أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - ما كان عليه التعليم في عقدي الخمسينات والستينات















المزيد.....

ما كان عليه التعليم في عقدي الخمسينات والستينات


مضر خليل عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 18:17
المحور: قضايا ثقافية
    


يعتمد هذين العقدين كنقطة منطلق لتاشير مكامن الخلل في التعليم حاليا ، فمن الضروري تسليط الضوء على بعض جوانب منظومة التعليمي حينها . وفي الواقع فان بعض السلبيات في نظام التعليم تعود الى هذه الفترة ايضا ، ولكنها برزت وتفاقمت و اتسعت في الفترات الزمنية اللاحقة . ومن الجوانب التي تعد ايجابية لنظام التعليم في هذه الفترة ، الاتي :
- كان دوام المدارس ثنائي (صباحا و مساء – عدا يومي الاثنين والخميس) ، فكان وقت الدراسة كافيا ليغطي نشاطات تنمي مواهب التلاميذ وشخصياتهم ، مثل : الرياضة والرسم ، الكشافة والجوالة ، واقامة مهرجانات سنوية لها .
- كان كتاب المطالعة و الاطلس المدرسي مكملان للمنهج الدراسي و معززان له ، توزع مجانا مع الكتب المنهجية ، مما يحفز التلاميذ للقراءات الخارجية و طلب المعرفة ذاتيا .
- كانت درجة النجاح (50) ، ويمنح التلميذ مساعدة (5) درجات فقط لنقله من حالة الى اخرى ، وعند النجاح يعد (ناجح بقرار مساعدة) .
- يعد التلميذ راسبا في صفه اذا لم يحصل على درجة النجاح في ثلاث مواد فاكثر ، وله فرصة اعادة الاختبار مرة ثانية فقط في السنة التالية ، بعدها يحق له اكمال الدراسة مساء او كامتحان خارجي .
- لم تكن هناك سياسة منح امتيازات للتلاميذ طبقا لوضع عوائلهم (شهداء و غيرها) ، فالتعليم تحكمه الضوابط المهنية فقط .
- كان للمعلم مكانة اجتماعية مميزة ، وكان راتبه الشهري يساعده في بناء دار له ولعائلته ، وامتلاك واسطة نقل خاصة به ، و ان يسافر للاصطياف داخل العراق و خارجه .
- كان لنقابة المعلمين مكانة في المجتمع و الدولة ، وكان لها جمعية تعاونية تحتوي على سلع من الدرجة الممتازة لتباع باسعار مناسبة للمعلمين و عوائلهم . يضاف الى ذلك تنظيمها سفرات سياحية للمعلمين داخل العراق و خارجه ، بما فيها دول مثل انكلترا وفرنسا وروسيا ، اضافة الى مصر ولنان .
- كان المنطق الاجتماعي السائد حينها عند تسجيل الابناء في المدرسة : العظم لنا واللحم لكم ، اي مسموح العقوبة البدنية عند الضرورة حفظا على المستوى التعليمي و القيمي للابناء . وكان مجلس الاباء و المعلمين مؤيدا لهذا النهج لان الهدف بناء جيل متعلم ذي قيم اجتماعية راقية .
- لم يكن هناك تدريس خصوصي ، بل يحاسب من يمارس ذلك ، ولم يسمح للمعلم ان يمارس مهنة اخرى اضافية .
- كان لرفعة العلم و النشيد الوطني وما يرافق ذلك من فعاليا دور في تعزيز حب الوطن.
- كان للمسيرات التي تنظمها فرق الكشافة و الجوالة في شوارع المدينة قبولا وترحيبا .
- وتعد النشاطات الفنية و الرياضية المدرسية مهرجانا شعبيا يحضره المسئولون و الاهالي تشجيعا لابنائهم و دعما لهذه النشاطات التي تعرض مواهبهم وامكاناتهم الذاتية ، (وكذلك حسن الادارة و التوجيه ) ، التي يمكن اعتمادها للمنافسه مع الاقران في المدن و المحافظات الاخرى .
مخرجات وزارة التربية هي مدخلات وزارة التعليم العالي ، ومخرجات جامعات التعليم العالي تعود للعمل في مدارس وزارة التربية ومؤسساتها ، فعمليتي التربية والتعليم مكملات لبعضهما البعض تأهيلا و تطبيقا (ممارسة) . وعملية البناء (بكل انواعها و مفاهيمها) تستند على متانة و صلابة الاسس الاولى . فحيثما تكون الاسس رصينة يكون الهيكل عامرا مؤهلا لتحمل اعباء البناء وادامته . يضاف الى ذلك ان غرس حب العلم و الوطن ، و ما يتعلمه التلاميذ في المراحل الاولى من معلومات وافكار يفتح بصيرتهم للمستقبل و يرسم ملامح شخصياتهم الذاتية والاجتماعية .
خلال اواخر عقد خمسينات القرن الماضي تفاقمت الهجرة من الريف الى المدن ، و تمكن المجتمع الحضري من استيعاب المهاجرين الاوائل ، و جعلهم ينضون ضمن سياق المجتمع الحضري ، بما فيه انخراط ابنائهم في المدارس و المشاركة في النشاطات الاجتماعية المختلفة ، السياسية على وجه الخصوص . و لم يبق الامر ايجابيا لفترة طويلة بسبب تصاعد عملية الهجرة الى المدن ، و تداعي قدرة المجتمع الحضري لاستيعاب الكم الهائل من المهاجرين ، فبدأ الطابع الريفي يطغى في المدن ، اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا ، وبالمصلة النهائية ثقافيا - حضاريا (سلوكيا) . وكان للعامل السياسي دور بارز في وضع اول لبنة في تداعي التعليم من خلال منح سنة (زحف دراسي) ، التي استنكرت محليا وعالميا حينها . ما يهمنا في هذه الدراسة ، اثر الوضع السياسي والاجتماعي على المستوى التعليمي ، وعلى مختلف المراحل و المستويات.
اشتراك اكثر من مدرسة في المبنى
ادت الهجرة من الريف الى المدن ، واعتماد سياسة الزامية التعليم ، و محو الامية خلال عقد السبعينات الى تضخم عدد طلبة المدارس ، مما استوجب استحداث مدارس جديدة ، ولكن لم يرافق ذلك بناء مدارس لاستيعاب الطلبة ، بل اتخذت اجراءات لتخريج اعدادا كبيرة من المعلمين والمدرسين لتغطية النقص في الملاك التعليمي . وكمعالجة آنية تم جعل بعض المدارس مزدوجة على نفسها ، صباحا ومساء ، او تشترك مع مدرسة اخرى في المبنى . وقد وصل عدد المدارس المشتركة في المبنى الواحد الى ثلاث مدارس ، او مدرستين بثلاث وجبات دراسية .
في مثل هذه البيئة التعليمية لا يمكن ان تؤدي المؤسسات التعليم دورها في النهوض بالعملية التعليمية بشكلها المطلوب ، فقد قلص وقت الدرس ، وكذلك وقت الاستراحة بين الدروس ، والغيت موادا اعدت تكميليية وليست اساسية (الرياضة و الفنية) . لم ينعكس هذا على العملية التعليمية لوحدها ، بل على العملية التربوية برمتها ، حيث ترك الجيل الجديد يتسكع في الشوارع ، ماخوذا بالتقنيات المعاصرة ، معرضا لشتى انواع المغريات التي تعرضها وسائل الاعلام . لقد تحجم دور المدرسة في التعليم والتربية ، و وهن دور العائلة التربوي لينحصر في اشراك الابناء في الدورات التعليمية و الدروس الخاصة .
ازداد الامر سوء خلال عقد الثمانينات وانشغال الاباء في جبهات القتال ، وتولي الامهات مسئولية العائلة كاملة . ورغم اتخاذ اجراءات طفيفة في المنظومة التعليمية ، مثل اعادة النظر بالمناهج والكتب المدرسية ، والتخصص في الدراسة الثانوية وعدد سنواتها ، الا انها كانت هامشية لم تعالج جوهر المشكلة : تدني المستوى التعليمي عموما . وقد تفاقم الامر في سنوات الحصار حيث الضائقة المالية قد دفعت الكثير من التدريسيين لايجاد مورد مالي اضافي يعزز المستوى المعيشي للاسرة . ومؤلم ان البعض استطعم الحرام فتسارعت عملية تدني المستوى التعليمي ، والانحراف القيمي في الاوساط التعليمية المختلفة . ومن المؤسف حقا ، ان وزارتي التربية و التعليم العالي قد ركزتا ، كمعالجة للحالة التعليمية المتردية ، على تسجيل نسب نجاح عالية وليس على مستوى الاداء . فكانت نسب النجاح مفروضة مسبقا بغض النظر عن حقيقتها و مستوى الطلبة الفعلي . فبعد ان كانت المساعدة محصورة ب(5) درجات تمنح للطالب لنقله من حالة الى اخرى ، زيدت لتصل في بعض الحالات الى (15) درجة ، بمعنى ان درجة النجاح بعد ان كانت (50) اضحت (35) .
اضافة الى تراجع مستوى المناهج الدراسية في التعليم الاساسي و الثانوي ، فان مناهج الدراسة في الجامعة كانت اكثر تخلفا . فتوحيد المناهج الدراسة في الجامعات هو في الواقع قتل حقيقي لشخصية الاقسام العلمية فيها ، و حيث تم تكبيل روح التجديد والابداع عند الكثير من التدريسيين الاكفاء ، و حصرتهم في ، اسوة بالاخرين ، بملازم لا تسمن ولا تغني من جوع . وفي الوقت الذي عقدت مؤتمرات دولية لاعادة النظر من المناهج الدراسية (كل حسب اختصاصه) للتوافق مع متطلباتا العمل في الالفية الثالثة ، سمح باجراء تعديلات طفيفة بالمنهج دون المساس بمكامن الخلل الحقيقية فيه . وقد اتجهت العديد من جامعات الدول المتقدمة الى تنظيم دورات لاعادة تاهيل ملاكاتها التدريسية في طرائق التدريس و التقنيات المعاصرة ، بالمقابل بقيت طرائق التدريس عندنا على حالها كما صيغت واقرت في منتصف القرن الماضي.



#مضر_خليل_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للثقافة جغرافيتها المميزة في كل مكان و زمان
- تسارع خطى ماراثون الحياة
- حياتنا بين جنة نحلم بها و واقع نعيشه
- التغيير : بماذا يبدأ ؟
- رسائل جامعية في الفكر الجغرافي
- قراءة في المظهر الارضي الثقافي : اكل الشوارع انموذجا
- الحغرافيا و التخطيط
- السياحة الريفية واستدامة الريف
- الصراع على المكان المكانة : سنة الحياة
- الفرات : الشعرة التي قصمت ظهر البعير
- اصدار بطاقة هوية للمدينة العراقية
- الدراسات العليا الى اين
- المجمعات السكنية : وجهة نظر
- النقل المستدام و نوعية الحياة
- علم البيئة الحضرية : المقاربات والأساليب في المناطق الحضرية
- هوية المدينة العراقية على المحك
- الجغرافيا و الحياة اليومية
- متى نتساوى مع (الاخرين) ؟
- جدلية المكان الثقافية
- دور الجغرافيا في معالجة مشكلات البيئة والمجتمع


المزيد.....




- المطبخ الإيطالي أول مطبخ في العالم يحصل على اعتراف اليونسكو ...
- إدانة مخرج بتهمة الاحتيال على نتفليكس بـ11 مليون دولار أنفقه ...
- فيديو-انفجار غاز عنيف يهز حيّا سكنيا في ولاية كاليفورنيا ويت ...
- إيران تعتقل نرجس محمدي الحائزة على نوبل السلام خلال تأبين مح ...
- تفكيك أوروبا ـ الهدف الخفي لاستراتيجية الأمن الأمريكية!
- حلف قبائل حضرموت يتهم -الانتقالي- باختطاف جرحى من مستشفيات ا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن المعارضة عبير موسي 12 عاما
- مؤشر توتر مع إثيوبيا.. إريتريا تتحلل مجددا من روابط الإيغاد ...
- البيت الأبيض: ترامب محبط من طرفي النزاع الروسي-الأوكراني.. إ ...
- ترامب يعلن توسطه في اتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين تايلاند ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - ما كان عليه التعليم في عقدي الخمسينات والستينات