أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - حياتنا بين جنة نحلم بها و واقع نعيشه















المزيد.....

حياتنا بين جنة نحلم بها و واقع نعيشه


مضر خليل عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 17:49
المحور: قضايا ثقافية
    


لكل واحد منا تصوره للجنة التي يحلم بها ويتمناها ، وبالتاكيد انها على اختلاف كبير ان لم يكن نقيضا للواقع الذي يعيشه ، وفي احسن الاحوال ، استكمالا للنواقص التي يعاني من غيابها في البيئة التي يعيش فيها و يعمل . كل فرد منا قدر له مكان ولادته و قوميته و دينه و مذهبه ، فهو غير مخير فيها ، و تحرره منها ليس امرا مستحيلا ، ولكنه امر غير مالوف ، فلا احد ينكر هويته التي تحددت بمكان ولادته و حيث تمت تنشئته و تعليمه واعطته صفات بدنية و اجتماعية استارثها طبيعيا ام اكتسبها مكانيا . فخياراتنا محدودة في جميع الاحوال ، و مسارات الخروج عليها و تحقيق الاماني متاحة ولكنها محفوفة بالمخاطر و النتائج غير المسرة .
لنحرك مخيلتنا قليلا ، عسى ان نجد ما يخفف من وطأة معاناتنا ، الصراع بين الواقع والطموح . لنفترض حصولك على فرصة للعيش في سويسرا ، في منزل متنقل (كارفان) او خيمة على حافة غابة وبجوار بحيرة هادئة ، وكان القمر سميرك ليلا ، ومعك من تحب صحبته و تتالم لفراقه . هل هذه هي الجنة التي تحلم بها ؟ هل ينقصك شيء ؟ ما هو ؟ اليست هذه هي البيئة التي يحلم بها الكثيرون و يتمنون مشاهدتها ولو بالافلام ؟ هل ضمنت عدم تدخل الغرباء ، من سكان الغابة : الدببة و الذئاب و غيرها ؟ هل فكرت في حدوث طارئ صحي مفاجئ ، (التهاب الزائدة الدودية) مثلا والحاجة الى الانتقال باسرع وقت الى المشفى لاجراء اللازم ؟ فانت في بيئة لم تتعود عليها بعد ، ولم تاخذ ذلك بالحسبان .
وحتى اذا توفرت فرصا مماثلة للعيش في اماكن اخرى من العالم : جنوب افريقيا حيث الطبيعة الخلابة لالتقاء تيارين بحريين دافئ مع بارد ، او جنوب شرق اسيا حيث الاماكن المشهورة في السياحة و حرية التمتع بالمحرمات ، اضافة الى المناظر الطبيعية و المظاهر الثقافية – الحضارية الاصيلة المنوعة ، وغيرها من اماكن نتصور (طبقا للمعلومات المتاحة و تصورنا عنها) انها جزء من جنة الله على الارض . الجنة (على وجه الكرة الارضية) ليست مكانا ما معينا و بمواصفات محددة يتفق عليها الجميع ، انها من وحي خيالنا وما نعتقد انه يوفر لنا الكثير مما نطمح ونريد باقل جهد و ثمن . انها نتاج خيالنا و طموحنا ، ومما نعاني منه من نقص في البيئة التي نعيش فيها . انها نتاج مقارنة واقع معاش مع حالة مثالية نطمح اليها و نتمناها .
منغصات الحياة هي التي تدفعنا لنفكر في الجنة و نتناسى ما متاح لنا حيث نعيش ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، ولا اتحدث عن احد معين ، بل عن نفسي . الحمد لله لدي منزل (300 متر مربع) ، (150) منها حديقة ، والكهرباء دون انقطاع بفضل منظومة الطاقة الشمسية . افكر ، وافضل العيش في شقة (80) متر مربع في كردستان لتوفر البنى التحتية هناك ، وسيادة القانون . حيث اسكن حاليا ، الشوارع متربة و صعوبة الحركة فيها وعليها (بالسيارة و - او على الاقدام) تجعل عملية التسوق و الخروج من المنزل متعبة نفسيا و بدنيا . فهل تمثل بيئة كردستان (الجنة) بالنسبة لي ، لاني افتقد عناصر جوهرية في البيئة التي اعيش فيها حاليا ؟ الجنة حيث تتوفر عناصر الحياة الحرة والكريمة ، حيث تتحقق الحقوق والواجبات ، وحيث يكون الا حترام متبادل و القانون سائد على الجميع . الجنة حيث الامن والامان ، و الصحة والسلامة و المحبة والالفة بين الجميع .
العولمة ، ومخططوها و منفذوها يعملون على تعميم معاناة اليهود التاريخية (الشتات) ، التشرد في مختلف اصقاع الكرة الارضية والانتقام من كل من له موقف ضد (السامية المزعومة) . فعملية التهجير القسري والتطوعي دائرة على قدم وساق في مختلف ارجاء الكرة الارضية و لجميع الشعوب والاقوام و بدون استثناء . وتتم عملية التهجير باساليب و سياسات منوعة ، وباهداف معلنة غير حقيقية . ونتائج عملية التهجير والهجرة متفاقمة وتتصاعد مع الزمن بمعامل اسي ، سواء بالنسبة للبلد الاصلي و البلد المقصد ، و في البلد المقصد تكون المعاناة متصلبة ومتراكمة للموطن و المهاجر على حد سواء . بعبارة ادق مشاكل انية ومستقبلية لا عد ولا حصر لها لجميع الاطراف . فالمهاجر ، قد يكون هجر جنته ليعيش في جحيم لا يرحم .
فالعولمة تقود العالم الى حافة الهاوية ، وذلك بفقدان البلدان والشعوب للهوية والاصالة (اعادة التشكيل الديموغرافي – الاجتماعي) ، واخلاء البلدان من اسسها الاقتصادية الرصينة ، وهوياتها الثقافية الحضارية . الهدف الاستراتيجي لها ، دفع الدول والشعوب لت(فكر محليا وتعمل عالميا) ، اي جعل تخطيطها لبلدها وشعبها من خلال فتح القنوات العالمية للدخول والهيمنة عليه . اشغال الناس بالمظاهر والتمتع باستهلاك ما ينتج خارج بلدهم . سيادة متاهة الحياة البوهيمية ، حياة لا معنى لها ، جنتها متمثلة بالاكل و التسلية ، دون اهداف تنموية استراتيجية حقيقية . عمليات غسيل اموال ، و انتشار تجارة مخدرات و سيادة منطق (الانا) على حساب المصالح العامة (العائلة و المجتمع والدولة) لتحقيق جنة البعض الضال .
هذه ليست نظرة متشائمة ، ولكنها ناتجة عن احساس بما يجري في البلد من ممارسات مرفوضة بكل المعايير الرسمية والشعبية ، الدينية والدنيوية ، و اثمرتها ايضا قراءات عديدة ومنوعة عن حال مدن و شعوب اخرى يفترض انها افضل حالا مما نحن عليه الان . فالولايات المتحدة ، واوربا الغربية ، و شعوب العالم الاخرى ، جميعها تعاني من اثار العولمة ولكن بدرجات و نوعيات مختلفة ومتباينة . الخلاصة ، ان ما نعتقده من وجود جنة على سطح الكرة الارضية محض خيال و ضرب من ضروب الدجل والشعوذة . بالتاكيد ، ليس مقصدي هنا جنة رب العالمين ، ولكن المقصود ما نعتقد نحن كبشر انه جنة على سطح الكرة الارضية فقط و حصريا .
لكي نعيش الجنة على سطح الكرة الارضية علينا ان نرى ما لدينا اولا ، وماهو متوفر حوالينا ثانيا ، و التفكر في كيفية تنميته ليشكل لنا جنتنا الخاصة بنا ثالثا . فجنتنا من نتاجنا نحن ، ان اردنا العيش فيها بسلام و بفكر سليم و واقعي . فامتلاكي لسكن خاص بي ، نعمة ، تحويله الى جنة امر متروك لي انا شخصيا ، كذلك الامر مع معطيات الحياة الاخرى في البيئة المحيطة بي . فكلما فكرنا بموضوعية و واقعية بما هو متوفر ومتاح لنا ، في بيئتنا المحلية ، سنجد ملامح جنة نحن منشغلون عنها بارادتنا . فالواقع الذي نعيشة له وجهين : جنة ونار (ايجابي و سلبي) ، ونحن من يؤجج الجانب الذي يعيش به و يجعله هاجسه و شاغله عن الامور الاخرى ، عن التمتع بالحياة .
وليست جنتنا (التي نحلم بها) بمعزل عن ما يجري في البلد و المنطقة والعالم ، ولكن المهم ان لا نغرق في دوامات السياسة الموجهة من رواد العولمة ودهاقنة سياسة التحكم في القرية العالمية . المهم ان نحافظ على بيئتنا المحلية باقل ما يمكن من تشوية و اتساخ بملوثات العصر . ان نجعل جنتنا المحلية حقيقية ، بارادتنا و بايدينا ، وبما يحقق لنا السلامة والامان من نوائب الدهر و عجائب الزمان . والله المستعان وهو ارحم الراحمين .



#مضر_خليل_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغيير : بماذا يبدأ ؟
- رسائل جامعية في الفكر الجغرافي
- قراءة في المظهر الارضي الثقافي : اكل الشوارع انموذجا
- الحغرافيا و التخطيط
- السياحة الريفية واستدامة الريف
- الصراع على المكان المكانة : سنة الحياة
- الفرات : الشعرة التي قصمت ظهر البعير
- اصدار بطاقة هوية للمدينة العراقية
- الدراسات العليا الى اين
- المجمعات السكنية : وجهة نظر
- النقل المستدام و نوعية الحياة
- علم البيئة الحضرية : المقاربات والأساليب في المناطق الحضرية
- هوية المدينة العراقية على المحك
- الجغرافيا و الحياة اليومية
- متى نتساوى مع (الاخرين) ؟
- جدلية المكان الثقافية
- دور الجغرافيا في معالجة مشكلات البيئة والمجتمع
- مناهج دراسة الجريمة جغرافيا
- الاستراتيج البحثي : اسس و سياق عمل
- دعوة لدراسة تداعي بغداد حضاريا


المزيد.....




- مسيّرات روسية تضرب كييف ليلا.. وزيلينسكي يطالب بصواريخ باتري ...
- الجيش الإسرائيلي ينسحب من منطقة بغزة للبحث عن رفات جندي قُتل ...
- ماذا نعرف عن الفاشر التي أعلن -الدعم السريع- السيطرة على آخر ...
- قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على مدينة الفاشر في السودان
- التوتر يبلغ ذروته مع تصاعد الضربات الإسرائيلية على لبنان.. ف ...
- هل سيطرت قوات الدعم السريع فعلا على الفاشر؟
- -عندما تحتاج إنجاز الأمور بسرعة-.. شركة ألمانية تسوق لرافعة ...
- مليشيا كولومبية تهدد بقتال الولايات المتحدة
- الكرملين يندد بمحاولات -تقويض- الحوار مع واشنطن
- -محكمة غزة الدولية-: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطيني ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - حياتنا بين جنة نحلم بها و واقع نعيشه