أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جابر احمد - إقليم الأهواز بين التهميش المتعمّد وتغيير النسيج السكاني














المزيد.....

إقليم الأهواز بين التهميش المتعمّد وتغيير النسيج السكاني


جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 20:00
المحور: حقوق الانسان
    


لا يمكن فهم الواقع الذي يعيشه إقليم الأهواز اليوم خارج سياقه التاريخي والسياسي العام، ولا يمكن اختزاله في أزمات خدمية أو اختلالات إدارية عابرة. فما يتعرض له الشعب العربي الأهوازي هو حصيلة مسار طويل من السياسات الممنهجة التي استهدفت وجوده المادي والرمزي على حدّ سواء، واشتغلت بوعي واضح على إضعافه في أرضه، وتجريده من أدوات البقاء، ودفعه تدريجيًا نحو التهميش أو الهجرة القسرية.
منذ العهد البهلوي، مرورًا بقيام الجمهورية الإسلامية، لم يكن التغيير في الخطاب السياسي مصحوبًا بتغيير في جوهر الممارسة. تبدّلت الشعارات، لكن بقي الهدف ثابتًا: تفكيك المجتمع العربي في الأهواز، وإعادة تشكيل الإقليم ديمغرافيًا واقتصاديًا بما يخدم مركز السلطة، لا سكانه الأصليين.

إن الظلم الذي يرزح تحته الشعب العربي الأهوازي اليوم ليس نتيجة فشل مؤقت أو سوء إدارة طارئ، بل نتاج سياسة طويلة الأمد استهدفت تغيير النسيج السكاني، عبر تجفيف مقومات الحياة، ومنع التنمية المتوازنة، وتدمير البيئة، وإقصاء الإنسان عن ثروته وأرضه. ومن هنا، فإن قراءة ما يجري في الأهواز بوصفه “أزمة تنموية” فقط، تمثل تبسيطًا مخلًا لواقع هو في جوهره قضية شعب وحقوق وهوية.

التدمير المنهجي للبنية التحتية والبيئة

يعاني إقليم الأهواز، رغم كونه من أغنى أقاليم إيران من حيث الثروات الطبيعية، من أزمات خانقة في المياه الصالحة للشرب، وانقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، وتدهور شبكات الطرق، وغياب الخدمات الأساسية، بما في ذلك معالجة مياه الصرف الصحي. وقد أدت هذه الاختلالات إلى تفشي تلوث المياه وتهديد الصحة العامة على نطاق واسع.

ولا يمكن فصل هذه الأزمات عن سياسات تحويل مجاري الأنهار إلى العمق الإيراني عبر بناء السدود دون أي اعتبار للبيئة المحلية أو لاحتياجات السكان. فقد أدى ذلك إلى ارتفاع نسبة الملوحة، وتلوّث مصادر المياه، وانهيار القطاع الزراعي، ما دفع آلاف العائلات إلى الهجرة القسرية.
إن إقامة عشرات السدود على الأنهار الخمسة التي تصب تاريخيًا في إقليم الأهواز حرمت مئات القرى العربية من المياه، في دلالة واضحة على أن المشكلة ليست شح الموارد، بل قرارًا سياسيًا متعمدًا يستخدم البيئة أداة للضغط والتفريغ السكاني.

البطالة والإقصاء الاقتصادي

رغم أن إقليم الأهواز يساهم بما يقارب 80% من إنتاج النفط والغاز الإيراني، فإنه يعاني من نسب بطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب العربي، حيث تصل إلى نحو 40%. ويعود ذلك إلى جملة من السياسات، أبرزها حصر التنمية في عمليات استخراج النفط الخام دون استكمال سلاسل الإنتاج الأخرى، إضافة إلى تهميش الصناعات المحلية الصغيرة والمتوسطة، بل ومحاربة المبادرات الداعية إلى تطويرها.

كما تُدار كبرى الشركات النفطية والبتروكيميائية عبر عمالة وافدة غير محلية، في سياسة تمييز واضحة تهدف إلى إقصاء الكفاءات العربية، واستبعاد أبناء الإقليم من إدارة ثرواتهم. وهذا الإقصاء يمثل شكلًا صريحًا من أشكال التمييز القومي والاقتصادي، ويكرّس واقع التبعية والتهميش.

تغيير النسيج السكاني والحصار الاجتماعي

تعاني مدينة الأهواز، مركز الإقليم، ومدن الأطراف الأخرى، من أحزمة واسعة من الفقر والتهميش، حيث يعيش ما يقارب ثلث السكان في ظروف غير صحية وغير إنسانية. ويُعد هذا الواقع نتيجة مباشرة لسياسات مصادرة الأراضي الزراعية لصالح المشاريع النفطية والصناعية، ولا سيما مشاريع قصب السكر.

خلال ما سُمّي بالإصلاح الزراعي في عهد الشاه، امتنع النظام عن منح سندات ملكية للسكان العرب، ما سهّل لاحقًا الاستيلاء على أراضيهم من قبل شركات النفط والشركات الكبرى. وفي المرحلة اللاحقة، غضّ النظام الطرف عن شبكات الاستيطان، وسهّل بناء المستوطنات وجلب الوافدين، في إطار سياسة واضحة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية العربية للإقليم.

القمع الأمني بدل الحلول التنموية

تعود جذور هذه السياسات إلى العهد البهلوي الأول، حيث وُضعت الأسس الأولى لتهميش العرب في الأهواز، ثم تصاعدت حدّتها في عهد الجمهورية الإسلامية تحت شعارات دينية تخفي في جوهرها نزعة قومية إقصائية.
وقد كشفت الوثيقة المسربة من مكتب محمد علي أبطحي في عهد محمد خاتمي بوضوح عن رؤية رسمية تهدف إلى تفتيت الهوية العربية للشعب العربي الأهوازي، عبر إفقاره ودفعه إلى الهجرة القسرية. في حين بنت الحكومة مدن حديثة احداهافي قضائي ويس ومله ثاني تستوعب الاف القادمين من المدن الفارسية
والاخرى في مله ثاني وحسب الاحصائيات الحكومية تستوعب مليون مهاجر

انتفاضة 2005: صرخة شعب في وجه سياسة الاستيطان.

في عام 2005، خرج الشعب العربي الأهوازي في انتفاضة شعبية واسعة، رفضًا لهذه السياسات العنصرية، ومطالبًا بالكرامة والعدالة وحقوقه المشروعة. وكما جرت العادة، واجه النظام هذه المطالب بالقوة المفرطة، فسقط عشرات الشهداء، وامتلأت السجون بالمئات، واستمرت سياسة القمع دون توقف حتى يومنا هذا

خاتمة

إن ما يعانيه الشعب العربي الأهوازي ليس أزمة تنموية فحسب، بل قضية شعب يتعرض لتهميش متعمد، وتدمير بيئي، وإقصاء اقتصادي، وتغيير سكاني قسري. ولن تُحل هذه الأزمة بالوعود الحكومية الكاذبة أو الزيارات الشكلية، بل عبر مسار واضح يقوم على:
الاعتراف بالحقوق القومية للشعب العربي الأهوازي، و وقف سياسات التمييز وتدمير البيئة، وتمكين أبناء الشعب العربي الاهوازي من إدارة شؤونهم وثرواتهم بأنفسهم وإرساء نظام ديمقراطي لامركزي يضمن العدالة والمشاركة.

وإلى أن يتحقق ذلك، سيبقى صوت الشعب العربي الأهوازي حاضرًا، وعاليا مطالبًا بحقه، رافضًا الذوبان مهما اشتد القمع وطال الزمن لان المرأة الاهوازية ودود ولود.



#جابر_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوم العالمي لحقوق الإنسان: مناسبة للتذكير بالكرامة الإنسان ...
- المذهب واللغة الفارسية: المشروع الثقافي الجديد للسياسة الإير ...
- انتهاكات حقوق الإنسان في الأهواز ومسؤولية المجتمع الدولي
- يوم الاستقلال الفنلندي… يوم ذو معنى وامتنان
- البطالة والتمييز يدفعان شابًا عربيًا إلى الانتحار في ناحية ا ...
- ملف موت هور العظيم: من صمت ابتكار إلى كارثة مفتوحة
- اعتقال الفنانين الأهوازيين: استحضار لظلال النازية والفاشية ف ...
- الأسباب التي دفعت الشاب الأهوازي أحمد البالدي إلى إشعال النا ...
- لماذا تم اعتقال عالم علم الاجتماع الدكتور سنكسري؟ ولماذا طُر ...
- لن ننسى مجزرة معشور، ولن يفلت الجناة من العقاب
- وفاة الشاب أحمد البالدي… شرارة الغضب التي كشفت مأساة الأهواز
- تدمير البيئة في إقليم الأهواز العربي: قراءة في السياسات الما ...
- وفاة الشاب الأهوازي أحمد البالدي
- تصاعد الغضب الشعبي بعد محاولة شاب أهوازي إحراق نفسه احتجاجًا ...
- ظاهرة الانتحار في إقليم الأهواز: بين القهر القومي والتدهور ا ...
- معاناة السيدة مريم زبيدي في سجن سبيدار بالأهواز
- منظمة حقوق الإنسان الأهوازية تدين التمييز العنصري ضد العمال ...
- منظمة حقوق الإنسان الاهوازية تدين اعتقال عمال شركة الصلب وال ...
- إقليم الأهواز: منبع الثورة النفطية ومعاناة شعبه المتعددة
- التطورات الهامة التي حصلت خارجيًا وداخليًا، هل تدفع نظام ولا ...


المزيد.....




- الجنائية الدولية ترفض طعنا إسرائيليا ضد أوامر اعتقال نتنياهو ...
- المحكمة الجنائية الدولية ترفض طعنا إسرائيليا لوقف التحقيق في ...
- معارك ضارية شمال كردفان ودعوات أممية لإغاثة النازحين السودان ...
- إيران تطالب بعملية شفافة وشاملة لاختيار الأمين العام المقبل ...
- الأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارًا يؤكد حق الفلسطينيين بتق ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل تعرقل دخول المساعدات لغزة رغم الشتاء ...
- الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى دعم الدول المضيفة للاجئي ...
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بأغلبية ساحقة قرارا يؤكد ...
- المحكمة الجنائية الدولية ترفض اعتراض إسرائيل على مذكرات اعتق ...
- الأمم المتحدة تعتمد قرارا يؤكد حق الفلسطينيين بتقرير المصير ...


المزيد.....

- اتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة وانعكاسا ... / محسن العربي
- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جابر احمد - إقليم الأهواز بين التهميش المتعمّد وتغيير النسيج السكاني