أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - رئيس دفن الموتى














المزيد.....

رئيس دفن الموتى


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 7747 - 2023 / 9 / 27 - 00:34
المحور: الادب والفن
    


انتصب المغسّل بجانب المقبرة لبس قفّازاً مع مجموعته المكلفة كرجل فضاء بكامل رداءه ، نظر حوله وإلى الجثة الهامدة أمامه وقد لُف ضمن كيس نايلون سحاب،على قرابة خمسون متراً, جمهرة من مودعو أهل الفقيد ورفاقه وقياديون مكممون ، ينتظرون إتمام مراسم الدفن على أحر من الجمر, قال في قرارة نفسه هؤلاء يريدون إيذائي والتخلص مني بأي وسيلة ، حسناً أنا سأعمل بأصلي ولو كُلف حياتي, فالأعمار بيد الله والأجر والثواب من الله ، ألتفت إلى زملاءه وقال:
- ادنوا جزاكم الله خيراً واحملوا الجنازة برفق على هذا السرير الحديدي , جرّدوه من ثيابه لغسله ،أحدهم سكب الماء وهو يوزع على كامل جسده ويُمسح على بطنه مسحاً خفيفاً ويتمتم بدعاء للميت ، طلب الكفن , لفه ، انزلوه اللحد, جلبوا بلاطات وزعوها بشكل متقن على كامل القبر بحيث لا يتسرب ذرات التراب وبدأ مساعدوه بكيل التراب .
نادى الجمع لحضور التلقين والدعاء للميت , لم يتزحزحوا من أماكنهم سوى بضع المقربين بخطوات جزعة, عجيب أنت أيها المخلوق ..!!. تستشعر بالذعر لا تعرف كيف تختبئ أو تلتمس طريق النجاة ,قبل قليل كنت تتفرعن عليَ أنت وجماعتك ونصبتم لي الفخ , ومَرَّ أمام عينه كشريط السينمائي .
رَنَّ هاتفه , طلبه المتصل للحضور فوراً ، رَدَّ بفرح لا يوصف , هَزَّ رأسه بالإيجاب قائلاً : أيها الرفيق فقط مسافة الطريق،سارع بخطواته , طرقَ باب المكتب , حيا جميع الملثمون , برفع يده فقط وذلك بسبب انتشار جائحة ( كورونا) ، جلس على الأريكة القريبة ,ينتظر بتوق للحديث عن سبب اتصالهم .
سأل ذاته :
- لابد أنهم سيكافئونني, بسبب حصادي غالبية الأصوات وحرمة للديمقراطية التي صدعوا آذان الناس بها ، بتنا لا نتجرأ بطلب كأس شاي من نساؤنا ، أيه خجوكي ...تدللي علي ...؟!.وسرح بخياله بعيداً , خلف تلك الطاولة الفخمة ينفخ ريشه وأعضاء المجلس يتوددون له , وكلما يخرج سيجارة , ينط أحدهم ويخرج ولاعته , وتلك الحسناء ستقدم له كل ابتسامة قهوة الصباح .
التفت صوبه (القيادي) وقال له:يا رفيق جلو أنصت إلينا جيداً ، عادةً لا أكرر كلامي، نظراً لترشيحك للبلدية ونلت أصواتاً لابأس بها وتقديراً لخدماتك واحتراماً لرأي الشعب ،قررنا تعيينك رئيساً للجنة دفن الموتى...؟!.
- رئيساً لدفن الموتى ...؟!. قالها باستغراب . رشحت نفسي نيابة عن الشعب لأجل رئاسة البلدية , لأخدم الأحياء وليس الأموات ...يا رفيق...؟!.
- لا تجادلني ,هذا طموحك...؟!.أما نحن ارتأينا بالإجماع تعيين شخص آخر لإدارة المجلس ، ونحن أدرى بمصلحة الشعب ، كلفناك بهذه المهمة ...؟!.
- تصبب عرقاً - لم يستشرني أحد ، لم أطلب هذه الرئاسة ، ليستلم المهمة غيري.
- بابتسامة سائدة تحت شاربه الكث: هل نسيت أن التعيين من قبلنا يا رفيق...؟!. نفذ دون اعتراض , هذا قراري..؟!.
- أصفر بشرته وطأطأ رأسه ، التزم الرضوخ , حسناً و ما هو المطلوب مني..؟!.
- حالة وفاة عاجلة لقريب رفيقنا " نضال " - التفت صوب الشخص المعني- كما تعلم لا أحد من الملالي يتجرأ غسل الميت ، ستقوم أنت ومن معك بهذا العمل لخدمة الشعب .
- بحركة لاشعورية بيديه :هل أحد هؤلاء سيكون معنا...؟!.
- حَدَّقَ إليه: هؤلاء لديهم مهام أخرى ، المكلفون معك هم عمال النظافة فقط.
- قال في سره : الأبالسة خططوا لموتي بإتقان , يا لخيبتي ماذا أقول لزوجتي , حسناً ايها الملاعين .
بعد انتهاء مراسم الدفن, نزع المغسل ومجموعته لباسهم و قفزاتهم , كومهم وأشعل أحدهم النار, دنا من الجمع لتقديم واجب العزاء, عطس بشدة,هزرأسه بحركة جنونية تطاير رذاذ لعابه وعرقه على وجوههم , قالوا بغضب , ماذا دهاك ..؟. ما هذا التصرف السيء يا.؟.
رد بصوت منهك :عذراً رفاق ,أحس بصعوبة التنفس وسيلان الأنف والصداع وألم الصدر ..؟!. أغلب الظن هي أعراض " كورونا " , وقبل أن ينهي كلامه , فرالجمع مذعورون نحو سياراتهم ,لاعنين اللحظة التي كلفوه بهذه المهمة .
-انتهت -



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرتزقة والولاء لمن يدفع أكثر والاتفاقية الدولية لمناهضة ال ...
- المبدع يلماز كونيه ... الحياة القصيرة لفنان شامخ الرأس...؟.
- الشروع في مشروع
- لوحة آناهيتا
- شيطانة.. بجلباب محامية..؟.
- بمناسبة يوم الصحافة الكردية
- توقيع سريع في كومين الحي...
- المتبرع - قصة قصيرة
- بمناسبة صدور كتاب عن مهرجان دهوك الثقافي الخامس.
- الكوردفي حلبةنشوءدولةوانظمةجديدة.
- ليتني كنت السابع - قصة قصيرة.
- الدولة العميقة وكش ملك
- الحدود ( 2 )
- عزلة ثلاثة عشر عاماً...
- زائر الليل
- الفاسد ؟؟؟
- المعطف...
- بمناسبة يوم اللغة العربية
- من الذاكرة المنسية
- -بائعة الخبز -


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - رئيس دفن الموتى