أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ماهين شيخاني - - في هندسة الخلق... براهين الجمال والدقة على وجود الخالق -














المزيد.....

- في هندسة الخلق... براهين الجمال والدقة على وجود الخالق -


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 00:17
المحور: قضايا ثقافية
    


في عمق الجسد البشري، داخل مجهر الخلية، حيث لا صوت ولا ضوء، تعمل ملايين الجزيئات بتناغم مذهل. نواة تحفظ الشيفرة، وغشاء يسمح بالدخول المحسوب، ومركبات تتكاثر بدقة دون خطأ يُذكر... إنك لا تشاهد مجرد بيولوجيا، بل ترى معمارًا رياضيًّا وروحًا هندسية لا يمكن أن تكون نتاج صدفة. فالعشوائية لا تلد النظام، كما لا تلد الفوضى نغمة موسيقية متكاملة.

> "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" – [سورة الذاريات: 21]

حينما نظر العلماء إلى الشفرة الوراثية للإنسان، وجدوا كتابًا ضخمًا من التعليمات، يتكوّن من أكثر من ثلاثة مليارات "حرف" موزعة على نحو فريد. فكيف يمكن أن يُكتَب كتابٌ بهذه الدقة من غير كاتب؟! بل كيف يمكن أن يولد نظام معقد كهذا من فراغ؟

وفي كل عضو من أعضاء الإنسان، نجد ما يُبهر العقول:

القلب لا يتوقف عن النبض إلا ليبدأ من جديد.

الرئتان تتنفسان بتناغم دون إذن منّا.

المخ يصدر أوامره بلغة كهربية - كيميائية بلا توقف.

كل ذلك يتم ضمن منظومة لا تتصادم، بل تتعاون. فهل رأيت مصنعًا يعمل بلا إدارة؟ أو جيشًا بلا قيادة؟

> "صنع الله الذي أتقن كل شيء" – [سورة النمل: 88]

حتى العظم – هذا الهيكل الصلب – ليس كما يبدو للعين المجردة. إنه إسفنجة حية تحمل النخاع وتنتج الدم، وتتكيف مع الضغط والوزن. وفي كل مفصل، تجد هندسة دقيقة تتيح الحركة دون احتكاك يُذكر. هذه التفاصيل ليست "تطورًا أعمى"، بل هندسة ذات نية وغاية.

وليس في الجسد فقط ما يدل على وجود الخالق، بل في الكون كله إشارات، وفي العقل نفسه برهان. كيف لعقل أن يفكر في العدالة والخير والجمال... إن لم يكن مُلهَمًا من مصدر يتجاوز المادة؟

> "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" – [سورة الملك: 3]

النظام الكوني... لغة لا يتقنها إلا عاقل

لنخرج من الجسد البشري إلى الكون الفسيح. تخبرنا الفيزياء أن الكون يعمل وفق ثوابت دقيقة، مثل سرعة الضوء، وثابت الجاذبية، وشحنة الإلكترون. هذه الثوابت لم تُخترع عبثًا، بل هي مصممة لتسمح بوجود الحياة. لو تغيّر أحدها بنسبة ضئيلة، لما وُجد كوكبٌ واحد يحمل ماءً أو كائنًا حيًّا.

يسمّي العلماء هذا "الضبط الدقيق للكون" (Fine-Tuning)، وهو من أكبر الأدلة على أن الكون لم يوجد مصادفة، بل نتيجة تصميم محكم. هل رأيت يومًا ساعة سويسرية تعمل بالصدفة؟

> "وكل شيء عنده بمقدار" – [سورة الرعد: 8]

الماء: أعجوبة الخلق السائل

الماء – هذا السائل العادي في نظرنا – يحمل خصائص غير عادية:

يتمدد عند التجمّد، عكس باقي السوائل، مما يجعل الجليد يطفو، فيحمي الحياة في البحيرات.

قدرته الفائقة على إذابة المركبات تجعله وسيطًا مثاليًا للحياة.

تركيبته (H₂O) وزاوية الارتباط بين ذرّاته هي سر خاصيته الفريدة.

تخيل لو أن الماء لا يتصرف هكذا، كم من مظاهر الحياة كانت ستنقرض؟ وهل يعقل أن هذا كله جاء عشوائيًّا؟

العين... كاميرا بتصميم رباني

في كل عين بشرية، أكثر من 120 مليون مستقبل ضوئي، تعمل بتناغم تام مع الدماغ. يتم ضبط فتحة العدسة تلقائيًا، ويُعاد توازن الإضاءة، وتُفرَز دموع لحماية العدسة.
حتى أفضل الكاميرات الحديثة – التي تُصمَّم في مختبرات عمالقة التكنولوجيا – لم تصل إلى مستوى دقة العين الطبيعية.

> "ألم نجعل له عينين؟" – [سورة البلد: 8]

العقل: أعظم لغز وأكبر برهان

من أين جاءت هذه القدرة لدى الإنسان على التفكير، والاختيار، وطرح الأسئلة؟ لا مادة في الكون – مهما بلغت تعقيدها – تُفكّر أو تشعر. العقل ليس مجرد تفاعلات كهربية، بل وعي وإدراك ومعنى.

الفيلسوف الفرنسي "باسكال" قال: "الإنسان قصبة... لكنّه قصبة تُفكّر."
وهذا التفكير هو أعظم ما فينا، وهو بذاته دليل أن وراءنا عقلًا أعلى زرع فينا الشعور، والعلم، والتساؤل.

الحياة: سر لم يفك شفرته أحد

حتى اليوم، لم يستطع العلم أن يخلق "حياة" من مادة جامدة. يمكنهم أن يصنعوا جزيئات، ولكن لا أحد أوجد خلية حية من العدم.
أين "الشرارة" الأولى؟ من أين أتى هذا "الوعي" الخفي الذي يجعل المادة تسعى للبقاء والتكاثر؟ إنها ليست معادلة في المختبر... إنها نفخة من روح، لا يملكها إلا الخالق.

> "ثم سواه ونفخ فيه من روحه" – [سورة السجدة: 9]

خاتمة:

ليس الإيمان هروبًا من العقل، بل هو ذروة العقل حين يتواضع أمام عظمة لا تُحدّ. وحين يركع القلب تحت سماء مرصعة بالنجوم، لا يفرّ من العلم، بل يعود إليه وقد امتلأ بالدهشة. فكلما غاص الإنسان في أسرار الخلق، ازداد يقينًا أن هناك خالقًا، ليس لأنه لم يجد تفسيرًا، بل لأنه وجد في كل تفسير بابًا جديدًا نحو الجمال والنظام والمعنى.

نحن لسنا مجرد تفاعلات كيميائية، ولا كتلًا مادية تتناحر على البقاء. نحن نَفَسٌ أودعه الله في طينٍ، وأحاطه بعقلٍ وقلب. نحن المخلوق الذي يعرف أنه مخلوق، والذي يستطيع أن يسبّح ويشكر ويتفكر.

> "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب..."
[سورة آل عمران: 190]

فيا أيها الإنسان، لا تمرّ على نفسك مرور العابر، ولا تنظر في الكون بعين الغافل. دقّات قلبك ليست مجرد نبض... إنها إيقاع هندسي كتبته يد لا تُخطئ.



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - الإسلام والتطرف والقوميات: نحو وعي جامع لا إقصائي -
- الفيدرالية: هل تكون خلاصًا أم انقسامًا؟ قراءة في تجربتي العر ...
- عندما تغني الجبال / قصة قصيرة
- الوجود الكوردي في كوردستان وعلاقة القبائل العربية الأصيلة با ...
- -راية فوق بئر مهجور -
- بطاقة يانصيب
- عينا روزا..؟.
- انسحاب المجلس من الائتلاف
- التنوع الثقافي في الجزيرة السورية...؟.
- لعبة الأقدار - الإعلامي وإخلاف الوعد
- - كرامة الجبلي -
- الإقليم والإدارة وجمهوريتي عنق الزجاجة
- - الطريق الى برده ره ش - لعبة الأقدار ..ج4.
- ظاهرة - العشائرية -
- بصيص أمل - من لعبة الأقدار (ج 3) - قصة قصيرة
- اسمها والعيون / قصة قصيرة...
- مناضلون على الصفحة الزرقاء
- رئيس دفن الموتى
- المرتزقة والولاء لمن يدفع أكثر والاتفاقية الدولية لمناهضة ال ...
- المبدع يلماز كونيه ... الحياة القصيرة لفنان شامخ الرأس...؟.


المزيد.....




- ترامب: سكان غزة يتضورون جوعا.. وسنساعدهم ليحصلوا على -بعض ال ...
- عقب ضربة إسرائيل لليمن.. الحوثي يتوعد برد قوي
- الحكومة الفلسطينية ترفض الآلية الإسرائيلية المقترحة لتوزيع ا ...
- طرق فعالة لمحاربة إدمان الحلويات
- ترامب يرجح عقد اتفاق تجاري مع كندا خلال زيارة كارني
- -سي إن إن-: وزير الدفاع الأمريكي يخفض 20% من المناصب القيادي ...
- حزب -إصلاح المملكة المتحدة- البريطاني يحظر رفع الأعلام الأوك ...
- وزير الاتصالات السوري يبحث مع السفير السعودي سبل تطوير التعا ...
- وسائل إعلام: ترامب لا يشارك في الجهود لوقف إطلاق النار بين إ ...
- أسرار تحسين ملامح الوجه بأساليب بسيطة وفعّالة


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ماهين شيخاني - - في هندسة الخلق... براهين الجمال والدقة على وجود الخالق -