أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهين شيخاني - الكورد بين فخ -الاعتدال- وعمى الشوفينية العربية: نحو عقد وطني جديد














المزيد.....

الكورد بين فخ -الاعتدال- وعمى الشوفينية العربية: نحو عقد وطني جديد


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 00:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ تأسيس الدولة السورية الحديثة، بقيت العلاقة بين الهوية الوطنية والتعدد القومي واحدة من أعقد المعضلات. فالمركزية العربية – البعثية تحديداً – اختارت طريق الإنكار والهيمنة، فأنكرت وجود الشعب الكوردي، وطبّقت سياسات التذويب القسري (الإحصاء الاستثنائي 1962، الحزام العربي، التعريب الممنهج)، لتصوغ هوية وطنية مشوّهة على مقاس أيديولوجيا قومية ضيقة.
هذه التركة الثقيلة لم تُنتج سوى الانقسام، وأسست لانفجار الأزمة السورية، حيث برز الكورد مجدداً كمكوّن رئيسي يطالب بالاعتراف الدستوري والشراكة السياسية.
أولاً: الاعتدال بين القيمة والفخ
في السياسة، الاعتدال قيمة ضرورية لتجنب التطرف والعنف. لكن في الحالة الكوردية السورية، تَحوّل ما يُسمّى "الاعتدال" لدى بعض النخب إلى تفريط استباقي: أي التنازل عن الحقوق القومية الأساسية تحت ذريعة الوطنية الجامعة.
هؤلاء يطرحون خطاباً ناعماً يلقى التصفيق من القوميين العرب، لكنه عملياً لا يختلف عن إعادة إنتاج المركزية السابقة، فقط بوجه جديد.
الاعتدال هنا يصبح انسحاباً تدريجياً من الذات، بدل أن يكون وسيلة لطرح مشروع وطني ديمقراطي جامع.
ثانياً: الشوفينية العربية.. العمى التاريخي
التجربة العربية مع "الوحدة" و"الأمة الواحدة" أثبتت فشلها منذ زمن. تجربة حزب البعث نموذج ساطع: رفع شعار الوحدة والحرية والاشتراكية، لكنه مارس التقسيم الداخلي، حيث صُنّف الشعب إلى درجات حسب الولاء والهوية.
باسم "الوحدة الوطنية" جرى إقصاء الكورد من الحياة السياسية، وحُرموا حتى من أبسط حقوق المواطنة (اللغة، التعليم، الملكية العقارية).
النتيجة لم تكن وحدة، بل تفككاً للدولة وانفجاراً اجتماعياً انتهى إلى حرب أهلية مفتوحة.
رغم ذلك، مازالت الشوفينية العربية ترى القشّة في عين الكوردي المطالب بالحقوق، وتتعامى عن الخشبة في عينها: الاستبداد، عسكرة السياسة، ونفي التعددية.
ثالثاً: التحشيد العشائري وإعادة إنتاج الغلبة
اليوم، مع تعقّد الصراع السوري، برز التحشيد العشائري كأداة في يد بعض القوى العربية لمواجهة أي مشروع كوردي.
هذا المنطق يُعيد سوريا إلى ما قبل الدولة الحديثة: إلى زمن العصبية والغلبة، حيث الولاء للعشيرة يعلو على فكرة المواطنة.
إن الجمع بين القومية الشوفينية والعشائرية التقليدية يعني تثبيت منطق السيطرة العددية، لا بناء عقد اجتماعي عادل. وهو ما يجعل أي حوار حقيقي حول مستقبل سوريا هشاً منذ البداية.
رابعاً: المقارنة مع التجربة الكوردية في العراق
من المفيد هنا التوقف عند تجربة كوردستان العراق، حيث رفض طويلاً الاعتراف بكيان الكورد الفيدرالي، واتُّهموا بالانفصال. لكن مع مرور الوقت، وبعد 2003 تحديداً، أصبح نموذج إقليم كوردستان أحد أكثر النماذج استقراراً في عراق مضطرب.
القوى العراقية التي حاربت الفيدرالية الكوردية عادت لاحقاً لتطالب بمزيد من الصلاحيات للمحافظات العربية نفسها. هذا يُظهر أن الفيدرالية ليست تهديداً للوحدة، بل ضمانة لبقاء الدولة، حين تكون الدولة متعددة القوميات والطوائف.
وبالمقارنة، فإن رفض الشوفيني العربي لأي صيغة لامركزية في سوريا ليس موقفاً مبدئياً بقدر ما هو هاجس فقدان الهيمنة.
خامساً: كلمة إلى "المعتدل" الكوردي
إن الاعتدال لا يعني التنازل عن الوجود القومي، بل القدرة على صياغة مشروع عادل: مشروع يعترف بالتعددية القومية والدينية، ومشروع يضمن شراكة حقيقية عبر صيغة سياسية واضحة (فيدرالية، أو لامركزية سياسية متقدمة)، ومشروع يُخرج سوريا من منطق الغلبة إلى منطق التوافق.
أما الاعتدال الذي يصفّق له الشوفيني العربي، فهو مجرد غطاء لاستمرار الإنكار.
سادساً: نحو عقد وطني جديد
إن مستقبل سوريا مرهون بقدرتها على إنتاج عقد وطني جديد يقوم على:
1-الاعتراف الدستوري بالكورد وغيرهم كمكوّنات أصيلة.
2-بناء نظام سياسي لامركزي (إدارية أو سياسية أو فيدرالية) يضمن توزيع السلطة والثروة.
3-تجاوز عقلية العشيرة والقومية الأحادية نحو دولة المواطنة.
من دون ذلك، ستظل سوريا تدور في حلقة مفرغة من الإنكار والانقسام.
الخلاصة
الكورد ليسوا بحاجة إلى اعتدال يذيبهم في وطن مصاغ على مقاس شوفينية مهيمنة، بل إلى اعتدال فاعل يبني عقداً وطنياً جديداً يضمن التعددية والشراكة. أما العقلية العربية الشوفينية، فلا مفرّ لها من مراجعة ذاتها: فإما الاعتراف بالآخر شريكاً، أو البقاء سجينة خشبتها العمياء التي أوصلت البلاد إلى الخراب.



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- // النهر الذي ابتلع الوعد/ قصة قصيرة
- أنصاف الحقوق… أنصاف الرجال..- مقال
- لماذا أحب هذا الرجل..؟.
- - البيان السوري الجديد والكورد: بين فخّ التنازلات وفرص التفا ...
- “اللحظة التاريخية: لماذا يجب على الكورد توحيد صفوفهم الآن؟”.
- أنواع السلام السياسي: بين شجاعة القرار وخيانة المبادئ
- حل حزب العمال الكردستاني: مبادرة تاريخية أم تسليم سياسي؟
- “حين يدقّ المطرُ النافذة”
- - في هندسة الخلق... براهين الجمال والدقة على وجود الخالق -
- - الإسلام والتطرف والقوميات: نحو وعي جامع لا إقصائي -
- الفيدرالية: هل تكون خلاصًا أم انقسامًا؟ قراءة في تجربتي العر ...
- عندما تغني الجبال / قصة قصيرة
- الوجود الكوردي في كوردستان وعلاقة القبائل العربية الأصيلة با ...
- -راية فوق بئر مهجور -
- بطاقة يانصيب
- عينا روزا..؟.
- انسحاب المجلس من الائتلاف
- التنوع الثقافي في الجزيرة السورية...؟.
- لعبة الأقدار - الإعلامي وإخلاف الوعد
- - كرامة الجبلي -


المزيد.....




- مظاهرة حاشدة في طنجة المغربية رفضا لتجويع سكان غزة
- تيغراي وإثيوبيا وإريتريا.. طبول حرب جديدة في البحر الأحمر
- نيجيريا تعلن قتل 35 مسلحا قرب الحدود مع الكاميرون
- لماذا تخاف أوروبا من ترامب وبوتين؟
- واشنطن تمنع كييف من استخدام الصواريخ الأميركية ضد روسيا
- زعيم كوريا الشمالية يشرف على إطلاق صواريخ دفاع جوي جديدة
- عون يعلق على تقارير -المنطقة العازلة- جنوبي لبنان
- إسرائيل تقول إن صاروخا أطلق من اليمن -تفتت في الجو-
- وزارة العدل الأميركية تنشر محاضر وتسجيلات مقابلة مع شريكة إب ...
- اجتماع بين وزيري خارجية أميركا وكوريا الجنوبية قبل قمة بين ا ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهين شيخاني - الكورد بين فخ -الاعتدال- وعمى الشوفينية العربية: نحو عقد وطني جديد