أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماهين شيخاني - -زعيم الكونفدرالية المنزلية-














المزيد.....

-زعيم الكونفدرالية المنزلية-


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 09:12
المحور: كتابات ساخرة
    


كانت الكتب متناثرة على أرضية الغرفة كما جثث جنود بعد معركة فاصلة. وقف " شيروان" -زعيم حزب "التحرير الديمقراطي"- يتأمل خراب مكتبته كقائد يزور ساحة هزيمة.

في الأمس القريب: كان على منبر مؤتمر دولي مرموق، يلقي خطاباً عن "الديمقراطية التشاركية" و"حقوق الشعوب في تقرير المصير"، صوته جهوري، حجته قوية، إيماءاته تملأ الشاشات. قال للعالم: "السلطة يجب أن تبدأ من البيت..!." وأحسنوا استقبال كلامه.

اليوم: يقف حائراً أمام " شيرين " زوجته، التي تمسك بمجلد "رأس المال" لكارل ماركس وتقول: "هذا الكتاب وحده يكفي ليكسر رف الكتب..!. مَن يصدق أن ورقة تافهة اسمها بيان شيوعي تزن كل هذا الوزن..؟."
"لكن يا حبيبتي، هذه كلها أفكار..."
"أفكارك تزعج نومي..!. وتشغل حيز بيتي..!."

المفارقة العبثية: في قاعة المؤتمرات، كان شيروان يحل نزاعاً بين منظري الحزب حول "الدولة ما بعد القومية" مقابل "الفيدرالية التعددية". استخدم مصطلحات هيغل ومنظرين معاصرين. نجح في إقناع الجميع.
أما في البيت، فعندما حاول تطبيق "نظرية العقد الاجتماعي" لجان جاك روسو مع شيرين:
"لو نتفق على عقد اجتماعي عائلي..."
قاطعه بصوت حاد: "عقدي الاجتماعي يقول: إما الكتب أو أنا..!."

الذروة المأسوكوميدية: عندما سافرت شيرين لزيارة أهلها، استغل شيروان الفرصة الذهبية. أعاد المكتبة إلى مجدها السابق. رتب "ثورة المستضعفين" لغاندي بجوار "الوجود والعدم" لسارتر، ووضع "أصل الأنواع" لداروين فوق "النسويّة وما بعدها" لسيمون دي بوفوار.

عادت شيرين. دخلت الغرفة. سكتت سكتة طويلة. ثم انفجرت:
"ألم أقل لك..؟. الأرفف لن تتحمل..!."
"لكن هذه مكتبة فلاسفة العالم..!."
"وأنا فلاسفة بيتي..!. وهذه قوانين الفيزياء التي لا تعترف بأحزابك..!."
صراخها اخترق الجدران. الجيران في العمارة كلها يسمعون. وهو - الذي كان قبل ساعات يخطب في "سيادة القانون"- يهمس: "نحن في دولة قانون... وهذا تعدّ على حرية الفكر..."

من مفارقات الحياة:
كان يخبئ "الرمز والمعنى" لكاسيرر داخل غطاء وسادة، كمناضل سري.
مرة وجدت شيرين كتاب "تحليل الأحلام" لفرويد تحت مخدتها، فسألته: "هل تحلم بي أم تحلّلني..؟."
حاول أن يشرح لها "الديالكتيك المادي" لماركس عندما اشتكت من فاتورة الكهرباء. ردت: "المادية تعني أن تدفع الفاتورة، لا أن تفسرها ديالكتيكياً..!."

في عزلته الفكرية: بين أوراق استراتيجيات التحرر وخرائط تقسيم السلطة، يسأل شيروان نفسه:
"كيف أقنعتُ منظمات حقوق الإنسان بعدالة قضيتي، ولم أقنع زوجتي بعدالة وجود مكتبتي..؟."
"كيف قادتُ حملات دولية، وفشلت في قيادة حملة إنقاذ الكتب في بيتي..؟."
"هل نظريات فوكو ودريدا وتشومسكي تصلح لتحرير الشعوب، وتعجز عن تحرير رف كتب..؟."

الاكتشاف المُرّ: في إحدى الليالي، بعد اجتماع مطول مع سفير أوروبي، عاد إلى البيت متأخراً. وجد على المنضدة كتاباً جديداً وضعته شيرين: "فن الإقناع في الحياة الزوجية" لطبيب نفسي أمريكي. مع ملاحظة مرفقة: "اقرأ هذا قبل أن تتحدث عن فن إقناع الأمم المتحدة..!."

أدرك شيروان الحقيقة المرة: أن أقوى مقاومة واجهها في مسيرته لم تكن من نظام سياسي، بل من نظام حب لا يعترف بشرعية الأحزاب، ولا يخضع لنظرية الثورة الدائمة، ولا يؤمن إلا بسيادة المشاعر البسيطة.



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثالوث المؤثر في المشهد الكوردي في سوريا.. قراءة تحليلية في ...
- -القيادة التي تخاف من النقد.. تدفن نفسها في مقبرة الصمت-
- بارون في الكامب
- - رحيل يوجع الذاكرة - قصة قصيرة
- دمعة الوداع
- استيقظ أيها المغفّل ..؟!.
- خرائط الروح/ قصة قصيرة .
- ” حصيلة عمرٍ في دفاتر الخيبة”
- الخرائط الجديدة… بين إرث سايكس – بيكو وتحوّلات الجيوبوليتيك ...
- الكورد بين فخ -الاعتدال- وعمى الشوفينية العربية: نحو عقد وطن ...
- // النهر الذي ابتلع الوعد/ قصة قصيرة
- أنصاف الحقوق… أنصاف الرجال..- مقال
- لماذا أحب هذا الرجل..؟.
- - البيان السوري الجديد والكورد: بين فخّ التنازلات وفرص التفا ...
- “اللحظة التاريخية: لماذا يجب على الكورد توحيد صفوفهم الآن؟”.
- أنواع السلام السياسي: بين شجاعة القرار وخيانة المبادئ
- حل حزب العمال الكردستاني: مبادرة تاريخية أم تسليم سياسي؟
- “حين يدقّ المطرُ النافذة”
- - في هندسة الخلق... براهين الجمال والدقة على وجود الخالق -
- - الإسلام والتطرف والقوميات: نحو وعي جامع لا إقصائي -


المزيد.....




- تجسد الشخصيات للمرة التانية على التوالي .. هل فيلم الست حقق ...
- صور مذهلة تكشف عن العوالم الخفية داخل الآلات الموسيقية
- الوقف السني يدين الشاعر علي نعيم: أي إساءة تُطال الصحابة تسه ...
- مقتل المخرج الأمريكي روب راينر وزوجته بلوس أنجلس واتهام الاب ...
- اعتقال ابن الممثل والمخرج الناقد لترامب روب راينر بتهمة قتل ...
- - سقوط الأفكار- يزجّ بشاعرة شابة إلى الساحة الأدبية الموصلية ...
- جامعة حلب تحتفل باليوم العالمي لعائلة اللغة التركية
- فيلم وثائقي فرنسي-ألماني يقدم قراءة نقدية حادة للواقع المصري ...
- تقرير: الأسد يدرس في موسكو اللغة الروسية وطب العيون
- اللوفر يُغلق أبوابه أمام الزوار اليوم.. ما الذي يحدث داخل ال ...


المزيد.....

- لو كانت الكرافات حمراء / د. خالد زغريت
- سهرة على كأس متة مع المهاتما غاندي وعنزته / د. خالد زغريت
- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماهين شيخاني - -زعيم الكونفدرالية المنزلية-