أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم بن رجيبة - معنى الوجود في رواية،، حضرة المحترم،، لنجيب محفوظ















المزيد.....

معنى الوجود في رواية،، حضرة المحترم،، لنجيب محفوظ


حاتم بن رجيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 00:15
المحور: الادب والفن
    


عكس رواية،، الشحاذ،، فإن نجيب محفوظ يقدم للقارئ في رواية حضرة المحترم المعنى ،، الحقيقي،، للحياة على طبق . يقدم لنا وصفة حياة سعيدة بأن تكون عكس وجود تعيس أو فاشل هي حياة بطل القصة .

بطل الرواية،، عثمان بيومي،، حدد لنفسه هدفا لحياته ألا وهو المجد و السلطة و العظمة!! أن يصبح مدير الإدارة بأن يقفز من الدرجة الثامنة إلى الدرجة الأولى مهما كانت التضحيات ،،دعاه نداء القوة إلى السجود، حرَّضه على الفداء...كالصغير عليه أن يذرف الدمع الغزير قبل أن يملي إرادته،، سيضحي برغد العيش من منزل محترم و أكل ولباس و حب وزوجة صالحة وبنين وراحة بال وأصدقاء إلخ سيضحي بكل شيء من أجل،، المجد،، لذلك كان يرى مدير الإدارة كإلاه،،وتلبية لإغراء لا يقاوم خطف نظرة من الإلاه القابع وراء المكتب،،. رأى في مركز المدير أو الرئيس أو الهرم الأعلى للسلطة معنى الحياة والهدف السامي للوجود،،وعلى ضوء النار المقدسة لمح معنى الحياة،، .

عثمان بيومي يعي جيدا أن عليه إن يبدأ من الصفر، أن يجدَّ و يجتهد أضعاف اجتهاد غيره،،لم يهمه من أين يبدأ، فالحياة بدأت من خلية واحدة ، بل من دون ذلك،،.

الطريق واضح لا لبس فيه،،هناك طريق سعيدة تبدأ من الدرجة الثامنة وتنتهي متألقة عند صاحب السعادة السيد المدير العام،، فهدفه آخر درجات المجد والسلطة ، لن يرضى برئيس قسم أو ما شابه بل المدير العام،، الإلاه،، فرعون أو الرب أو الشمس لا يعلوه شيء.

كموظف من أبناء الشعب، من البروليتاريا والمهمشين ،، الحفاة،، في مجتمع فودالي هو أقصى ما يستطيع تحقيقه في سلم المجد وهو هدفه: أقصى درجات المجد والسلطة.

وضع لنفسه شارتا تكون مبراسا حتى لا يحيد عن هدفه ، من أبرز مبادئها،،الإستفادة من الفرص المفيدة مع الإحتفاظ بالكرامة مثل مساعدة أدبية تقدم لذي شأن، صداقة مفيدة، زواج موفق من شأنه تمهيد الطريق للتقدم،،. مثال واضح للوصولية ، مثل البورجوازي، كل الوسائل المتاحة للثراء والمجد، من صداقة إلى زواج إلى مساعدة ألخ

لا معنى لزواج من أجل الحب والمودة والحنان أو صداقة لأجل الترفيه والتآزر وانسجام الروح والخلق أو مساعدة الآخرين لوجه الله، رأفة و رحمة...

لذلك امتنع عن مساعدة مرؤوسه الأول سعفان بسيوني عندما قصده في أحلك محنته ليعيره ثلاث جنيهات رغم وفرة مدخراته ليتوفى بعد أسبوع ولذلك رفض الزواج ممن يحب مرتين وامتنع عن زيارة مرؤوسيه حين أحيلوا على المعاش، لأنه لن يكسب من زيارتهم شيئا لأجل الترقية في سبيل المجد!!

مضى يجتهد ويدرس في أوقات الفراغ ليتحصل على الليسانس في الحقوق ، إن كان من ،، الحفاة،، من الشعب دون وساطة ودون أصل رفيع من الأعيان والأغنياء فلن ينفعه إلا اجتهاده وكفاءته للوصول إلى القمة،، ولا يتحقق معنى لوجودنا إلا بالعرق والدم،،،، كان يعمل بجنون في الوزارة، ويتبحر في المعرفة في حجرته الصغيرة. وبين هذا وذاك يقول بجزع: العمر يجري.. الشباب يجري..،،

كما ضحى عثمان بحبه الصادق مع سيدة ، بالمرأة التي كانت ستسعده ، ها هو يضحي بشبابه، أحلى فترة من حياته ، فترة المغامرات و الإنشراح و قلة المسؤوليات ...،، ولم يعرف من عالم الزهو إلا زيارته الأسبوعية لقدرية في الدرب وشرب قدح النبيذ الجهنمي بنصف قرش،، قدرية مومس. لم يعرف من عالم الجنس الآخر ما يحويه من رقة ومودة وغزل وراحة وفتنة وجمال إلا تلبية الغريزة الحيوانية عند مومس في ،، الدرب،،.

عثمان البيومي لا يعترف كذلك بالوطن و التضحية من أجله ومن أجل المجموعة التي لولاها لاندثر الإنسان. لا يهتم بالسياسة أبدا ويزدري من يقوم بذلك ويصفه بالمجنون، فأي معنى لكفاح من أجل الغير، المعوزين والمظلومين والمهمشين؟

التضحية بالنسبة لعثمان لا تكون إلا لأجل نفسه فقط. فهو تجسيم كامل للأنانية والوصولية وكم دهش عندما أعلمته قدرية المومس أنها شاركت يوما ما في مظاهرة،، ما لك .. نعم مظاهرة ..حتى هذا الدرب أحبَّ الوطن يوما ما. وقال إن الجنون منتشر أكثر مما تصور. الإهتمامات السياسية تثيره وتدهشه . وهو يصر على عدم الإكتراث بها...ويؤمن أن للإنسان طريقا واحدة، وعليه إن يشقها وحيدا مصمما بلا أحزاب ولا مظاهرات،،.

حسب نجيب محفوظ لا يوجد معنى للحياة لكن هناك حياة سعيدة وأخرى أقل سعادة أو تعيسة.

الحياة السعيدة تكون بالمرح و الصداقة والخلان والزواج والأسرة من بنين ووالدين وأحفاد وإخوة إلخ ومن تآزر مع أفراد المجتمع والتضحية لأجل سعادة المجموعة ونبذ الأنانية.

،، تساءلنا بحيرة كيف يعيش؟ قلنا إنك لا تظهر في طريق أو مقهى أو حفل فأين تقضي وقتك؟ وقالوا إنه غير متزوج فلماذا يعيش؟ وقالوا إنه لا يهتم لشيء مما يهتم به الناس ، فماذا يهمه حقا في الدنيا؟،،.

،،قال له حمزة السيوفي يوما...: السعادة هي غاية الإنسان في هذه الحياة... وما معنى الحياة حسب رأيك؟ فأجاب: الطريق المقدس...هو طريق المجد أو تحقيق الألوهية على وجه الأرض.،،

عثمان البيومي لا يريد السعادة بل المجد بكل متاعبه وأحزانه وتضحياته.

فهل كان نابليون وقيصر و إسكندر المقدوني وهتلر وغيرهم ممن حققوا المجد سعداء؟؟ لا وقت للمرح والغبطة والأسرة والخلان، حروب وكفاح وعمل مضني ليل نهار ومسؤوليات من أجل مناصب وألقاب.

هذا لا يعني أن المدير العام والرئيس و أصحاب المناصب تعساء بل تعيس من ترك الآخرين والوطن والزوجة والأسرة و الخلان و يفنى في العمل لأجل المال والثروة والمجد فقط. التعيس هو من اعتزل الغير ومن ركز في نفسه فقط ، من كان أنانيا . نحن البشر لا تستقيم حالنا ولا نسعد إلا في أحضان المجموعة!!

أكمل عثمان طريق المجد بأن تحصل على منصب المدير العام . تحصل عليه عندما أصيب بجلطة قلبية منعته من التمتع بالمنصب،، الإلاهي،،.

أتم حياته بمصحة، وحيدا. تزوج من المومس قدرية التي راودها سنينا كما تزوج من موظفة طمعت في ماله ومنصبه كما طمع هو من قبل في زيجة تساعده على الإرتقاء في السلم الإجتماعي.

نهاية تعيسة لوجود تعيس . كما مات الحمزاوي بطل رواية المتسول وحيدا في الفيافي تعيسا لأنه نسي الوطن و المجموعة و اهتم فقط بنفسه من جمع المال والثروة . لأنه كان أنانيا .



#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمات الإقتصادية الكبرى : سَبَبٌ وَحَلّ
- رواية الشحاذ لنجيب محفوظ
- الإنبتات و الإغتراب في العمل بين الحقيقة والمبالغة
- هل كان نظام الملكية الإسلامي حافزا لتحقيق الأمن الغذائي و ال ...
- لن تهزمينني أبدًا ،أبدًا! قصة قصيرة
- مقارنة بين التعليم في تونس وفي ألمانيا
- السياحة الجنسية : كيف تُشوّه وسائل الإعلام الغربية العلاقات ...
- الاندماج الصامت بين شعبين،، العرب والبربر،،
- ما الحل للفلسطينيين ضد الماجعة والترويع والإبادة؟؟
- المحركات الكهربائية التي تعمل بالميثانول – تقنية المستقبل لل ...
- جمال عبد الناصر: إنجازات وإخفاقات
- كيف قوّضت قطر وتركيا ثورات الربيع العربي عبر إيصال الإسلاميي ...
- ،،التغلب على الجفاف ، إسرائيل كقدوة،،
- الدكتاتورية في المؤسسات سم زعاف
- زحف بني هلال لشمال إفريقيا: النكبة و الطامة الكبرى!!!
- كيف أثرت الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي على تصويت الأمم ...
- هل قيس سعيد رئيس تونس حقا دكتاتور؟؟
- الدول المتقدمة والديمقراطية وليدة الصدفة
- ،، من من الشرق الأوسط سيغادر التخلف؟؟،،
- إسرائيل و وهم الأمان وسط أغلبية يهودية !


المزيد.....




- -البعض لا يتغيرون مهما حاولت-.. تدوينة للفنان محمد صبحي بعد ...
- زينة زجاجية بلغارية من إبداع فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
- إطلاق مؤشر الإيسيسكو للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي
- مهرجان كرامة السينمائي يعيد قضية الطفلة هند رجب إلى الواجهة ...
- هند رجب.. من صوت طفلة إلى رسالة سينمائية في مهرجان كرامة
- الإعلان عن الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ...
- تتويج الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- -ضايل عنا عرض- يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام ال ...
- فنانون سوريون يحيون ذكرى التحرير الأولى برسائل مؤثرة على موا ...
- -تاريخ العطش- لزهير أبو شايب.. عزلة الكائن والظمأ الكوني


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم بن رجيبة - معنى الوجود في رواية،، حضرة المحترم،، لنجيب محفوظ