أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - توقيع سريع في كومين الحي...














المزيد.....

توقيع سريع في كومين الحي...


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 7543 - 2023 / 3 / 7 - 08:06
المحور: الادب والفن
    


كالمعتاد ، نهض الأستاذ " المتقاعد " قبل بزوغ الفجر وتوجه إلى مركز توزيع الخبز القريب من شقته، الى حيث منزل جاره العضو الإداري في " الكومين "، فاليوم هو السبت، ويتجمهر الناس ضمن أرتال بشرية، بسبب عطلة يوم الجمعة للمخابز .
ثمة بضع أوراق تنتقل بين الأيادي ، يترك المتجمهرون أسماءهم وتواقيعهم بين قوائمها. تَذَكَرَ اقتراحه البارحة لجاره الكوميني، عندما التقاه في الطريق وهو يناديه، جار لو سمحت لحظة من وقت ، فرد عليه من غير تكلف، تفضل:
- جاري، أود استشارتك في أمر مهم لأرى بماذا تقترح علي، فاليوم تشاجرنا أنا والجيران لأجل الخبز، ماذا أفعل ...؟!!. الخبز الذي يرسل لي وعليَّ توزيعه ،لا يغطي حاجة سكان الحارة ، فمن أصل ثلاثمائة ربطة خبز مطلوبة، تأتينا مئتان وعشرون ربطة خبز فقط. هناك نقص يومي كبير.
- لِمَ لا تطالبون باستحقاقكم كاملا؟ خذوا قوائم أسماء كومينكم وبالأرقام والعناوين، قدموها للمعنيين، أعتقد ستنحل المشكلة ، و اعتمد على هذا الرقم واستلم مبلغك كيلا تخسر، وحدد موعد الاستلام بساعتين كاملتين، بعد وصول السيارة إلى مركزكم ، فلو فرضنا أنها تصل في السابعة، حدد زمن البيع , حتى الساعة التاسعة مثلاً، ومن لم يأت خلال هاتين الساعتين، تصرف بها كيفما شئت، على راحتك.
- يعني عليَّ أن أعتمد على تسجيل الأسماء أولا؟
- أي نعم ..؟!!.
عندما رأى الورقة تنتقل بين الأيدي، إلى أن وصلت بالقرب منه ، قال في نفسه ، إذن ..اقتراحي مرحب به، فقد سلموها لي وقالوا :
اكتب اسمك ووقع ، استلم القلم والناس. الرجال والنساء والصغار ينظرون إليه باهتمام . كتب اسمه و وقع ، لكن انتابه شك في أمر مضمون تلك الكليشة الطويلة ، فلم يدقق ، و لسوء الحظ ، نظارته لم يكن يحملها معه ليقرأ ما بين السطور . اقترب منه أحدهم. قال له صباح الخير: : دَوِّن ، من فضلك اسم شخصين، اسمي واسم أخي ، نحن من سري كانيي" رأس العين" ، جاءه آخر وايضاً طلب إضافة اسم أخيه ، بعد الانتهاء من تدوين الأسماء، سلم الورقة لغيري ، وهو مرتاح الضمير ، منشرح ، للقائمة وللناس الذين سيحصلون على ربطة الخبز بحسب الدور، وبشكل حضاري ومؤمن، نتيجة تنفيد أولي الأمر لنصيحته الثمينة...؟!!!.
اقترب منه صديق كان يراقبه طوال لحظات وجود الأوراق والقلم بين يديه ، اقترب منه وهمس في أذنه قائلاً :
- كنت أعتقد أنك لن توقع ..؟.
- ماذا ...؟!!.
- البارحة ليلاً جاؤوا إلى بيتنا وسجلوا أسماء العائلة كلها .
- ماذا تقصد ...؟!!. ولم اسم العائلة ، هل تأخذ أكثر من حصتك ..؟!!.
- ابتسم وقال : توقعت لو وقع أهالي الحارة كاملة ، فإنك لن توقع , كوني أعرفك ، لكن يبدو أنك وقعت من دون أن تقرأ محتواها ، عزيزي المناضل أضفت اسمك ووقعت على ورقة لا تخص ربطة الخبز ، ولا علاقة لها بالموضوع .
- أوف ..أنا البارحة اقترحت عليهم كتابة أسماء أهالي الحارة ، لتخفيف الأزمة والمشاجرات , لذا وقعت دون تحفظ ..؟.
- التواقيع ، ليست للخبز ، وفهمك كفاية ...؟!!.
- هذا استغلال ، وتزوير ..؟!!.الناس جاؤوا لأجل لقمة الخبز ، وليس لأجندات سياسية ، يكفينا ما نحن عليه , ثم يا صديقي من منا ليس مع مطالبة الحرية لسجين الرأي .
- مرحبا بالاستغلال ، يا صديقي ، كل شيء وارد في هذا الزمن المعتر .أينما توجهت تتعرض للاستغلال .الاستغلال شغال .
- في هذا الصباح ، تلفح الهواء البارد وجهوه الناس ، يرتجفون وعيون أغلبهم واغلبهن مازالت مغمضة ، نائمة . فعلاً صدق من قال : يجوعون الناس ليلحقون بهم ، سياسة ميكافيلية بحتة .
- هات سيجارة لنعفر هذا الصبح و انس الموضوع , قالها بتهكم ....؟!!!.
اليوم ستتأخر السيارة لعدة أسباب ، والأكثر شيوعاً وتكراراً عطل في الفرن ، تعودنا على هذه الأسطوانة , كل سبت ، لكن للحقيقة , يأتي سبب التأخير كي يمل الجمهور المتسول ، اقترب منه رئيس كومين من الحارة القريبة وقال بصوت خافت يكاد لا يسمع , السيارة ستتأخر- بين ساعة وساعة ونصف - انسحب الناس متأففين من الصفوف المتراصة، وتوجهوا صوب بيوتهم بشكل أوتوماتيكي في مشهد درامي ، وهو منهم، لينتظر وصول سيارة التوزيع ، وكل ظنه بأن اجتماعاتهم الساعاتية قد تنتج بدمج الكومينتين في كومينة واحدة. مثلما تدمج أحزابنا السياسية
فرقتين أو ثلاث فرق مع بعضهما بعضا عند اللزوم وأغلب الأحيان عندما يقل عددهم ، ومابين فترة وأخرى بات يخرج للبلكونة بعد أن صارت أذناه تتعودان تلقي أصوات صناديق الخبز أنى وصلت السيارة، وتم إنزالها من السيارة ، بعد انتظار ساعة ونصف تقريباً ، نزل هو وجاره .
لا شيء يوحي بوصول السيارة ، لا حركة ولا يوجد أحد يطرق باب سعادة العضو الكوميني المسؤول عن لقمة المواطن .
سارا الهوينى نحو دكان قريب لشراء الدخان، و و في نهاية الشارع ، صادفا جارهما أمام مركبته ، سألاه متى يصل الخبز فقد تأخر كثيراً .
- استقبلهما بابتسامة ساخرة وقال : يا أساتذة ، بعد مغادرتكم بربع ساعة جاءت السيارة ووزعوا الخبز ، وأغلق الرجل بابه و ذهب مع زوجته الى عملهما , و أغلب الناس رجعوا الى منازلهم خائبين ...؟!!. لكنني سمعت أن الحارة الشرقية ما زالت توزع الخبز ...؟.
- نظرا إلى بعضهما مذهولين وفي داخلهما خيبة عدم الحصول على الخبز ، ونطق " المتقاعد " : أين قائمة الأسماء , الدور والخبز , يبدو أخذ توقيع المواطن أهم منه ومن أسرته , ومن التزاماته .

* ملاحظة : (( كومين )) : مجموعة من الناس في الحي أو قرية يقومون بإدارة أمورهم الحياتية ومعالجة مشاكلهم



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتبرع - قصة قصيرة
- بمناسبة صدور كتاب عن مهرجان دهوك الثقافي الخامس.
- الكوردفي حلبةنشوءدولةوانظمةجديدة.
- ليتني كنت السابع - قصة قصيرة.
- الدولة العميقة وكش ملك
- الحدود ( 2 )
- عزلة ثلاثة عشر عاماً...
- زائر الليل
- الفاسد ؟؟؟
- المعطف...
- بمناسبة يوم اللغة العربية
- من الذاكرة المنسية
- -بائعة الخبز -
- الادارة والمجلس و« المغارة » ...الأخوين قاسم و علي بابا .
- مقال
- - كورد سوريا والعام الجديد -
- - وماذا بعد سجن الصناعة في الحسكة -
- قصة قصيرة - الارستقراطي .
- الخرائط الجديدة والترقّب
- الاخطبوط التركي أمام صمت الأمم


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - توقيع سريع في كومين الحي...