حاتم بن رجيبة
الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 15:54
المحور:
الصناعة والزراعة
في ظل الأزمة المناخية المتفاقمة والتحول العالمي في سياسات الطاقة، أصبحت تقنيات الدفع البديلة مجالا عضويا و أساسيا خاصة للبلدان المصنعة، من يصل إلى التقنية الواعدة يكون الرابح و المنتصر و من يتأخر يخسر و يندثر!!.
لقد قررت العديد من البلدان المصنعة مثل الصين وألمانيا التركيز على السيارات الكهربائية المشغلة بالبطاريات وهو حسب رأيي قرار خاطئ نظرا للسلبيات العديدة لهذه التقنية.
من أبرز هذه العيوب هو المدى المحدود. فبينما تصل السيارات الكهربائية الحديثة إلى مدى يتراوح بين 300 و500 كيلومتر، فإن النماذج الأرخص، أو تلك المستخدمة في فصل الشتاء، تُظهر أداءً أقل بكثير. كما أن أوقات الشحن الطويلة تمثل تحديًا؛ إذ يستغرق الشحن باستخدام المقابس المنزلية عدة ساعات:12 ساعة ، وحتى في محطات الشحن السريع قد يستغرق من 20 إلى 45 دقيقة في أفضل الأحوال – وهذا أطول بكثير من تعبئة سيارة بالوقود التقليدي 5 دقائق .
بالإضافة إلى ذلك، فإن البنية التحتية لمحطات الشحن غير مكتملة في العديد من المناطق، خاصة في الأرياف أو بالنسبة للأشخاص الذين لا يملكون موقف سيارات خاصًا. كما أن البطاريات نفسها تطرح تحديات بيئية واجتماعية. إذ تتطلب صناعتها معادن نادرة مثل الليثيوم والكوبالت، والتي يرتبط استخراجها بأضرار بيئية ومشاكل اجتماعية. ولهذا، تكون بصمة الكربون الناتجة عن إنتاج سيارة كهربائية أعلى في البداية مقارنة بسيارات الديزل أو البنزين، لكنها تتعادل غالبًا بعد فترة من الاستخدام.
ومن العيوب الأخرى الوزن الكبير للسيارة بسبب البطارية، مما يزيد من تآكل الإطارات ويؤدي إلى انبعاث المزيد من الغبار الدقيق. كما أن هذه السيارات حساسة جدًا للبرد والحرارة، مما يؤثر سلبًا على أدائها ومدى القيادة. يضاف إلى ذلك ارتفاع تكلفة الشراء، وعدم وضوح قيمة إعادة البيع، وكذلك غياب منظومة متكاملة لإعادة تدوير البطاريات حتى الآن. هذا دون الحديث عن استحالة إستخدام هذه التقنية في الطائرات والبواخر والشاحنات الثقيلة والقطارات وهي وسائل نقل ضرورية للدورة الإقتصادية. لذلك أرى أن هذه التقنية مولود ميت ونطاح ضد الصخور و ،،دخول في حائط،،.
ومن بين الخيارات الواعدة حسب رأيي تبرز المحركات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الميثانول، والتي تقدم جسراً للتنقل الكهربائي باستخدام الوقود السائل – خاصة في قطاع النقل الثقيل والطائرات الطويلة المدى. إلى أن تبرز تقنية أفضل.
ما هو الميثانول؟
الميثانول (CH₃OH) هو كحول بسيط يُستخدم كحامل طاقة سائل يمكن تخزينه ونقله بسهولة. ويمكن إنتاجه من مصادر أحفورية مثل الغاز الطبيعي، أو بشكل محايد مناخيًا من النفايات العضوية، وثاني أكسيد الكربون، والهيدروجين الأخضر – ويُعرف في هذه الحالة باسم الميثانول الأخضر أو الإلكتروني (E-Methanol).
الكثافة الطاقية: حوالي 15.6 ميغاجول/لتر (للمقارنة: الديزل والبنزين حوالي 35.8 ميغاجول/لتر الغاز الطبيعي 11, الهيدروجين السائل 10, البطارية 0,9 فقط)
نقطة الغليان: 64.7 درجة مئوية → سهل التعامل
الحياد الكربوني: ممكن عند استخدام ثاني أكسيد الكربون من الجو وهيدروجين أخضر
كيف تعمل المحركات الكهربائية التي تعمل بالميثانول؟
يُحوَّل الميثانول داخل خلية وقود ميثانول مباشرة (DMFC) أو من خلال وحدة إعادة تشكيل الوقود إلى كهرباء تُستخدم لتشغيل محرك كهربائي.
أنواع الأنظمة:
خلية وقود ميثانول مباشرة (DMFC): تُحوّل الميثانول مباشرة إلى كهرباء (كفاءة أقل، لكنها تقنية بسيطة).
خلية وقود عبر مصلح (Reformer): يُحوَّل الميثانول إلى هيدروجين وثاني أكسيد الكربون، ويُستخدم الهيدروجين في خلية وقود تقليدية (كفاءة أعلى).
المزايا:
مدى طويل بفضل الوقود السائل
تعبئة سريعة (مماثلة للديزل)
لا حاجة لبطارية ثقيلة
بنية تحتية أبسط من السيارات الكهربائية التقليدية
في قطاع الشاحنات الثقيلة، أثبتت الأنظمة القائمة على الميثانول فعاليتها العالية. فبينما تعاني الشاحنات الكهربائية من وزن البطاريات الزائد (أكثر من 1000 كغ)، تكون أنظمة خلايا الوقود بالميثانول أخف وأكثر مرونة.
مثال عملي: شركة "Blue World Technologies"
تطور أنظمة تمديد مدى تعمل بالميثانول للمركبات الكهربائية.
يمكن لشاحنة تزن 20 طنًا أن تصل إلى مدى يبلغ 800 كم باستخدام الميثانول.
التعبئة في 5 دقائق – مثالي لشركات النقل والخدمات اللوجستية.
أرقام مقارنة:
تستهلك شاحنة ديزل نموذجية (40 طنًا) حوالي 30–35 لترًا لكل 100 كم.
بافتراض استخدام الميثانول، سيكون الاستهلاك حوالي 60–70 لترًا/100 كم، لكن مع إمكانية أن يكون محايدًا كربونيًا تمامًا عند الإنتاج الأخضر.
التكلفة والبنية التحتية
تكلفة إنتاج الميثانول الأخضر: بين 0.70 إلى 1.50 يورو/لتر (حسب أسعار الطاقة – تقديرات 2024).
محطات التعبئة: لا تتطلب ضغطًا عاليًا مثل الهيدروجين، بل فقط خزانات مقاومة للتآكل.
تكلفة المركبات: لا تزال مركبات خلايا الوقود أغلى بنسبة 30–50٪ من نظيراتها التي تعمل بالديزل – لكن من المتوقع أن تنخفض التكاليف مع التوسع في الإنتاج.
التقييم البيئي
انبعاثات ثاني أكسيد الكربون: في حال استخدام مصادر متجددة، تنشأ فقط انبعاثات دائرية (إجمالي صفر).
أكاسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة: تكاد تكون معدومة، لعدم وجود احتراق تقليدي.
تحليلات دورة الحياة تُظهر أن المركبات التي تعمل بخلايا وقود ميثانول تنتج بصمة كربونية أقل من مركبات الديزل أو البنزين – وأحيانًا أقل حتى من السيارات الكهربائية عندما لا يكون مزيج الكهرباء صديقًا للبيئة.
آفاق المستقبل
حددت المنظمة البحرية الدولية (IMO) الميثانول كوقود مستقبلي للسفن، مما أدى إلى توسع كبير في القدرة الإنتاجية العالمية. كما تستثمر دول مثل الصين، والدنمارك، وألمانيا، وتشيلي في مشاريع مخصصة لإنتاج الميثانول الأخضر.
توقعات:
الإنتاج العالمي للميثانول الأخضر قد يصل إلى 20 مليون طن سنويًا بحلول 2030.
هدف الاتحاد الأوروبي: بحلول عام 2030، يجب أن تستخدم 5٪ من المركبات على الطرق وقودًا محايدًا مناخيًا.
هنا يجب الإشارة إلى مزايا المحركات الكهربائية العملاقة مقارنة بمحركات الديزل:
تقدّم المحركات الكهربائية ذات القدرة في نطاق الميجاواط العديد من المزايا مقارنة بمحركات الديزل التقليدية، خاصة في مجالات الصناعة والسكك الحديدية والملاحة البحرية وتوليد الطاقة.
1. كفاءة عالية:
تصل كفاءة المحركات الكهربائية إلى أكثر من %90–98، في حين لا تتجاوز كفاءة محركات الديزل %35–45، مما يعني استهلاكًا أقل للطاقة.
2. خالية من الانبعاثات:
المحركات الكهربائية لا تنتج أي انبعاثات محلية (مثل CO₂ أو أكاسيد النيتروجين أو الغبار الدقيق)، مما يجعلها مثالية للأنفاق، والمناطق الحضرية، والمساحات المغلقة. على العكس، يسبب الديزل انبعاثات ضارة.
3. صيانة منخفضة للغاية :
بفضل قلة الأجزاء المتحركة وعدم الحاجة لتغيير الزيت أو أنظمة العادم، تتميز المحركات الكهربائية بأنها متينة وقليلة الأعطال وتوفر تكاليف تشغيل منخفضة.
4. تشغيل هادئ:
تعمل المحركات الكهربائية بهدوء شبه تام، مما يقلل التلوث الضوضائي – وهو أمر مهم في المناطق السكنية أو مواقع العمل الحساسة.
5. تحكم دقيق:
تُوفر هذه المحركات عزم دوران فوري، ويمكن التحكم بها بدقة، مما يجعلها مثالية للعمليات المتغيرة أو الديناميكية.
6. تصميم مدمج:
المحركات الكهربائية أصغر حجمًا وأخف وزنًا من محركات الديزل عند نفس مستوى الأداء، ويمكن تركيبها بشكل مرن ومركّب.
فبينما يتراوح وزن المحرك الكهربائي العملاق بين 1,2 إلى 3,5 طن يتراوح وزن محرك ديزل العملاق بين 7 و-10 أطنان .
تقنية الهيدروجين كحامل طاقي لتسيير المحركات الكهربائية لا تملك أي احتمال للتطبيق.
من أهم العيوب هو انخفاض كفاءة الطاقة، حيث تفقد كميات كبيرة من الطاقة أثناء إنتاج وتخزين وتحويل الهيدروجين، مما يجعل الكفاءة الإجمالية أقل بكثير مقارنة بالسيارات الكهربائية التي تعتمد على البطاريات.
مشكلة أخرى هي البنية التحتية المعقدة والمكلفة. يجب تخزين الهيدروجين تحت ضغط عالي جداً (حتى 700 بار) أو في حالة سائلة عند درجات حرارة منخفضة جداً :256 درجة تحت الصفر!!!، وهذا يتطلب خزانات خاصة وإجراءات أمان متقدمة ومحطات تعبئة نادرة حالياً.
كما أن إنتاج الهيدروجين الأخضر يحتاج إلى طاقة متجددة كبيرة وهو مكلف، والاعتماد الحالي على إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري يضر بالبيئة. كما أن تطوير مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين لا يزال في مراحله الأولى.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه تكنولوجيا خلايا الوقود تحديات فنية مثل التكاليف العالية، وقصر عمر الاستخدام، وتعقيد الصيانة. كما أن تخزين كميات كبيرة من الهيدروجين في السيارة يطرح مخاطر عملاقة تتعلق بالسلامة.
فعلى الخزان أن يتحمل ضغطا هائلة 700 بار!! ويحدث أي تسرب انفجارا مدمرا!!
#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟