرْمو، والجَدَّة بهيّة). وإلى شَرْقِهم، عَمَّرَ عَمُّهم بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي بيتًا، ولهُ من الأَوْلاد: جميل، وكمال، وإيليا، وجورج (إلياس)، وصبحي، وابنتُهُ سارة.
وإلى شَرْقِهم نَجِدُ زابوقًا (مَمَرًّا ضَيِّقًا) نُسَمِّيه خَرْخور، يُؤَدِّي إلى التَّلِّ، ومَخْرَجُهُ ساحةُ القَرْيَةِ. وسُمِّيَ خَرْخورًا لكونِهِ مَجْرًى لِمياهٍ تَنْزِلُ من التَّلِّ في ذلكَ المَكان. وهذا المَمَرُّ يَفْصِلُ بينَ بيتِ الجَدِّ بَحْدي، وبيتِ بَحْدي الفارِس (أبو فارس)، وملكي، ونعيمة، وغزالة، وليلى، وزوجتِهِ شمسة بنتِ نجو، ابنةِ عمِّ والدي حَنّا الجِجّي قومي ملكو.
وأمّا شَرْقَ بيتِ بَحْدي الفارِس (أبو فارس)، فيَقَعُ بيتُ عَدِيلِهِ موساو، وكُنيتُهُ يوسف. ولهُ من الأَوْلادِ: بحود، ونذير، وطلال، وسمير، وابنتُهُم الكُبرى سارة، الّتي تَزَوَّجَتْ إلى زَحْلَة، وابنتُهُم الثّانِيَةُ سميرة، الّتي تَزَوَّجَتْ من كِرْمو سليم القومي. وكانَتْ لهم ابنةٌ قبلَها اسمُها سارة، ماتتْ وهي صَغيرَةٌ.
وقد عاشَتْ عندهم أُمُّ زوجتِهِ خانِمي، العَمَّة نجو، وهي ابنةُ ملكو أخي جدّي جِجّي، وعيسو، ويوسف.
ويقعُ بيتُ موساو في شَرْقِ القَرْيَةِ، وعلى سُوِيَّةٍ واحدةٍ مع بيتِ بَحْدي الفارِس. ومن جَنوبِ بيتِ موساو (موسى) اليوسف، يَقَعُ بيتُ إبراهيم المسعودي، الّذي تُعْتَبَرُ جَدَّتي هيلي بنتُ يعقوبي، المُلَقَّبين بـ الزَّلَك، عَمَّتَهُ الحَقيقِيَّةَ.
ولهُ من الأَوْلادِ: ذياب (الكبير)، ومروان، وحنّا، ومسعود، الّذي قُتِلَ وهو شابٌّ على الطَّريقِ المؤدِّي إلى تَلّ تَمْر، عندما أَرادَ أنْ يَتَزَوَّجَ من فتاةٍ، فقامَ بتهريبِها، وفي الطَّريقِ تَدَهْوَرَتْ بهم السَّيّارَةُ فمات.
ومن بَناتِ إبراهيم المسعودي الكُبرى جوهرة، زوجةُ الخالِ جميل بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي، وأمُّ تُرْكي (بسّام)، وذيبة، الّتي تَزَوَّجَتْ وسافَرَتْ إلى أُسْتُراليا.
أمّا ذياب الابنُ الأَكْبَرُ بينَ الأَوْلادِ، فقد ضَرَبَهُ والدهُ بالقَنْدَرَة (الحذاء)، فأَصابَتْهُ في مُؤَخَّرَةِ رَأْسِهِ، وفَقَدَ على أَثَرِ تلكَ الضَّرْبَةِ بَصَرَهُ. ورغمَ أنَّ والدهُ أَخَذَهُ إلى بيروت ثمَّ إلى فرنسا، إلّا أنّهُ بَقِيَ أَعْمَى. وقد تَزَوَّجَ وخَلَّفَ أَوْلادًا.
أمّا زوجتُهُ فكانتْ أُخْتَ صومي الصّارة، ووالدُها حنّا الصّارة، وقد رَأَيْتُهُ بنفسي، وهو أَحَدُ أَقْرِباءِ بيتِ موسى البِرّي اللُّولي (عدواني).
ومن شَمالِ غَرْبِ بيتِ إبراهيم المسعودي، وأمامَ بيتِ بَحْدي الفارِس، كانَ بيتُنا، أي بيتُ حَنّا الجِجّي قومي. وفي ذلكَ البيتِ وُلِدْتُ أنا، بعدَ وفاةِ إِخْوَتي جِرْجِس، وراحيل، وميثى. وكانَ ذلكَ عامَ 1949م، وكانَ الوَقْتُ بعدَ شَهْرِ تِشْرينَ الأَوَّل.
وقالتْ والدتي إنّني وُلِدْتُ بعدَ شَهْرٍ من ولادةِ إيليا ابنِ بحو موسى عدواني، وبعدَنا بشَهْرٍ وُلِدَ جورج ابنُ الخالِ حنّا كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي، وكذلكَ ابنُ العَمِّ يوسف صومي جِجّي قومي.
في ذلكَ البيتِ المُؤَلَّفِ من غُرْفَةٍ كَبيرَةٍ وُلِدْتُ. وكانتْ تَسْكُنُ في غُرْفَةٍ أُخْرى منهُ جَدَّتي هيلي مع وَلَدَيْها في الأَوَّل، قبلَ أنْ يَتَزَوَّجَ العَمُّ صومي من مرّة بنتِ إلياس البَحي درويش من قَرْيَةِ تَلّ رَجَب.
أمّا العَمُّ خليل، فقد سِيقَ لِخِدْمَةِ العَلَمِ السُّورِيِّ، وكانتِ الخِدْمَةُ يومَها سَنَةً ونِصْفَ السَّنَةِ. وقد تَأَلَّمَتْ والدتُهُ وانْقَهَرَتْ على فِراقِهِ وغِيابِهِ عنها، وبدأتْ حالَتُها تَسوءُ، ممّا اسْتَدْعَى أَنْ يَأْخُذُوها مَرِيضَةً بسَيّارَةٍ إلى مَدِينَةِ الحَسَكَة.
ورغمَ العِلاجِ، إلّا أنّها فارَقَتِ الحَياةَ في بيتِ إيلو التانو، لكونِهِ عَدِيلَ عَمّي صومي آنذاكَ. وقد تَمَّ دَفْنُها في مَقْبَرَةِ السُّريان الأُرثوذُكس القَديمَةِ في الحَسَكَةِ، الّتي تَقَعُ اليومَ تحتَ البِناياتِ الواقِعَةِ غَرْبَ كراجِ الانطلاق والإطفاءِ، وجَنوبَ كازِيَةِ الدُّكتور بَكْري قَباقيبي.
أمّا أَخَواتي وإِخْوَتي، فهم: مارين الكُبرى، من مواليدِ بَلْدَةِ الدَّرْباسِيَّةِ عامَ 1940م، وميثى وراحيل من مواليدِ قَرْيَةِ السِّيحة، ونورة من مواليدِ عامِ 1947م في قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو، وجرجس من مواليدِ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو أيضًا، وقد ماتَ في الدَّرْباسِيَّةِ، ودُفِنَ في مَقْبَرَةِ المَسِيحِيِّينَ على تَلِّ أيلول.
وأمّا أنا، فاسمي إلياس.
وعندما كنتُ طفلًا صغيرًا، وكنتُ في الدَّرْكوشة (وهي سَريرٌ للأطفال كانوا يَصْنَعونه من الخَشَب)، كانت والدتي تُساعِدُ العَمَّة شمسة في صِناعةِ الكُبَيْبات، وكانَ والدي في الحَسَكَةِ، إذِ احْتَرَقَ البَيْتُ (ولم يُعْرَفِ السَّبَبُ). وعندما سَمِعَ رِجالُ وشَبابُ القَرْيَةِ، تَنادَوْا جميعًا، هُم والنِّساءُ والصِّبيةُ، وأَطْفَأوا النّارَ.
وكانت والدتي تَصْرُخُ: «دَخيلكم (الرَّجاء)، إلياس في الدَّرْكوشة جُوّا (أي في الداخل)». فأَخْرَجوني، ولم أُصَبْ بِأَذًى، رغمَ الدُّخانِ والماءِ الّذي كانوا يَرْشُقونه على النّار. وقالت والدتي إنّني، وإنجيلًا قديمًا، لم نُصَبْ بأذًى.
وتزوَّجَ العَمُّ صومي من مرّة بنتِ إلياس البَحي دَرْويش من قَرْيَةِ تَلِّ رَجَب، فولدَ لهما ولدٌ اسمُه يوسف، وابنةٌ اسمُها ناجيا، وُلِدا في قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو. أمّا ناجيا، فقد تُوُفِّيَتْ ودُفِنَتْ في مَقْبَرَةِ القَرْيَةِ.
ومن غَرْبِ السّاحةِ الّتي تَقَعُ غَرْبَ بيتِنا آنذاكَ، يَقَعُ بيتُ سليم القومي وأَوْلادِهِ: فرحان، وعَبّي، وقومي، وكِرْمو، ورفعة (أمّ غسّان)، وكميل برو.
ومن جَنوبِ حَوْشِهِم الكَبيرة، عَمَّرَ لودا (إديوان) المُخْتارُ، عندما تَسَلَّمَ المَخْتارِيَّةَ من خالِهِ موسى البِرّي، وكانَ ذلك عامَ 1958م.
ومن غَرْبِ بيتِ سليم القومي، يَقَعُ شارعٌ يَمُرُّ شَرْقَ بيتِ عزيز يوسف، المُلقَّب بـ حِنْتي، ويَصِلُ شمالًا إلى بيتِ برو الجِزْعو، وهناك مَمَرٌّ صَغيرٌ يَصِلُ منهُ شمالًا إلى بيتِ الحجي جِرْجِس آسيا.
كما كانَ يوجَدُ شارعٌ يَبْدَأُ من السّاحةِ الّتي تَقَعُ غَرْبَ بيتِنا (بيت ياسو السِّيدي لاحقًا)، وأمامَ بيتِ الجَدِّ بَحْدي جِرْجِس وبيتِ الخَوال حنّا وإبراهيم وعيسى وكِرْمو، ويمُرُّ أمامَ بيتِ العَمِّ برو الجِزْعو، ويَنْزِلُ باتِّجاهِ الغَرْبِ، لِيَفْصِلَ بينَ بيتِ أشبيني (جريفي)، وفِرْمان موسى البِرّي، وبيتِ حَماهُ عزيز حِنْتي، الّذي يَقَعُ جَنوبًا من ذلكَ الشّارع.
وكانَ لِبيتِ عزيز حِنْتي حَوْشٌ كَبيرةٌ، ولهم مَنْظَرَةٌ عالِيَةٌ من الجَنوبِ، والحَوْشُ مُسَوَّرٌ ولهُ بابٌ من الغَرْبِ. وأمامَهم من الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ أَرْضٌ واسِعَةٌ، كانَ فيها بِئْرٌ، قالوا إنَّ بَعْثَةَ اسْتِكْشافِ بترولٍ أَلْمانِيَّةً كانت قد حَفَرَتْها بَحْثًا عن البترولِ.
وأَوْلادُ عزيز حِنْتي هم: بَكْر، وجميل، ونذير، وزكي، وغزالة زوجةُ فِرْمان عدواني، ونوفة (أمّ جورج خليل دَكْران)، وتركية، وليلى.
وإلى الجَنوبِ من بيتِ عزيز حِنْتي، وبمَسافَةٍ تَفْصِلُهُ عن المَدْرَسَةِ، تَقَعُ المَدْرَسَةُ المُكَوَّنَةُ من غُرْفَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ في الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ، وإلى شَرْقِهِما غُرْفَةٌ صَغيرَةٌ.
ومن شَرْقِ المَدْرَسَةِ، يَقَعُ بيتُ إبراهيم العُكْلَة وأَوْلادِهِ من زوجتِهِ صُبْحة (حسن)، ومن زوجةِ أَخيهِ بَشّة: خُضير، وخليل، وفرحان، وخضرة، ووضحة، وأمّا جاسم فهو ابنُ أَخيهِ من بَشّة.
وإلى الجَنوبِ منهم، يَقَعُ بيتُ يوسف خَزْرِيك، وكانَ هذا الرَّجُلُ أَرْمَنِيًّا، وخِلالَ المَذْبَحَةِ عامَ 1915م (سَفَر بَرْلِك)، سُبِيَ وتَرَبّى عندَ مَن سَباهُ فَأَسْلَمَ. ومن أَوْلادِهِ: عزّو، ومسعود، وسعد، وإبراهيم، وزهرة. وإلى شَرْقِهِ بيتُ أَخيهِ إسكندر، وأَوْلادُ إسكندر: كَمَر (قمر)، وعبد العزيز.
وكانَ هناك مَن يَمْلِكُ في القَرْيَةِ أَرْضًا ولم يَسْكُنْها، مِثالُ ذلكَ: بيت الدَّرويشات من السِّيكَر، وبيت شَشّو (وكنيتُهم إلياس)، ولهم أَمْلاكٌ في تَلِّ رَجَب، وفي شَرْقِيِّ غُوَيْران أيضًا.
كما سَكَنَ القَرْيَةَ عامَ 1958م أمين قومي (شَمّاس)، وعَمَّروا جَنوبَ بيتِ ياسو السِّيدي، وأَوْلادُهُ: صبحي، وسمير، وجميلة.
ولا يَفوتُنا أنَّ أَهْلَ القَرْيَةِ الأَوائِل، آل أبي عاصي، كانوا يَسْكُنونَ في خِيامٍ، وقد عاشوا أَكْثَرَ من عامَيْنِ في القَرْيَةِ كَجيرانٍ، بعدَ أنْ عَمَّرَ القَصُوارِنَةُ القَرْيَةَ واسْتَمْلَكوها، وذلكَ بناءً على طَلَبِهِم، رَيْثَما يَرَوْنَ أَيْنَ يَسْكُنونَ.
وكانَ أَهْلُ القَرْيَةِ من القَصُوارِنَةِ يَذْهَبونَ معهم للسَّرِقَةِ؛ لأنَّ الحَياةَ كانتْ قاسِيَةً، وكانتِ المَواسمُ مُجْدِبَةً.
كما سَكَنَ القَرْيَةَ رَجُلٌ مَشْهَدانِيٌّ اسْمُه حمدان العسّاف وزوجتُه فطيم. جاءَ من جَنوبِ مَدِينَةِ الحَسَكَةِ، وهو من عَشِيرَةِ المَشاهِدَة، ويُلَقَّبُ بـ حمدان العسّاف المشهداني. وأَثناءَ إِقامَتِهِ في خَيْمَةٍ ضَمَّتْهُ وزوجتَهُ وأُخْتَهُ عزيزة، وَلَدَتْ زوجتُهُ فطيم بِكْرَها، وسَمَّوْهُ حُسَيْن.
وبَقِيَ حمدان وأُسْرَتُهُ في القَرْيَةِ حتّى ذَهَبَ إلى الأَرْضِ الّتي وَضَعَ يَدَهُ عليها. ولَمّا كانتِ الأَرْضُ بِحاجَةٍ إلى فِلاحَةٍ، طَلَبَ من والدي حنّا جِجّي، وبَحْدي الفارِس، والخالِ جميل بَحْدي، أَنْ يُساعِدوهُ في فِلاحَتِها. فأَخَذَ كُلٌّ منهم فَدّانَهُ، وذَهَبوا يَفْلَحونَ الأَرْضَ مُدَّةً تَزيدُ على أُسْبوعٍ، وكانَ هذا، طَبْعًا، يُسَمّى في عُرْفِ الحَياةِ الاجْتِماعِيَّةِ آنذاكَ (فَزْعَة).
وكانَ اسمُ القَرْيَةِ المَرّات، وكانَ قِسْمٌ منها مِلْكًا لِبيتِ كِرْمو الرِّزْقو، والقِسْمُ الآخَرُ لِرَجُلٍ سُرْيانِيٍّ كانَ في الجَيْشِ الفِرَنْسِيِّ، ولهُ رُتْبَةٌ عَسْكَرِيَّةٌ، اسْمُه عبد المسيح أبو شَفّة. وقد أَعْطى عبد المسيح أبو شَفّة قِسْمَهُ ـ وهو رُبْعُ القَرْيَةِ ـ لِـ حمدان العسّاف عِندَما ذَهَبَ إلى فَرَنْسا، دونَ مُقابِلٍ.
هذه صُورَةُ القَرْيَةِ كما رَأَيْتُها، وأنا ابنُ السّابعةِ والثّامِنَةِ، وحَتّى عِندما زُرْتُها وأنا ابنُ 38 سَنَةً. وقد تَحَوَّلَتْ إلى أَطْلالٍ في نِهايَةِ السَّبْعينِيّاتِ من القَرْنِ العِشْرينَ. وكانت آخِرُ زِيارَةٍ لها لِوَداعِها، عِندما ذَهَبْتُ أنا وأَخي إلياس، وبعدَها سافَرْتُ إلى أَمريكا في 28 / 9 / 1988م.
ولِكونِ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو آخِرَ القُرى القَصُوارانِيَّةِ في جَنوبِ خَطِّ طريق الدَّرْباسِيَّة، فقد حافَظَتْ على وَحْدَةِ العَلاقَةِ الأُسْرِيَّةِ الكَبيرةِ بينَ جَميعِ القَصُوارِنَةِ في القُرى الأُخْرى.
إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذن خطّي من المؤلف.
نَفْسَ العَمَلِ تابَعَ أَهْلُ القَرْيَةِ طُقوسَ الأَجْدادِ في كُلِّ شَيءٍ؛ في أُسْلوبِ المَعيشَةِ، والزِّراعَةِ، وتَرْبِيَةِ الحَيَواناتِ والمَواشِي، والخَيْلِ، والحَميرِ، والبِغالِ، والطُّيورِ من دَجاجٍ، وعَلُوّ، وحَمامٍ.
الأَرْضُ هي العاشِقَةُ الأُولى؛ يُحِبّونَها حتّى الجُنُونِ، يَحْمونَ تُخومَها، ويَحْرُثونَ بورَها، ويَزْرَعونَها بالقَمْحِ، والشَّعيرِ، والعَدَسِ، والحِمِّصِ، ودَوّارِ عَيْنِ الشَّمْسِ، والجِلْبانِي.
وفي الرَّبيعِ يَزْرَعونَ أَراضيها بالمَقاثي، حيثُ تَزْهو صَيْفًا بشُجَيْراتِ الجِبْس، والبِطِّيخِ، والعَجّورِ، والرَّمِي، والقِثّاءِ، والباقِلاءِ، والشَّمّامِ. فَتَرى أَرْضَهم صَيْفًا، على طَرَفَي الرَّجْلَةِ، وكأنَّها جِنانٌ خَضْراءُ تَزْهو وتَسُرُّ النّاظِرَ، وتُطْعِمُ المارَّةَ من الجِبْسِ والبِطِّيخِ المُجَوَّرِ، الّذي طَعْمُهُ حُلْوٌ وحامِضٌ في آنٍ واحدٍ؛ فما أَلَذَّهُ من بِطِّيخٍ، وما أَطْيَبَهُ من جِبْسٍ، وماذا عن العَجّورِ والقِثّاءِ والرَّمِي، كُلُّها خُضارٌ صَيْفِيَّةٌ تَنْبُتُ عَذِيًّا من دونِ سِقايَةٍ. وعلى مَساحاتٍ من تلكَ الأَرْضِ تَجِدُ شُجَيْراتِ الشَّفْلَع.
أمّا البَيادِرُ صَيْفًا، فقد امْتَلأَتْ بأَكْداسِ القَمْحِ والشَّعيرِ الّذي حَصَدَتْهُ الأَيْدِي بالمَناجِلِ القَديمَةِ، ونَقَلُوهُ على الشَّخْرَة بواسطةِ الدَّوابِّ. وهناكَ بَيادِرُ العَدَسِ.
هُنا تَرى امرأةً عَجوزًا يَعْلو رَأْسَها البوشيّة؛ إنَّها العَمَّة نجمة ملكو، ابنةُ عَمِّ والدي، وبِجانِبِها بَناتُها وأَزْواجُهُنَّ. وفي الجِهَةِ الأُخْرى تَرى الجَدَّة بَهِيَّة وأَوْلادَها حنّا وإبراهيم وعيسى وكِرْمو ونِسائِهِم. وعلى مَقْرُبَةٍ منهم تَجِدُ الجَدَّ بَحْدي وزوجتَهُ الجَدَّة شمسة وأَوْلادَهُ.
أَجَل، ليسَ بَعيدًا تَجِدُ الجَدَّة هيلي، ووالدي حنّا، ووالدتي خاتون، والعُمام. إنَّهُ عُرْسُ البَيادِر.
موسى البِرّي وزوجتُهُ العَمَّة نجمة، وهي الأُخْرى قَريبةُ أَبي، وأَوْلادُهُ ونساؤُهُم. وهناكَ، على مَقْرُبَةٍ منهم، نَجِدُ زوجَ أُخْتِهِ سليم القومي وأُسْرَتَهُ يَذْرونَ البَيْدَر. والحاجّ جِرْجِس آسيا، والعَمَّة سِيدي أُمّ إيليا، وإبراهيم المسعودي وزوجتُهُ، وبيتُ عزيز حِنْتي، وبيتُ العُكْلَة، وبيتُ يوسف خَزْريك، وبيتُ عَمِّهِ إسكندر وأَوْلادِهِ.
حَقًّا، القَرْيَةُ في عُرْسِها تَموجُ فَرَحًا بالغِلال، وتُمارِسُ طُقوسَها القَديمَةَ الأَبَدِيَّةَ. وأَهْلُ القَرْيَةِ في انْتِظارِ نَسيمٍ يَمُرُّ على تلكَ البَيادِرِ ليُساعِدَ على التَّذْرِيَة.
وهناكَ البِئْرُ الخُرافِيَّةُ ذاتُ الماءِ المالِحِ، وعليها اجْتَمَعَتْ بَعْضُ النِّسوةِ لِتَسْتَقِيَ وتَسْقِيَ الماشِيَةَ من غَنَمٍ، وماعِزٍ، وبَقَرٍ، وحَميرٍ، أو خَيْلٍ. حتّى الكِلابُ تَلْهَثُ عَطَشًا.
والدَّجاجُ، والعَلُوّ، والعَصافيرُ جاءتْ لِتَشْرَبَ من الماءِ الّذي يَتَسَرَّبُ ويَتَدَفَّقُ إِثْرَ تَزاحُمِ الغَنَمِ والحَيَواناتِ على الشُّرْبِ، وهي تَصْطَفُّ على تلكَ القَناةِ الّتي تُسَمّى (جابِي).
أمّا في عامِ 1949م، فتَتَغَيَّرُ مَعالِمُ القَرْيَةِ؛ حيثُ تُغادِرُ عائِلَةُ الحاجّ جِرْجِس آسيا (أبو إيليا) وأَوْلادُهُ، ومعهم بيتُ أَقْرِبائِهِ الخالِ حنّا وعيسى وكِرْمو، ويَنْزِلونَ إلى قَرْيَةِ الطّوق الواقِعَةِ على الضِّفَّةِ الجَنوبِيَّةِ لِنَهْرِ الخَابور، الّتي تَبْتَعِدُ عن مَدِينَةِ الحَسَكَةِ غَرْبًا نَحْوَ 16 كم.
ذَهَبوا لِلْعَمَلِ فَلّاحينَ في القُطْنِ والبَقْجاتِ الصَّيْفِيَّةِ. وفي عامِ 1950م نَلْحَقُ بهم نحنُ أَيْضًا: والدي، ووالدتي، وأُخْتي الكُبرى، والّتي تَليها نورة، وأنا. وكانَ اسمُ القَرْيَةِ الّتي عَمِلْنا بها في القُطْنِ المِسْياح، بجانبِ قَرْيَةِ الطّوك (الطّوق).
عَمِلْنا في القُطْنِ بعدَ أنْ بِعْنا حِصَّتَيْنِ لنا في قَرْيَتِنا تَلِّ جَميلو، مِساحَتُهما من الأَرْضِ 370 دونمًا، لِبيتِ ياسو السِّيدِيّة (ياسو إلياس عبد الرزّاق خلف)، بمَبْلَغِ خمسة آلاف ليرة سوريّة. فَتَقاسَمَ والدي وإِخْوَتُهُ المَبْلَغَ، كُلٌّ حَسَبَ حَقِّهِ.
ونَرى العَمَّ صومي يَسْكُنُ قَرْيَةَ تَلِّ رَجَب عندَ بيتِ حَماهُ إلياس البَحي الدَّرويش، مِثْلَهُ مِثْلُ الخالِ إبراهيم الّذي سَكَنَ تَلَّ رَجَب عندَ بيتِ حَماهُ بيت الدّاو.
ويَنْزِلُ العَمُّ خليل إلى مَدِينَةِ الحَسَكَة بعدَ أنْ أَنْهى خِدْمَةَ العَلَمِ الّتي قَضاها ما بينَ ثُكْنَةِ إبراهيم هانانو في حَلَب، ومَعْبَرِ الزُّهَيْرِيَّة شَرْقَ ديريك. وهناكَ يَتَزَوَّجُ من روزه بنتِ إيلو التانو (أبو يعقوب القِلْعَة مراوي)، ويَعْمَلُ في البَقْجاتِ عندَ بيتِ كِرْمو بِلْحَد (المسعودي) القَصُوراني، وهو عَدِيلُ بيتِ إيلو التانو، ويَقْرُبُ في الأَصْلِ جَدَّتي هيلي يعقوبي. كما عَمِلَ أَيْضًا عندَ فرحان شَرّو البنيبلي.
أمّا إبراهيم المسعودي، فقد غادَرَ القَرْيَةَ إلى الحَسَكَةِ، حيثُ اشْتَرى حَوْشًا ودارًا قُرْبَ جِسْرِ نَهْرِ الجَغْجَغ، إلى الشَّرْقِ من شارعِ فِرْدَوْسَه.
ويريدُ الخَوال أَنْ يَمْتَلِكوا مَصْلَحَةً (تِرَكْتور)، فَكانوا بِحاجَةٍ إلى مالٍ. وعِندما أَدْرَكوا أنَّ والدي يَمْلِكُ مالًا آنذاكَ، أَلَحّوا على أُخْتِهِم وزَوْجِها أنْ يُعْطُوهُم مَبْلَغًا يُقَدَّرُ بـ 3000 ليرة سوريّة، لِشِراءِ تِرَكْتور جِنْزير كاتِلبيلار نُمرة 6 من عمسيح أَصْبَهان.
وعِندما عَجَزوا عن رَدِّ المَبْلَغِ ضِمْنَ المُدَّةِ، ومَعَ مُرورِ أَرْبَعِ سَنَواتٍ إِضافِيَّةٍ، عَرَضوا أَرْضَهُم (حِصَّتَهُم) في قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو لِلْبَيْعِ. وفي رُبْعَةِ موسى البِرّي كانَ المَزادُ الخَلَبِيّ، فاشْتَرى حنّا جِجّي قومي ـ وهو والدي ـ أَرْضَهُم بمَبْلَغِ 5000 ليرة، قَصْدَ أَنْ يَحْصُلَ على حَقِّهِ، إذْ كانَ قد اتُّفِقَ على أنْ يَأْخُذَ خَمْسَةَ آلافِ ليرةٍ مُقابِلَ ما دَفَعَهُ لهم. وهكذا امْتَلَكْنا أَرْضًا في قَرْيَةِ جَميلو مَرَّةً ثانِيَةً.
وبينَ عامَي 1956م – 1961م، يَرْجِعُ أَيْضًا بيتُ الخَوال إلى القَرْيَةِ، ومعهم تِرَكْتورُهُم ومَصْلَحَتُهُم. سَكَنوا في بيتِ إبراهيم المسعودي مُدَّةَ عامَيْنِ، وعِندَ عَوْدَةِ إبراهيم المسعودي من الحَسَكَةِ لِظُروفٍ خاصّةٍ به، بَنى الخَوالُ جَنوبَ بيتِهِ دارًا كَبيرةً ذاتَ حَوْشٍ مُسَوَّرٍ، بابُهُ إلى الغَرْبِ، تَقَعُ جَنوبَ بيتِ إبراهيم المسعودي، وشَرْقَ بيتِ إبراهيم العُكْلَة. وفي ذلكَ الحَوْشِ اجْتَمَعَ الإِخْوَةُ الأَرْبَعَةُ: الخال حنّا، وإبراهيم، وعيسى، وكِرْمو.
وفي ذلكَ الوَقْتِ، كُنّا قد رَجَعْنا نَحْنُ أَيْضًا إلى القَرْيَةِ، بعدَ أنْ كُنّا قد اشْتَرَيْنا دارًا في المَدِينَةِ قُرْبَ الصِّناعَةِ القَديمَة (مَكانُها اليومَ صيدَلِيَّة عبير). ثمَّ بِعْنا تلكَ الدّارَ، واشْتَرَيْنا أَرْضًا قُرْبَ مَقْبَرَةِ السُّريان ومَحَطَّةِ بَكْري قَباقيبي الّتي بُنِيَتْ لاحقًا. كما عادَ الحجي جِرْجِس وأَوْلادُهُ إلى القَرْيَةِ، فاجْتَمَعَتِ القَرْيَةُ مَرَّةً أُخْرى.
وفي عامِ 1956م، طُلِبَ من كُلِّ فَلّاحٍ أَنْ يَكونَ على رَأْسِ أَرْضِهِ. وبعدَها حَدَثَتِ الوَحْدَةُ بينَ مِصْرَ وسورِيّة، وقامَتِ الجُمْهورِيَّةُ العَرَبِيَّةُ المُتَّحِدَةُ، وكانَ رَئيسُها جمال عبد الناصر، الّذي جاءَ إلى الحُكْمِ بعدَ ثَوْرَةِ الأَحْرار في مِصْر، وهي ثَوْرَةٌ أَطاحَتْ بالمَلِكِ فاروق.
وخِلالَ وُجودِنا في القَرْيَةِ، أُدْخِلْتُ أنا وأَخي إلياس المَدْرَسَةَ في الصَّفِّ الأَوَّل.

إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.
وقَرْيَةُ جَميلو عَروسُ القُرى. وفيها تِرَكْتورٌ ومَصْلَحَةٌ لِبيتِ موسى البِرّي: حَصّادتان، وتِرَكْتور كيز 500، وكَمْيون، وبيك آب موديل 1954 أزرقُ اللَّون. وكانَ ذلك ما بين عامَي 1953م و1954م، وقد اشْتَرَوْا هذه المَصْلَحَةَ بقيمةٍ قُدِّرَتْ آنذاكَ بـ 53 ألف ليرة سوريّة. غيرَ أنّهم باعوا الحَصّاداتِ والتِّرَكْتورَ والكَمْيونَ إلى بيت دبّاغ، وهم جماعةٌ من عامودا، بمَبْلَغٍ قُدِّرَ بـ 18 ألف ليرة سوريّة، وذلك بعدَ عامَيْنِ من شِراءِ المَصْلَحَة.
ثمَّ اشْتَرى بيت عزيز حِنْتي تِرَكْتورًا أمريكيًّا من نوع كيز (500)، وكوَّنَ مَصْلَحَةً في صيفِ عامِ 1957م.
وفي خَريفِ عامِ 1959م نَجَحْتُ إلى الصَّفِّ الثّانِي، فَقَرَّرَ الوالِدُ العَوْدَةَ إلى الحَسَكَةِ. وبَقِينا ذلكَ الخَريفَ في بيتِنا، ولكنْ في أَوَّلِ السَّنَةِ نَنْتَقِلُ للعملِ في زِراعةِ القُطْنِ عندَ بيتِ عبد المسيح نانو للمَرَّةِ الثّانِيَةِ، وأَرْضُهُم تَقَعُ شَرْقَ نَهْرِ الجَغْجَغ، وشَرْقَ حَيِّ تَلِّ حَجَر.
وفي عامِ 1963م اشْتَرى بيتُ الجَدِّ بَحْدي أَصْلانِي تِرَكْتور كيز 930 من دير الزور، وكانَ موديلًا جديدًا، وكوَّنوا مَصْلَحَةً. وفي العامِ نفسِه اشْتَرى بيت موسى البِرّي مَصْلَحَةً أُخرى (كيز 930)، وتَبِعَهم بيت برو الجِزْعو، كما شارَكوا بيت العُكْلَة بتِرَكْتور كيز 930.
غيرَ أنّ كِرْمو بن برو تَعَرَّضَ لِمُشْكِلَةٍ كانتْ ستُؤدّي به إلى الموتِ، جرّاءَ وُقوعِه تحتَ الدِّسْك والتِّرَكْتورِ وهو يَفْلَحُ، وقد أُصيبَ كَتِفُهُ.
وبعدَ ذلكَ اشْتَرى بيت موساوو تِرَكْتور كيز 500، كما اشْتَرى إبراهيم مسعودي تِرَكْتورًا.
وأهمُّ مَنِ امْتَلَكَ مَصالِحَ فيها التِّرَكْتورُ والحَصّادةُ والبيك آب هم: بيت موسى البِرّي، وبيتُ الخَوال (حنّا، وعيسى، وكِرْمو)، وبيتُ عزيز حِنْتي، وبيتُ الجَدِّ بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي. وقد أَحْدَثَ وُجودُ تلكَ الآلاتِ ثَوْرَةً في المِنْطَقَةِ من حيثُ الجُهْدُ والوَقْتُ والجَوْدَة؛ فلم يَعُدْ لِـ الفَدّان من أَهَمِّيَّةٍ إلّا لأَجْلِ المَقاثي، وذَهَبَ زَمَنُ المِنْجَلِ وتَعَبُه، وأَصْبَحَتِ البيادِرُ تُدْرَسُ بالحَصّاداتِ بدلَ النَّوارِج (الجَرْجَر).
ومن جهةٍ أُخرى، كانَ لا بُدَّ في السِّتّينيّاتِ من أنْ يَنْتَقِلَ أَوْلادُ القَرْيَةِ الّذينَ أَنْهَوْا تَعْليمَهم الابْتِدائِيَّ في القَرْيَةِ إلى المَدِينَةِ، حيثُ المَدارِسُ الإِعْدادِيَّةُ. وهنا تَتَوَزَّعُ الأُسَرُ، وتُسْتَأْجَرُ غُرَفٌ لأَوْلادِهِم الطُّلّاب.
فمثلًا، سَكَنَ الخالُ إلياس وصبحي في تَلِّ حَجَر عندَ بيتِ كِرْمو إلياس البَحي. ثمَّ سَكَنَ الخالُ إلياس بَحْدي سَنَةً عندَ بيتِ حمدان العسّاف، وبعدَها سَكَنَ هو وأَخوهُ صبحي عندَنا عامَ 1963م / 1964م. ثمَّ اسْتَأْجَرا في البَلَدِ عندَ بيتِ إيلو التانو.
أمّا مسعود وإبراهيم خَزْريك فقد اسْتَأْجَرا في شارعِ فارس الخوري (القامشلي).
وأمّا موسى البِرّي، فلهم دارٌ كَبيرةٌ منذُ زَمَنٍ، اشْتَراها عامَ 1953م من بيتِ زكو رصاصة، وكانَ للدارِ حَوْشٌ كَبيرٌ. وفي إِحْدى غُرَفِ الحَوْشِ سَكَنَ الطَّبيبُ اللُّبْنانِيُّ ميشيل قطريب، صَديقُ وشَريكُ الدُّكتور داوؤد خوري، الّذي كانَ من النَّبَطِيَّة في لُبْنان، أمّا ميشيل فكانَ من نَواحي طَرابُلُس لُبْنان.
وأمّا بيت إبراهيم مسعودي فكانَ لهم دارٌ اشْتَرَوْها قُرْبَ جِسْرِ الجَغْجَغ كما ذَكَرْنا سابقًا.
وأمّا بيتُ العَمِّ صومي، فقد سَكَنَ مُنذُ مُدَّةٍ في تَلِّ حَجَر قُرْبَ بيتِ حَماهُ بيتِ إلياس البَحي، في بيتٍ كانتْ له عِلِّيَّة، ثمَّ باعَهُ في السَّبْعينِيّاتِ واشْتَرى أَرْضًا وبَناها في الوادي جَنوبَ جِسْرِ الجَغْجَغ.
وأمّا بيتُ العَمِّ خليل فسَكَنَ في العَزيزِيَّة، ثمَّ اشْتَرى دارًا شَرْقَ شارعِ فِرْدَوْسَه، شارعِ سِنْجار.
وفي عامَي 1963م – 1964م نَزَلَ بيتُ الحاجّ جِرْجِس آسيا إلى الحَسَكَةِ، واشْتَرَوْا أَرْضًا في النّاصِرَة. وكذلكَ بيوتُ الخَوال: حنّا وإبراهيم وعيسى وكِرْمو اشْتَرَوْا أَرْضًا في النّاصرة وعَمَرُوها، بعدَ أنْ نَقَلوا اللَّبِن والعَواميد والتَّخْت من بيتِهم في تَلِّ جَميلو.
كما نَزَلَ بيتُ بَحْدي الفارِس، وبيتُ العُكْلَة، وبيتُ خَزْريك، وبيتُ عزيز حِنْتي، وبيتُ أمين قومي، وأَوْلادُ سليم قومي، وبيتُ فِرْمان موسى البِرّي (عدواني).
أمّا مُخْتارُ القَرْيَةِ
لقد تَسَلَّمَ مُخْتارِيَّةَ القَرْيَةِ السَّيِّدُ موسى البِرّي عدواني منذُ بَدايةِ تَعْميرِ القَرْيَةِ في بَدايةِ الأَرْبَعينِيّاتِ من القَرْنِ العِشْرينَ، وحتّى عامِ 1957م، حيثُ أَعْطى المُخْتارِيَّةَ لابنِ أُخْتِهِ فرحان سليم القومي.
وأَتَذَكَّرُ كيفَ كانَ يأتي فرحان ورِجالُ القَرْيَةِ (الهَيْئَةُ المُخْتارِيَّة)، ويَجْمَعونَ من أَهْلِ القَرْيَةِ كيسًا من الحِنْطَة عن كُلِّ تِيرة (أَرْضٍ) كانت تُقَدَّرُ بـ 185 دونمًا. وكانَ ذلكَ لِقاءَ أنَّ المُخْتارَ يقومُ بواجبِ الضِّيافَةِ لكلِّ مَن يَمُرُّ بالقَرْيَةِ أو يَسْتَضيفُهُ عِدَّةَ أَيّامٍ، ولِشراءِ القَهْوَةِ العَرَبِيَّةِ، ولِلْخَدَماتِ الّتي يُقَدِّمُها المُخْتارُ، وهو النّاطِقُ باسمِ أَهالِي القَرْيَةِ.
وكانَ للمُخْتارِ إيوانٌ كَبيرٌ يُسَمُّونه (لودة المُخْتار)، وكانَ مَبْنِيًّا من لَبِنٍ، عالِيًا وكَبيرًا، يُقابِلُ المَدْرَسَةَ تَقْريبًا. ولهُ شَبابيكُ عَدِيدَةٌ وكَبيرَةٌ، ويُصْعَدُ إليهِ بِدَرَجٍ من لَبِنٍ، وُضِعَتْ عليهِ حِجارَةٌ بازَلْتِيَّةٌ من الغَرْبِ باتِّجاهِ الشَّرْقِ، حيثُ مِسْطَبَةٌ واسِعَةٌ، ثمَّ البابُ المُتَّجِهُ إلى الجَنوبِ، وفي الجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ من البِناء. وكانتْ تُضاءُ ليلًا بـ اللُّوكْس.
وهناكَ تَجِدُ دِلالَ القَهْوَةِ العَرَبِيَّةِ والمِحْماصَ، وهاوُنَ الدَّقِّ الّذي يُسَمّى المِهْباش. وعلى الأَرْضِ تَجِدُ الكِجْوان (اللِّبّاد) مُصْطَفًّا على جانِبَي الحيطانِ من الداخل: من الشَّمالِ، والغَرْبِ، والجَنوبِ. أمّا اللُّوكْس فكانَ مُدَلًّى من السَّقْفِ الخَشَبِيّ، وبِجانِبِهِ تَبْني بِنْتُ السُّنونو أَعْشاشَها.
وأمّا مِدْفَأَةُ اللُّودة (الإيوان)، فكانتْ مَبْنِيَّةً من لَبِنٍ داخلَ الحائطِ الشَّرْقِيّ، تُسَمّى كانونًا.
وفي القَرْيَةِ دُكّانٌ لِـ أشبيني فِرْمان (أبو فيصل)، وكانَ بابُهُ يَتَوَجَّهُ نحوَ الغَرْبِ. وبعدَ عامٍ افْتَتَحَ بيت سليم القومي دُكّانًا آخَرَ.
وأمّا في مَواسمِ شِراءِ الحاجِيّاتِ في أَيّامِ الأَعْيادِ (عِيدَي الميلادِ وعِيدِ القِيامةِ المَجيد)، فكانَ أَهْلُ القَرْيَةِ يَذْهَبونَ إلى الحَسَكَةِ. كما كانوا يَذْهَبونَ لِشراءِ الدّامِيَة قبلَ رَأْسِ السَّنَةِ بيومٍ أو يومَيْنِ. وكانوا يَذْهَبونَ إمّا على خُيولِهِم ـ وقد اسْتَمَرَّتْ هذهِ الحالَةُ إلى ما بعدَ السِّتّينيّات ـ أو في بوسطة جوزيف، وهو من أَهالي الدَّرْباسِيَّة.
إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.
…كانَ هناكَ مَصْدَرٌ آخَرُ لِشراءِ الحاجِيّات؛ فقد كانَ للباعةِ المُتَجَوِّلينَ (عطّارين) دورٌ مهمٌّ، يَجوبونَ القُرى على حَميرِهِم، أو بواسطةِ عَرَباناتٍ ذاتِ دولابَيْن، بعدَ أنْ تَخَلَّوْا عن العَرَبانةِ القَديمَةِ ذاتِ الأَرْبَعَةِ دواليبَ الخَشَبِيَّة.
وفي فَصْلِ الصَّيْفِ كانَ يَأْتينا من الآشوريّين مَن يُقايِضونَ (يُبَدِّلونَ) العِنَبَ والتُّفّاحَ بالحبوبِ؛ يَأْتونَ من قُراهُم الواقِعَةِ على نَهْرِ الخابور، خُصوصًا من مِنْطَقَةِ تَلّ تَمْر وتَلّ نَصْري، لأنَّه لا يَفْصِلُنا عنهم سِوَى جَبَلِ الحَمّة البازَلْتي.
أمّا مَدْرَسَةُ القَرْيَةِ
فقد تَأَكَّدَ لنا أنّها بُنِيَتْ عامَ 1952م و1953م، وكانتْ تابعةً لِمُديريّةِ المَعارِفِ السُّوريّة. وعندما رَجَعْنا إلى القَرْيَةِ عامَ 1956م و1957م دخلْنا مَدْرَسَةَ القَرْيَةِ، وكانَ المُعَلِّمُ يومَها اسْمُه خليل جرّاح، وهو من قَرْيَةِ المَشْتايَة الّتي تَقَعُ قُرْبَ تَلّ كَلَخ، التّابعةِ لِمُحافَظَةِ حِمْص.
وكانَتِ المَدْرَسَةُ مَبْنِيَّةً إلى غَرْبِ بيتِ إبراهيم العُكْلَة، تَفْصِلُ بينَهما مَسافَةٌ أَقَلُّ من عَشْرَةِ أَمْتارٍ، وكانَ بِئْرُ القَرْيَةِ يَقَعُ إلى الجَنوبِ الغَرْبِيِّ من بِنْيَةِ المَدْرَسَة.
ومن المُعَلِّمينَ الّذينَ جاؤوا وعَلَّموا في تلكَ المَدْرَسَة ــــ ومَعَ كُلِّ الأَسَفِ لم نَحْصُلْ على أَسْماءِ المُعَلِّمينَ الأَوائِل ــــ نَبْدَأُ بالمُعَلِّمِ خليل جرّاح، الّذي كَلَّمْتُهُ هاتِفِيًّا وهو في لوس أنجلس بالوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ الأَمْريكِيّة، وأنا في ألمانيا، بعدَ أنْ ساعدَني في التَّواصُلِ معهُ الصَّديقُ فؤاد أَصْلو. وكانَ هذا اللِّقاءُ الصَّوتِيُّ بعدَ أَكْثَرَ من ستّينَ عامًا.
أَجَل، في عامِ 1957م – 1958م كُنتُ أَدْرُسُ فيها في الصَّفِّ الأَوَّلِ الابْتِدائِيّ، وكانَ يُرافِقُني إليها أَخي إلياس، الأَصْغَرُ منّي سِنًّا. وكانتِ المَدْرَسَةُ مُؤَلَّفَةً من غُرْفَةٍ كَبيرةٍ ذاتِ مَقاعِدَ خَشَبِيَّة، وكانَ اللَّوْحُ (السَّبّورة) على الحائطِ الشَّرْقِيّ لِغُرْفَةِ الدَّرْس. ولَها بابٌ من الجَنوب، ونافِذتان: واحِدَةٌ جَنوبَ غَرْبِ الباب، وأُخْرى في الحائطِ الغَرْبِيّ.
ومن شَرْقِها كانتْ هناكَ غُرْفَةٌ مُلْتَصِقَةٌ بها، خُصِّصَتْ لِنَوْمِ المُعَلِّمِ وسَكَنِهِ، وهي في الوقتِ نفسِه الإدارة. وأَتَذَكَّرُ أنّنا كُنّا كُلَّ يومٍ نَحْمِلُ معنا طارَ الجِلّة (وقودَ المِدْفَأَة). أمّا كُتُبُنا ودَفاتِرُنا فكنّا نَحْمِلُها في كيسٍ من قُماشٍ يُسَمّى كَنَفًا. وكانتِ الصُّفوفُ فيها من الأَوَّلِ إلى الصَّفِّ الخامِس، حيثُ شَهادَةُ السِّرْتَفِيكَة.
أمّا طَعامُ المُعَلِّمِ فكانَ على كُلِّ تِلْميذٍ يومًا واحِدًا: الفُطورَ، والغَداءَ، والعَشاءَ. وكانتْ عادةً مُتَّبَعَةً حتّى زَمَني عندما أَصْبَحْتُ مُعَلِّمًا بالوَكالَةِ وأنا أَدْرُسُ في جَامِعَةِ دِمَشْق؛ إذْ كانَ المُعَلِّمُ يَحْضُرُ أَحيانًا للعَشاءِ في دارِ التِّلْميذ، ويَسْهَرُ بعدَها في رُبْعَةِ المُخْتار.
كما أَتَذَكَّرُ أنَّ المُعَلِّمَ خليل جرّاح كانَ يَتَفَقَّدُ التَّلاميذَ، وفي يَدِهِ (البِيل)، وهو جِهازٌ صَغيرٌ يَصْدُرُ عنه ضَوْءٌ من بَطّاريّات، أو كانَ يَحْمِلُ فانوسًا صَغيرًا. وكانَ يقومُ بهذهِ الجَوْلَةِ المَسائِيَّةِ لِيَتَأَكَّدَ من أنَّ التَّلاميذَ يَدْرُسونَ قَبْلَ النَّوْم.
وأمّا لَوازِمُ المَدْرَسَةِ من دَفْتَرٍ وقَلَمٍ ومِبْراةٍ ومِمْحاةٍ فكانتْ رَخيصَةً؛ كانَ الدَّفْتَرُ الّذي يَحْتَوي على عِشْرينَ وَرَقَةً بـ فِرِنْكٍ، والقَلَمُ بـ نِصْفِ فِرِنْكٍ، والمِمْحاةُ والمِبْراةُ كُلُّ واحِدَةٍ منهما بـ نِصْفِ فِرِنْكٍ.
كما أَذْكُرُ أنَّ أَوَّلَ أَوْلادِ القَرْيَةِ الّذينَ حَمَلوا حَقائِبَ من تِنْكٍ كُنّا أنا وأَخي إلياس، أمّا باقي التَّلاميذ ـ حتّى الصَّفِّ الخامِس ـ فكانوا يَحْمِلونَ كُنوفًا من قُماش. والكنفُ خِرْقَةٌ مَخِيطَةٌ على شَكْلِ مُرَبَّعٍ، مَفْتوحَةٌ من فَوْق، ولَها قِشاطٌ من القُماشِ نَفْسِه لِتُعَلَّقَ على الكَتِف.
وكانَ للمَدْرَسَةِ مَلْعَبٌ لِكُرَةِ السَّلّة، ومَلْعَبٌ لِكُرَةِ القَدَم، في شَرْقِ القَرْيَةِ إلى الجَنوب.
وكانَ الصَّفُّ الأَوَّلُ مِن أَرْوَعِ الأَعْوامِ؛ فما أَحَبَّهُ من عامٍ اكتَشَفْتُ فيهِ رَوْعَةَ العِلْم. وفي نِهايَةِ العامِ كانَ أَهالِي التَّلاميذِ يَجْمَعونَ الصُّوفَ والسَّمْنَ والجُبْنَ للمُعَلِّمِ خليل. وأَتَذَكَّرُ أنّهُ أَخَذَها جميعًا في بوسطةِ جوزيف (باص النَّقْل)، بعدَ أنْ وَزَّعَ علينا الجَلاءَ المَدْرَسِيَّ. وقد بَكى عليهِ بَعْضُ التَّلاميذِ وشَبابُ القَرْيَة.
ومن تلكَ المَدْرَسَةِ المُتَواضِعَةِ تَخَرَّجَتْ كَوادِرُ قِيادِيَّةٌ للمُجْتَمَع؛ فمنهم المُعَلِّمُ والمُدَرِّسُ، والمُحامِي، والطَّبيب، والقائِدُ العَسْكَرِيّ، والقائِدُ الحِزْبِيّ، والسّياسِيّ، والشّاعِر، والفَنّان، والرَّسّام، والمُسَرْحِيّ، والمُصَوِّر. وفي المِهَنِ: الميكانيكي، والعامِلُ الفَنّي، والتّاجِر، وغيرُ ذلك. بل قُلْ: لقد وَصَلوا إلى فلوريدا ولوس أنجلس والسُّويد وألمانيا وفرنسا (باريس)، وحتّى أُسْتُراليا.
فمثلًا:
1. إلياس بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي: مُعَلِّم، ثمَّ مُدَرِّس، ثمَّ مُديرُ مَدْرَسَةٍ ابْتِدائِيَّة (مُديرُ مَدْرَسَةٍ في العَزيزِيَّة، ثمَّ مَدْرَسَةِ التَّطْبيقاتِ المِسْلَكِيَّة). ثمَّ عُضْوُ قِيادَةِ شُعْبَةٍ في حِزْبِ البَعْث، وعُضْوُ قِيادَةِ فَرْعِ الشَّبيبَة ورئيسُ مكتبِ الثَّقافَةِ والإعلام. ثمَّ أَمِينُ فَرْعِ الشَّبيبَةِ لِمُدَّةٍ تَزيدُ على عَشْرِ سَنَوات.
2. صبحي بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي: مُساعِدُ مُدَرِّسٍ لِلُّغَةِ العَرَبِيَّةِ في إِعْدادِيّاتِ مَدِينَةِ الحَسَكَة، ثمَّ حَصَلَ على إِجازَةٍ في الحُقوقِ من جَامِعَةِ دِمَشْق، ثمَّ أَمِينُ فِرْقَةٍ حِزْبِيَّة، ثمَّ مُديرُ المَصْرِفِ الصِّناعِيّ في المُحافَظَة. وكانَ قد سافَرَ إلى إِسْبانيا لِدِراسَةِ الطِّب، ثمَّ عادَ إلى الوَطَنِ بعدَ غِيابٍ قُرابَةَ عام.
3. مسعود يوسف خَزْريك: ضابِطٌ في الجَيْشِ العَرَبِيّ السّورِيّ برُتْبَةِ عَميدِ رُكن.
4. إلياس حنّا جِجّي قومي: مُهَنْدِسُ ميكانيك. عَمِلَ في إِداراتٍ مُخْتَلِفَةٍ (المَواصَلات، والأَشْغال العامّة، والإِسْكان العَسْكَرِيّ)، وكانَ عُضْوَ مَجْلِسِ إِدارَةٍ ورَئيسَ قِسْمٍ في فَرْعِ الإِسْكان العَسْكَرِيّ في المُحافَظَة. شاعِرٌ وأَديبٌ، هاجَرَ إلى كَنَدا.
5. إسحق حنّا جِجّي قومي: مُعَلِّمٌ بالوَكالَة. مُكَلَّفٌ بتَدْريسِ الفَلْسَفَةِ في ثانَوِيّاتِ عَدْنان المالكي بتَلّ تَمْر، وثانَوِيَّةِ ابن خلدون برأس العين، وثانَوِيَّتَي يوسف العَظْمَة والطَّليعَة للبَنات في دِيريك/المالكيّة. مُدَرِّسٌ في مَعْهَدَي المُعَلِّمين والمُدَرِّسين بالحَسَكَة لمادّةِ التَّرْبِيَةِ وعِلْمِ النَّفْس، ومادّةِ التَّرْبِيَةِ العَمَلِيَّة. ثمَّ رئيسُ الدُّروسِ المِسْلَكِيَّة، ونائبُ المُدير في مَعْهَدِ إِعْدادِ المُدَرِّسين. أَمِينُ فِرْقَةِ التَّرْبِيَةِ الرّابِعَةِ للحِزْب ما بين عامَي 1980م – 1988م. حَكَمٌ قُطْرِيّ لاخْتِيارِ الطَّلائِعِ الأَوائِل على مُسْتَوى القُطْر في الفَصاحَةِ والخِطابَةِ والموسيقا والغِناء. شاعِرٌ وأَديبٌ وباحِثٌ ومُؤَرِّخ. وأَوَّلُ أَقْصُوارانِيّ يَطْبَعُ دَواوينَهُ، وأَوَّلُ شاعِرٍ من المُحافَظَةِ يَظْهَرُ على شاشَةِ التِّلْفِزيون السُّورِيّ عندما كانَ البَثُّ أَسْوَدَ وأَبْيَض، وكانَ لا يَصِلُ إلى دير الزور والرَّقّة والحَسَكَة. وكانَ ذلكَ عامَ 1973م. سافَرَ بقَصْدِ العَمَلِ إلى أَمريكا، ثمَّ إلى أَلمانيا.

إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.

ولهُ أَكْثَرُ من مِئَةِ كتابٍ بينَ التّاريخِ والأَدَب.
6. عبد الأحد حنّا جِجّي قومي: طالبٌ جامعيٌّ لم يُكْمِل (أدب عربي). شاعِرٌ وفَنّانٌ؛ وقد حازَ على جائزة شانكار للفنون من دِلْهي عن لوحةٍ قدّمَها عن طريقِ مُديريّةِ التَّربيةِ بالحَسَكَة بعنوان «نداء الأرض»، وقد حازتِ اللوحةُ على المرتبةِ الأُولى على أطفالِ العالَم. مُخْرِجٌ مَسْرَحِيّ، ومُديرٌ للمسرحِ المَدرسيّ في مُحافَظَةِ الحَسَكَة. مُظَلِّيٌّ في دَوْرَةِ البعث الثانية، وهو من ألقى كلمةَ خريجي الدَّورة، وبحضورِ القائدِ الرئيس حافظ الأسد وأخيه رفعت الأسد، وقد أهداهُ السَّيِّدُ رفعت مِسْدَسًا لهُ، ولابنتِهِ لمى الأسد. (تُوُفِّيَ في 16/1/2000م في الحَسَكَة).
7. كيفارة حنّا جِجّي قومي: حاصِلٌ على بكالوريا صناعية (نجارة). فنانٌ ونحّات. ومن الأوائل على مستوى القطر في سباقِ الدراجات. درسَ اللاهوتَ في دير الشرفة ولم يُكْمِل، ثمَّ سافرَ إلى ألمانيا.
8. جِزاع برو الجِزْعو: مُهَنْدِسٌ زِراعيّ.
9. إلياس برو الجِزْعو: مُدَرِّسٌ للفَلْسَفَةِ في ثانوياتِ الرَّقّةِ والحَسَكَة.
10. ملكي بَحْدي الفارِس: مُعَلِّمٌ، وحاصلٌ على إجازةٍ جامعيةٍ في التّاريخ. تَسَلَّمَ عِدَّةَ مسؤوليّات، منها: مُديرُ الثانويّةِ التجاريّةِ بالحَسَكَة، ثمَّ مسؤولٌ طُلّابيّ، ثمَّ نقيبُ المُعَلِّمين في مُحافَظَةِ الحَسَكَة. أُعيرَ إلى اليمن، ثمَّ عادَ وعَمِلَ في مُديريّةِ التَّربيةِ بالحَسَكَة.
11. فؤاد إبراهيم جِرْجِس أَصْلانِي (جرجس): مُعَلِّم. أمينُ سرِّ ثانويّةِ أبي ذر الغفاري بالحَسَكَة. عُضْوُ قيادةِ فِرْقَةٍ للحزب. أُعيرَ إلى اليمن، ثمَّ عادَ وعَمِلَ في مُديريّةِ النَّقْل بالحَسَكَة. هاجرَ إلى السويد، ويعملُ في تَدْريسِ أبناءِ الجالية.
12. صبحي أمين إسماعيل قومي: مُعَلِّم. إجازةٌ عامّةٌ من جامعةِ دمشق. عَمِلَ تاجرًا.
13. إبراهيم يوسف خَزْريك: ثانويّة. مُراقِبُ مَساحةٍ في دائرةِ مساحةِ الحَسَكَة.
14. خليل إبراهيم العُكْلَة: مُعَلِّمٌ ابتدائيّ، ومُوَجِّهٌ في الثانويّات.
15. فَوّاز فِرْمان موسى عدواني: بكالوريا زراعية. مُراقِبٌ زراعيّ. أَعمالٌ حُرّة (ترانزيت): اللاذقيّة، دمشق.
16. أولاد بحود موساو: مُعَلِّمون ومُعَلِّمات.
17. آسيا الحاجّ جِرْجِس آسيا: مُصَوِّر، لهُ ستوديو في النّاصرة، ومسؤولٌ عن فريقِ الفُرسان الرياضيّ.
18. فصيح ياسو السِّيدي (عبد الرزّاق): مُعَلِّمُ حِرْفَةٍ في الثانويّةِ الصناعيّةِ بالحَسَكَة.
19. سمير أمين إسماعيل قومي: مُعَلِّمُ حِرْفَةٍ في الثانويّةِ الصناعيّة.
20. عدنان ياسو السِّيدي: خيّاط. كانَ لهُ محلُّ خِياطةٍ بالحَسَكَة، وهو الآن في حلب.
21. رزوق بَكْر عزيز حِنْتي: دكتور تخدير.
22. ومن الّذينَ وُلِدوا في تَلِّ جَميلو: يوسف صومي جِجّي قومي (ابن العَمِّ صومي): فنانٌ تشكيليّ على مستوى القطر، ونحّات. وجمباز على مستوى القطر، ونجّار بيتون بالتعهد. هاجرَ إلى كندا.
23. صبحي صومي جِجّي قومي: فنانٌ ونحّات، وبنّاء بالتعهد.
24. عبد المسيح صومي جِجّي قومي: مُراقِبٌ زراعيّ، وفنانٌ وخطّاط، ويعملُ بالحَفْرِ على النُّحاس.
25. سامر إلياس بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي: طبيبٌ بشريّ (دكتور تجميل) في حلب.
26. لمى إلياس بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي: صيدلانيّة.
27. هيثم كمال بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي: السَّنَةُ الرابعةُ حقوق (جمهورية أوكرانيا)، لم يُكْمِل.
28. صَخْر كمال بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي: صيدلة (أوكرانيا)، ثم سورية، ثم فرنسا (باريس).
29. حنّا كِرْمو كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي: دراسة كومبيوتر. أمريكا.
30. جرجس كِرْمو كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي: ذهبَ إلى أمريكا بقصدِ الدراسة، ثمَّ أصبحَ صاحبَ كازية في فلوريدا، وهو اليوم يعملُ أَعمالًا حُرّة.
31. سعد كِرْمو كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي: أَعمالٌ حُرّة (أمريكا).
32. جورج حنّا كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي: صاحبُ كازية (أمريكا)، وهو اليوم يعملُ أَعمالًا حُرّة، وكانَ سابقًا يعملُ في الحقائبِ الجِلديّة في نيويورك.
33. أَصْلان حنّا جِرْجِس أَصْلانِي: عملٌ حرّ (أمريكا). صاحبُ مَعْمَلِ حقائبٍ جِلديّة سابقًا، مع شريكِه ميشيل قريو.
34. كابي حنّا كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي وأخوهُ كريم: أصحابُ كازية (أمريكا).
35. إسحق إيليا الحاجّ جِرْجِس آسيا: صاحبُ مَعْمَلٍ للحقائبِ الجِلديّة (أمريكا).
36. عدوان إبراهيم موسى البِرّي (عدواني) وأخوهُ موسى: أصحابُ محالٍّ تجاريّة (أمريكا – لوس أنجلس).
37. فؤاد بحو موسى عدواني وإخوتهُ رزوق وهاني: أصحابُ محالٍّ تجاريّة في الحَسَكَة وحلب. وكانَ فؤاد هو مَن بدأ بهذه الأَعمال، ولهُ الفضلُ في ذلك؛ وسَنأتي على لَمْحَةٍ عن أَعمالِهِ.
38. نجاح وأُخْتُها خاتون (بنات بحو موسى عدواني): مُمَرِّضات في مُشْفى المُواساة (دمشق).
39. نزار صبحي بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي: بكالوريا. صاحبُ محلِّ نوفوتيه.
40. عبود الحاجّ جِرْجِس آسيا: يُشارِكُ نزارًا في محلِّ النوفوتيه.
41. دحّام حسن إبراهيم العُكْلَة: خيّاطٌ رجاليّ (الحَسَكَة).
42. أولاد عبد العزيز خَزْريك: مُعَلِّمون ابتدائيّون بالحَسَكَة.
43. أولاد الخال إبراهيم كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي: جوزيف وأولادُه، وصبحي وأولادُه، وأخوه فؤاد، وغسّان وأولادُهُم؛ في السويد. يعملون في أَعمالٍ حُرّة، وهم أصحابُ محالٍّ تجاريّة.
44. حسين حمدان العسّاف (من مواليد القرية): مُدَرِّسٌ للُّغةِ العربيّة في إعداديّات وثانويّات الحَسَكَة، ومُدَرِّسٌ في مَعْهَدَي إعدادِ المُعَلِّمين والمُدَرِّسين بالحَسَكَة. ولهُ أَبحاثٌ وكِتاباتٌ عَدِيدَة.
إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.
وقد سَعَيْنا لمعرفةِ جميعِ المُعَلِّمينَ الّذينَ دَرَّسوا في مَدْرَسَةِ القَرْيَةِ منذُ تَأْسيسِها عامَ 1952م / 1953م، فكانوا على الشَّكْلِ الآتي:
1. المُعَلِّمُ الأَوَّلُ للمَدْرَسَة: اسْمُه نعيم (أَظُنُّ)، وكانَ من دمشق: 1952م – 1953م.
2. المُعَلِّم عازار طَفْس، من صَدَد (مُحافَظَة حمص): 1953م – 1954م.
3. المُعَلِّم بطرس أبو بسّام، من مرمريتا (حمص): 1954م – 1955م.
4. المُعَلِّم محمود عبد الرزاق، من حماة: 1955م – 1956م.
5. المُعَلِّم حنّا أسعد، من حمص: 1956م – 1957م.
6. المُعَلِّم خليل جرّاح، من قَرْيَةِ المَشْتايَة التابعة لِـ تَلّ كَلَخ (حمص): 1957م – 1958م.
وهو المُعَلِّمُ الّذي عَلَّمَني وعَلَّمَ أَخي إلياس الأَبْجَدِيَّةَ العَرَبِيَّةَ في مَدْرَسَةِ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو.
7. المُعَلِّم مطانيوس كَسِيح، من زيدل (حمص): 1958م – 1959م.
8. المُعَلِّم مطانيوس كَسِيح، من زيدل (حمص): 1959م – 1960م.
9. المُعَلِّم ميخائيل كسّاب، من زيدل (حمص): 1960م – 1961م.
10. المُعَلِّم ميخائيل كسّاب، من زيدل (حمص): 1961م – 1962م.
11. المُعَلِّم علي ونّوس، من اللاذقية: 1962م – 1963م.
12. المُعَلِّم عارف دُوَهْ جي، من اللاذقية: ما بين عامَي 1963م – 1964م.
13. المُعَلِّم أحمد صديق، من رأس العين (مُحافَظَة الحَسَكَة): 1964م – 1965م.
14. المُعَلِّم فؤاد شحوذ، من المَشْتايَة (حمص): 1965م – 1966م.
15. المُعَلِّم فؤاد شحوذ، من المَشْتايَة (حمص): 1966م – 1967م.
16. المُعَلِّم فؤاد شحوذ، من المَشْتايَة (حمص): 1967م – 1968م.
17. المُعَلِّم فؤاد شحوذ، من المَشْتايَة (حمص): 1968م – 1969م.
18. المُعَلِّم سهيل حنّا صُوَيْري، من دمشق: 1969م – 1970م.
19. المُعَلِّم صبري الخيوطي، من درعا: 1970م – 1971م.
وبعدَ عامِ 1971م أصبحتِ المَدْرَسَةُ ذاتَ مُعَلِّمَيْنِ لِزِيادَةِ أَعْدادِ التَّلاميذ:
20. المُعَلِّم سليمان النَّزّال، من قَرْيَةِ مُنيفة القَريبَةِ من قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو: 1971م – 1972م.
21. المُعَلِّم سليمان النَّزّال، ومعهُ مُعَلِّمٌ آخَرُ لا نَعْرِفُ اسْمَه: 1972م – 1973م.
22. المُعَلِّم روبير حنّا بيطار، من الحَسَكَة، مع المُعَلِّمِ الوكيل إلياس جِزاع من قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو: 1973م – 1974م.
23. المُعَلِّم سليمان مَجْدَل، من قَرْيَةِ تَلّ بيدر، مع المُعَلِّمِ الوكيل إلياس جِزاع: 1974م – 1975م.
24. المُعَلِّم خليل إبراهيم العُكْلَة من أَهْلِ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو، ومعهُ المُعَلِّمُ الوكيل إلياس جِزاع من القَرْيَةِ نَفْسِها: 1975م – 1976م.
وبعدَ ذلكَ تَمَّ تأنيثُ المَدْرَسَة، حيثُ دَرَّسَتْ فيها مُعَلِّماتٌ، وهُنَّ:
25. المُعَلِّمَة هناء خضر المطر، ومعها المُعَلِّمَة هدى مبارك الشوحان (من دير الزور): 1977م – 1978م.
26. المُعَلِّم جاك عروسي، من الحَسَكَة، لم يُكْمِلِ العامَ الدِّراسي عامَ 1978م، بسببِ هِجْرَةِ أَهْلِ القَرْيَةِ وإِغلاقِ المَدْرَسَة؛ فتمَّ نَقْلُ السِّجِلّاتِ والأَثاثِ إلى مَدْرَسَةِ تَلّ بيدر (1).
ملاحظة: المُعَلِّمَة هناء خضر المطر هي ابنةُ جوهرة بنتِ إسكندر كَمر، وأمُّها من القَرْيَةِ بالأَصْل.
أمّا الجانبُ الرّوحيُّ في القَرْيَة
فجميعُ أَهْلِ القَرْيَةِ من المَسيحيّين، والمَذْهَبُ سُريان أُرثوذُكس، عدا بيتِ موسى البِرّي اللُّولي (عدواني) فهم بروتستنت. وأمّا بيتُ إبراهيم العُكْلَة، وبيتُ يوسف خَزْريك وأَخوه إسكندر، فَيَدِينونَ بالإسلام، وهم سُنّة.
(وكانَ أَحَدُ الأَكْرادِ عامَ 1992م قد اشْتَرى أَرْضًا من بيتِ عَبّي سليم قومي، لكنَّه باعَها بعدَ سَنَواتٍ لأَهْلِ القَرْيَة…)
أمّا بشأنِ الصَّلاة
فلم يَكُنْ في القَرْيَةِ كنيسةٌ ولا جامعٌ. وعندما كانَ يُدْعى القَسُّ عبد الله، أو الراهب المسكين (ابن دولمايَة)، وكانَ يَمُرُّ بالقَرْيَةِ لأَيِّ أَمْرٍ، كالعِمادِ أو إكليلِ العُرْسِ، كانتِ الصَّلاةُ ـ على ما أَذْكُرُ ـ تُقامُ في بيتِ الجَدِّ بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي. وقد حَضَرْتُ مرّةً إِقامةَ الصَّلاةِ في بيتِ جَدّي بَحْدي، وهو عَمُّ والدتي خاتون، أو في بيتِ موسى البِرّي.
وأُؤَكِّدُ هنا أنَّ والدَ موسى البِرّي، واسمُه إبراهيم، كانَ على المَذْهَبِ البروتستنتيّ. وهذا ما أَفادَنا به الخالُ عبد الأحد موسى عدواني عندما كُنتُ في جادر مَصْلَحَتِهِم في الثَّمانينيّاتِ من القَرْنِ العِشْرينَ؛ إذْ سَأَلْتُهُ عن مَذْهَبِهِم الرّوحيّ، ولماذا يُعَطِّلونَ الحَصّادةَ من فَجْرِ يومِ السَّبتِ حتّى غُروبِ الشَّمْسِ يومَ الأَحد، فكانَ يقولُ لي: «نَحْنُ نَحْفَظُ الأَحد، ونحن بروتستنت».
ولهذا ذَكَرْتُ أنَّ بيتَ موسى البِرّي اللُّولي (عدواني) بروتستنت. وقد جاءَ تأكيدُ ابنِهِ فؤاد عبد الأحد عدواني على ذلك، وأنَّ جَدَّهُ كانَ على تَواصُلٍ مع الزَّعيمِ الرّوحيّ للبروتستنت في الحَسَكَة، السَّيِّد إبراهيم الصَّبّاغ، وابنِ عَمِّهِ دانيال قس إلياس. إلّا أنّهم كانوا لا يُفَرِّقونَ كثيرًا بينَ المَذاهب، وكانوا أقربَ إلى السُّريان الأُرثوذُكس.
كما كُنّا نَرى بائعَ الأَناجيل، وصورًا للسَّيِّدةِ العَذْراء، والسَّيِّدِ المَسيح، والقِدّيسين، يَمُرُّ بالقَرْيَةِ بعدَ مَواسمِ الحَصاد. وكانت وسيلةُ تَنَقُّلِهِ الدَّرّاجة الناريّة (الموتورسكل).
كما لا بُدَّ من ذِكْرِ عدمِ وجودِ جامعٍ للإخوةِ العَرَبِ حتّى عامِ 2022م.
إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.
أمّا أَعراسُ القَرْيَة
فقد جَرَتْ في القَرْيَةِ عِدَّةُ أَعراس، وكما وَصَفَها لنا مَن عاشَها كانت أَعراسًا رائعةً بحقّ. ومن الأَعراسِ الّتي حَضَرْتُها أنا، عُرْسُ الخالِ كمال بَحْدي (أبو سمير)، وذلك عندما كُنّا في الصَّفِّ الأوّل.
أَتَذَكَّرُ أنّ القَرْيَةَ عاشَتْ أُسْبوعًا خالِدًا؛ حيثُ الذَّبْحُ والسَّلْخُ، والنَّقّارةُ تَدُقّ، والنّاسُ يَرْقُصونَ في السّاحةِ أمامَ بيتِ الجَدِّ بَحْدي. ولَمّا كانتِ العروسُ تَلْرُمناويّة من قَرْيَةِ هيكو، فقد أَقْبَلَ أَهْلُ العروس. وأَذْكُرُ سيارةَ أَخيها عزّو الرَّشّو؛ كانت سيارةً أَمريكيّةً مُجَنَّحَة.
كما جاءَ إلى العُرْسِ أُناسٌ من مَدينةِ الحَسَكَة، من بينهم الشاعرُ الشَّعبيُّ الأعمى بدران بن النَّاعِم، جاءَ ليَحْضُرَ العُرْسَ ويَقولَ ما يَشاءُ من مَدْحٍ للعريس. وهنا كان لا بُدَّ أن يُكْرَمَ الشاعرُ من العريس أو مِمَّن يَتَبَرَّعُ بهديّة، كما تُقَدَّمُ الهدايا للمُطْرِبِ الّذي يَدُقّ الطَّبل، وآخَرَ يَدُقّ الزُّرْناية. وكانَ المُطْرِبُ جميلو النَّقيرجي.
ومن صِفاتِ الشاعرِ بدران أنّه كان ذكيًّا؛ فكانتِ النَّقّارةُ والطَّبلُ يَهْدَآنِ لنَسْتَمِعَ إليه. وأَتَذَكَّرُ أنّه أثناءَ العُرْسِ تمَّ إطلاقُ الرَّصاصِ من بَنادِقَ مُخْتَلِفَةٍ لا يُعَدُّ ولا يُحْصى. أمّا نحنُ الأَطفال، فكانَ العُرْسُ بالنسبةِ لنا أَكْلًا دَسِمًا، ولمُدَّةِ أُسْبوعٍ كامِلٍ كُنّا نأكُلُ اللَّحْمَ والشَّحْمَ والسَّكاكِر.
ومن الأَعراسِ الّتي انقَلَبَتْ إلى مَأساةٍ، عُرْسُ إيليا بن بحو موسى عدواني، وكانَ ذلكَ في 21 آب 1966م، وزواجُهُ من ناجيا بنت ياسو السِّيدي (إلياس خلف).
ولا بُدَّ من الإيضاحِ أنّ أَسْطُحَ بيوتِ بيتِ موسى البِرّي وابنِهِ فِرْمان، وبيتِ الحاجّ جِرْجِس آسيا، وبيتِ برو الجِزْعو، وبيتِنا، وبيتِ الجَدِّ بَحْدي، كانت كُلُّها مُتَّصِلَةً ببعضِها.
وكانَ فوقَ تَنّورِ بيتِ موسى البِرّي فُتْحَةٌ لِلتَّهْوِيَةِ في السَّطْح. وقَبْلَ ليلةِ العُرْسِ كانوا قد سَجَروا التَّنّور، بل التَّنانير، وخَبَزوا خُبْزًا يَكْفي للمَدْعُوّين الّذينَ تَجاوَزَ عددُهم الثَّلاثَمِئةِ شخص، بل قالَ بعضُهم إنَّ عددَ المَدْعُوّين بَلَغَ أَكْثَرَ من ذلك.
ولسوءِ الحَظّ، صَعِدَ الصِّبْيَةُ فوقَ تلكَ السُّطوحِ وهم يَلْعَبونَ فَرِحين، ومن بينهم الطِّفْلُ جِهاد بن فِرْمان، وكانَ يَبلُغُ من العُمْرِ أَرْبَعَةَ أَعوام، فإذا به يَسْقُطُ من تلكَ الفُوَّهَةِ إلى عُمْقِ التَّنّورِ المُسَجَّر، فيَحْتَرِقُ حتّى يَتَحَوَّلَ إلى فَحْم.
وعندما بَلَغَ الخَبَرُ الجَلَلُ الأَهْلَ، والوالِدَ، والوالِدَةَ، والجَدَّ، تَحَوَّلَتِ اللَّحَظاتُ إلى مَأساةٍ حقيقيّة. ذَهَبَ العريسُ، وأَخَذَ الطِّفْلَ بِيَدِهِ، وجَمَعوا عِظامَهُ، وحَفَروا لهُ في تَلِّ القَرْيَةِ قَبْرًا ودَفَنوهُ هناك. ثمَّ عادوا يَرْقُصونَ حُزْنًا على أَنْغامِ زُرْنايةٍ وطَبْلِ المُطْرِبِ عليكو المُلقَّبِ بـ أبي حسين، وظَلَّ ساعَةً كامِلَةً أَبْكَى بها الحُضورَ بِحُزْنِ أَنْغامِهِ، وبحضورِ كُلِّ الأَقْوام: من أَغَواتِ الأَكْراد، إلى شُيوخِ العَشائِرِ والقَبائِلِ العَرَبِيَّة، ووجهاءِ عَشيرةِ القَصْوارنة الّذينَ جاؤوا للمُشارَكَةِ في فَرْحَةِ العُرْس.
ومَعَ كُلِّ هذهِ المَأساة، طَلَبَ الجَدُّ موسى البِرّي من وَلَدِهِ فِرْمان وزوجتِهِ، أُمِّ الطِّفْلِ المُحْتَرِق جِهاد، أنْ يَرْقُصا في أَوَّلِ الدَّبْكَة، وأنْ يَسْتَمِرَّ العُرْس؛ لأنَّ العاداتِ والتَّقاليد، وعُنْفُوانَ وعِزَّةَ النَّفْس، لا تَقْبَلُ أنْ يَتَوَقَّفَ العُرْسُ فيُهَزَّأَ بهم أَغَواتُ الأَكْراد، وشُيوخُ العَشائِرِ والقَبائِلِ العَرَبِيَّة، وحَتّى كِبارُ القَصْوارنة. ولهذا استمرَّ العُرْسُ رغمَ المَأساة.
________________________________________
الطِّبابَةُ في القَرْيَة
أمّا عن الطِّبابَةِ في القَرْيَة، فقد كانَ الجَدُّ بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي يُمارِسُ عَمَلِيَّةَ فَصْدِ الدَّم من وَراءِ الأُذُنِ إذا أُصيبَ الإِنسانُ بـ أبو صُفّار. وكانتْ والدتي خاتون تَرْفَعُ التُّخْمَة، الّتي كانوا يُسَمّونَها الأَكْلَة، صَباحًا على الرِّيق (من دونِ أَكْل)، كما كانتْ تَرْفَعُ الهَبْطَة (الخَوْف).
أمّا العَمُّ الحاجّ جِرْجِس (أبو إيليا) فكانَ يَرْفَعُ الصُّرَّة، عندما يَحْمِلُ الإِنسانُ حِمْلًا ثَقيلًا، فيُصابُ بعدها بقِلَّةِ الشَّهِيَّة، ويَشْعُرُ أنَّ جِسْمَهُ غيرُ سَليم، وتَظْهَرُ عَلاماتُ الصُّفّار على وَجْهِهِ. فكانَ يَرْفَعُ الصُّرَّةَ صَباحًا ومن دونِ أَنْ يَأكُلَ المريض؛ حيثُ يَتَمَدَّدُ، ويأتي العَمُّ بماءٍ فاتِرٍ ورُغْوَةِ صابون، فيُدَلِّكُ الصُّرَّةَ وما حَوْلَها، ثمَّ يَضُمُّ قَبْضَتَهُ فوقَ الصُّرَّةِ ويَدْفَعُها إلى أَسْفَل، ثمَّ يُبْرِمُ قَبْضَتَهُ (حَرَكَةً دائِرِيَّة)، وفَجْأَةً يَرْفَعُها، ولِعِدَّةِ مَرّات. وخِلالَ أُسْبوعٍ يَتَحَسَّنُ المريض.
أمّا بشأنِ البِرْقَة الّتي تُصيبُ الظَّهْر، فكانوا يَسْتَخْدِمونَ الدَّلْكَ، أو يَضَعونَ خَشَبَةً وَقَعَتْ عليها قَرْقُوعة (الصّاعِقَة).
وأمّا الجُروح، فكانوا يَكْشِطونَ من قِشاطٍ جِلْديّ ويَضَعونَ البُرادَةَ على الجُرْح، وكانَ الجميعُ يَمْتَلِكُ هذهِ الخِبْرَة.
وإذا لَدَغَتِ العَقْرَبُ أَيَّ شَخْص، كانوا يَشُدّونَ موضِعَ اللَّدْغ، ويُخْرِجونَ الدَّمَ من المَكان، أو يَضَعونَ قَحْفونكايَة (قِطْعَة جَرارٍ قديمة) ساخِنَةً على المَوْضِع.
________________________________________
الدّاياتُ في القَرْيَة
منذُ عامِ 1945م وحتّى عامِ 1965م، كانتِ الدّايةُ الوحيدةُ هي جَدَّتي بَهِيَّة أُمُّ حنّا كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي.
ومن النِّساءِ الدّايات أيضًا:
نَجْمة زوجةُ موسى البِرّي (عَمَّة والدي)، واللُّولي (عدواني) أُمُّ فِرْمان.
كما كانتِ العَمَّةُ سِيدي زوجةُ الحاجّ جِرْجِس أُمُّ إيليا، تقومُ بتوليدِ النِّسوة.
وكذلك سارة زوجةُ عزيز يوسف المُلقَّبِ بـ حِنْتي، أُمُّ جميل وبَكْر ونذير وزكي وزكيّة وليلى.
________________________________________
المَزْروعاتُ الصَّيْفِيَّة – المَقاثي
كانتِ المَقاثي في قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو، في فَصْلِ الصَّيْف، تُحيلُها إلى جِنان. وقد توارَثوها أَبًا عن جَدّ؛ فهناكَ الجِبْس، والبِطِّيخ، والعَجّور، والقِثّاء، والرَّمِي، ودَوّارُ عَيْنِ الشَّمْس. ويَذْكُرُ أَهْلُ القَرْيَةِ أنّ الرِّيس ميخو الفارِس كانَ قد وَزَّعَ على القَصْوارنة بُذورَ الدُّوّار (عين الشَّمْس).
وأَتَذَكَّرُ جيّدًا عامَي 1957م / 1958م كيفَ كانَ والدي ـ رحمهُ الله ـ يَحْرُثُ أَرْضَ المَقْثَة، وكيفَ كانوا يَزْرَعونَها، وكيفَ كُنّا نَحْرُسُها من الحَرَامِيَّةِ لَيْلًا. وكم مرّةٍ نِمْتُ في المَقْثَة وأنا أَحْرُسُها مع والدي، أو الجَدِّ بَحْدي، وخَوالي صبحي وإلياس. وكيفَ كانَ الجَدُّ بَحْدي، عندما يَعْلَمُ بمَجيءِ اللُّصوصِ للسَّرِقَة، يُطْلِقُ رَصاصةً من جُفْتِه فيهربون.
وخِلالَ الصَّيْف كُنّا نَأكُلُ من الخُضار، وكانوا يَحْمِلونَ الفائِضَ في عَرَباناتٍ إلى الحَسَكَةِ لِبَيْعِهِ.
ومن القِصَصِ الّتي لن أَنْساها ضَياعُ فَرَسِنا البَيْضاء أثناءَ وُجودِ والدي في الحَسَكَة، وكيفَ بَحَثْنا عنها أنا ووالدتي حتّى وَصَلْنا إلى قَرْيَةِ نِصْف تَلّ. وعندما نَزَلَ العَمُّ بَحْدي الفارِس، وإيليا الحاجّ، وياسو السِّيدي (إلياس خلف) إلى الحَسَكَة، أَخْبَروا والدي بالأَمْر. فبَحَثَ عنها في خان بهنو، فَوَجَدَها عند حَوّاج (بائع) حَلَبِيّ أَنْكَرَها في البِدايَة، لكنَّ شُهودَ والدي كانوا حاضِرين. ومع ذلك ساوَمَ والدي على شِرائِها مُقابِلَ 500 ليرة سوريّة.
وقد أَعْطى والدي راديو فيليبس كبيرًا ذا بَطّاريّةٍ كَبيرة، وله أَنْتيل يُنْصَبُ فوقَ السَّطْح. وعندما جاءَ بهِ والدي، اجْتَمَعَ رِجالُ القَرْيَة، وجاؤوا براديو بيتِ الجَدِّ بَحْدي، وكانَ أَصْغَرَ حَجْمًا، وأَرادوا أَنْ يَعْرِفوا أَيُّهما أَقْوى في الصَّوت، وبالطَّبْعِ كانَ رادْيونا هو الأَقْوى.
إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.
أمّا خَيْلُ القَرْيَة
فكانت كثيرةً؛ فعندَ بيتِ موسى البِرّي خَيْلٌ، وعندَ بيتِ الجَدِّ بَحْدي خَيْلٌ. وكانتْ لخالي حنّا كِرْمو أَصْلانِي فَرَسٌ سابَقَتِ السَّيّارةَ الّتي ذَهَبَتْ لتَجْلِبَ عروسَهُ من مَدِينَةِ الحَسَكَة. وكذلك كانَتْ الخَيْلُ عندَ عزيز حِنْتي، وسليم القومي، وإبراهيم مسعودي، والعُكْلَة، ويوسف خَزْريك. وكانَ الجميعُ يَمْلِكونَ أَغْنامًا وبقرًا وماعزًا وحميرًا، وعندَ بيتِ موساو بَغْلَةٌ.
وكانَ عندَنا خَيْلٌ منها خُجّة وزَليخة. وقد قَصَّ والدي عليَّ كيفَ ذَهَبَ إلى البَصيرة لِشراءِ مُهْرَيْنِ عندما كُنتُ ابنَ سَنَةٍ ونِصْفِ سَنَةٍ، حيثُ اسْتَغْرَقَ جَلْبُهما مُدَّةَ أُسْبوع. ذَهَبَ بالبوصْطَة، وبعدَ شِرائِهِما اسْتَأْجَرَ رجلًا ساعدَهُ بهما حتّى الحَسَكَة، ثمَّ أَخَذَهما إلى قَرْيَتِنا تَلّ جَميلو.
كما ماتَتْ لنا فَرَسٌ أثناءَ إِخبارِ الخَوالِ بموتِ سمعو ابنِ الخالِ حنّا من زوجتِهِ خاتون بنتِ موسى البِرّي، وذلكَ بعدَ أنْ رَبَطوها وراءَ البيك آب عِندَ العودةِ من قَرْيَةٍ جَنوبَ أُمّ المَسامير لِيَلْحَقوا بـ سمعو الّذي تُوُفِّيَ لَيْلًا.
________________________________________
أمّا مَقْبَرَةُ القَرْيَة
ففي الجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ الجَنوبِيَّةِ من التَّلِّ مَقْبَرَةٌ للمَسِيحِيِّين، ومن الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ قُرْبَ الإِشارَةِ مَقْبَرَةٌ للمُسْلِمِين.
وقد دُفِنَ في تلكَ المَقابِرِ العَدِيدُ من أَهْلِ القَرْيَةِ وأَطْفالِهِم الّذينَ كانتِ الحَصْبَةُ والأَمْراضُ تَحْصُدُهُم. ومِن بينِ الّذينَ أَذْكُرُ أنَّهُم دُفِنوا في تلكَ المَقْبَرَة: أُخْتَيَّ راحيل وميثى، وابنةُ العَمِّ صومي: ناديا (ناجيا)، وخاتون زوجةُ الخالِ حنّا، وهي ابنةُ موسى البِرّي، وأَوْلادُها جميعًا، وآخِرُهُم كانَ إسماعيل (سمعو)، والجَدَّةُ خَزّوم زوجةُ الجَدِّ جِرْجِس أَصْلانِي (والدِ الجَدِّ كِرْمو وبَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي)، والعَمَّةُ نجو أُمُّ العَمَّةِ شمسة، والعَمَّةُ خانِمي (وهي ابنةُ عَمِّ والدي)، وسليم القومي، ويوسف خَزْريك، وغيرُهُم.
________________________________________
أمّا الصِّلَةُ الّتي تَرْبِطُ أَهْلَ القَرْيَة
فأوّلًا: بيتُ كِرْمو أَصْلانِي هم إِخْوَةُ والدتي، وبيتُ عَمِّهم الجَدُّ بَحْدي.
وزوجةُ موسى البِرّي، نَجْمة، هي ابنةُ خالِ جَدَّتي هيلي أُمِّ والدي. وإِخْوَةُ نجمة زوجةِ موسى البِرّي هم يعقوب مسعودي وإبراهيم مسعودي. وابنُ عَمِّهم هو كِرْمو بِلْحَد (المسعودي) (ولهُ مِلْكٌ في غَرْبِ العَزيزِيَّة بالحَسَكَة، وقد ذَكَرْناهُ في موضعٍ آخَر).
وأمّا بناتُ ابنةِ عَمِّهِم (نجو) فهُنَّ: شمسة وخانمي، وهما ابنتا عَمِّ والدي.
وفي بيتِ إبراهيم مسعودي تكونُ جَدَّتي هيلي عَمَّتَهُم.
والعَمُّ الحاجّ جِرْجِس هو ابنُ عَمِّ جَدّي لأُمّي.
والعَمُّ برو الجِزْعو هو ابنُ عَمِّ جَدَّتي لأبي، وهو من أَقْرِباءِ موسى البِرّي.
وأمّا زوجةُ سليم القومي فهي أُخْتُ موسى البِرّي.
وبيتُ عزيز حِنْتي: زوجتُهُ تَقْرُبُ لـ شمسة زوجةِ الجَدِّ بَحْدي.
وبيتُ ياسو السِّيدِيّة (عبد الرزّاق/خلف) هم أَقْرِباءُ لبيتِ برو وبيتِ موسى البِرّي.
وبَقِيَ أنْ نَذْكُرَ أنَّ أَهْلَ القَرْيَةِ هَجَرُوها عامَ 1975م إلى الحَسَكَة، وكانوا قد وَضَعوا حارسًا على الزُّروع. وقد هُدِمَتْ أَغْلَبُ بيوتِ القَرْيَة، وسُرِقَ اللَّبِنُ والعَواميدُ من بَعْضِ البيوت، ودُمِّرَ البِئْرُ، وسُرِقَ حديدُ الإِشارَة.
وفي عامِ 1988م بَدَأَتْ بَواكيرُ العَوْدَةِ إليها. ونَجِدُ عامَ 1997م بيوتًا من الإِسْمَنْتِ المُسَلَّح تُبْنَى، وبدأَ ماءُ البُحَيْرَةِ يَصِلُ إلى القَرْيَة، حيثُ تُزْرَعُ القُطْنُ والحبوب. وقد وُزِّعَتْ أَراضي القَرْيَة من جديد بسببِ اقْتِطاعِ مَساحاتٍ لِلمَمَرّاتِ المائِيَّةِ والطُّرُق.
ومن بينِ البيوتِ الّتي بُنِيَتْ: بيتُ موسى البِرّي، وبيتُ الجَدِّ بَحْدي، وبيتُ عزيز حِنْتي، وبيوتٌ لجميعِ أَهْلِ القَرْيَة، كما وُزِّعَتْ أَراضي البيوتِ من جديد.
ولا نَنْسى مشروعَ حَفْرِ بِئْرٍ ارتِوازِيَّةٍ قامَ بهِ إبراهيم موسى عدواني (أبو جوزيف) قبلَ عِشْرينَ عامًا؛ إذْ زَرَعَ موسمًا واحدًا ثمَّ أَغْلَقَهُ بسببِ مُلوحَةِ الماء. وكانَتِ البِئْرُ تَقَعُ غَرْبَ الطَّريقِ العامّ في أَرْضِهِم.
وتَمرُّ بالقَرْيَةِ الكهرباءُ منذُ عامِ 1982م. فهل من عَوْدَةٍ يا الله تَحْمِلُني إلى تلكَ القَرْيَةِ وذاكَ التَّلّ، لأَكْتُبَ على تُرابِهِ قُبَلاتي، ونُغَنّي أُغْنِيّاتٍ صَيْفِيَّةً على تَلِّها العالِي؟!
________________________________________
أمّا الّذينَ ماتوا حتّى عام 2002م من أَهالي قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو
فهم:
تُوُفِّيَ والدي حنّا جِجّي قومي يومَ السَّبت الواقع في 18/2/1983م بالحَسَكَة، ودُفِنَ في المَقْبَرَةِ الّتي تَقَعُ جَنوبَ المَحْلَجَة. وتُوُفِّيَ أَخي عبد الأحد حنّا جِجّي قومي يومَ الأَحَدِ الواقع في 16/1/2000م بالحَسَكَة، ودُفِنَ بجانبِ والدي.
وكذلك: عَمُّ والدتي خاتون: بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي، وابنُهُ صبحي بَحْدي أَصْلانِي، وأَنور بن إيليا بَحْدي أَصْلانِي، وجَدَّتي بَهِيَّة أُمُّ (حنّا وإبراهيم وعيسى وكِرْمو كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي)، وخالي إبراهيم كِرْمو أَصْلانِي، وزوجتُه مريم الدّاو (وقد ماتا في السويد)، وخالي عيسى كِرْمو أَصْلانِي (مات في أمريكا)، وسِيدي زوجةُ الحاجّ جِرْجِس آسيا (وهي ابنةُ عمِّ بيتِ أَصْلانِي)، والحاجّ جِرْجِس آسيا، وبرو الجِزْعو، وجِزاع ابنُهُ، وإبراهيم بن كِرْمو برو الجِزْعو، وفرحان السليم، وأخوه كِرْمو سليم القومي، وأَخوهُم شكري (مات في البَرِّيّة بسَكّةٍ قَلْبِيَّة، وكانَ مُتَزَوِّجًا)، وطلال بن موساو، وغسّان بن بحود الموساو (يوسف)، وإبراهيم مسعودي، وموسى البِرّي اللُّولي العدواني، وزوجتُه نجمة، وابنتُه مريمي، وابنُه فِرْمانو، وميخائيل بن فِرْمانو (الّذي قُتِلَ على سِكّةِ الحديد في اللاذقيّة)، وذياب بن إبراهيم مسعودي، وابنُ ذياب مسعودي هاني (قُتِلَ وهو في الطَّريقِ إلى القُرى الآشوريّة عندما كانَ يريدُ أنْ يَتَزَوَّجَ من فتاة)، والعَمَّة خانمي زوجةُ موساو، وابنةُ عمِّ والدي نجو أُمُّ خانمي (كنيتُها قومي)، وبشّة وصُبْحة زوجتا إبراهيم العُكْلَة، وزوجةُ جاسم العُكْلَة، ويوسف خَزْريك، وإبراهيم العُكْلَة، إضافةً إلى العَدِيدِ من الأَطفالِ الّذينَ ماتوا في القَرْيَة.
ونَذْكُرُ من الأطفال: إِخْوَتي ميثى وراحيل وجرجس، وناديا بنتَ العَمِّ صومي، وإسماعيل بن الخالِ حنّا، وسارة وجميلة وسليم وطفلةٍ صغيرة؛ جميعُهُم أَوْلادُ حنّا كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي من زوجتِهِ خاتون بنتِ موسى البِرّي (عدواني).
كما تُوُفِّيَ في الشَّهْرِ 12 من عامِ 2002م المرحوم بحو موسى بري اللُّولي (عدواني) أبو إيليا بالحَسَكَة.
________________________________________
أمّا مَن دُفِنوا في القَرْيَة
وعلى الجِهَةِ الجَنوبِيَّةِ الشَّرْقِيَّةِ من التَّلّ حيثُ مَقْبَرَةُ المَسِيحِيِّين، فهم:
1. أُخْتَيَّ: ميثى وراحيل.
2. خَزّوم زوجةُ جرجس أَصْلانِي.
3. ناديا صومي جِجّي قومي.
4. نجو قومي (أُخْت جِجّي قومي): أُمُّ خانمي وشمسة.
5. خانمي بنتُ نجّو قومي: زوجةُ موساو.
6. سارة وشفيقة بنتا موساو.
7. سمعو (إسماعيل) وسليم وسارة وجميلة وطفلةٌ صغيرة: أَوْلادُ حنّا كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي.
8. سِيدي أُمُّ ياسو (إلياس) عبد الرزّاق المعروف بـ ياسو السِّيدي.
9. بنتُ إيليا بَحْدي أَصْلانِي.
10. بنتٌ وولدان لِـ فِرْمو موسى عدواني.
11. ولدٌ لِـ بَكْر بن عزيز يوسف (المُلقَّب حِنْتي).
12. شكري سليم القومي: أَخو فرحان وقومي وكِرْمو وعَبّي؛ مات مُتَزَوِّجًا حديثًا بِجَلْطَةٍ قَلْبِيَّة في البِيرِيَّة عند جاسر الخيمة.
13. عنتر بن جرجس آسيا المُلقَّب بالحاجّ.
14. سلمى بنت إبراهيم مسعودي.
15. سليم القومي (أبو فرحان) المُخْتار.
وهذه لَمْحَةٌ عن الّذينَ فارَقوا الحَياةَ على امتدادِ خَمْسينَ عامًا.
إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.
أمّا أَهَمُّ ما نُسَجِّلُهُ ونُوَثِّقُهُ هنا عن قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو، وعن مُؤَسِّسِها ومُخْتارِها السَّيِّدِ موسى البِرّي اللُّولي (عدواني)، فهو أنّه سَعى ـ كما قُلْنا ـ لأنْ يَجْمَعَ القَصْوارنةَ من أَهْلِه وأَقْرِبائِه الّذينَ لم يَكُنْ لهم مُلْكٌ، وكانوا مُتَناثِرينَ في القُرى القَصُورانيّة.
ويَعودُ له الفضلُ في شِراءِ نِصْفِ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو من عَرَبٍ يَنْتَمونَ إلى البُو عاصي. وهؤلاءِ العَرَبُ كانوا قد وَضَعوا يَدَهُم على أَرْضِ القَرْيَة، وكانوا يَسْكُنونَ الخِيامَ على الجِهَةِ الجَنوبِيَّةِ في أَسْفَلِ التَّلّ. أمّا النِّصْفُ الآخَرُ فكانَ قد وَضَعَ يَدَهُ عليهِ السَّيِّدُ علي الحمزة المَعْماري، وكانَ له قَرْيَةٌ أُخْرى على ضِفافِ نَهْرِ الخابور اسمُها قَرْيَة أبو خُوَيْط؛ فاشْتَرى القَصْوارنةُ القَرْيَةَ كاملةً من هؤلاءِ جميعًا.
والحقيقةُ أنّ القَصْوارنةَ يَتَمَتَّعونَ بالدَّماثةِ والكَرَمِ والشَّجاعة. كما لا بُدَّ من الإشارةِ إلى أنّهم كانوا يَعيشونَ ظروفًا قاسيةً من فَقْدِ أَرْضِ الأَجْداد في قَرْيَةِ القُصور الّتي هَجَروها عُنوةً، وحالُهم ـ طبعًا ـ حالُ كثيرٍ من المَسيحيّينَ الّذينَ هاجروا من قُراهم ونَزَلوا “تَحْتَ الخَطّ” كما كانوا يقولون. ولهذا كانوا يَتَعامَلونَ مع جيرانِهم البُو عاصي وكأنّهم شُرَكاءُ وأَخْوَة.
وحدثَ أنْ تمَّ تَعْيينُ مُخْتارٍ لِقَرْيَةِ تَلِّ رَجَب من قِبَلِ مَخْفَرِ تَلِّ بيدر، ممّا رتّبَ على أَهْلِ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو أنْ يَذْهَبوا ويُبارِكوا للمُخْتارِ بمنصبه. وكانوا قد اتّفقوا في إيوان (رُبْعَة) المُخْتار موسى البِرّي عدواني على أنْ يُقَدِّموا ليرةً ذهبيّةً واحدة يُقَدِّمُها المُخْتارُ موسى البِرّي لمُخْتارِ قَرْيَةِ تَلِّ رَجَب نيابةً عن أَهالي قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو. وكان معهم أيضًا محمد علي نائبًا عن البُو عاصي، لأنّهم كانوا قد طلبوا أنْ يَبْقوا ضُيُوفًا في القَرْيَةِ ريثما يَنْتَقِلونَ إلى مكانٍ آخَر.
وهناك أيضًا بيتُ إبراهيم العُكْلَة وأخوه هلال العُكْلَة، وبيتُ يوسف خَزْريك وأخوه إسكندر خَزْريك، وهم مَلاّكون في القَرْيَة.
ذهبَ الوفدُ إلى قَرْيَةِ تَلِّ رَجَب راكبينَ على خيلِهم. وهناك، عندما رأى موسى البِرّي أنّ الليرةَ الذهبيّةَ غيرُ كافيةٍ كتعبيرٍ عن كرامتِه وكرامةِ الوفدِ المرافقِ له، وما قامَ بهِ أَهْلُ تَلِّ رَجَب من إكرامٍ لهم، قامَ وقدّمَ ليرةً ذهبيّةً ثانية. وهنا دَخَلَتِ الغِيرةُ قلبَ محمد علي فثارَتْ ثائرَتُه.
وما إنْ خرجوا من رُبْعَةِ مُخْتارِ قَرْيَةِ تَلِّ رَجَب، بدأتْ مُشادّاتٌ كلاميّةٌ بينه وبين المُخْتار موسى البِرّي، وانتهتْ بأنْ يُطْلِقَ محمد علي ثلاثَ طلقاتٍ على موسى البِرّي من نفسِ البارودةِ الّتي كان محمد علي قد حصلَ عليها من “حق” قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو.
عادوا إلى القَرْيَة ودماءُ موسى البِرّي تَنْزِف، فتمّت مُعالجةُ الجروح، وأُرْسِلَ إلى مَخْفَرِ تَلِّ بيدر لِيَسْتَعْجِلوا بالحضور. وبالفعل ـ ولِكونِ موسى البِرّي كان يُكْرِمُ رجالَ المَخْفَرِ دائمًا ـ حضروا بأسرعِ ما يُتَوَقَّع، وأَلْقَوا القبضَ على محمد علي، وأُودِعَ السِّجن.
غيرَ أنّ محمد علي لم يَصْبِرْ على الإهانة، ورأى أنّ سِجْنَهُ ـ على يدِ موسى البِرّي المَسيحي ـ سيكونُ “مَهْزَلَةً” بين العَرَب وغيرِهم؛ فقرّر أنْ يَنْتَحِر. ويُقال إنّه رَمى بنفسِه في بِئْرِ المَخْفَر، فماتَ غَرَقًا ومتأثّرًا بجراحِه على أثرِ السقوط إلى أَسْفَلِ البِئْر.
وتَرِدُ روايةٌ أُخرى لِتفاصيلِ الحادثة، خلاصتُها أنّ محمد علي كان يَحْقِدُ على موسى البِرّي، وفي أَيّامٍ قليلةٍ جاء والبارودةُ قد لُقِّمَت، فوجد موسى البِرّي مُتَمَدِّدًا أمام رُبْعَتِه بالفروة، فأطلق عليه الرصاصةَ الأولى والثانية والثالثة في رِجْلِه اليُسرى، فأُصيب موسى البِرّي وسَقَط برجله. ثمّ أُخِذَ محمد علي إلى سِجْنِ تَلِّ بيدر، ويُقال إنّه بعد أن كاد أنْ يَقْضي مَحْكوميّتَه “أنّبَهُ ضميرُه” فرمى نفسَه في بِئْرِ المَخْفَر مُنْتَحِرًا فمات، ودُفِعَتْ دِيَتُهُ من موسى البِرّي الّذي حُكِمَتْ لمحمد علي.
وقد عاشَ موسى البِرّي أَعْرَجَ في قَدَمِه اليُسرى. ومَرَّتِ الأيّامُ، وفي عامِ 1984م جاء أولادُ محمد علي وأحفادُه مُطالِبينَ بيتَ موسى البِرّي بـ “دِيَةٍ/حقّ الدّم” بحسب تَعبيرِهم. وكان الحكمُ في هذه الدعوى الشيخَ راغب البشير، ودُفِعَ يومَها مبلغٌ مالي، مع أنّ الشيخَ راغبًا ـ كما يُنقَل ـ قال لهم إنّ لا حقّ لكم شرعًا ولا قانونًا ولا عَشائريًّا ولا وِجدانيًّا.
وعلى أساس أنّ الأمر انتهى، لكن أثناء غيابِ الأمنِ في الجزيرةِ السوريّة بعد عامِ 2012م، جاء أولادُ محمد علي وهجموا على إيليا بن بحو موسى عدواني، وطالبوه بأن يرحل عن الأرض لأنّها “مُلْكٌ لوالدِهم” بحسب قولِهم، وهدّدوه بالقتل. فتدخّل العديدُ من القَصْوارنة، ومنهم أوّلًا بسّام (تركي) بن جميل بَحْدي أَصْلانِي. ثمّ احتكموا إلى الشيخ محمد الفارس شيخِ قبيلةِ طي في القامشلي، فحكم أيضًا بمبلغ مليونٍ ونِصْفِ ليرةٍ سوريّة، ودُفِعَ المبلغ، وكُتِبَت ورقةٌ تُثْبِت الواقعةَ بدفعِ المبلغ المذكور. ولا نَدْري غدًا هل سيعودُ أولادُ محمد علي ويُطالِبونَ بدمِ والدهم؛ لا نعرف ذلك، لكنّ التجربةَ تُؤكِّدُ ما نقول.
أَحْداثٌ مَأساويّة
ومن الأَحْداثِ المَأساويّةِ الّتي حدثتْ في قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو: موجةٌ من موتِ الأطفالِ الصّغارِ تباعًا على أثرِ الحَصْبَة، وقد شكّلتْ ما بين عامَي 1943م وحتّى 1952م ظاهرةً غريبةً ماتَ على أثرِها أطفالٌ وفتيات.
ومن بينِ الأَحْداثِ المَأساويّة كذلك:
1. موتُ أُسْرَةِ خالي حنّا كِرْمو جِرْجِس أَصْلانِي بالكامل: زوجتُه خاتوني بنتُ المُخْتار موسى البِرّي، ومعها أولادُها جميعًا ما عدا ابنَها إسماعيل (سمعو) الّذي تُوُفِّيَ في خريفِ سنةِ 1958م. وقد كُنتُ أنا الكاتبُ موجودًا هناك ومعي أُخْتي نورا.
2. موتُ هلال العُكْلَة في إيوانِ المُخْتار موسى البِرّي، بعد الظهر، حوالي الساعة الثالثة.
وأمّا القَرْيَةُ وخيراتُها فعديدةٌ، على الرغم من سنواتِ القَحْطِ الّتي مرّت بها. لكنها ـ كباقي أرضِ المنطقة ـ كانت تعرفُ نَسَقًا يتكرّر: كلُّ ثلاثِ سنواتٍ تقريبًا تكون المواسمُ جيّدة، ثمّ سنةُ مَحْلٍ وقَحْطٍ وقِلّةٍ في الموسم. ومع ذلك، خيراتُها كثيرة. وقد جاءها ماءُ البحيرةِ الاصطناعيّة، فعاد أهلُ القَرْيَةِ إلى قَرْيَتِهم، وزرعوا أشجارَ الزيتون، خاصّةً بيتَ موسى البِرّي اللُّولي؛ فقد زرعوا أكثرَ من خمسمئة شجرة زيتون وراء بيتِهم، وحوّلوا الجهةَ الغربيّةَ من التلّ تقريبًا إلى مُدَرَّجات. وكذلك زرع الخالُ جميل بَحْدي أَصْلانِي أشجارَ زيتونٍ في أرضِنا الّتي كانت تقع وراء التلّ.
وكنتُ قد سألتُ المهندسَ الزراعي صالح مهيدي: بماذا تُزرع أرضُ تَلِّ جَميلو؟ فقال: بالزيتون والفستق الحلبي. وأضاف أنّ ضابطةَ البناء فيها “أرضٌ سياحيّةٌ وزراعيّة”. ولهذا نرى أمام بيوتِ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو أشجارًا. لكن ـ مع كلّ أسف ـ فقد غادرها أهلُها إلى العالم، وبقيت تَئِنُّ حزنًا عليهم. ولم يَبْقَ في القَرْيَةِ سوى إيليا بن بحو موسى عدواني؛ وهو يعيش في الحَسَكَة لكنه يُشرف على الأرض. وكذلك هناك بيتُ الخال إيليا بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي، وبيتُ إبراهيم العُكْلَة، وخَزْريك. وقد جاء إلى القَرْيَة عربٌ اشتروا أرضًا من القَصْوارنة.
ولا بُدَّ أن نُكْرِمَ مُؤَسِّسَ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو بهذه اللمحة عنه وعن حفيده فؤاد بن بحو.
موسى البِرّي اللُّولي (عدواني): مُؤَسِّسُ قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو ومُخْتارُها
اسمُه موسى البِرّي اللُّولي، وُلِدَ في قَرْيَةِ القُصور سنةَ 1910م. وُلِدَ من أبوين: إبراهيم الملقّب بـ بِرّي اللُّولي، وأمّه مريم. ونزلوا إلى أرضِ الجزيرةِ السوريّة في نهايةِ سنةِ 1939م إلى قَرْيَةِ تل بس حيث بيتُ أُخْته راحيل زوجةُ نعوم إبراهيم (الملقّب نعوم البرو). ولم يكن لموسى البِرّي إخوة، بل كانت له أخوات، وهنّ:
1. غزاله: أُمُّ فرحان، زوجةُ سليم قومي.
2. راحيل: زوجةُ نعوم إبراهيم، أُمُّ سعيد نعوم، وأُمُّ هتي زوجةِ ابنِه بحو.
3. نجو: أُمُّ أمين إسماعيل (أبو صبحي شماس). زوجُها إسماعيل، وكان يقسو عليها كثيرًا.
4. شمسه: زوجةُ ملكو مسعودي (أبو إيليا)، والأب الخوري حنّا خوري فيروزه.
وإذا أردنا أن نعرفَ مَن هم أَقْرِباءُ السَّيِّد موسى البِرّي اللُّولي (عدواني)، فيُقال إنّه من الأسر الّتي لم تُنْجِب أولادًا بكثرةٍ كبقيّة الأسر؛ إذ إنّ جدَّه وأباه لم يكن لديهما سوى ولدٍ واحد. لذلك لا نجدُ لموسى البِرّي أولادَ عمٍّ مباشرين، وإنّما أَقْرَبُهم إليه السَّيِّد بَحْدي غَزالي، وأولادُ بَحْدي غَزالي: جميل ويعقوب وبَحْدي، وكنيتُهم في سجلاتِ النفوس عدواني؛ وهم الوحيدون الّذين حملوا كنيةَ عدواني.
لكن لموسى البِرّي اللُّولي أولادَ عُمومةٍ مع السَّيِّد بَحْدي الدكدوك وأولادِه: جورج ويعقوب ومنير وإلياس وفهمي. وكان يعقوب ومنير يعملان في الصياغة. أمّا الابن الأكبر جورج فكان يعمل في طاحونة بيت بَحْدي قريو، وزوجتُه السيدة جولي أُخت الحلاّق جاك دوم. وأمّا إلياس فيُعدُّ من الرعيل الأول في لعبة كرة القدم بنادي الجزيرة الرياضي بالحَسَكَة، وكان يعمل هو وأخوه فهمي في المواصلات بالحَسَكَة.
ومن أقرباءِ موسى عدواني أيضًا: بيتُ منجي، والقُرْبَى بينهما أولادُ عُمومة. وكنيةُ منجي: يوسف عطالله يوسف (أبو عبد). وكذلك جميل يوسف (أبو ليلى)، أي يوسف منجي، وكانت كنيتُه في النفوس “يوسف”، وكان يعمل في مشفى الحَسَكَة. أولادُه: عبد وجوزيف وغاندي وريمون وداوود وجان.
ومن أولاد عم موسى البِرّي أيضًا: بلحد بروكي (عبد الأحد) أبو اليأس بروكي، وكان يعمل كاتبَ عدل. وأمّا عبود بروكي فكان يعمل في المواصلات، وحنّا بروكي زوج خاتون بنت عبد الأحد موسى عدواني، ويُكنّى أبا باسل. ومن أولاد عمومتهم كذلك السَّيِّد دانيال قس إلياس.
ومن أولاد خالة موسى البِرّي عدواني: ياسو السِّيدي (إلياس عبد الرزّاق خلف) وبرو الجِزْعو. كما أنّ حنّا الصارة من أولاد عمومتِه المقربين. ولحنّا الصارة ولدٌ اسمه صومي (أبو عدنان) سكن في العَزيزِيّة على طريق المفتي إلى الغرب والشمال الغربي من بيت كِرْمو مسعودي صاحب تلك الأرض. وقد رأيتُ المدعو حنّا الصارة حين جاء من قريتنا تل جميلو ضيفًا لدينا ونام عندنا، لأنّ العادات كانت تفرض علينا أن ينام الأقرباء والمعارف الذين يسكنون القرى لدى أهليهم الموجودين في المدن.
وأمّا ابنةُ حنّا الصارة فاسمُها شمانة، تزوّجها ذياب بن إبراهيم مسعودي. ولحنّا الصارة ابنةٌ أخرى اسمها شمسه متزوجة في زحلة، وزوجها بنيبلي.
ومن أولاد عم موسى البِرّي: السَّيِّد عطالله ميخائيل (أبو متّى)؛ كان يعمل محاسبًا في محطة الوقود التابعة لبيت مرشو. وكان له أخٌ آخر يعمل في العَرْصة القديمة (سوق الهال) في بيع الخُضرة. وابنه جوزيف عنده محلّ بيع أدوات منزلية مع جورج أُسطاكي.
وإذا جئنا على أقرباءِ موسى البِرّي جميعًا، فإننا نقول إنّ المذابح التي حلّت بالمسيحيّين في السلطنة العثمانيّة عام 1915م (سيفو) جعلت الأسرة الواحدة تتوزع إلى عدّة ديانات؛ فهناك من أولاد العم من بقي مسيحيًّا، ومنهم من أسلم. ويُذكر هنا: داوود ميخو (أبو إبراهيم) ويعقوب (بقي مسيحيًّا هو وأخوه شكري)؛ لكن له إخوةٌ أسلموا، وهم اليوم أكراد، منهم محمود أبو شيخموس وأولادُه شيخموس وجميل، وأخوه سعيد. ومن الجدير ذكره أنّ أولاد عمومة موسى البِرّي عاشوا في قرية قلعة مرا، ولهذا عُرفوا بـ “القلعة مراوية”.
ولا بُدَّ أن نذكر أيضًا أنّ يعقوب مسعودي وإبراهيم مسعودي هما إخوة نجمة زوجة موسى البِرّي، وابن عمهم هو كِرْمو بلحد مسعودي. ونجمة زوجة موسى البِرّي هي ابنةُ خالِ جدتي هيلي يعقوبي الزَّلَك.

إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.
أمّا تَجْرِبَةُ فُؤاد بن بحو موسى عدواني
فقد كَتَبَ لنا يقول:
«مُنْذُ نُعومَةِ أَظافِري وأنا أَكُدُّ وأَجُدُّ، حتّى في الزِّراعةِ والحَصادِ وبَيْعِ الإنتاج وتوزيعِ حِصَصِ الفلّاحين، إلى أنِ اشْتَرَيْتُ محلَّ الألبسةِ من سعيد نوري بك ـ بناء سليم وملكي بِصْمَه جي ـ وقد اشتريتُه من عَرَقِ جبيني. كما اشْتَرَيْتُ سِتَّةَ مَقاسِمَ أَرْضٍ من أولاد حَبّو، وسيّارة مازدا بِعْتُها بمبلغٍ قَدْرُه مئة وسبعون ألفًا. كما بِعْتُ محلَّ الألبسةِ إلى أديب شمسة بثلاثمئة ألف ليرة سوريّة.
ثم بِعْتُ المقاسمَ السِّتّة، وقُمْتُ بعِمارِ الحَوْشِ الّذي اشْتَراهُ جَدّي موسى في الحَسَكَة، وكانتِ البدايةُ بناءَ “العبّارة”. وفَتَحْتُ محلَّ ألبسة، ومحلَّ أحذية، ومحلَّ أحذيةٍ وَلادي ماركة طيباتي الطبيّة للأطفال (وكان مركزُها حمص ـ قطينة)، ومحلَّ إكسسوارٍ وعطورٍ وداخليّ، وفَتَحْتُ مقهى في العبّارة.
باشَرْتُ الإنتاجَ في صناعةِ الألبسةِ في الحَسَكَة؛ كان الخيّاطُ معي جاك مسعود. وكنتُ آتي بالفستان الأجنبي وأصنعُ على نَسَقِه فستانًا وطنيًّا. وكنتُ أذهبُ إلى حلب ـ حيِّ الجديدة ـ محلِّ الفصول الأربعة، وأشتري القماش وأصنعُ له طاقيةً وجِزْدانًا وقَنْدَرَة، وهذه كلُّها من أفكاري.
وفَتَحْتُ “مَنْشَرَة” مع منير عازري، وفتحتُ مكتبَ تعهّداتٍ أنا وخليل عبد القادر الفنان. وأخذنا تعهُّدَ المركز الثقافي في الحَسَكَة ورأس العين (وهي من تعهّداتي أيضًا)، وبيتَ المحافظ مصطفى ميرو ومكتبَه، وكساءَ فندقِ نقابةِ العمّال في رأس البسيط من رئيسِ الاتحاد عودة قسيس.
سافرتُ إلى حلب وفتحتُ معملي في حلب. وصنعتُ في البداية ثلاثةَ موديلاتٍ قَصَّها شريكي عدنان بن ياسو السِّيدي. أمّا كيفيةُ التسويق فقد صنعتُ من كلِّ موديلٍ مئةً وخمسين قطعة، أي عشرة سيري من كلِّ موديل، ووزّعتُ الإنتاجَ على عشرة محالّ اخترتُها في: العَزيزِيّة، والتَّلَل، وجانب السوق الحرّة، وشارع القوتلي. وقلتُ لأصحاب المحال: سأُودِع هذه البضاعةَ عندكم بصفةِ أمانةٍ من هنا إلى أسبوع؛ إنْ بيعتِ البضاعة تُعْطوني حقّها، وإنْ لم تُبَعْ سوف آخذ بضاعتي.
وهنا قمتُ بخطةٍ “جهنّمية”: إذْ إنّني طلبتُ من أختي هناء ـ التي تدرس في جامعة حلب، كلية الآداب، قسم اللغة الإنكليزية ـ أن تجلب معها خمس عشرة فتاة من الجامعة من صديقاتها. فوافقتْ عندما شرحتُ لها الغاية من جلبهنّ. فجاءت بصديقاتها الطالبات، وقد قمتُ بعمل حفلٍ لهنّ وشرحتُ لهنّ الغاية من وجودهنّ وما هي الأعمال التي سيقمن بها، فوافقنني.
ثم قمتُ بتوزيعهنّ: كلُّ ثلاثٍ ضمن مجموعةٍ واحدة، على أن يتجولن في أسواق حلب، ويُحَدِّثْن أصحابَ المحالِّ التجارية التي أودعتُ بضاعتي عندهم، وأن يطلبن من أصحاب المحال “الماركة الجديدة” الخاصة بمنتَج عدواني الجديد.
وكنتُ قد سعّرتُ القطعةَ بمبلغٍ قدرُه خمسمئة ليرة سوريّة؛ لذلك قمتُ فوزّعتُ على كلِّ فتاةٍ خمسمئة ليرة، وقلتُ لهنّ: كلُّ واحدةٍ تشتري قطعةً من منتج عدواني، وهي بمثابة هديةٍ كتعويضٍ عن مساعدتكنّ في الدعاية لي. ثم كررتُ العملَ على عشرة أيام: كلّ يومٍ 15 فتاة، وأُعطي كلَّ واحدةٍ 500 ليرة.
وهكذا قلتُ لهنّ: هذا لا يكفي؛ أريد منكنّ أن تدخلن أيَّ محلِّ ألبسةٍ في حلب، وتطلبن “ماركة عدواني” كمدخلٍ لتمكنكنّ من دخول المحل، وتسألن: هل لديكم بضاعة عدواني، كما هذه القطعة التي بيدي؟ وكان القياسُ المصنّع على قياس XL، لأنني كنتُ قد صنعتُ قياسات: S + M + L.
وبهذه الطريقة فرضتُ المنتجَ على الأسواق؛ أي دفعتُ خمسةً وسبعين ألف ليرة سوريّة كدعاية. وهكذا أصبح التجار يطلبون البضاعة. وكان شرطي معهم أن يسددوا قيمةَ البضاعة نقدًا كاملًا. وهكذا وفّقني الله فيما سعيتُ.
أجل، وبعدها فُتحت الأبواب على مصاريعها أمامي؛ حيثُ انتقلتُ من السوق المحلية إلى السوق الإقليمية، وبعدها العالمية: أي التصدير والوكلاء في دول الخليج، والكويت، والعراق، والأردن، ولبنان، ومصر».
فؤاد عدواني – السويد، بتاريخ: 16/2/2022م.
ملاحظة توثيقية
أوردنا أسماءَ بعضِ مَن لم يولدوا في القرية، إلّا أنّ والدهم عاشَ فترةً فيها؛ لذا نرى أن نضيف أسماءَ أولاد العم خليل جِجّي قومي: موفّق وجورج ورامي ورائد (صَوّاجة سيارات)، والفنان التشكيلي يوسف صومي قومي، والفنان التشكيلي عبد المسيح صومي قومي، والصيدلي صخر كمال بَحْدي جِرْجِس أَصْلانِي.
أمّا الّذين كانوا موجودين في قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو (أصحابَها الأوائل) فكانوا يُسمَّوْن بأبي عاصي، وهم عربٌ كانوا يسكنون الخيام حتّى عام 1941م. نذكر منهم: محمد علي محمد الشخاطي، وحسين الزلوق، وبدران، وبيت أبي عصفور (لأن امرأته كانت تأكل العصافير كثيرًا)، وعلي التهّام.
وبعد شراء القَصْوارنةِ القَرْيَةَ رحلوا وتفرّقوا في القُرى. ولم يكن في قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو بناءٌ يُذكر قبل مجيءِ القَصْوارنة إليها في نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينيات.
أمّا المختار وصاحب مشروع شراء أرض جميلو، المرحوم موسى البِرّي (عدواني)، فقد تُوُفِّيَ في بيروت عندما أخذوه للطبابة هناك، ودُفن في الحَسَكَة عام 1973م.
وأمّا ميمي خزوم (زوجةُ جِرْجِس أَصْلانِي الثانية) فقد تُوُفِّيَتْ في صيفِ عام 1968م، ودُفِنَتْ في تَلِّ جَميلو.
المصدر
الوالد حنّا جِجّي قومي، وفؤاد عبد الأحد موسى عدواني، والمُدَرِّس إلياس جَزّاع (علّم مُعلِّمًا وكيلًا بمدرسة القرية، وهو من أهالي القرية).
الحَسَكَة – 22/2/2023م.
وجميعُ هذه الدراسة عن قَرْيَةِ تَلِّ جَميلو موجودةٌ في كتابِنا الموسوم: «القُصور والقصوارنة عبر التاريخ» (1968م)، وموجودةٌ في كتابِنا «قبائل وعشائر الجزيرة السورية» (1982م)، كما هي منشورةٌ في منتداي «مملكة الحب والنهار سيجمع البشر»، وفي صفحتي على الفيسبوك، وقد نُشرت في ويكيبيديا وأماكن أخرى.
وأيُّ نسخٍ أو استخدامٍ للمضمون ـ ولو كان ثلاث كلمات متتابعة ـ دون أخذ استئذانٍ يُعدّ مخالفة. وكلُّ ما نطلبه: انسخوا، لكن حافظوا على الأمانة العلمية بذكر المصدر، وهو:
1. كتاب: القُصور والقصوارنة عبر التاريخ، لمؤلفه إسحق قومي، 1968م.
إثبات الملكية الفكرية:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي.
جميع الحقوق محفوظة. يُمنع النسخ أو النشر أو الاقتباس دون إذنٍ خطّي من المؤلف.
ملاحظة مهمّة للنشر
هذا النوع من النصوص توثيقي ـ تاريخي ـ ذاكرة مكان، وقيمته عالية. أنصحك عند النشر أن يُسبق النص أو يُختَم بعبارة:
إسحق قومي ©
نصّ توثيقي من الذاكرة الشفوية والتاريخ المحلي
جميع الحقوق محفوظة – يُمنع النسخ أو النشر دون إذن
ملاحظة وتنبيه:
جميع الحقوق محفوظة ©
إسحق قومي
يُمنع منعًا باتًا نسخ هذا النص أو إعادة نشره أو اقتباسه كليًّا أو جزئيًّا، أو استخدامه بأي وسيلة كانت، دون إذن خطيّ مسبق من المؤلف.
وأي مخالفة تُعدّ تعدّيًا على الحقوق الأدبية والفكرية، وتُعرِّض صاحبها للمساءلة القانونية.
المؤلف اسحق قومي .



#اسحق_قومي (هاشتاغ)       Ishak_Alkomi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدَّوْلَةُ السُّورِيَّةُ بَيْنَ الإِنْكَارِ وَالِانْهِيَارِ ...
- مَرَضُ النُّخَبِ الثَّقَافِيَّةِ (الإِبْدَاعِيَّةِ) فِي المَ ...
- مدينةُ الحسكةِ: التسميةُ والنشأةُ
- الوَثِيقَةُ التَّأْسِيسِيَّةُ لِـ (مَدْرَسَةِ الوِلادَةِ الإ ...
- تَارِيخُ الْمَنْهَجِيَّةِ النَّقْدِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَآف ...
- إِعَادَةِ قِرَاءَةِ فَلْسَفَةِ اِبْنِ رُشْدٍ فِي ضَوْءِ مَدْ ...
- دراسة تحليليّة–نقديّة–تقييميّة لِبَحْثِ «الْجَهْلِ الْمُقَدّ ...
- الـمُفَكِّرُ الرَّصِينُ
- دِّرَاسَةُ تَّحْلِيلِيَّةُ وَنَّقْدِيَّةُ وَتَّقْوِيمِيَّةُ ...
- الوعيُ القوميُّ وإشكاليّاتُ بناءِ الهويّةِ لدى السُّريانِ–ال ...
- اِسْتَيْقِظُوا أَيُّهَا الْغَرْبِيُّونَ فَإِنَّ الطُّوفَانَ ...
- رِسَالَةٌ سِرِّيَّةٌ تُفْتَحُ بِالذَّاتِ
- المسيحية السورية في التقييم السياسي والإنساني والحقوقي في ال ...
- دِراسَةٌ تَحلِيلِيَّةٌ وَنَقدِيَّةٌ وَتَقيِيمِيَّةٌ عَن بَحث ...
- الهُوِيَّةُ المَعرِفِيَّةُ في الفَلسَفَاتِ مَا قَبْلَ الحَدَ ...
- التَّعايُشُ في الشَّرقِ الأوسَطِ مُستحيلٌ دراسةٌ واقعيَّةٌ ت ...
- قصيدة بعنوان :((فِي مَدْخَلِ الحَمْرَاءِ كَانَ لِقَاؤُنَا))
- قصيدة بعنوان: (فِي مَدْخَلِ الحَمْرَاءِ كَانَ لِقَاؤُنَا)
- رؤية في الماضي، لمستلزمات الحاضر، والمستقبل
- المثيولوجيا عند الآشوريين والآراميين والفينيقيين


المزيد.....




- زيلينسكي سيلتقي ترامب الأحد لمناقشة خطة السلام في أوكرانيا.. ...
- السلطة الفلسطينية في -موضع اختبار- مع تصاعد أزمة الرواتب
- وسط رفض إقليمي إسرائيل تعترف بأرض الصومال -دولة مستقلة-
- أمم إفريقيا.. صلاح يهدي الفراعنة بطاقة التأهل إلى ثمن النهائ ...
- اعتراف إسرائيلي بدولة -أرض الصومال- يشعل جدلا إقليميا ورفضا ...
- قتيلان بهجوم على كنيسة جنوب غرب النيجر
- رائحة الجلود والذاكرة.. ورشة صغيرة تحرس تراثا عمره قرن بالقا ...
- مقتل جنديين تشاديين في هجوم بطائرة مسيرة قرب الحدود مع السود ...
- شهيد برصاص الاحتلال في جباليا ومستشفى العودة يعلق خدماته
- تحذير من كارثة إشعاعية جديدة في محطة تشيرنوبيل النووية


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - اسحق قومي - قريةُ تَلِّ جَميلو: