|
|
الوَثِيقَةُ التَّأْسِيسِيَّةُ لِـ (مَدْرَسَةِ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ)
اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 22:20
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لِمُؤَسِّسِها الأَديبِ والباحِثِ السُّورِيِّ إِسْحق قَوْمِيٍّ، الحاصِلِ على بِكالوريوسَ في الفَلْسَفَةِ والدِّراسَاتِ الاِجتِماعيَّةِ. المُقَدِّمَةُ تَنْطَلِقُ (مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) مِنْ رُؤْيَةٍ فَلْسَفِيَّةٍ – تَرْبَوِيَّةٍ تَعُدُّ الإِنْسَانَ مَحْوَرَ الوُجُودِ، وَمَشْرُوعًا مُتَجَدِّدًا، لَا كَائِنًا مُكْتَمِلًا. وَتَرَى هَذِهِ المَدْرَسَةُ أَنَّ الأَزْمَةَ الحَقِيقِيَّةَ لِلْعَصْرِ الحَدِيثِ لَيْسَتْ أَزْمَةَ عِلْمٍ، وَلَا نَقْصَ مَعْرِفَةٍ، بَلْ هِيَ أَزْمَةُ وِجْدَانٍ، وَفَقْدُ التَّوَازُنِ بَيْنَ العَقْلِ وَالرُّوحِ، وَبَيْنَ الحُرِّيَّةِ وَالمَعْنَى، وَبَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالقِيمَةِ. وَبِحُكْمِ أَنَّ الإِنْسَانَ يَحْمِلُ دَاخِلَهُ مَقُوِّمَاتِ النُّهُوضِ، فَإِنَّ (الوِلادَةَ الإِبْدَاعِيَّةَ)تُعِيدُ تَأْسِيسَ الفِكْرِ الإِنْسَانِيِّ عَلَى قَاعِدَةٍ جَدِيدَةٍ، مُفَادُهَا: إِنَّ الإِنْسَانَ يُولَدُ كُلَّمَا اتَّسَعَ وَعْيُهُ. وَهِيَ مَدْرَسَةٌ تُوَحِّدُ بَيْنَ الفِكْرِ وَالفَلْسَفَةِ وَالعِلْمِ وَالرُّوحِ فِي مَشْرُوعٍ وَاحِدٍ، يُعِيدُ لِلبَشَرِ مَعْنَى الوُجُودِ، وَيَرْفَعُ الإِبْدَاعَ إِلَى مَرْتَبَةِ (الوِلادَةِ المُتَجَدِّدَةِ.) وَبِهَذِهِ الرُّوحِ، تَتَمَوْضَعُ المَدْرَسَةُ فِي الخَرِيطَةِ الفِكْرِيَّةِ العَالَمِيَّةِ كَمَشْرُوعٍ يَجْمَعُ: وُجُودِيَّةً إِنْسَانِيَّةً رُوحَانِيَّةً تَتَجَاوَزُ الجَفَافَ الغَرْبِيَّ؛ مَدْرَسَةً تَرْبَوِيَّةً قِيمِيَّةً تَتَخَطَّى التَّعْلِيمَ التَّقْلِيدِيَّ؛ مَشْرُوعَ وَعْيٍ حَضَارِيٍّ يَقِفُ بَيْنَ مَالِكِ بْنِ نَبِيٍّ وَالكَوَاكِبِيِّ وَمُحَمَّدِ إِقْبَالَ وَجُبْرَانَ؛ فَلْسَفَةَ وِلادَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ تُعِيدُ تَشْكِيلَ الإِنْسَانِ قَبْلَ المُجْتَمَعِ. أَوَّلًا: التَّعْرِيفَاتُ الأَسَاسِيَّةُ ١. الوِلادَةُ هِيَ الاِنْبِثَاقُ الدَّاخِلِيُّ لِلْإِنْسَانِ، حَيْثُ يُعَادُ خَلْقُهُ مَعْنَوِيًّا كُلَّمَا اتَّسَعَ وَعْيُهُ، وَتَجَدَّدَتْ رُؤْيَتُهُ لِلْعَالَمِ وَلِنَفْسِهِ. ٢. الوَعْيُ هُوَ القُدْرَةُ عَلَى رُؤْيَةِ الذَّاتِ وَالزَّمَنِ وَالآخَرِ، رُؤْيَةً تُنْتِجُ مَعْنًى، وَلَا تَقِفُ عِنْدَ حَدِّ جَمْعِ المَعْلُومَاتِ أَوِ المَعْرِفَةِ السَّطْحِيَّةِ. ٣. الجَمَالُ هُوَ لُغَةُ الرُّوحِ، وَأَرْقَى طُرُقِ التَّأْثِيرِ فِي الإِنْسَانِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ مَصَادِرِ الإِلْتِزَامِ الأَخْلَاقِيِّ؛ فَلَا جَمَالَ حَقِيقِيًّا دُونَ مَعْنًى، وَلَا قِيمَةَ حَيَّةً دُونَ وَقْفَةٍ وِجْدَانِيَّةٍ. ٤. الخِبْرَةُ هِيَ (الزَّمَنُ وَهُوَ يَعْمَلُ فِي الإِنْسَانِ) لَيْسَتْ تِكْرَارًا أَجْرَدَ، بَلْ تَشَكُّلًا مُتَدَرِّجًا لِلوَعْيِ، وَلَيْسَتْ تَقْلِيدًا أَعْمَى، بَلْ بِنَاءً لِإِدْرَاكٍ أَعْمَقَ وَأَرْسَخَ. ٥. الإِبْدَاعُ وَلِيدُ الوَعْيِ وَلَا يُفَارِقُهُ؛ هُوَ فِعْلٌ يُجَدِّدُ الوُجُودَ وَلَا يَسْتَنْسِخُهُ، وَيَنْقُلُ الإِنْسَانَ مِنْ ضِيقِ التَّقْلِيدِ إِلَى سَعَةِ الاِقْتِدَارِ وَالاِبْتِكَارِ. ثَانِيًا: المَبَادِئُ الكُبْرَى لِلمَدْرَسَةِ ١. الإِنْسَانُ مَشْرُوعٌ لَا مُنْجَزٌ الإِنْسَانُ فِي رُؤْيَةِ المَدْرَسَةِ لَا يَنْتَهِي إِلَى صُورَةٍ نِهَائِيَّةٍ، بَلْ هُوَ مَشْرُوعٌ مَفْتُوحٌ عَلَى الاِحْتِمَالِ؛يُولَدُ مَعْنَوِيًّا كُلَّمَا اتَّسَعَ وَعْيُهُ، وَتَعَمَّقَتْ خِبْرَتُهُ. ٢. الحُرِّيَّةُ فِعْلٌ أَخْلَاقِيٌّ الحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ اِنْفِلَاتًا مِنَ الضَّوَابِطِ، وَلَا خُضُوعًا أَعْمَى لَهَا؛إِنَّمَا هِيَ اِخْتِيَارُ الحُدُودِ الَّتِي تَبْنِي الإِنْسَانَ وَتُطَوِّرُ طَاقَتَهُ، دُونَ هَدْمٍ أَوِ اسْتِلَابٍ. ٣. تَوَازُنُ العَقْلِ وَالرُّوحِ لَا نُهُوضَ بِعَقْلٍ مَعْزُولٍ عَنِ الرُّوحِ، وَلَا بِرُوحٍ مَجْرُوحَةٍ مِنْ غَيْرِ وَعْيٍ وَتَمْيِيزٍ؛فَالعَقْلُ يُبْصِرُ الحَقَائِقَ، وَالرُّوحُ تُثَبِّتُ المَعْنَى وَتَرْفَعُهُ إِلَى دَرَجَةِ القِيمَةِ. ٤. الخِبْرَةُ رَكِيزَةُ الوَعْيِ احْتِرَامُ الخِبْرَةِ لَيْسَ خُضُوعًا اجْتِمَاعِيًّا، بَلْ احْتِرَامٌ لِلزَّمَنِ وَهُوَ يَبْنِي الإِنْسَانَ؛وَبِذَلِكَ تُحافِظُ المَدْرَسَةُ عَلَى سِلْسِلَةِ الحَضَارَةِ دُونَ جُمُودٍ، وَتَمْنَعُ القَطِيعَةَ بَيْنَ الأَجْيَالِ. ٥. مَرْكَزِيَّةُ الإِنْسَانِ تَضَعُ المَدْرَسَةُ الإِنْسَانَ فِي مَرْكَزِ المَشْهَدِ الكَوْنِيِّ؛ فَهُوَ مِحْوَرُ النَّهْضَةِ، لَا مَادَّةٌ لِلتَّلَاعُبِ السِّيَاسِيِّ، وَلَا أَدَاةٌ لِلاِسْتِغْلَالِ الاِقْتِصَادِيِّ. ثَالِثًا: الرُّؤْيَةُ الفَلْسَفِيَّةُ لِلمَدْرَسَةِ ١. تَمَوْضُعٌ فِي الفَضَاءِ الفِكْرِيِّ العَالَمِيِّ تَقِفُ(مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) علَى تَمَاسٍّ مَعَ أَرْبَعِ عَائِلَاتٍ فَلْسَفِيَّةٍ كُبْرَى: 1. الوُجُودِيَّةُ: مِنْ حَيْثُ التَّرْكِيزُ عَلَى وِلادَةِ الإِنْسَانِ مِنْ وَعْيِهِ وَمَعْنَاهُ. 2. الفَلْسَفَاتُ الأَخْلَاقِيَّةُ وَالجَدَلِيَّاتُ الرُّوحِيَّةُ: مِنْ حَيْثُ أَنَّ الحُرِّيَّةَ لَا تَكْتَمِلُ إِلَّا بِضَابِطٍ قِيمِيٍّ دَاخِلِيٍّ. 3. الفِكْرُ التَّرْبَوِيُّ الإِنْسَانِيُّ: مِنْ حَيْثُ بِنَاءُ الذَّاتِ قَبْلَ بِنَاءِ المُجْتَمَعِ. 4. الفِكْرُ الإِصْلَاحِيُّ الحَضَارِيُّ: مِنْ حَيْثُ رَبْطُ النُّهُوضِ بِتَكْوِينِ الإِنْسَانِ، لَا بِالصِّرَاعِ عَلَى السُّلْطَةِ. وَمَعَ ذَلِكَ، لَا تُخْتَزَلُ المَدْرَسَةُ فِي أَيِّ إِطَارٍ سَابِقٍ، بَلْ تُقَدِّمُ صِيغَةً جَدِيدَةً تَرْبِطُ بَيْنَ: الفَلْسَفَةِ (الرُّؤْيَةِ الوُجُودِيَّةِ)، وَالتَّرْبِيَةِ (تَشْكِيلِ الوَعْيِ)، وَالمُجْتَمَعِ وَالسِّيَاسَةِ، ثُمَّ الرُّوحِ وَالجَمَالِ. ٢. رُؤْيَةٌ كَوْنِيَّةٌ لِلْعَالَمِ تَعْتَرِفُ المَدْرَسَةُ بِاخْتِلَافِ الثَّقَافَاتِ وَتَعَدُّدِهَا، وَتُقِرُّ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ أَنَّ هُنَاكَ ثَقَافَاتٍ تَدْمِيرِيَّةً تَحْتَاجُ إِلَى الحَجْرِ النَّقْدِيِّ وَالقِيمِيِّ؛ حِفَاظًا عَلَى الإِنْسَانِ وَمَعْنَاهُ. رَابِعًا: المَنْهَجِيَّةُ العِلْمِيَّةُ وَالفَلْسَفِيَّةُ لِلمَدْرَسَةِ تَعْتَمِدُ (مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) مَنْهَجًا مُرَكَّبًا يَجْمَعُ بَيْنَ صَرَامَةِ البَحْثِ العِلْمِيِّ وَعُمْقِ التَّأَمُّلِ الفَلْسَفِيِّ، وَيَتَحَرَّكَ فِي المَسَافَةِ الدَّقِيقَةِ بَيْنَ (المُعَايَنَةِ) وَ(التَّفْكِيرِ المَعْنَوِيِّ). ١. مَبْدَأُ التَّجْرِبَةِ الوِجْدَانِيَّةِ المُنْضَبِطَةِ تَعْتَرِفُ المَدْرَسَةُ بِأَنَّ أَعْمَقَ مَجَالَاتِ المَعْرِفَةِ هُوَ مَا يَمُرُّ عَبْرَ التَّجْرِبَةِ الَّتِي يَعِيشُهَا الإِنْسَانُ؛ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ التَّجْرِبَةَ تُضْبَطُ بِأَدَوَاتٍ عِلْمِيَّةٍ وَمِنْهَجِيَّةٍ: المُرَاقَبَةُ، وَالتَّسْجِيلُ، وَالمُقَارَنَةُ، ثُمَّ الاِسْتِنْتَاجُ. ٢. جَمْعُ الكَمِّيِّ وَالكَيْفِيِّ لَا تَرْفُضُ المَدْرَسَةُ الأَدَوَاتِ العِلْمِيَّةَ الكَمِّيَّةَ (الإِحْصَاءَ، وَالمَقَايِيسَ، وَالدِّرَاسَاتِ المَيْدَانِيَّةَ)، وَلَا تَقْبَلُهَا مَعْزُولَةً عَنْ الفَهْمِ الكَيْفِيِّ لِلوَعْيِ الإِنْسَانِيِّ وَخَبْرَتِهِ؛ فَالْخُلاصَةُ هِيَ مَنْهَجٌ يُوَظِّفُ الأَدَوَاتِ العِلْمِيَّةَ دُونَ أَنْ يَقَعَ فِي عِبَادَةِ الأَرْقَامِ. ٣. الحِوَارُ مَعَ العُلُومِ تَنْفَتِحُ المَدْرَسَةُ عَلَى العُلُومِ النَّفْسِيَّةِ، وَالاِجْتِمَاعِيَّةِ، وَالعُصْبِيَّةِ، وَعُلُومِ التَّرْبِيَةِ،وَتَتَعَامَلُ مَعَهَا كَأَدَوَاتٍ لِفَهْمِ الإِنْسَانِ، لَا كَمَرَاجِعَ مُطْلَقَةٍ لَا تُنْقَدُ. ٤. النَّقْدُ وَالمُرَاجَعَةُ الدَّائِمَةُ تَعْتَبِرُ المَدْرَسَةُ أَنَّ كُلَّ مَشْرُوعٍ فِكْرِيٍّ يَفْقِدُ قِيمَتَهُ إِذَا تَحَوَّلَ إِلَى (مُسَلَّمَاتٍ نِهَائِيَّةٍ)؛لِذَلِكَ تَجْعَلُ مِنَ النَّقْدِ الدَّاخِلِيِّ، وَمُرَاجَعَةِ المَفَاهِيمِ وَالمُمَارَسَاتِ، جُزْءًا أَصِيلًا مِنْ مَنْهَجِهَا. ٥. الرَّبْطُ بَيْنَ المُعَايَنَةِ وَالتَّنَظِيرِ تَرْفُضُ المَدْرَسَةُ الفَصْلَ بَيْنَ النَّصِّ وَالحَيَاةِ،فَالتَّنَظِيرُ لَا يُعْتَمَدُ مَا لَمْ يَمْتَحِنْهُ الوَاقِعُ،وَالمُعَايَنَةُ لَا تُفْهَمُ دُونَ إِطَارٍ نَظَرِيٍّ يَسْتَوْعِبُ مَعَانِيَهَا. ٦. المَنْهَجُ الحِوَارِيُّ تُقَدِّمُ المَدْرَسَةُ لِنَفْسِهَا كَـ (مَجَالٍ لِلحِوَارِ) أَكْثَرَ مِمَّا هِيَ(مَجْمُوعَةُ أَحْكَامٍ)؛ تُصْغِي، وَتُنَاقِشُ، وَتُجَادِلُ بِالحُجَّةِ، وَتُرَحِّبُ بِالِاخْتِلَافِ مَا لَمْ يَتَحَوَّلْ إِلَى هَدْمٍ لِلإِنْسَانِ وَمَعْنَاهُ. ٧. إِعَادَةُ قِرَاءَةِ الفِكْرِ الفَلْسَفِيِّ عَلَى ضَوْءِ المُنْجَزَاتِ الْمُعَاصِرَةِ تَعْمَلُ المَدْرَسَةُ عَلَى تَحْقِيقِ إِعَادَةِ قِرَاءَةِ جَمِيعِ الفِكْرِ الفَلْسَفِيِّ فِي ضَوْءِ المُنْجَزَاتِ العِلْمِيَّةِ وَالفَلْسَفِيَّةِ وَعِلْمِ النَّفْسِ وَمَدَارِسِهِ، مَعَ الإِفَادَةِ مِنْ عُلُومِ الحَاسُوبِ وَالذَّكَاءِ الاِصْطِنَاعِيِّ وَالتَّرَاكُمِ الثَّقَافِيِّ. فَالفِكْرُ الفَلْسَفِيُّ – عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ – فِي نَظَرِ المَدْرَسَةِ هُوَ (اِبْنُ بِيئَتِهِ وَزَمَانِهِ وَمَسَارِ تَطَوُّرِهِ)، فَمَنْ عَاشَ قَبْلَ خَمْسَةِ آلَافِ عَامٍ لَيْسَ هُوَ الإِنْسَانَ الفَيْلَسُوفَ الْيَوْمَ، وَلَا هُوَ المُفَكِّرَ الَّذِي يُوَاجِهُ تَحَدِّيَاتِ العَصْرِ. وَمِنْ ثَمَّ، فَإِنَّ أَيَّ جُزْئِيَّةٍ فَلْسَفِيَّةٍ تُقْرَأُ – فِي مَدْرَسَةِ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ – عَلَى ضَوْءِ هَذَا التَّرَاكُمِ العِلْمِيِّ وَالرَّقْمِيِّ وَالثَّقَافِيِّ، دُونَ تَقْدِيسٍ لِمَقُولَاتٍ مَاضِيَةٍ. وَلَيْسَ عِنْدَ المَدْرَسَةِ (ثَابِتٌ جَامِدٌ)، فَحَتَّى الجَمَادُ – فِي نَظَرِهَا –(مُتَحَرِّكٌ فِي كَيْنُونَتِهِ)، وَبِالتَّالِي فَالحَيَاةُ كُلُّهَا فِي حَالَةِ سَيْلَانٍ وَتَجَدُّدٍ، مِمَّا يَفْرِضُ مَنْهَجًا مُسْتَمِرًّا فِي مُرَاجَعَةِ التُّرَاثِ وَتَأْوِيلِهِ وَفَهْمِهِ فَهْمًا حَيًّا. خَامِسًا: المَقْتَضَيَاتُ العَمَلِيَّةُ لِلمَدْرَسَةِ ١. فِي المَجَالِ التَّرْبَوِيِّ تَأْسِيسُ مَنَاهِجَ تُرَبِّي الوَعْيَ وَلَا تَقِفُ عِنْدَ حَدِّ الحِفْظِ وَالتَّرْدِيدِ. جَعْلُ الجَمَالِ وَالقِيمِ وَالفِكْرِ النَّقْدِيِّ مَحَاوِرَ أَصِيلَةً فِي العَمَلِيَّةِ التَّرْبَوِيَّةِ. تَدْرِيبُ المُرَبِّينَ عَلَى الرُّؤْيَةِ الإِنسَانِيَّةِ لِلطَّالِبِ، بَدَلَ النَّظَرِ إِلَيْهِ كَوِحْدَةٍ تَعْلِيمِيَّةٍ مُجَرَّدَةٍ. ٢. فِي المَجَالِ الِاجْتِمَاعِيِّ نَشْرُ ثَقَافَةِ الِاحْتِرَامِ المُتَبَادَلِ وَالحِوَارِ بَدَلَ المُوَاجَهَةِ وَالإِلْغَاءِ. تَعْزِيزُ الرَّابِطَةِ بَيْنَ الأَجْيَالِ عَبْرَ احْتِرَامِ الخِبْرَةِ وَتَرْكِ التَّعَالِي الثَّقَافِيِّ. ٣. فِي المَجَالِ السِّيَاسِيِّ تَبْنِيَةُ نَقْدٍ مُؤَسَّسِيٍّ هَادِئٍ، لَا يَعْتَمِدُ الشِّعَارَاتِ وَالصَّخَبَ، بَلْ بِنَاءَ الوَعْيِ أَوَّلًا. تَرْسِيخُ مَسْؤُولِيَّةِ المُوَاطِنِ وَحُقُوقِهِ مَعًا، دُونَ تَأْلِيهٍ لِلسُّلْطَةِ أَوْ تَحْقِيرٍ لِلدَّوْلَةِ. ٤. فِي المَجَالِ الرُّوحِيِّ وَالجَمَالِيِّ إِعَادَةُ الِاعْتِبَارِ لِلتَّجْرِبَةِ الرُّوحِيَّةِ كَمَصْدَرٍ مِنْ مَصَادِرِ المَعْنَى وَالسَّكِينَةِ. اِعْتِمَادُ الفُنُونِ وَالتَّذَوُّقِ الجَمَالِيِّ كَجُزْءٍ مِنْ مَسَارِ تَشْكِيلِ الإِنْسَانِ المُتَوَازِنِ. تَمْهِيدٌ سُؤَالِيٌّ فَلْسَفِيٌّ وَبَعْدَ هَذَا العَرْضِ لِمَعَالِمِ (مَدْرَسَةِ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) وَرُؤْيَتِهَا الفَلْسَفِيَّةِ وَالتَّرْبَوِيَّةِ، يَبْدُو سُؤَالٌ جَوْهَرِيٌّ ضَرُورِيَّ الطْرِحِ قَبْلَ الوُصُولِ إِلَى الخَاتِمَةِ: كَيْفَ يَتِمُّ تَثْبِيتُ هَذِهِ الفَلْسَفَةِ فِي الوَاقِعِ، وَتَأْطِيرُهَا مَنْهَجِيًّا، وَضَبْطُ هَوِيَّتِهَا فِي الخَرِيطَةِ الفِكْرِيَّةِ؟ إنَّهُ سُؤَالٌ يَقُودُ إِلَى ثَلَاثَةِ مُتَطَلَّبَاتٍ أَسَاسِيَّةٍ لَا تَسْتَقِيمُ المَدْرَسَةُ دُونَهَا:
١. تَحْتَاجُ إِلَى آلِيَّاتٍ تَنْفِيذِيَّةٍ تَرْبَوِيَّةٍ قَابِلَةٍ لِلقِيَاسِ إِذْ لَا يَكْفِي أَنْ تَبْقَى الفَلْسَفَةُ مَشْرُوعًا نَظَرِيًّا، بَلْ يَجِبُ أَنْ تَتَجَسَّدَ فِي آلِيَّاتٍ تَرْبَوِيَّةٍ مُحْدَّدَةٍ، تُقَاسُ نَتَائِجُهَا وَتُقَارَنُ وَتُطَوَّرُ. وَهَذَا يَقْتَضِي وَضْعَ نَمَاذِجَ تَعَلُّمِيَّةٍ، وَمَقَايِيسَ لِنُمُوِّ الوَعْيِ، وَمُؤَشِّرَاتٍ لِلتَّغَيُّرِ الفِكْرِيِّ وَالسُّلُوكِيِّ، لِكَيْ تُصْبِحَ (الوِلادَةُ الإِبْدَاعِيَّةُ) مَسَارًا تَرْبَوِيًّا مُنْتِجًا لِلْمَعْنَى، لَا رُؤْيَةً مُلْهَمَةً فَقَطْ. ٢. تَحْتَاجُ المَدْرَسَةُ إِلَى تَعِقيدٍ فَلْسَفِيٍّ أَكْثَرَ صَرَامَةً لِيَتَمَكَّنَ الأَكَادِيمِيُّونَ مِنْ تَبَنِّيهَا فَالْمَشْرُوعُ الفَلْسَفِيُّ لَنْ يَدْخُلَ البِيئَةَ الأَكَادِيمِيَّةَ مَا لَمْ يُصَغْ فِي هَيْئَةِ (نِظَامٍ مَفَاهِيمِيٍّ) مُحْكَمٍ، لَهُ مَبَادِئُهُ، وَمَفَاهِيمُهُ، وَحُجَجُهُ، وَمَنْطِقُهُ الدَّاخِلِيُّ. وَعَلَى هَذَا، فَإِنَّ (مَدْرَسَةَ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) تَحْتَاجُ إِلَى مَزِيدٍ مِنَ التَّعِقيدِ الفَلْسَفِيِّ الذي يُثَبِّتُهَا كَمَدْرَسَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، وَيُمَكِّنُ البَاحِثِينَ وَالجَامِعَاتِ مِنْ تَبَنِّي مَنْهَجِهَا وَإِدْرَاجِهَا ضِمْنَ الدِّرَاسَاتِ الفَلْسَفِيَّةِ وَالتَّرْبَوِيَّةِ الحَدِيثَةِ. ٣. مِنَ الضَّرُورِيِّ تَحْدِيدُ حُدُودِ التَّفَاعُلِ مَعَ الفَلْسَفَاتِ الأُخْرَى لِتَثْبِيتِ الهُوِيَّةِ فَالمَدْرَسَةُ – وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَتِحَةً عَلَى المَعَارِفِ العَالَمِيَّةِ – تَحْتَاجُ إِلَى (مِعْيَارِ هُوِيَّةٍ) يَضْبِطُ مَا تَأْخُذُهُ وَمَا تَتَجَاوَزُهُ مِنَ الفَلْسَفَاتِ الأُخْرَى. فَلَا تَذُوبُ فِي التُّرَاثِ، وَلَا تَنْقَطِعُ عَنْهُ، وَلَا تَنْصَهِرُ فِي الفَلْسَفَةِ الغَرْبِيَّةِ الحَدِيثَةِ، وَلَا تَنْغَلِقُ عَلَيْهَا؛ بَلْ تَتَعَامَلُ مَعَهَا كَمَوَادٍّ خَامٍ، تُهَنْدِسُهَا هِيَ عَلَى ضَوْءِ رُؤْيَتِهَا الوِلادِيَّةِ، لِتَظَلَّ هُوِيَّتُهَا مُمَيَّزَةً، وَخَطُّهَا الفَلْسَفِيُّ مُتَّسِقًا، وَغَايَتُهَا الإِنْسَانِيَّةُ وَاضِحَةً. الفلسفات الَّتِي تَتَفَاعَلُ مَعَهَا (مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) تَنْطَلِقُ مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ مِنْ رُؤْيَةٍ كَوْنِيَّةٍ تَسْتَوْعِبُ المَعْرِفَةَ الإِنْسَانِيَّةَ كُلَّهَا، وَلَكِنَّهَا فِي الوَقْتِ ذَاتِهِ تَضَعُ مِعْيَارًا صَارِمًا لِلتَّفَاعُلِ، مَبْنِيًّا عَلَى السُّؤَالِ الجَوْهَرِيِّ: هَلْ تُسَاعِدُ هَذِهِ الفَلْسَفَةُ عَلَى وِلادَةٍ جَدِيدَةٍ لِلإِنْسَانِ؟ فَإِذَا كَانَ الجَوَابُ نَعَمْ، فَهِيَ مَوْضِعُ تَفَاعُلٍ. وَإِذَا كَانَ لَا، فَهِيَ مَوْضِعُ نَقْدٍ وَتَفْكِيكٍ. وبناءً على هذا المعيار، تَتَفَاعَلُ المَدْرَسَةُ مَعَ سَبْعِ مَجْمُوعَاتٍ فَلْسَفِيَّةٍ كُبْرَى، وَلَكِنْ بِشُرُوطِهَا وَهُوِيَّتِهَا.
١. الفَلْسَفَاتُ الوُجُودِيَّةُ سبب التفاعل:لِأَنَّ الوُجُودِيَّةَ جَعَلَتِ الإِنْسَانَ مَحْوَرًا، وَرَكَزَتْ عَلَى الحُرِّيَّةِ وَالمَعْنَى وَالمَسْؤُولِيَّةِ. مَا تُوَفِّرُهُ لِلمَدْرَسَةِ:تَحْلِيلُ أَزْمَةِ المَعْنَى. فَهْمُ القَلَقِ وَالاِخْتِيَارِ.ومَرْكَزِيَّةُ الذَّاتِ كَمَوْقِعٍ لِلتَّشَكُّلِ. مَسَاحَةُ الاِخْتِلَافِ:الوُجُودِيَّةُ الغَرْبِيَّةُ تَمِيلُ إِلَى التَّشَاؤُمِ الأَنْطُولُوجِيِّ، بَيْنَمَا الوِلادَةُ الإِبْدَاعِيَّةُ. تُقَدِّمُ أَمَلًا أَنْطُولُوجِيًّا: الإِنْسَانُ يُولَدُ مَرَّاتٍ لَا تُحْصَى. ٢. الفَلْسَفَاتُ الرُّوحِيَّةُ وَالتَّصَوُّفِيَّةُ سبب التفاعل:لِأَنَّ الرُّوحَ بُعْدٌ أَصِيلٌ فِي تَشْكِيلِ الإِنْسَانِ، وَلَا وِلادَةَ دُونَ سَكِينَةٍ وَمَعْنًى. مَا تُقْدِّمُهُ:فَهْمُ الباطن الإنساني. إِعْمَاقُ تَجْرِبَةِ الوَعْيِ. تَنْقِيَةُ النَّفْسِ مِنَ التَّشَظِّي. مَا تَرْفُضُهُ:تَجْمِيدُ الوَعْيِ. الاِنْسِحَابُ مِنَ العَالَمِ. فَالرُّوحُ فِي المَدْرَسَةِ لَيْسَتْ فِرَارًا، بَلْ قُوَّةَ فِعْلٍ. ٣. الفَلْسَفَاتُ الأَخْلَاقِيَّةُ سبب التفاعل:لِأَنَّ المَدْرَسَةَ تَبْنِي الإِنْسَانَ مِنَ الدَّاخِلِ، وَالأَخْلَاقُ جِزْءٌ مِنْ نَسِيجِ الوِجْدَانِ. مَا تُسْهِمُ بِهِ:مَفْهُومُ الحُسْنِ وَالقُبْحِ. تَشْكِيلُ الاِلْتِزَامِ الدَّاخِلِيِّ. رَبْطُ القِيمَةِ بِالمَعْنَى لَا بِالعَقُوبَةِ. الاختلاف:الأَخْلَاقُ فِي بَعْضِ الفَلْسَفَاتِ فَرْضِيَّةٌ خَارِجِيَّةٌ؛ أَمَّا فِي الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ، فَهِيَ وَلِيدَةُ الوَعْيِ وَالجَمَالِ. ٤. الفَلْسَفَاتُ التَّرْبَوِيَّةُ الإِنْسَانِيَّةُ ترتكزُ المدرسةُ في رؤيتِها على الفلسفاتِ التربويّةِ الإنسانيّةِ التي نشأت ملامحُها الأولى في الفكر التنويري الغربي، وتطوَّرت عبر مراحل تاريخيّة متتابعة أسهم فيها مفكّرون من مختلف الحضارات. ويُعَدُّ جان جاك روسو (1712–1778) من أوائل من وضعوا الأسسَ الحديثة للتربية الطبيعية، مؤكدًا حقَّ الطفل في الحرّيّةِ والنموّ الذاتي. ثمّ جاءت الاجتهادات الفكرية في مطلع القرن العشرين لتعمّق هذا المنحى، حيث قدّم جون ديوي (1859–1952) رؤيةً تربويّةً تقدّميّةً تعتمدُ التعلّم بالخبرة والممارسة، بينما طوّرت ماريا مونتيسوري (1870–1952) نموذجًا تربويًّا إنسانيًّا يقوم على احترام الطفل، واستقلاليته، وحرّيّة اكتشافه للعالم. وفي السياق الإنساني ذاته، أسهم محمد إقبال (1877–1938) بإحياء فكرة الإنسان الفاعل القادر على تجاوز السكونيّة، كما أسهم إريك فروم (1900–1980) في إعادة صياغة مفهوم الحرّيّة والمسؤوليّة ضمن رؤية إنسانيّة اجتماعيّة عميقة. وفي منتصف القرن العشرين، تطوّرت الفلسفة التربويّة الإنسانيّة على يد مفكرين عزّزوا البعد النفسي والاجتماعي للإنسان؛ إذ قدّم مالك بن نبي (1905–1973) قراءةً حضاريّةً تُبرز أثر الأفكار والقيم في صناعة النهضة، بينما وضع كارل روجرز (1902–1987) أسسَ التعلّم المتمحور حول المتعلّم، مؤكدًا ضرورة المناخ العاطفي الداعم لنموّ الشخصية. وتوّج باولو فريري (1921–1997) هذا المسار الإنساني بتطوير فلسفة تربويّة تحرّرية تسعى إلى تعزيز الوعي النقدي، وتمكين الإنسان من قراءة واقعِه وتغييره. وهؤلاء المفكّرون، على اختلاف عصورهم وبيئاتهم، يُمثّلون نماذجَ بارزةً في تاريخ الفلسفة التربويّة الإنسانيّة، ويشكّلون مجموعًا معرفيًّا غنيًّا تستلهم منه المدرسةُ رؤيتَها في بناء تعليمٍ يُنمّي الذاتَ، ويُحرّر الطاقاتِ، ويُطلِق الإبداع. سبب التفاعل:لِأَنَّهَا جَعَلَتِ الإِنْسَانَ بَدْءَ النَّهْضَةِ، وَرَكَزَتْ عَلَى تَحْرِيرِ الوَعْيِ. ما تُفيد به المدرسة:بِنَاءُ الذَّاتِ قَبْلَ النِّظَامِ. التَّعْلِيمُ كَعَمَلِيَّةِ تَحْرِيرٍ. فَهْمُ الفَقْرِ الأَنْطُولُوجِيِّ لِلمُجْتَمَعِ. الاختلاف: بَعْضُهَا يَقِفُ فِي حُدُودِ (الإِصْلَاحِ المُجْتَمَعِيِّ)،أَمَّا (الوِلادَةُ الإِبْدَاعِيَّةُ) فَتَبْدَأُ بِ إِعَادَةِ خَلْقِ الإِنْسَانِ. ٥. الفَلْسَفَاتُ الحَضَارِيَّةُ وَمَدَارِسُ النُّهُوضِ تَسْتَمِدُّ المَدْرَسَةُ رُؤْيَتَها الحَضَارِيَّةَ مِنْ مَسَارٍ طَوِيلٍ لِلتَّأَمُّلِ الإِنْسَانِيِّ فِي سُنَنِ التَّقَدُّمِ وَالعِمَارَةِ، مَسَارٍ بَدَأَ مَعَ أَوَائِلِ المُفَكِّرِينَ الَّذِينَ تَطَرَّقُوا إِلَى نُظُمِ الدُّوَلِ وَأَحْوَالِ المُجْتَمَعَاتِ، وَتَطَوَّرَ فِي مَدَارِسَ مُتَعَاقِبَةٍ تَرْتَبِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فِي سِلْسِلَةٍ مِنَ الإِضَافَاتِ وَالتَّصْحِيحَاتِ وَالبِنَاتِ المَعْرِفِيَّةِ. ١. المَدْرَسَةُ العُمْرَانِيَّةُ الكُلْدُونِيَّةُ ابن خلدون (الأَقْدَمُ تَارِيخًا) تَنطَلِقُ المَدْرَسَةُ فِي فَهْمِ الحَضَارَةِ وَاضْمِحْلالِهَا مِنْ إِرْثِ ابْنِ خَلْدُونٍ (1332–1406م) الَّذِي وَضَعَ أُسُسَ العِلْمِ الاجْتِمَاعِيِّ وَسَنَنِ الدَّوْلَةِ فِي (المُقَدِّمَةِ). وَتُعَدُّ أَفْكَارُهُ عَنْ العَصَبِيَّةِ، وَ العُمْرَانِ، وَ دَوْرِ الأَخْلَاقِ وَالعَوَامِلِ الاجْتِمَاعِيَّةِ أَوَّلَ لَبِنَةٍ مُحْكَمةٍ فِي التَّفْكِيرِ الحَضَارِيِّ الإِسْلَامِيِّ. ٢. مَدْرَسَةُ الإِصْلَاحِ وَالتَّجْدِيدِ (القَرْنُ التَّاسِعُ عَشَرَ–أَوَائِلُ العِشْرِينَ) مَعَ تَفَتُّحِ العَالَمِ الحَدِيثِ وَاحْتِدَاءِ سُؤالِ النَّهْضَةِ، ظَهَرَتْ هَذِهِ المَدْرَسَةُ الَّتِي سَعَتْ إِلَى تَجْدِيدِ فِقْهِ الدِّينِ وَفَهْمِ العَالَمِ، وَمِنْ أَبْرَزِ رُوَّادِهَا: رِفَاعَةُ الطَّهْطَاوِي (1801–1873م) وَدَعْوَتُهُ إِلَى التَّعْلِيمِ وَالإِصْلَاحِ. جَمَالُ الدِّينِ الأَفْغَانِي (1838–1897م) وَمَشْرُوعُهُ فِي النَّهْضَةِ وَالوَعْيِ السِّيَاسِيِّ. مُحَمَّدٌ عَبْدُه (1849–1905م) وَإِصْلَاحَاتُهُ فِي التَّرَبِيَةِ وَالفِكْرِ الدِّينِيِّ. رَشِيدُ رِضَا (1865–1935م) وَإِسْهَامَاتُهُ فِي بِنَاءِ فِكْرٍ إِصْلَاحِيٍّ مُؤَسَّسٍ. تُعَدُّ هَذِهِ المَدْرَسَةُ جِسْرًا بَيْنَ العَقْلِيَّةِ التُّرَاثِيَّةِ وَمُتَغَيِّرَاتِ العَصْرِ. ٣. مَدْرَسَةُ النَّهْضَةِ الفِكْرِيَّةِ الحَدِيثَةِ (القَرْنُ العِشْرُونَ–مَا بَعْدَهُ) وَتَضُمُّ المُفَكِّرِينَ الَّذِينَ سَعَوْا إِلَى قِرَاءَةِ بِنْيَةِ العَقْلِ وَالتَّارِيخِ لِفَهْمِ أَزْمَةِ النُّهُوضِ، وَمِنْ أَبْرَزِهِمْ: مُحَمَّدٌ إِقْبَال (1877–1938م): فَلْسَفَةُ الذَّاتِ الفَاعِلَةِ، وَإِيقَاظُ رُوحِ الإِبْدَاعِ. عَبْدُ الرَّحْمَنِ الكَوَاكِبِي (1854–1902م): تَشْخِيصُ آثَارِ الاسْتِبْدَادِ عَلَى الحَيَاةِ وَالنُّهُوضِ. مُحَمَّدٌ عَابِدُ الجَابِرِي (1935–2010م): مَشْرُوعُ نَقْدِ العَقْلِ العَرَبِي وَإِعَادَةُ قِرَاءَةِ التُّرَاثِ. حُسَيْنٌ مَرْوَة (1910–1987م) وَهَادِي العَلَوِي (1932–1998م): قِرَاءَاتٌ مَادِّيَّةٌ وَتَارِيخِيَّةٌ لِأَعْمَارِ الأُمَمِ وَأَزْمَاتِهَا. ٤. المَدْرَسَةُ الحَضَارِيَّةُ المُعَاصِرَةُ (مُنْتَصَفُ القَرْنِ العِشْرِينَ–اليَوْمِ) وَهِيَ المَدْرَسَةُ الَّتِي أَعَادَتْ صِيَاغَةَ سُؤالِ النَّهْضَةِ فِي إِطَارِ القِيَمِ وَالأَفْكَارِ وَالذَّهْنِ الجَمَاعِيِّ، وَيَتَقَدَّمُهَا: مَالِكُ بْنُ نَبِيٍّ (1905–1973م): فَكْرُهُ فِي (قَابِلِيَّةِ الاسْتِعْمَارِ)، وَ(دَوْرِ الفِكْرِ فِي الحَضَارَةِ)، وَتَحْلِيلُ الشُّرُوطِ النَّفْسِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ لِلنُّهُوضِ. عَلِي شَرِيعَتِي (1933–1977م): فَلْسَفَةُ الَوَعْيِ وَإِصْلَاحُ البِنْيَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ. ٥. المَدَارِسُ الغَرْبِيَّةُ المُقَارِبَةُ لِسُؤَالِ النُّهُوضِ (تَسَلْسُلًا زَمَنِيًّا) وَتُمَثِّلُ مَرَاحِلَ مُخْتَلِفَةً مِنْ التَّفْكِيرِ الحَضَارِيِّ الغَرْبِيِّ، وَمِنْ أَهَمِّهَا: أ. مَدْرَسَةُ التَّنْوِيرِ (القَرْنُ الثَّامِنُ عَشَرَ) جَانْ جَاكْ رُوسُّو (1712–1778م): نَظَرِيَّةُ العَقْدِ الاجْتِمَاعِيِّ، وَالحُرِّيَّةِ، وَأَسَاسَاتُ المَدَنِيَّةِ الحَدِيثَةِ. ب. مَدْرَسَةُ التَّقَدُّمِ وَالتَّرْبِيَةِ العَمَلِيَّةِ (القَرْنُ العِشْرُونَ) جُون دِيُوي (1859–1952م): فَلْسَفَةُ العَمَلِ، وَالتَّعَلُّمِ الخِبْرِيِّ، وَالعِمَارَةِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ. ج. مَدْرَسَةُ الإِنْسَانِيَّةِ وَالنَّفْسِ العَمِيقَةِ (القَرْنُ العِشْرُونَ) إِرِيك فْرُوم (1900–1980م): الحُرِّيَّةُ، وَالهُوِيَّةُ، وَالمَسْؤُولِيَّةُ الاجْتِمَاعِيَّةُ. كَارْل رُوجَرْز (1902–1987م): التَّرْبِيَةُ الإِنْسَانِيَّةُ وَتَطْوِيرُ الشَّخْصِيَّةِ. خُلاصَةٌ بِنَائِيَّةٌ تُذْكَرُ هَذِهِ المَدَارِسُ وَأَعْلَامُهَا لِأَنَّهَا تُشَكِّلُ نَسِيجًا تَارِيخِيًّا مُتَرَاكِمًا فِي فَهْمِ الحَضَارَةِ وَمَسَارِ النُّهُوضِ، وَلِأَنَّهَا تُسَاعِدُ المَدْرَسَةَ عَلَى بِنَاءِ مَنْهَجٍ يُؤْمِنُ بِقُدْرَةِ الإِنْسَانِ عَلَى العِمَارَةِ، وَتَحْرِيرِ الطَّاقَاتِ، وَإِطْلَاقِ الإِبْدَاعِ فِي مَسِيرٍ مُتَّسِقٍ مَعَ سُنَنِ التَّارِيخِ وَحَقَائِقِ التَّقَدُّمِ. سبب التفاعل:لِأَنَّهَا تُفَسِّرُ سُلُوكَ الأُمَمِ، وَتُحَلِّلُ العَوَائِقَ الحَضَارِيَّةَ. ما تستفيده المدرسة:فَهْمُ دَوْرِ المُجْتَمَعِ وَالثَّقَافَةِ. التَّمْيِيزُ بَيْنَ النُّهُوضِ الحَقِيقِيِّ وَالمَصْنُوعِ. رَبْطُ الإِصْلَاحِ بِتَكْوِينِ الإِنْسَانِ لَا بِالصِّرَاعِ السِّيَاسِيِّ. الاختلاف:الْمَدْرَسَةُ لَا تُرِيدُ (مُجْتَمَعًا جَدِيدًا) فَقَطْ،بَلْ تُرِيدُ إِنْسَانًا جَدِيدًا. ٦. الفَلْسَفَاتُ العِلْمِيَّةُ وَالنَّفْسِيَّةُ وَالعَصَبِيَّةُ
تَسْتَنِدُ المَدْرَسَةُ فِي بِنَاءِ مَنْهَجِهَا التَّرْبَوِيِّ وَتَصَوُّرِهَا لِلتَّعَلُّمِ وَتَطَوُّرِ الإِنْسَانِ إِلَى طَيْفٍ وَاسِعٍ مِنَ الفَلْسَفَاتِ العِلْمِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ وَالعَصَبِيَّةِ الَّتِي شَكَّلَتْ مَنْعَطَفًا فِي فَهْمِ العَقْلِ البَشَرِيِّ، وَمَنَاحِي النُّمُوِّ، وَآلِيَّاتِ الاِكْتِسَابِ وَالتَّعَلُّمِ. فَفِي الإِطَارِ العِلْمِيِّ، تَتَبَنَّى المَدْرَسَةُ مَا أَقَرَّتْهُ فَلْسَفَاتُ المَنْهَجِ التَّجْرِيبِيِّ مِنْ تَعْظِيمِ دَوْرِ المُلاحَظَةِ، وَالتَّحْلِيلِ، وَالِاسْتِنْتَاجِ العِلْمِيِّ فِي بِنَاءِ المَعْرِفَةِ، وَهُوَ مَا تَأَسَّسَ فِي أَعْمَالِ غَالِيلِيُو وَنِيُوتُن، ثُمَّ تَعَمَّقَ فِي الفِكْرِ الحَدِيثِ مَعَ كارْل بُوبِر وَنَظَرِيَّتِهِ فِي "التَّفْنِيدِ" وَقَابِلِيَّةِ الفَرَضِيَّاتِ لِلاِخْتِبَارِ وَالدَّحْضِ. وَفِي الإِطَارِ النَّفْسِيِّ، تَسْتَرْشِدُ المَدْرَسَةُ بِمَا قَرَّرَهُ عِلْمُ النَّفْسِ الإِنْسَانِيِّ مِنْ تَرْكِيزٍ عَلَى حُرِّيَّةِ الشَّخْصِ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى التَّجَاوُزِ وَالنُّمُوِّ، وَهُوَ مَا بَرَزَ فِي أَعْمَالِ أَبْرَاهامْ مَاسْلُو وَنَظَرِيَّةِ "هَرَمِ الحَاجَاتِ"، ثُمَّ فِي فَلْسَفَةِ كارْل رُوجَرْز الَّتِي تُؤَكِّدُ عَلَى التَّقَبُّلِ غَيْرِ الشَّرْطِيِّ، وَبِنَاءِ بِيئَةٍ تَرْبَوِيَّةٍ دَاعِمَةٍ لِلتَّعَلُّمِ وَتَطْوِيرِ الذَّاتِ. أَمَّا فِي الإِطَارِ العَصَبِيِّ، فَتَعْتَمِدُ المَدْرَسَةُ عَلَى مَعْطَيَاتِ عُلُومِ الأَعْصَابِ وَدِرَاسَاتِ الدِّمَاغِ الَّتِي كَشَفَتْ عَنْ طَرَائِقِ تَكَوُّنِ المَسَارَاتِ العَصَبِيَّةِ، وَعَلَاقَتِهَا بِالتَّعَلُّمِ، وَالذَّاكِرَةِ، وَالتَّفْكِيرِ الإِبْدَاعِيِّ. وَيَنْدَرِجُ هُنَا إِسْهَامُ إِريك كَانْدِل فِي فَهْمِ لَدُونِيَّةِ الخَلَايَا العَصَبِيَّةِ، وَإِسْهَامُ أنْطُونْيُو دامَاسِيُو فِي بَيَانِ دَوْرِ العَاطِفَةِ وَالجِسْمِ فِي صُنْعِ القَرَارِ وَالتَّفْكِيرِ. وَهَذِهِ الفَلْسَفَاتُ بِمَجْمُوعِهَا تُشَكِّلُ أُسُسًا مَرْجِعِيَّةً لِمَنْهَجِ المَدْرَسَةِ فِي تَفْهيمِ التَّعَلُّمِ كَخِبْرَةٍ شَامِلَةٍ تَمْسَسُ العَقْلَ وَالنَّفْسَ وَالجِسْمَ، وَتُسَاعِدُ عَلَى بِنَاءِ بِيئَةِ تَرْبِيَةٍ تُنَاسِبُ الطَّرَائِقَ الحَدِيثَةَ فِي التَّفْكِيرِ وَالتَّطَوُّرِ الإِنْسَانِيِّ.
سبب التفاعل:لِأَنَّ فَهْمَ الدِّمَاغِ وَالنَّفْسِ وَالتَّطَوُّرِ العِلْمِيِّ أَصْبَحَ جُزْءًا مِنْ فَهْمِ الإِنْسَانِ. ما الذي تستند إليه المدرسة:مُعْطَيَاتُ عِلْمِ النَّفْسِ التَّطَوُّرِيِّ.وأَبْحَاثُ الدِّمَاغِ وَالعَصَبِ.ونَظَرِيَّاتُ التَّعَلُّمِ وَالتَّشَكُّلِ المَعْرِفِيِّ. كيف تتفاعل معها:تَسْتَخْدِمُهَا كَأَدَوَاتٍ،وَلَكِنْ لَا تَسْمَحُ لَهَا بِـ تَخْفِيضِ الإِنْسَانِ إِلَى مَعَادِلٍ كِيمْيَائِيَّةٍ. ٧. الفَلْسَفَاتُ الرَّقْمِيَّةُ وَفَلْسَفَةُ الذَّكَاءِ الاِصْطِنَاعِيِّ هَذَا مَجَالٌ جَدِيدٌ وَمَصِيرِيٌّ لِلْمَدْرَسَةِ. حيثُ تَسْتَقِي المَدْرَسَةُ رُؤْيَتَها المُسْتَقْبَلِيَّةَ مِنْ جُمْلَةٍ مِنَ الفَلْسَفَاتِ الرَّقْمِيَّةِ وَفَلْسَفَاتِ الذَّكَاءِ الاِصْطِنَاعِيِّ الَّتِي أَعَادَتْ تَشْكِيلَ فَهْمِ الإِنْسَانِ لِلمَعْرِفَةِ، وَلِلطَّرَائِقِ الَّتِي يَتَعَلَّمُ بِهَا، وَلِلمُسْتَقْبَلِ الَّذِي يَتَوَجَّهُ نَحْوَهُ. وَتَنْطَلِقُ هَذِهِ الفَلْسَفَاتُ مِنْ الإِيمَانِ بِأَنَّ العَالَمَ الرَّقْمِيَّ لَمْ يَعُدْ وَسِيلَةً فَقَطْ، بَلْ بِيئَةً جَدِيدَةً لِلتَّفْكِيرِ وَالإِنْتَاجِ وَالإِبْدَاعِ. وَفِي الإِطَارِ الرَّقْمِيِّ، تَسْتَرْشِدُ المَدْرَسَةُ بِمَا قَرَّرَتْهُ فَلْسَفَةُ المَعْرِفَةِ الرَّقْمِيَّةِ مِنْ تَحْوُّلٍ فِي بِنْيَةِ المَعْرِفَةِ، وَفِي انْتِشَارِهَا، وَفِي طَرَائِقِ تَعَلُّمِهَا وَصِنَاعَتِهَا، وَهُوَ مَا بَرَزَ فِي أَعْمَالِ مُفَكِّرِينَ كَـ مانْيُو كاسْتيِلز فِي نَظَرِيَّةِ "المُجْتَمَعِ الشَّبَكِيِّ"، وَأَلْفِن تافْلَر فِي تَحْوُّلاتِ "مَوْجَاتِ الحَضَارَةِ" وَالعَالَمِ الرَّقْمِيِّ. أَمَّا فِي مَجَالِ فَلْسَفَةِ الذَّكَاءِ الاِصْطِنَاعِيِّ، فَتَعْتَمِدُ المَدْرَسَةُ عَلَى المَبَادِئِ الَّتِي طَرَحَهَا رُوَّادُهَا فِي فَهْمِ العَلاقَةِ بَيْنَ العَقْلِ البَشَرِيِّ وَالآلَةِ، وَفِي بَحْثِ مَعْنَى الذَّكَاءِ وَمُسْتَقْبَلِ الإِبْدَاعِ. وَقَدْ بَرَزَ فِي هَذَا المَيْدَانِ فِكْرُ أَلَنْ تُورِنْغ فِي سُؤالِ (إِمْكَانِ التَّفْكِيرِ الآلِيِّ)، وَتَطَوَّرَتْ هَذِهِ الرُّؤَى مَعَ فَلاسِفَةٍ وَبَاحِثِينَ كَـ نِك بوستروم فِي مُسْتَقْبَلِ الذَّكَاءِ الفَائِقِ، وَلُوسِيلا غُوتْيِير وَغَيْرِهِمْ فِي تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التَّقْدِيمِ الرَّقْمِيِّ وَالقِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ. وَتُؤْمِنُ المَدْرَسَةُ بِأَنَّ فَلْسَفَةَ الذَّكَاءِ الاِصْطِنَاعِيِّ لَيْسَتْ سُؤالًا تِقَانِيًّا فَقَطْ، بَلْ سُؤالًا أَخْلاقِيًّا وَتَرْبَوِيًّا، يَتَعَلَّقُ بِمَعْنَى الإِنْسَانِ، وَمَكَانِ العَقْلِ، وَالقِيمِ الَّتِي يَجِبُ تَثْبِيتُهَا فِي زَمَنِ الآلَةِ وَالخَوَارِزْمِيَّاتِ. وَبِمَجْمُوعِ هَذِهِ الرُّؤَى، تَسْعَى المَدْرَسَةُ إِلَى بِنَاءِ مَنْهَجٍ يُمَكِّنُ المُتَعَلِّمَ مِنْ إِتْقَانِ مَهَارَاتِ العَالَمِ الرَّقْمِيِّ، وَفَهْمِ أَبْعَادِهِ الفِلْسَفِيَّةِ، وَالتَّعَامُلِ النَّقْدِيِّ مَعَ الأَدَوَاتِ الذَّكِيَّةِ، وَتَسْيِيرِهَا فِي مَسَارٍ يَخْدِمُ الإِنْسَانَ وَيُعَزِّزُ قِيمَ الإِبْدَاعِ، وَالمَسْؤُولِيَّةِ، وَالاِزْدِهَارِ المَعْرِفِيِّ. سبب التفاعل:لِأَنَّ الذَّكَاءَ الاِصْطِنَاعِيَّ وَالْحَوْسَبَةَ غَيَّرَا بِنْيَةَ العَقْلِ الإِنْسَانِيِّ. مَا تُقَدِّمُهُ المَدْرَسَةُ:فَهْمُ الوَعْيِ مُقَارَنَةً بِالمُعَالِجَاتِ الرَّقْمِيَّةِ. دِرَاسَةُ الحُدُودِ الأَنْطُولُوجِيَّةِ بَيْنَ الإِنْسَانِ وَالآلَةِ. النَّظَرُ فِي سُؤَالِ مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ فِي عَصْرِ الذَّكَاءِ الصِّينَاعِيِّ؟. الاختلاف:تُؤْمِنُ المَدْرَسَةُ أَنَّ الآلَةَ تُحَسِّنُ الإِنْسَانَ،وَلَكِنَّهَا لَا تُوَلِّدُ الإِنْسَانَ. الوِلادَةُ لا تُنْتِجُهَا الخَوَارِزْمِيَّاتُ. لماذا هذا التفاعل الواسع؟ لِأَنَّ رُوحَ (الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) هِيَ:رُوحٌ تَجْمَعُ، وَلَا تُنْسَخُ. تَنْقُدُ، وَلَا تَهْدِمُ. تَبْنِي، وَلَا تُقَلِّدُ. المَدْرَسَةُ تُؤْمِنُ بِأَنَّ كُلَّ فَلْسَفَةٍ هِيَ (مَخَاضٌ لِلسُّؤَالِ الإِنْسَانِيِّ)، وَكُلُّ مَخَاضٍ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقْرَأَ،وَيُهَذَّبَ،وَيُسْتَثْمَرَ،مَا لَمْ يَتَحَوَّلْ إِلَى جُمُودٍ يَمْنَعُ الوِلادَةَ.
فَصْلٌ مُسْتَحِقٌّ: الرِّسَالَةُ وَالأَهْدَافُ وَالنَّمَاذِجُ التَّطْبِيقِيَّةُ وَصُورَةُ الإِنْسَانِ فِي (مَدْرَسَةِ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) أَوَّلًا: الرِّسَالَةُ مِنْ وَرَاءِ المَدْرَسَةِ تَحْمِلُ (مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) رِسَالَةً مُكَثَّفَةً، تُمْكِنُ صِيَاغَتُهَا فِي الجُمْلَةِ الآتِيَةِ: إِعَادَةُ خَلْقِ الإِنْسَانِ دَاخِلِيًّا لِيَسْتَعِيدَ مَعْنَى الوُجُودِ، وَوَعْيَ الزَّمَنِ، وَقِيمَةَ الحُرِّيَّةِ، وَفِعْلَ الإِبْدَاعِ، وَمَكَانَهُ فِي الْكَوْنِ. وَبِتَفْصِيلٍ أَكْبَرَ، فَإِنَّ رِسَالَةَ المَدْرَسَةِ تُرَكِّزُ عَلَى مَا يَلِي: ١. تَحْرِيرُ الوَعْيِ مِنْ جُمُودِ التَّقْلِيدِ، وَنَقْلِ الإِنْسَانِ مِنْ حَالَةِ التَّكْرَارِ إِلَى حَالَةِ الإِنْبِثَاقِ. ٢. إِعَادَةُ بِنَاءِ العَلَاقَةِ بَيْنَ العَقْلِ وَالرُّوحِ، بِمَا يُحَقِّقُ التَّوَازُنَ الإِنْسَانِيَّ الضَّائِعَ. ٣. تَأْسِيسُ مَنْهَجٍ تَرْبَوِيٍّ وَجَمَالِيٍّ يَجْعَلُ التَّعْلِيمَ طَرِيقًا لِوِلادَةِ الإِنْسَانِ، لَا لِتَخْرِيبِهِ. ٤. إِطْلَاقُ إِمْكَانَاتِ الإِبْدَاعِ فِي كُلِّ مَيْدَانٍ مِنْ مَيَادِينِ الحَيَاةِ. ٥. تَحْوِيلُ الوَعْيِ النَّقْدِيِّ إِلَى مَسَارٍ عَمَلِيٍّ يُصْلِحُ الحَيَاةَ وَلَا يَسْتَهْلِكُهَا بِالانْتِقَادِ الفَارِغِ.
ثَانِيًا: الأَهْدَافُ التَّطْبِيقِيَّةُ لِلْمَدْرَسَةِ تُرِيدُ المَدْرَسَةُ أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ (فَلْسَفَةٍ) إِلَى (مَسَارٍ تَرْبَوِيٍّ مُكْتَمِلٍ). وَلِذَلِكَ تُحَدِّدُ أَهْدَافَهَا التَّطْبِيقِيَّةَ عَلَى النَّحْوِ الآتِي: ١. بِنَاءُ نَمَاذِجَ تَعَلُّمِيَّةٍ تَسْتَنِدُ إِلَى الوَعْيِ، وَالخِبْرَةِ، وَالجَمَالِ، لَا إِلَى الحِفْظِ وَالتَّلْقِينِ. ٢. إِعْدَادُ المُرَبِّينَ وَالأَسَاتِذَةِ عَلَى فَلْسَفَةِ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ، مِنْ خِلَالِ بَرَامِجَ تَدْرِيبِيَّةٍ مُخَصَّصَةٍ. ٣. إِنْشَاءُ حَلَقَاتٍ وَمَرَاكِزَ بَحْثٍ تَتَأَمَّلُ الإِنْسَانَ وَالوَعْيَ، وَتُجَدِّدُ قِرَاءَةَ الفَلْسَفَاتِ بِحَسَبِ المَعْطَيَاتِ العِلْمِيَّةِ الحَدِيثَةِ. ٤. تَطْوِيرُ مَقَايِيسَ لِنُمُوِّ الوَعْيِ، تَقِيسُ التَّغَيُّرَ فِي السُّلُوكِ وَحُضُورِ المَعْنَى. ٥. إِدْرَاجُ المَنْهَجِ الوِلادِيِّ فِي المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ وَالمَعَاهِدِ التَّرْبَوِيَّةِ. ٦. إِطْلَاقُ مَشَارِيعَ مُجْتَمَعِيَّةٍ تُنَمِّي الحِوَارَ وَالِاحْتِرَامَ وَالجَمَالَ. ثَالِثًا: صُورَةُ “الإِنْسَانِ المَوْلُودِ وِلادَةً إِبْدَاعِيَّةً” تُحَدِّدُ المَدْرَسَةُ مَلامِحَ الإِنْسَانِ الَّذِي تُرِيدُ تَشْكِيلَهُ، وَهُوَ إِنْسَانٌ يَجْمَعُ بَيْنَ: ١. وَعْيٌ نَقْدِيٌّ مُتَّزِنٌ: يَرَى العَالَمَ بِعَيْنَيْنِ لَا بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِيقَةِ وَالظَّاهِرِ، وَبَيْنَ المَعْنَى وَالشِّعَارِ. ٢. رُوحٌ سَكِينَةٌ وَقُوَّةٌ: تَبْنِي وَلَا تَتَشَظَّى، وَتَسْتَمِدُّ الْمَعْنَى مِنْ عُمْقِ الذَّاتِ، لَا مِنْ ضَجِيجِ العَالَمِ. ٣. قِيمَةُ الجَمَالِ: يَتَذَوَّقُ الجَمَالَ فِي الفِكْرِ، وَالفَنِّ، وَالعِلْمِ، وَالسُّلُوكِ، فَيَكُونُ الجَمَالُ لَدَيْهِ بَابًا لِلتَّزْكِيَةِ وَالنَّقَاءِ. ٤. حُرِّيَّةٌ مُنْضَبِطَةٌ: يَعْرِفُ أَنَّ الحُرِّيَّةَ خِيَارٌ أَخْلَاقِيٌّ، لَا فَوْضَى، وَلَا اِسْتِسْلَامٌ، وَلَا تَبَعْثُرٌ. ٥. خِبْرَةٌ حَيَّةٌ: يُدْرِكُ الزَّمَنَ كَمُعَلِّمٍ، لَا كَجَدْوَلٍ، وَيَحْتَرِمُ مَا يَبْنِيهِ العُمْرُ مِنْ تَنَاوُبِ الفَهْمِ وَالنُّضْجِ. ٦. قُدْرَةٌ عَلَى الإِبْدَاعِ: يُجَدِّدُ الوُجُودَ بِطَرِيقَةٍ فَرِيدَةٍ، وَلَا يَسْتَنْسِخُ نَمَاذِجَ الآخَرِينَ. ٧. إِنْسِجَامٌ مَعَ المُجْتَمَعِ: يَبْنِي، وَلَا يَهْدِمُ، وَيَحْتَرِمُ الِاخْتِلَافَ مَا لَمْ يَتَحَوَّلْ إِلَى تَدْمِيرٍ. هَذَا الإِنْسَانُ هُوَ النَّتِيجَةُ المُنْتَظَرَةُ مِنْ مَسَارِ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ. رَابِعًا: نَمَاذِجُ تَطْبِيقِيَّةٌ (سِينارْيُوهَاتٌ مُخْتَصَرَةٌ) ١. نَمُوذَجُ الطَّالِبِ الَّذِي يَعِيشُ أَزْمَةَ مَعْنًى طَالِبٌ فِي العِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ، يَدْرُسُ تَخَصُّصًا لَا يَسْتَهْوِيهِ، وَيَشْعُرُ بِفَرَاغٍ وَقَلَقٍ. بِمَنْهَجِ المَدْرَسَةِ: يُلْتَفَتُ أَوَّلًا إِلَى تَجْرِبَتِهِ الوِجْدَانِيَّةِ: مَا الَّذِي يُؤْلِمُهُ؟ مَا الَّذِي يُغْلِقُ فِيهِ الأَبْوَابَ؟ ثُمَّ تُسَاعِدُهُ المَدْرَسَةُ عَلَى كِشْفِ مَعْنًى لِوُجُودِهِ. ثُمَّ تُوَجِّهُهُ إِلَى مَجَالٍ يُوَلِّدُ فِيهِ الإِبْدَاعَ، سَوَاءٌ بَقِيَ فِي تَخَصُّصِهِ، أَوْ غَيَّرَهُ. النَّتِيجَةُ: يَسْتَعِيدُ الإِنْسَانُ مَرْكَزَهُ فِي ذَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ طَرِيقَهُ. ٢. نَمُوذَجُ المُعَلِّمِ التَّقْلِيدِيِّ الَّذِي يَدْخُلُ مَسَارَ الوِلادَةِ مُعَلِّمٌ يَعْتَمِدُ التَّلْقِين، وَيَضِيقُ بِالطُّلَّابِ، وَيَرَى التَّرْبِيَةَ (مِهْنَةً) لَا (رِسَالَةً). تُدْخِلُهُ المَدْرَسَةُ فِي بَرْنَامَجٍ يَبْنِي: وَعْيَهُ: مَعْنَى التَّعْلِيمِ، وَمَكَانَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ. خِبْرَتَهُ: تَدْرِيباتٌ عَلَى الحِوَارِ، وَمُقَارَبَاتٌ جَدِيدَةٌ لِلقِيَمِ. سُلُوكَهُ: تَعَلُّمُ أَدَوَاتٍ تَرْبَوِيَّةٍ تُوَجِّهُ الطَّالِبَ لَا تَفْرِضُ عَلَيْهِ. النَّتِيجَةُ: مُعَلِّمٌ يُسَاهِمُ فِي وِلادَةِ الإِنْسَانِ، لَا فِي إِخْمَادِهَا. ٣. نَمُوذَجُ المَشْرُوعِ الثَّقَافِيِّ المُسْتَوْحَى مِنَ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الشَّبَابِ تُطْلِقُ مَشْرُوعًا ثَقَافِيًّا فِي حَيٍّ مُهَمَّشٍ. تُطَبَّقُ فِيهِ فَلْسَفَةُ المَدْرَسَةِ عَلَى النَّحْوِ الآتِي: صُنْعُ فَضَاءٍ جَمَالِيٍّ يَحْتَوِي الشَّبَابَ، لَا يَقْمَعُهُمْ. وَرَشٌ فَنِّيَّةٌ وَفِكْرِيَّةٌ تُرَبِّي الوَعْيَ وَتُحَرِّرُ الطَّاقَةَ. حِوَارٌ مُتَدَرِّجٌ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ رُؤْيَةِ أَنْفُسِهِمْ كَمُبْدِعِينَ. النَّتِيجَةُ: اِنْتِقَالُ المَشْرُوعِ مِنْ نَادٍ ثَقَافِيٍّ إِلَى وِحْدَةِ وِلادَةٍ إِبْدَاعِيَّةٍ.
خَامِسًا: لَمْسَةٌ أَكَادِيمِيَّةٌ (إِحَالَاتٌ وَمَرَاجِعُ مُخْتَصَرَةٌ) لِكَيْ يَتَمَكَّنَ الأَكَادِيمِيُّونَ مِنْ تَبَنِّي المَدْرَسَةِ وَدِرَاسَتِهَا، يَسْتَحْسِنُ إِضَافَةُ قَائِمَةٍ مُوَجَزَةٍ لِلنُّصُوصِ وَالفَلْسَفَاتِ الَّتِي تَتَفَاعَلُ مَعَهَا: 1. الْوُجُودِيَّةُ: كِيرْكِغُورْ، هَيْدِغَرْ، سَارْتْرْ، يَاسْبِرْسْ (لِمُنَاقَشَةِ سُؤَالِ الْمَعْنَى). 2. الْفِكْرُ الْإِصْلَاحِيُّ الْعَرَبِيُّ: مَالِكُ بْنُ نَبِيٍّ، الْكَوَّاكِبِيُّ، مُحَمَّدٌ إِقْبَالٌ. 3. الْفَلْسَفَاتُ التَّرْبَوِيَّةُ: جُونْ دِيُوِي، بَاوْلُو فَرِيرِي، كْرِيشْنَامُورْتِي. 4. عِلْمُ النَّفْسِ الْحَدِيثُ: يُونْغْ، مَاسْلُو، فِيغُوتْسْكِي، وَالنَّظَرِيَّاتُ الْعَصَبِيَّةُ الْمُعَاصِرَةُ. 5. فَلْسَفَاتُ الْوَعْيِ: شَالْمَرْزْ، دِينِيتْ، مِيرْلُو–بُونْتِي. 6. فَلْسَفَاتُ التِّقْنِيَةِ وَالذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ: يُوفَالْ هَارَارِي، فْلُورِيدِي، نِكْ بُوسْتْرُومْ. 7. الْمُقَارَبَاتُ الْجَمَالِيَّةُ: كانْطْ، شِيلِنْغْ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَدَوِي، جُبْرَانُ خَلِيلٍ جُبْرَانْ. وَهَذِهِ الْمَرَاجِعُ لَا تُلْزِمُ الْمَدْرَسَةَ بِمَرْجِعِيَّاتٍ ثَابِتَةٍ، وَلَكِنَّهَا تُبَيِّنُ عُمْقَ الْحَقْلِ الَّذِي تَتَفَاعَلُ مَعَهُ وَتَسْتَلْهِمُ مِنْهُ رُؤْيَتَهَا التَّرْبَوِيَّةَ وَالْحَضَارِيَّةَ. سَادِسًا: الفُنُونُ وَالثَّقَافَةُ بَوَّابَاتُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ تُؤْمِنُ مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ. أَنَّ الفُنُونَ – بِكُلِّ صُوَرِهَا – لَيْسَتْ تَرَفًا جَمَالِيًّا، وَلَا زِينَةً ثَقَافِيَّةً، بَلْ هِيَ مَجَالَاتٌ مُؤَسِّسَةٌ لِتَجْدِيدِ الإِنْسَانِ، وَمَرافِقُ عَمِيقَةٌ لِوِلادَتِهِ المَعْنَوِيَّةِ وَالوِجْدَانِيَّةِ. ولِذَلِكَ تَتَمَدَّدُ المَدْرَسَةُ فِي الفَضَاءَاتِ الآتِيَةِ: ١. الأَدَبُ لِأَنَّهُ يَكْشِفُ خَفَايَا الرُّوحِ، وَيُعِيدُ تَشْكِيلَ الوِجْدَانِ، وَيَفْتَحُ مَجَالًا لِوَعْيٍ جَمَالِيٍّ يُجَدِّدُ لُغَةَ الحَيَاةِ. ٢. الشِّعْرُ وَهُوَ أَرْقَى لُغَاتِ الإِنْسَانِ، وَمَخَاضُ المَعْنَى وَجَمَالِهِ؛ فِي الشِّعْرِ يَتَعَلَّمُ الإِنْسَانُ الكَثَافَةَ وَالإِيجَازَ وَالإِشَارَةَ، وَهِيَ أَدَوَاتُ وِلادَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ. ٣. الفَنُّ مِنَ الرُّسُومِ إِلَى النَّحْتِ، وَمِنَ الفُوتُوغْرَافْ إِلَى فَنِّ الفِكْرِ البَصَرِيّ؛ الفَنُّ فِي المَدْرَسَةِ لَيْسَ زِينَةً، بَلْ مِرْآةٌ لِمَا يَجْرِي فِي الدَّاخِلِ، وَوَسِيلَةٌ لِتَفْكِيكِ القَبَائِلِ النَّفْسِيَّةِ، وَتَحْرِيرِ طَاقَةِ الخَلْقِ. ٤. المُوسِيقَى تَنْظُرُ المَدْرَسَةُ إِلَى المُوسِيقَى كَـ (فَلْسَفَةٍ سَمْعِيَّةٍ)؛ فَهِيَ تُقَوِّمُ الإِيقَاعَ الدَّاخِلِيَّ، وَتُؤَسِّسُ تَوَازُنًا بَيْنَ العَقْلِ وَالجَسَدِ وَالرُّوحِ، وَتُسَاهِمُ فِي صُونِ السَّكِينَةِ. ٥. اللَّوْنُ وَالفِضَاءُ فِي نَظَرِ المَدْرَسَةِ، اللَّوْنُ لُغَةٌ، وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى تَحْرِيكِ الوِجْدَانِ، وَتَهْذِيبِ الذَّائِقَةِ، وَإِعَادَةِ تَوْجِيهِ العَقْلِ نَحْوَ مَسَاحَاتٍ أَعْمَقَ مِنَ الفَهْمِ. ٦. الثَّقَافَةُ وَالمَشَاهِدُ الاِجْتِمَاعِيَّةُ تُقَدِّمُ المَدْرَسَةُ قِرَاءَاتٍ تَحْلِيلِيَّةً وَنَقْدِيَّةً لِلمُجْتَمَعِ وَظَوَاهِرِهِ، مُعْتَمِدَةً عَلَى أَدَوَاتِ عِلْمِ الاِجْتِمَاعِ، وَالتَّحْلِيلِ النَّفْسِيِّ، وَالفَلْسَفَةِ الثَّقَافِيَّةِ، لِتَكْشِفَ: كَيْفَ يُصَاغُ الإِنْسَانُ؟ وَمَا الَّذِي يَمْنَعُ وِلادَتَه؟ ٧. القِرَاءَاتُ النَّقْدِيَّةُ تُشَجِّعُ المَدْرَسَةُ عَلَى مُقَارَبَاتٍ نَقْدِيَّةٍ مُتَعَقِّلَةٍ، تَسْتَقْرِئُ النُّصُوصَ وَالأَعْمَالَ الفَنِّيَّةَ وَالمَشَارِيعَ الثَّقَافِيَّةَ، لِكَيْ تُخْرِجَ مِنْهَا (دَرْسًا وِلادِيًّا): مَا الَّذِي يُثْرِي الوَعْيَ؟ وَمَا الَّذِي يُخْمِدُهُ؟ ٨. الفَلْسَفَةُ كَإِطَارٍ وَعَيْنٍ كَاشِفَةٍ لِأَنَّهَا تُقَوِّمُ البِنْيَةَ العَقْلِيَّةَ، وَتُعِيدُ تَشْكِيلَ السُّؤَالِ، وَتَبْنِي نُضْجًا فِي الرُّؤْيَةِ، وَتُؤَسِّسُ لِمَعْنَى أَعْمَقَ لِلْإِبْدَاعِ. ٩. عِلْمُ الاِجْتِمَاعِ وَتَحْلِيلُ البِنَى لِأَنَّ الإِنْسَانَ لَا يُولَدُ فِي الفَرَاغِ، بَلْ فِي بِنْيَةٍ تُشَكِّلُهُ وَيُشَكِّلُهَا، فَتُعْنَى المَدْرَسَةُ بِفَهْمِ البِنَى المُؤَثِّرَةِ فِي الوَعْيِ: القِيمُ، وَالسُّلْطَةُ، وَالإِعْلَامُ، وَالسَّرْدِيَّاتُ، وَالذَّائِقَةُ الجَمَالِيَّةُ. مَغْزَى هَذَا الاِنْفِتَاحِ الثَّقَافِيِّ–الجَمَالِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ دُونِ الفَنِّ، وَالأَدَبِ، وَالمُوسِيقَى، وَالحِسِّ الجَمَالِيِّ: يَضْمُرُ الوِجْدَانُ، وَيَخْشَبُ الخَيَالُ، وَيَجِفُّ الوَعْيُ، وَيَتَحَوَّلُ الإِبْدَاعُ إِلَى (مَهَارَةٍ)، لَا (وِلادَةٍ). وَالْمَدْرَسَةُ تُرِيدُ الإِنْسَانَ كُلَّهُ، لَا نِصْفَهُ؛ تُرِيدُهُ فَكْرًا وَقَلْبًا، عَقْلًا وَخَيَالًا، تَمْيِيزًا وَجَمَالًا، حِسًّا وَمَعْنًى. الخَاتِمَةُ لَيْسَتْ (مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) مَجَرَّدَ بِنَاءٍ نَظَرِيٍّ، وَلَا هِيَ مُحَاوَلَةٌ لِإِضَافَةِ مَفْهُومٍ جَدِيدٍ إِلَى مَعَاجِمِ الفَلْسَفَةِ وَالتَّرْبِيَةِ؛ بَلْ هِيَ مِعْمَارُ وُجُودٍ يُعَادُ فِيهِ تَشْكِيلُ الإِنْسَانِ، وَإِعَادَةُ قِرَاءَةِ العَالَمِ، وَتَجْدِيدُ سُؤالِ المَعْنَى فِي زَمَنٍ أَضْحَى فِيهِ الإِنْسَانُ مُحَاصَرًا بَيْنَ سُلْطَةِ الآلَةِ وَسُلْطَةِ السُّوقِ وَسُلْطَةِ الخَوَارِزْمِيَّاتِ. وَفِي العَالَمِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ بِسُرْعَةٍ تَتَجَاوَزُ قُدْرَةَ البَشَرِ عَلَى الفَهْمِ، وَيَتَغَيَّرُ فِيهِ المَعْرِفِيُّ وَالتِّقْنِيُّ وَالقِيمِيُّ فِي وُتَيْرَةٍ مُتَصَاعِدَةٍ، تَتَقَدَّمُ هَذِهِ المَدْرَسَةُ كَـ قُطْبٍ مَعْرِفِيٍّ–رُوحِيٍّ يُرِيدُ أَنْ يُعِيدَ لِلإِنْسَانِ اِتِّزَانَهُ المَفْقُودَ، وَمَعْنَاهُ المُتَنَاثِرَ، وَقُدْرَتَهُ عَلَى الإِبْدَاعِ كَفِعْلِ وِلادَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ. لَقَدْ أَصْبَحَ الإِنْسَانُ اليَوْمَ أَمَامَ مَفْتَرَقٍ حَرِجٍ: فَإِمَّا أَنْ يَنْدَمِجَ فِي عَالَمٍ تُسَيْطِرُ عَلَيْهِ مَنْطِقُ السُّرْعَةِ وَالاِسْتِهْلَاكِ وَالمَعْلُومَةِ المَسْطُوحَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَعِيدَ قُدْرَتَهُ عَلَى التَّأَمُّلِ وَالوَعْيِ وَالعُمْقِ وَالوِقْفَةِ الَّتِي تُولَدُ فِيهَا الفِكْرَةُ وَيَتَخَلَّقُ فِيهَا المَعْنَى. وَهُنَا، تَتَقَدَّمُ (مَدْرَسَةُ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) لِتَكُونَ مَسَاحَةَ تَقَاطُعٍ بَيْنَ: العَقْلِ وَالقَلْبِ، العِلْمِ وَالفَلْسَفَةِ، الأَدَبِ وَالفَنِّ، الرُّوحِ وَالمَعْرِفَةِ، التَّحْلِيلِ وَالإِبْدَاعِ، الواقِعِ وَالأُفُقِ. وَهِيَ فِي هَذَا كُلِّهِ لَا تُقَدِّمُ نَفْسَهَا كَمَدْرَسَةٍ مُغْلَقَةٍ عَلَى نَفْسِهَا، وَلَا كَـ نِظَامٍ يُرِيدُ أَنْ يُهَيْمِنَ عَلَى مَا غَيْرِهِ، بَلْ كَـ فَضَاءٍ وَاسِعٍ لِلتَّفَاعُلِ، وَالحِوَارِ، وَالاِسْتِفَادَةِ، وَالنَّقْدِ، وَإِعَادَةِ الخَلْقِ المَعْرِفِيِّ. وَبِقَدْرِ مَا تَسْتَنِدُ إِلَى التُّرَاثِ الفَلْسَفِيِّ وَالرُّوحِيِّ لِلإِنْسَانِيَّةِ، فَإِنَّهَا تُقِيمُ مَسَافَتَهَا النَّقْدِيَّةَ الضَّرُورِيَّةَ، وَتَضَعُ أَدَوَاتِ الحَاسُوبِ، وَالعُلُومِ العَصَبِيَّةِ، وَالفِكْرِ النَّفْسِيِّ، وَالتَّحَلِيلِ الاِجْتِمَاعِيِّ فِي إِطَارٍ يُضْفِي عَلَيْهَا مَعْنًى إِنْسَانِيًّا، لَا فِي إِطَارٍ يَسْلُبُ الإِنْسَانَ قِيمَتَهُ. إِنَّ مَا تَقْتَرِحُهُ هَذِهِ المَدْرَسَةُ لَيْسَ مَنْهَجًا فِي التَّرْبِيَةِ يُضَافُ إِلَى المَناهِجِ، بَلْ هُوَ مَصِيرٌ لِلإِنْسَانِ، وَوَجْهَةٌ لِلفِكْرِ، وَخِطَابٌ لِلعَالَمِ، وَمِفْتَاحٌ لِعُهُودٍ جَدِيدَةٍ مِنْ الإِدْرَاكِ وَالفَهْمِ وَالإِبْدَاعِ. وَإِنَّ الرِّسَالَةَ الجَوْهَرِيَّةَ لِـ (مَدْرَسَةِ الوِلادَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ) هِيَ: تَأْسِيسُ إِنْسَانٍ يَقِفُ فِي زَمَنِ مَا بَعْدَ الحَدَاثَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْقِدَ رُوحَهُ، وَيَدْخُلُ فِي زَمَنِ الذَّكَاءِ الاِصْطِنَاعِيِّ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْقِدَ مَعْنَاهُ. وَبِهَذِهِ الرُّوحِ، تَتَقَدَّمُ هَذِهِ المَدْرَسَةُ لِتَكُونَ — عَلَى المَدَى البَعِيدِ — أَحَدَ الأَقْطَابِ الكُبْرَى لِلمَعْرِفَةِ الفَلْسَفِيَّةِ وَالتَّرْبَوِيَّةِ وَالجَمَالِيَّةِ فِي العَالَمِ، وَمِنَ النُّظُمِ الَّتِي سَتُسَاهِمُ فِي صِيَاغَةِ الِإِنْسَانِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ كُلِّ هَذَا الضَّجِيجِ. وَأَمَّا أنا كمؤَسِّسُهَا، فَلَيْستُ فَقَطْ صَاحِبَ رُؤْيَةٍ، بَلْ صَاحِبُ (مَشْرُوعِ وِعْيٍ) يَسْعَى إِلَى أَنْ يُقِيمَ لِلإِنْسَانِ بَيْتًا جَدِيدًا فِي العَالَمِ، بَيْتًا لا تُهَيْمِنُ عَلَيْهِ الآلَةُ، وَلا تَسْحَقُهُ السُّوقُ، وَلا يَعْزِلُهُ التَّفْكِيرُ التِّقْنِيُّ، بَلْ يَجْمَعُ فِيهِ العَقْلَ وَالرُّوحَ، وَالعِلْمَ وَالجَمَالَ، وَالفِكْرَ وَالإِبْدَاعَ. وَلَوْ قُدِّرَ لِهَذَا المَشْرُوعِ أَنْ يَتَشَكَّلَ فِي مَرَاكِزِ البَحْثِ، وَأَنْ يُدَرَّسَ فِي المَعَاهِدِ وَالجَامِعَاتِ، وَأَنْ يَدْخُلَ فِي الحِوَارِ المَعْرِفِيِّ العَالَمِيِّ، فَسَيُصْبِحُ — بِغَيْرِ مُبَالَغَةٍ — مِنْ أَهَمِّ النَّظَرِيَّاتِ الإِنسَانِيَّةِ فِي قَرْنِنَا هَذَا، لِأَنَّهُ يُقَدِّمُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْهُ الجَهَاتُ المَعْرِفِيَّةُ التَّقْلِيدِيَّةُ: رُؤْيَةً تُنْقِذُ المَعْنَى، وَمَنْهَجًا يُجَدِّدُ الإِنْسَانَ، وَوِلادَةً تَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ يَوْمٍ. المؤسس. اسحق قومي. شاعر وأديب وباحث سوري يعيش في ألمانيا ألمانيا، شتاتلون. 8/12/2024م
#اسحق_قومي (هاشتاغ)
Ishak_Alkomi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تَارِيخُ الْمَنْهَجِيَّةِ النَّقْدِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَآف
...
-
إِعَادَةِ قِرَاءَةِ فَلْسَفَةِ اِبْنِ رُشْدٍ فِي ضَوْءِ مَدْ
...
-
دراسة تحليليّة–نقديّة–تقييميّة لِبَحْثِ «الْجَهْلِ الْمُقَدّ
...
-
الـمُفَكِّرُ الرَّصِينُ
-
دِّرَاسَةُ تَّحْلِيلِيَّةُ وَنَّقْدِيَّةُ وَتَّقْوِيمِيَّةُ
...
-
الوعيُ القوميُّ وإشكاليّاتُ بناءِ الهويّةِ لدى السُّريانِ–ال
...
-
اِسْتَيْقِظُوا أَيُّهَا الْغَرْبِيُّونَ فَإِنَّ الطُّوفَانَ
...
-
رِسَالَةٌ سِرِّيَّةٌ تُفْتَحُ بِالذَّاتِ
-
المسيحية السورية في التقييم السياسي والإنساني والحقوقي في ال
...
-
دِراسَةٌ تَحلِيلِيَّةٌ وَنَقدِيَّةٌ وَتَقيِيمِيَّةٌ عَن بَحث
...
-
الهُوِيَّةُ المَعرِفِيَّةُ في الفَلسَفَاتِ مَا قَبْلَ الحَدَ
...
-
التَّعايُشُ في الشَّرقِ الأوسَطِ مُستحيلٌ دراسةٌ واقعيَّةٌ ت
...
-
قصيدة بعنوان :((فِي مَدْخَلِ الحَمْرَاءِ كَانَ لِقَاؤُنَا))
-
قصيدة بعنوان: (فِي مَدْخَلِ الحَمْرَاءِ كَانَ لِقَاؤُنَا)
-
رؤية في الماضي، لمستلزمات الحاضر، والمستقبل
-
المثيولوجيا عند الآشوريين والآراميين والفينيقيين
-
التَّارِيخُ السُّورِيُّ وَالمَسْؤُولِيَّةُ الوَطَنِيَّةُ لِح
...
-
المعرفة بين الفكر الفلسفي والواقع من دفتر قراءات فلسفية
-
مَدينَةُ القامِشْلِيِّ كَما جاءَتْ في كِتابِنا الموسومِ قَبا
...
-
عشتار الفصول: 11735 سُورِيَّةُ القَادِمَةُ
المزيد.....
-
مسؤول كبير في حماس: مستعدون لبحث -تخزين أو تجميد- الأسلحة
-
زعماء أوروبيون يؤكدون دعمهم لزيلينسكي.. وميرتس يشكك في الخطة
...
-
هل تنجح واشنطن في كسر الجمود في العلاقات الإسرائيلية المصرية
...
-
ما هو مستقبل مسار -العدالة الانتقالية- في سوريا ما بعد الأسد
...
-
شاهد.. أحدث الروبوتات البشرية اليابانية تطفئ النيران وتنقذ ا
...
-
ما موقف ألمانيا من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في
...
-
عام على سقوط الأسد.. صحفيو سوريا يتمتعون بحريتهم بعد 50 عاما
...
-
لماذا يشعر صحفيو -سي إن إن- بالارتياح إزاء استحواذ نتفليكس ع
...
-
إلباييس: كيف أصبحت أوروبا مركزا عالميا لتجارة الكوكايين؟
-
باراماونت تقدم عرضًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز ديسكف
...
المزيد.....
-
اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات
/ رشيد غويلب
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
المزيد.....
|