أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - غرب ليبيا: الصوملة و انهيار الدولة














المزيد.....

غرب ليبيا: الصوملة و انهيار الدولة


حاتم بن رجيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 17:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على عكس ما توحي به التحركات الدبلوماسية لأعضاء حكومة الوحدة الوطنية الليبية في غرب ليبيا المدعمة من قطر وتركيا وإيطاليا من وجود لدولة متماسكة وقائمة الذات وديمقراطية بمجتمع مدني ومنظمات دستورية فإن الواقع يقر بحكم الميليشيات وأمراء الحرب والصوملة التامة.

لا يمكن الحديث في غرب ليبيا عن وجود دولة وظيفية بأي شكل . فعلى الرغم من أن البلاد تُعَدُّ على الورق دولة موحدة وتوجد في طرابلس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليًا ، إلا أن هذه الحكومة لا تمثل إلا غطاء سياسيا لحكم الميليشيات و العصابات وأمراء الحرب كما في أفغانستان قبل حكم طالبان .

هناك أكثر من 120 فصيلًا مسلحًا في غرب ليبيا لا يخضعون لاحتكار الدولة للعنف، بل يسيطرون في كثير من الأحيان على إدارة الخدمات مثل الإتصالات والصحة أو «الخدمات الأمنية» بأنفسهم.

ينتج البلد حوالي 1.2 مليون برميل يوميًا، ما يولد نحو 50 مليون دولار أمريكي يوميًا من عائدات النفط. ومع ذلك، فإن هذه الإيرادات لا تذهب في المقام الأول إلى المؤسسات العامة أو الخدمات الاجتماعية، بل يتم تحويلها أو الاستفادة منها من قبل الميليشيات.

إذ تسيطر على جزء كبير من هذه الإيرادات أو تستولي عليها، من خلال شبكات التهريب والرسوم غير الرسمية وتجارة النفط السوداء، مما يقلل من الموارد المتاحة للدولة ويعزز سلطتها الخاصة. وفي بعض الموانئ مثل ميناء مصراتة وفي كل مسارات التهريب، يتم فرض ما يصل إلى 25٪ رسوم إضافية على البضائع من قبل الميليشيات، وليس من قبل الدولة.

فمثلاً، يتلقى لواء 444 القتالي، الذي يرتبط بشكل رسمي بحكومة الوحدة الوطنية، ما يقدَّر بـ 15 إلى 20 مليون دولار شهريًا من الأموال العامة مقابل «خدمات أمنية» تستخدم في الواقع لتعزيز سلطتها الخاصة. وفي حي أبو سليم في طرابلس، تشير التقديرات إلى أن العائدات من الرسوم والتهريب تصل إلى حوالي 300 مليون دولار شهريًا وتصب في بنى النفوذ الخاصة .

ولذلك فإن احتكار الدولة للعنف قد تلاشى كليا، وأصبحت الميليشيات تتولى وظائف الدولة في كثير من المجالات، بينما تعمل المؤسسات الرسمية – القضاء والشرطة والإدارة – فقط في الأماكن التي تتعاون فيها أو تتسامح معها الميليشيات.

يمكن القول أن حكومة الوحدة الوطنية ليست إلا ميليشيا من جملة الميليشيات الأخرى !!!بل أكثر من ذلك فإن الدولة هي أضعف من أي ميليشيا أخرى.

ما الحكومة والبرلمان إلخ إلى مهزلة وضحك على الذقون و ذر الرماد على عيون المجتمع الدولي .

تبعا لهذه الفوضى والنهب شبه الكامل لموارد النفط يعاني السكان من ضعف الخدمات العامة، وضعف النظام القضائي، وانتهاكات حقوق الإنسان، وانفجار البطالة بمعدلات تفوق ال- 40 % وانقطاع متكرر للكهرباء والماء بشكل يومي ولساعات طوال وما هو أساسي من الخدمات – وهي عوامل أساسية في أي تعريف للدولة الفاعلة.

تظهر تقارير الأمم المتحدة أن حوالي ثلث مراكز الرعاية الصحية الأولية فقط تعمل بشكل كامل، في حين أن العديد من المرافق مغلقة أو تفتقر للأدوية والمعدات والكوادر المؤهلة، وحتى الخدمات الأساسية مثل رعاية الأم والطفل وعلاج أمراض السكري أو القلب تُقدم بشكل محدود للغاية، لذلك يسافر الكثير من الليبيين إلى الخارج للتداوي وخاصة إلى تونس.

كما تم تدمير أو تلف أكثر من 250 مدرسة خلال الصراعات، ويفقد العديد من الطلاب التعليم المنتظم منذ سنوات. فأظهرت تحليلات البنك الدولي ومنظمة اليونسكو أن حوالي 20٪ من المؤسسات التعليمية إما دمرت جزئيًا أو كليًا و أن 40 % من التلاميذ في طرابلس العاصمة و ضواحيها لا يتلقون تعليما منتظما ، وأن حوالي 160,000 طفل وشاب يعتمدون على المساعدات للحصول على أي فرص تعليمية. ويزيد من تفاقم هذه الأزمة انقطاع الكهرباء والمياه في المدارس، ونقص المرافق الصحية والخدمات الأساسية، مما يجعل التعليم صعبًا في العديد من المناطق خاصة الريفية منها لذلك فضل الآلاف من الليبيين الإستقرار في تونس نهائيا أين يزاول أبناؤهم الدراسة بانتظام .

بالاظافة يعتمد أكثر من 800,000 شخص على المساعدات الإنسانية بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى الغذاء، والمياه النظيفة. تناقض ومهزلة أمام عائدات النفط الهائلة!!!

باختصار، في غرب ليبيا، الوظائف الأساسية للدولة موجودة على الورق فقط. قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والرعاية الصحية والتعليم تضررت بشدة، مما يجعل حياة الكثير من الليبيين يوميًا صعبة للغاية ، ويؤدي هذا الفشل إلى تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. فهم في نزوح شبه مستمر إلى تونس بلد الجوار للإستراحة ولو لوقت قصير من هذه الأوضاع الكارثية. ولولا عائدات النفط لاستتبت المجاعة منذ مدة. بل إن انخفاظا فقط في ثمن النفط سيؤدي حتما إلى المجاعة و الإنهيار الشامل لغرب ليبيا.

بهذا المعنى، يشبه وضع غرب ليبيا إلى حد كبير وضع الصومال و هايتي.

شعب غرب ليبيا أصبح أمام هذا الإنحدار متعطشا إلى دكتاتور و سلطة قوية حتى وإن كانت على شاكلة داعش أو القاعدة أو طالبان وما شابه وكأن الثورة لم تكن . وهو وضع كل الثورات التي استحوذت عليها قطر وتركيا.

أمام هذا الخندق وأمام خطر الدعشنة فإن حكم دكتاتور على شاكلة حفتر يصبح لأسف أفضل الحلول.

ذلك أن طابع الشعب الليبي المطنب في المحافظة والتدين يجعله فريسة سهلة للمنظمات الإرهابية الدينية المتطرفة ما يهدده كما يهدد كل دول الجوار من تونس والجزائر ومصر.



#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استعمار الجزائر:التصفية العرقية الممنهجة
- معنى الوجود في رواية،، حضرة المحترم،، لنجيب محفوظ
- الأزمات الإقتصادية الكبرى : سَبَبٌ وَحَلّ
- رواية الشحاذ لنجيب محفوظ
- الإنبتات و الإغتراب في العمل بين الحقيقة والمبالغة
- هل كان نظام الملكية الإسلامي حافزا لتحقيق الأمن الغذائي و ال ...
- لن تهزمينني أبدًا ،أبدًا! قصة قصيرة
- مقارنة بين التعليم في تونس وفي ألمانيا
- السياحة الجنسية : كيف تُشوّه وسائل الإعلام الغربية العلاقات ...
- الاندماج الصامت بين شعبين،، العرب والبربر،،
- ما الحل للفلسطينيين ضد الماجعة والترويع والإبادة؟؟
- المحركات الكهربائية التي تعمل بالميثانول – تقنية المستقبل لل ...
- جمال عبد الناصر: إنجازات وإخفاقات
- كيف قوّضت قطر وتركيا ثورات الربيع العربي عبر إيصال الإسلاميي ...
- ،،التغلب على الجفاف ، إسرائيل كقدوة،،
- الدكتاتورية في المؤسسات سم زعاف
- زحف بني هلال لشمال إفريقيا: النكبة و الطامة الكبرى!!!
- كيف أثرت الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي على تصويت الأمم ...
- هل قيس سعيد رئيس تونس حقا دكتاتور؟؟
- الدول المتقدمة والديمقراطية وليدة الصدفة


المزيد.....




- السعودية.. تفاعل على مشاهد تساقط الثلوج في جبال اللوز بمنطقة ...
- -ضغوط أمريكية جدية على إسرائيل- لبدء المرحلة الثانية من وقف ...
- أوروبا تقر وقف شراء الغاز الروسي في خريف 2027 كحد أقصى
- ترامب يحاصر فنزويلا ويصنف نظامها -منظمة إرهابية أجنبية- فما ...
- كبيرة موظفي البيت الأبيض عن ترامب: لديه شخصية مدمن على الكحو ...
- صناعة السروج التقليدية.. إرث ثقافي تحفظه أيادي الحرفيين اللي ...
- هواء سام ومدن معطلة.. كيف يدفع الإيرانيون ثمن تلوث الهواء؟
- كبيرة موظفي البيت الأبيض ترسم ملامح فوضى صادمة داخله
- أوكرانيا تقصف مصفاة نفط روسية وتكثف هجماتها بالمسيّرات
- تايمز: حرب على القضبان.. روسيا تستهدف سكك حديد أوكرانيا


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - غرب ليبيا: الصوملة و انهيار الدولة