أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - الفرات : الشعرة التي قصمت ظهر البعير















المزيد.....

الفرات : الشعرة التي قصمت ظهر البعير


مضر خليل عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 19:41
المحور: قضايا ثقافية
    


لقد اثارني ما عرضه وزير الزراعة من عدم امكانية الزراعة خلال الاشهر القليلة القادمة (مسئول بمكانه الصحيح – بارك الله في من اختاره و كلفه) ، من جهة ، ومن جهة اخرى ما يطرحة النتن ياهو عن الكابوس الذي ارق نومه (من النيل الى الفرات) . ولان مشكلة الفرات ذات جذور تاريخية ومعطيات اعمق و ابعد مكانا و اثرا ، ولاني اقرأ حاليا كتابات في الجغرافيا التطبيقية تتعلق بالماء و الري فاحببت ان اعبرعن مشاعري وراي بالموضوع . لست مختصا بالري (لا اكاديميا ولا مهنيا) ، ولكن كجغرافي تبقى مشكلة الري تمس اختصاصي العام قبل الخاص كونها ذات ابعاد مكانية و مؤشر اقتصادي – اجتماعي – سياسي مهم ، ومؤثر جدا في حياة المجتمع اولا و مستقبل البلد ثانيا . ساعتمد في كتابة هذا المقال ما هو تحت اليد حاليا ، فصل بعنوان (الري) في كتاب منهجي عن الجغرافيا التطبيقية ((في هذا الكتاب ثلاث فصول تتعلق بالمياه : جودة المياه والتلوث ، إمدادات المياه وإدارتها ، الري)) ، وسانقل فقرات مختارة ، مترجمة بتصرف ، من هذا الفصل مع التعليق عليها حيثما يتطلب الامر .
- ]]لقد عرف (ريدزوسكي ووارد، ١٩٨٩) الري بانه : اضافة الماء الى التربة لتوفير رطوبة تربة شبه مثالية لنمو المحاصيل في المناطق التي تعاني من ندرة المياه . وان الحاجة الى الري تزداد طرديا مع زيادة الجفاف في المنطقة الجغرافية[[ .
وها نحن نعاني من احتباس حراري و تصحر و ندرة مياه في الوقت نفسه ، فالحاجة حاليا ، الى ادارة عقلانية للموارد المائية لا تقل اهمية عن الحاجة الى جيش مدرب مؤهل للدفاع عن الارض والعرض ، و انهاء الاحتلال .
- ]]ويعرف الجميع ان المياه مورد محدود ، وبمجرد ضخها ، لن يتم تعويضها على المدى القصير ، فاستدامتها تتطلب تخطيطا مسبقا ، و دراية عميقة بابعاد المشكلة و التهيئ لها قبل وقوعها ، خاصة و أن الطلب على المياه لأغراض الري قد ازداد بشكل هائل في السنوات الأخيرة مع ازدياد أعداد السكان وارتفاع مستويات المعيشة ، على الأقل في المناطق الحضرية [[.
لقد كتب احمد سوسة عن مشاريع الري التي كانت عصب الحياة و سبيل الرقي الحضاري في المنطقة عبر التاريخ ، وكتاباته نامت على الرفوف العالية ، و غطتها الاتربة و العناكب . يضاف الى ذلك ، التوسع العمراني و الحراك السكاني خلال عقد الثمانينات من شرقي العراق (ضفاف دجلة) الى غربيه (ضفاف الفرات) ، مما جعل منطقة الفرات الاوسط من اكثف مناطق العراق سكنا و زراعة . فهل المطلوب حركة تعيد السكان الى حيث كانوا قبل نصف قرن ؟
- ]]ويبدو أن النزاعات على المياه ستزداد . يزعم البعض أن صراعًا مسلحًا على المياه قد يحدث في المستقبل ، بينما يشكك آخرون في هذا التوقع (بومونت 1994؛ ستار 1991). على نهر الفرات ، الأزمة فورية . يقع حوض الفرات في ثلاث دول - تركيا وسوريا والعراق . حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي ، كان العراق فقط مستخدمًا مهمًا لمياه النهر . يعود تاريخ استخدام العراق لمياه النهر إلى ما لا يقل عن 5500 عام ، أي إلى الوقت الذي تأسست فيه أولى حضارات الري العظيمة (بومونت 1978) . كان الري الذي مورس قائمًا على الافادة من موجة فيضان ذوبان الثلوج التي هطلت في النهر خلال شهري أبريل ومايو . ومع ذلك ، لم يُسحب سوى جزء صغير من المياه ، وتدفق معظمها دون استخدام في الخليج العربي . ومن الجوانب المثيرة للاهتمام في نهر الفرات أن ما لا يقل عن 88% ، وربما أكثر من 95% ، من تدفق النهر ناتج عن هطول الأمطار على تركيا . أما التدفق المتبقي فيأتي من داخل سوريا ، بينما لا يوفر العراق أي تدفق على الإطلاق . ونتيجة لذلك ، يتزايد الصراع بين دول المنبع والمصب حول استخدامات المياه . فموقف تركيا هو أنه بما أن معظم مياه نهر الفرات ناتجة عن حدودها ، فإن لها الحق في الافادة من مياه النهر كما تشاء . [[
اواخر سبعينات القرن الماضي برزت مشكلة الفرات وتازمت الاوضاع السياسية بشكل حاد حينها ، وكنت ادرس في المملكة المتحدة . طلب مني استاذي ان اكتب عن اثر مشكلة نهر الفرات على التخطيط الاقليمي في العراق . وجهت ثلاث رسائل بالنص نفسه الى سفارات العراق و تركيا و سوريا . جائني جواب السفارة السورية مع مجموعة من التقارير الرسمية ورسالة يطلبون فيها اعادة المنشورات اليهم بعد الانتهاء من اخذ المعلومات المطلوبة . وردتني رسالة من السفارة التركية تطلب مني تحديد ما اريده كي يقوموا هم بترجمته من اللغة التركية الى الانكليزية . لا جواب من السفارة العراقية ، زرتهم وزرت وزارة التخطيط في بغداد و بدون طائل فاعتذرت عن الكتابة عن هذا الموضوع الحساس والحيوي فعلا .
- ]]من ناحية أخرى ، موقف العراق هو أنه بما أنه يستخدم مياه النهر منذ أكثر من 5000 عام ، فله الحق في الاستمرار في استخدامها دون عوائق . مع بناء وافتتاح سد أتاتورك في أوائل تسعينيات القرن الماضي ، أصبحت تركيا مستخدمًا رئيسيًا لمياه نهر الفرات لأغراض الري . وأعلنت تركيا أنها ستضمن تدفقًا لا يقل عن 500 متر مكعب في الثانية من مياه المصب . إلا أن هذا لم يمثل سوى حوالي نصف التدفق الطبيعي للنهر سنويًا ، ولذلك ردت كل من سوريا والعراق ، الواقعتين أسفل النهر، بقوة على هذا الإعلان . لم تكن تركيا مستعدة لتغيير موقفها ، ومضت قدمًا في مشاريع الري في سهل حران والمناطق المجاورة . .... لا شك أن تطوير مشاريع ري جديدة في تركيا وسوريا سيكون له تأثير كبير على الري في العراق . بمجرد تشغيل المشاريع التركية والسورية بالكامل في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين ، قد لا يتجاوز حجم المياه المتاحة للعراق في نهر الفرات ٥٠٠٠ مليون متر مكعب سنويًا ، مقارنةً برقم بلغ حوالي ٣٠ ألف مليون متر مكعب في أوائل الستينيات ، قبل بدء إنشاء المشاريع على طول النهر . نتيجة لذلك ، سيتعين على العراق التخلي عن مساحات شاسعة من الأراضي التي كان قادرًا على ريها سابقًا . من المؤكد أن هذا سيسبب مشاكل اجتماعية حادة ، حيث لن يتمكن العديد من القرويين على طول نهر الفرات من كسب عيشهم من خلال الزراعة المروية . [[
هل هذا محض صدفة ؟ ام تنفيذ لمخطط مسبق حان وقته وتوفرت الظروف المحلية و الاقليمية و الدولية لتحقيقه ؟ اخلاء المنطقة من سكانها و بيعها (تفصيخ) لمن يدفع اكثر ؟ و لكي يتحقق حلم بني صهيون River of Babylon ؟ واذنابهم العملاء و المأجورن ؟
- ]]من القضايا الرئيسية التي يجب مراعاتها ما إذا كانت الزراعة المروية نشاطًا مستدامًا أم أنها مجرد استغلال للموارد (فان شيلفغارد، ١٩٩٠) . فإن المسألة تتعلق بكيفية استغلال المياه لتحقيق أقصى منفعة للمجتمع[[ .
بعبارة اخرى ، هل هناك رؤية واضحة لوزارة الزراعة (خاصة) ، و الحكومة العراقية (عامة) واستراتيج يبني المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للعراق الموحد ؟ ام ان هذا ((في المشمش)) ؟
- ]]ومن الأمثلة التي يُستشهد بها كثيرًا وادي النيل ، حيث يبدو أن الزراعة المستمرة في النقطة نفسها قد استمرت لمئات السنين على الأقل ، إن لم يكن آلاف السنين . ومع ذلك ، فإن سهول نهر النيل الفيضية تتمتع بظروف تصريف مثالية على شكل طبقات من الحصى ، مما قلل من تراكم التربة المالحة . ومع ذلك ، توجد أدلة في أماكن أخرى على أن الري طويل الأمد ، في ظل ظروف بيئية معينة ، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض غلة المحاصيل ، حيث يرتفع منسوب المياه الجوفية إلى حد يجعل إنتاج المحاصيل المجدية اقتصاديًا غير ممكن . ربما كان هذا هو الحال في وادي دجلة والفرات (آدامز، ١٩٧٨؛ جاكوبسن وآدامز، ١٩٥٨). من الصعب جدًا تحديد طبيعة مشاريع الري الحديثة بدقة ، إذ إن القليل منها قائم منذ أكثر من 100 عام . ومع ذلك ، يبدو أن العديد من هذه المشاريع تبدأ بنجاح ، لكنها تواجه صعوبات متزايدة بعد سنوات عدة مع تدهور حالة التربة (غاردنر ويونغ 1988؛ تانجي 1990) .[[
الدوامة السياسية المفتعلة منذ ثمانينات القرن الماضي ، ودور دول الجوار (جميعا وبدون استثناء) في اشغال العراق في امور تبعده عن البناء والاعمار ، و الطمع في خيراته وامكاناته الذاتية : البشرية و الطبيعية جعلته يصل الى مرحلة Pig in the Middle ويسقط منهارا لتنهل منه سكاكين القريب والبعيد . لذا اقول ، وملء فمي دم و قيح : ان الفرات هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير .. فغربي الفرات اغنى من اغنياء العالم بما يحويه من مكنونات رب العالمين . وسيكشف التاريخ من خانه ومن باعه ومن تلذذ بعذابه والامه . وستبقى شعلة العراق تشوي وجوه وادبار العملاء والخونة في الدنيا وفي الاخرة باذنه تعالى .



#مضر_خليل_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصدار بطاقة هوية للمدينة العراقية
- الدراسات العليا الى اين
- المجمعات السكنية : وجهة نظر
- النقل المستدام و نوعية الحياة
- علم البيئة الحضرية : المقاربات والأساليب في المناطق الحضرية
- هوية المدينة العراقية على المحك
- الجغرافيا و الحياة اليومية
- متى نتساوى مع (الاخرين) ؟
- جدلية المكان الثقافية
- دور الجغرافيا في معالجة مشكلات البيئة والمجتمع
- مناهج دراسة الجريمة جغرافيا
- الاستراتيج البحثي : اسس و سياق عمل
- دعوة لدراسة تداعي بغداد حضاريا
- هل تكذب الجغرافيا ؟
- عندما تكون الجغرافيا مصدر صداع ومتاعب : فلسطين انموذجا
- الانتشار المكاني للظواهر الاجتماعية
- الحضارات الفرعیة : تفاعل أم صراع
- الجغرافي و صناعة القرار السياسي
- الخريطة الذهنية لمصادر القوة والضعف في علم الجغرافيا
- صراع الهوية : -نحن- و -هم-


المزيد.....




- الكرملين يكشف عن موعد وصول بوتين إلى ألاسكا.. فهل يتأخر عن ل ...
- السفير زملط في بلا قيود: نحن مع أي ترتيبات انتقالية تنهي الح ...
- قمة ترامب وبوتين في ألاسكا.. ما رمزيتها وماذا يريد الطرفان؟ ...
- قرى درزية في الجنوب السوري معزولة عن العالم واتصالها الوحيد ...
- عقب صلاة الجمعة.. قتيل ومصاب في إطلاق نار قرب مسجد في السويد ...
- نتنياهو وحلم “اسرائيل الكبرى”
- مالي: المجلس العسكري يتهم -قوى أجنبية- بالتخطيط لزعزعة استقر ...
- فشل مفاوضات جنيف بشأن معاهدة جديدة للحد من تلوث البلاستيك
- فيديو - قبيل قمة ألاسكا... احتجاجات مناهضة لبوتين في أنكوريد ...
- تنديد أممي دولي متصاعد بخطط إسرائيل الاستيطانية


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - الفرات : الشعرة التي قصمت ظهر البعير