أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - مناهج دراسة الجريمة جغرافيا















المزيد.....



مناهج دراسة الجريمة جغرافيا


مضر خليل عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8356 - 2025 / 5 / 28 - 14:02
المحور: قضايا ثقافية
    


1 - المـقـدمـة

يتساءل الكثيرون عن العلاقة بين علم الجغرافيا و دراسة الجريمة . هذا المقال (بحث نظري – مكتبي) يجيب عن هذا التساؤل المشروع ، و يعين الجغرافيين الشباب على اختيار البعد الذي يمكن الخوض فيه مساهمة منهم في تحقيق الأمن الاجتماعي ، وتعزيز موقع الجغرافيا بين العلوم التطبيقية . تشترك مجموعة كبيرة من العلوم المختلفة في دراسة الجريمة وتحليل العوامل المساعدة على حدوثها و تأشير أسبابها و معطياتها و ذلك لتعدد مجالاتها و زوايا النظر الىها . وليس هذا بجديد ، فالاشتراك في الموضوع ِArea ( ) يمثل توجها علميا حديثا نسبيا ، كما هو الحال عند دراسة مواضيع : الحضر ، السكن ، الموارد الطبيعية ، البيئة ، التلوث ، التخطيط ، التنمية ، النقل ، وغيرها . وقد امتد الاشتراك ليشمل تطوير تقنيات جمع المعلومات و تحليلها ، مثل : الاستشعار عن بعد ، التحليل المكاني ، النمذجة ، نظم المعلومات الجغرافية GIS ، الذكاء الاصطناعي AI وغيرها . و قد عـقـدت مؤتمرات و ندوات علمية موحدة الموضوع و الهدف متعددة التخصصات العلمية ، و صدرت دوريات علمية عديدة تعنى بالموضوع و ليس بالاختصاص الأكاديمي الدقيق . لقد تطورت العلوم وتشابكت لدرجة أصبح ، في بعض الأحيان ، من المتعذر الفصل بينها في الموضوعات الدقيقة المقياس و التخصص . ولعل هذا من أسباب تقدمها و نتيجته في الوقت عينه .
يقصد بمصطلح البعد Dimension هنا التنظيم ، و الجغرافيا معنية بدراسة التنظيم المكاني للظواهر التي تحدث على سطح الأرض وتحليل اسبابها ونتائجها المنظورة و غير المنظورة . و تشترك الجغرافيا مع الكثير من العلوم في الموضوعات و التقنيات لشمولها في الدراسة و تحليل قطبي العلوم : الطبيعة والإنسان ، والعلاقة التفاعلية المتداخلة بينهما . فالجغرافيا تفسر التباين المكاني للظواهر التي تحدث على سطح الأرض على ضوء العلاقة بين المتغيرات الطبيعية و البشرية ذات الصلة بالمكان نفسه ، فهي معنية بالبعد المكاني لكل ما يحدث على سطح الأرض ويمس حياة الإنسان الىومية . ولما كانت الجريمة ظاهرة بشرية تتباين مكانيا و زمنيا ، لذا فبالضرورة يكون للجغرافي دور جوهري في دراستها و تحليل مجالاتها من خلال تسليط الضوء على أبعادها المكانية ومجالاتها . في هذا المقال ، يسلط الضوء على الأبعاد المكانية لخمس من مجالات الجريمة و دور الجغرافي في دراستها . (يفضل البعض ترجمة space بالفضاء ، فقيمة المكان بحد ذاته تعود الى ما يحويه فضائه وما يؤديه من وظيفة و خدمات) . و المجالات هي :
(أ‌) المجال القانوني (تطبيق القوانين) Legal space،
(ب‌) المجال الاجتماعي – الاقتصادي Socio-Economic space
(ت‌) المجال الإجرائي (الجريمة كفعل)space Crime action ،
(ث‌) المجال الديموغرافي (الجاني و المجني عليه) space Criminals & Victims ،
(ج‌) المجال المكاني (مسرح الجريمة)space Crime theater .

2 – البعـد الـمكاني للـمجال القانوني :
الجغرافي ليس معني بالقوانين بحد ذاتها ، بل بالتباين المكاني الناجم عن تطبيقها وما تسببه من تباين بين المجتمعات المحلية Communities ، وتباينات في درجة استقرار كل منها و توفير مستلزمات الحياة الضرورية لها . والمنهج التطبيقي Applied approach في الجغرافيا معني بهذا الجانب بشكل خاص (قوانين الطبيعة و القوانين التي سنها الإنسان لتنظيم حياته) . ولما كانت الشرطة هي رأس الحربة في تطبيق القوانين و حفظ الأمن ، لذا أصبح عملها و تقييم أدائها من صلب الموضوعات التي يهتم بها الجغرافي . فمناطق عمل وحدات الشرطة ، (سواء أكانت محافظات ، أقضيه ، نواحي ، مدن ، أحياء سكنية) ، متباينة في العديد من المتغيرات ، مثل : المساحة ، حجم السكان و تركيبتهم العمرية و المهنية ، تكرار حدوث الجريمة ، حجم قوة الشرطة ، إمكاناتها البشرية والالية ، لذا فان تطبيق القوانين ، وبالتالى حفظ الأمن ، سيتباين طبقا لقدرة قوة الشرطة في السيطرة على الرقعة الجغرافية المسؤولة عنها . وبما أن هناك تباينا في الأداء ، وله بعده المكاني ، لذا توفرت فرصة لاعتماد المنهج التطبيقي في الجغرافيا لتحليل الوضع الأمني من خلال تقييم أداء مديريات الشرطة ، و تقييم الوضع الأمني على مستوى البلد ، الإقليم ، المحافظة ، والمدينة .
و لتقييم أداء مديريات الشرطة و وحداتها العاملة ، يمكن اعتماد مؤشرات عديدة ، تجمع البيانات عنها ولفترة زمنية محددة ، (سنة او ستة اشهر مثلا) منها :-
(1) النسبة المئوية لتنفيذ أوامر القبض الصادرة ،
(2) النسبة المئوية لكشف الجريمة ،
(3) النسبة المئوية لكشف الجرائم المهمة (القتل ، السرقات ) ،
(4) نسبة Ratio كشف الجريمة الى عدد العجلات في المديرية ،
(5) النسبة المئوية للجريمة في مدة محددة قياسا بسابقتها أو بمثلها من عام سابق ،
(6) نسبة Ratio الجريمة الى عدد سكان منطقة عمل مديرية الشرطة ،
(7) نسبة Ratio الجريمة الى مساحة منطقة عمل المديرية ،
(8) نسبة Ratio الجريمة الى عدد المباني أو الوحدات السكنية في منطقة العمل ،
(9) نسبة Ratio الجريمة الى عدد رجال الشرطة ،
(10) نسبة Ratio الجريمة الى عدد الضباط ،
(11) نسبة Ratio الشرطة الى الحجم السكاني في منطقة عمل المديرية ،
(12) نسبة Ratio الضباط الى قوة الشرطة ،
(13) نسبة Ratio عدد السكان الى مساحة منطقة العمل ( الكثافة العامة) .
المتغيرات الخمس الأولى تقيس أداء المديريات ، وهي ضمن سيطرتها الكاملة ، والثلاث التي تليها تقارن الوحدات العاملة على أساسها ، أما الخمس الأخيرة فتمثل محددات عمل المديريات وهي خارج سيطرتها . ان جمعها مع بعض يعطي فكرة شبه متكاملة عن مجمل الأداء و المحددات ، أي النظرة الموضوعية لمعظم الظروف التي يتطلب أخذها بالحسبان عند التقييم العلمي لأداء المديريات و مراكز الشرطة . إنها مسطرة قياس موحدة المعايير تعطي لكل ذي حق حقه . ( )
ولم يأت اختيار المتغيرات أعلاه اعتباطا ، بل بعد تمعن منطقي ، و تجربة عملية لتحليل الأداء و تقيمه . فتنفيذ أوامر القبض يتطلب استخدام العجلات ، ومن خلال التنفيذ يتم كشف الجرائم ، المهمة على وجه الخصوص ، و بالتالى ترتفع نسبة كشف الجريمة عموما . وبكشف الجرائم و إلقاء القبض على المجرمين تتناقص نسبة الجريمة في المنطقة . فالعلاقة طردية متصاعدة ، أي إذا كانت العلاقة الإحصائية بين تنفيذ أوامر القبض و كشف الجريمة بقيمة (0.5) ، فانه ، يفترض ، أن لا تقل العلاقة عن (0.7) بين كشف الجريمة و خفض نسبتها .
تعتمد معظم الدول نسبة الجريمة الى كل مائة آلف نسمة من السكان كمؤشر أساسي لتقييم الأداء و قياس درجة السيطرة الأمنية لجهاز الشرطة ، أو نسبتها الى المباني السكنية أو تلك المطلوب حمايتها ، أو نسبتها الى الوحدة المساحية . يؤثر عكسيا على هذه النسبة متغيري نسبة الشرطة الى السكان ، و نسبة الضباط الى الشرطة . فزيادة عدد الشرطة معناه وجود رجال الأمن في كل مكان و زمان يتطلب تواجدهم فيه مما يعزز السيطرة و الاستقرار الأمني . و زيادة عدد الضباط يعني وجود قادة ميدانيين يوجهون رجالهم بصورة فاعلة .
بالمقابل ، تؤثر طرديا في نسبة الجريمة الى السكان المتغيرات الآتية : نسبة الجريمة الى الشرطة ، نسبة الجريمة الى الضباط ، و ارتفاع الكثافة العامة ونسبة الجريمة في الرقعة الجغرافية . لنسبة الجريمة الى الشرطة علاقة عكسية مع نسبة الشرطة الى السكان و نسبة الضباط الى الشرطة ، و علاقة طردية مع متغيرات : نسبة الجريمة الى السكان ، نسبة الجريمة الى الضباط ، و الكثافة العامة .
توضح المخططات الانسيابية الثلاث أعلاه ، ألعلاقة بين المتغيرات المقترحة لتحليل الوضع الأمني من خلال تقييم أداء مديريات (وحدات) الشرطة . ولا تغطي هذه المتغيرات جميع ظروف عمل مديريات الشرطة و واجباتها ، و دور الجهات الأخرى المعنية بحفظ الأمن و استقرار البلاد ، ولكنها بداية طيبة للتحليل و التقييم المقارن . إنها تبرز التباين المكاني في حفظ الأمن و سيادة القانون ، مؤشرة بعض الأسباب الذاتية والموضوعية وراء ذلك . فاختلاف العلاقة الإحصائية عن الحالة الفرضية يعني وجود خلل في التوزيع المكاني للمتغيرات قيد التحليل ، فقد يكون للموقع الجغرافي (المناطق المحيطة بمنطقة عمل المديرية) دور مباشر وغير مباشر في ضعف السيطرة الأمنية . فالخريطة و التحليل المقارن (بين المديريات من جهة ، ومع الحالة الفرضية من جهة أخرى) يساعدان في توضيح البعد المكاني لتنفيذ القوانين وحفظ الآمن . إنها ترسم خريطة الوضع الأمني في منطقة الدراسة خلال فترة زمنية محددة .
3 – البعد المكاني للتركيب الاجتماعي – الاقتصادي للسكان
يرى علماء الاجتماع و جغرافيو المدن أن المجتمعات البشرية عندما تكبر و يزداد عدد أفرادها تميل طبيعيا الى التكتل Polarization في مجاميع صغيرة على أساس المهنة أو الطبقة الاجتماعية ، وتميل المجموعة أو الفئة الى السكن مع بعض ، و السبب وراء ذلك منافسة المجاميع لبعضها و حاجة كل منها الى الحماية و الدعم الذاتي من المجموعة نفسها ( ) . يعني هذا أن الفرد يختار طواعية ، وينتقي المجموعة التي يحس بالانتماء اليها ، و بهذا فانه يختار المنطقة التي يسكن عائلته بها . انه يختار الطبقة (الشريحة) التي يحتمل أن تتزوج ابنته أو يتزوج ابنه منها ( ) لهذا السبب ظهر من يقول : قل لي أين تسكن أقول لك من أنت ( ) .
أي أن مكان سكن الشخص دليل عملي على موقعه في السلم الاجتماعي . فلكل موقع في المدينة قيمتان : اقتصادية تمثل موقعه في سوق الإسكان ، و قيمة اجتماعية تمثل موقعه في السلم الاجتماعي ( ) . بعبارة أخرى ، أصبحت المدينة مكونة من مجموعة من المناطق المتميزة عن بعضها البعض بتركيبة سكانها (ديموغرافيا ، مهنيا ، تعليميا) و بنائها العمراني (مبان ، استعمالات أرض ) و بيئيا (جميع هذه) ، وهذه الأجزاء مع بعضها البعض تشكل التركيب الاجتماعي الاقتصادي المكاني للمدينة . يمثل التنظيم المكاني للتركيب الاجتماعي الاقتصادي للمدينة الأرضية التي تفسر على أساسها جميع المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها المدينة . يضاف الى ذلك أن معرفته (التنظيم المكاني) تساعد في التخطيط العلمي ، وتكون عونا عند اتخاذ القرارات المناسبة لكل حالة و مشكلة . ( ) .
لقد ارتبطت الجريمة في أذهان العديد من الناس بالمدينة و التحضر رغم إنها وجدت قبل وجود أول مدينة على سطح الأرض . وفي المدينة ترتبط الجريمة في أذهان الناس بأماكن معينة فيها . وهذا الارتباط مقترن بالخريطة الذهنية التي يمتلكها الأفراد عن مناطق المدينة و طبيعة ساكنيها . إنها نتاج الخبرة الذاتية و المكتسبة (السمعة الاجتماعية لمناطق المدينة) . لقد درس علما الاجتماع الجريمة و البيئة الاجتماعية المرتبطة بها ، اعتمدوا العينات ، أو حالة دراسية لمنطقة معينة ، و اختاروا مؤشرات للتحليل مثل : الكثافة الاسكانية ، حجم العائلة ، نسبة النوع نسبة الذكور الى الاناث) ، الحالة الاقتصادية للعائلة ، دورة الفقر ، المناطق المتخلفة ، المستوى التعليمي لرب الآسرة ، تداخل استعمالات الأرض وغيرها .
جميع هذه المتغيرات متباينة في توزيعها مكانيا داخل المدينة ، و تتداخل و تعزز بعضها البعض ، ولهذا تشكل أنماطا مكانية . نتجت هذه الأنماط عن طبيعة التركيب الاقتصادي الاجتماعي لسكان المدينة و تكتلهم مكانيا . فدراسة التنظيم المكاني للتركيب الاجتماعي الاقتصادي للمدينة توسع المنظور وتحدد مكانيا المناطق التي يمكن أن تكون نواة للجريمة ، سواء مصدرة للمجرمين أم جاذبة لهم . تمثل دراسة التنظيم المكاني للتركيب الاجتماعي الاقتصادي للمدينة أرضية ينطلق منها التحليل البيئي للجريمة . فعلماء الاجتماع يرون أن هناك مناطق ((تربي)) المجرمين ، وأخرى تجذبهم اليها لاقتراف الجريمة . ويرى علماء النفس أن الضغط النفسي على الأشخاص يتباين بين مناطق المدينة . و الجغرافيون يرون أن هناك مناطق ترتفع فيها نسبة الفقر و الحرمان ، وأخرى مترفة ، وتنعكس درجة حدة التباين هذه على المدينة و تفاقم مشاكلها ( ) . فمعرفة المناطق الاجتماعية في المدينة و تنظيمها المكاني جوهري لكل معني بالمدينة و مشاكلها ، سواء أكان أكاديمي أم إداري ، أم سياسي .
لمعرفة التركيب الاجتماعي - الاقتصادي - المكاني دور فعال في رسم السياسة الإجرائية لمديريات الشرطة و المخططين الاجتماعيين . لقادة الشرطة تمثل هذه المعرفة خلفية علمية تفسر التوزيع الجغرافي للجريمة ، و تؤشر مسار المجرمين بين مناطق المدينة المختلفة ، وعلى ضوء ذلك تحدد مواقع الدوريات و نقاط المراقبة و المتابعة . و دراسة التركيب الاجتماعي الاقتصادي للمدينة و تنظيمه المكاني من صلب موضوعات جغرافية الحضر ، التي هي فرع من فروع الجغرافيا الاجتماعية . فالجغرافي الحضري معني بهذا الموضوع و له الدور البارز في تأشير الأنماط المكانية للمتغيرات الاجتماعية و تفسيرها . لذا فان دور الجغرافي في المساعدة في رسم السياسة الاجتماعية ، والبرامج الإجرائية للحد من الجريمة لا يمكن تجاوزه .
4 – ألبعـد المكاني للمجال الإجرائي
يتمثل المجال الإجرائي للجريمة بثلاث جوانب ، الأول : النمط المكاني و - أو الزمني الذي يشكله حدوث الجريمة ، الثاني : المجرم و رحلته لتنفيذ مآربه و مخططاته (مسار الرحلة بين المنشأ و المقصد ، مناطق التصدير و مناطق الجذب) ، والثالث : يخص دوريات الشرطة و المواقع المناسبة للسيطرة الأمنية.
4 – 1 ) النمط المكاني - الزمني للجريمة
الفرق بين التوزيع المكاني (أو الزمني) و النمط ، أن الأول متغير و الثاني اكثر استقرارا . انه ليس ثابتا ، ولكن حركته أبطأ بكثير من التبدلات التي قد تحدث في التوزيع الجغرافي . فالجريمة عندما تحدث بتكرارات متقاربة في الأماكن ( أو الأوقات) عندها تشكل نمطا . و دراسة التوزيع الجغرافي للجريمة في منطقة معينة و خلال فترة زمنية غير قصيرة نسبيا تساعد على تحديد الأنماط المكانية و الزمنية واتجاه الجريمة (نحو الزيادة أو النقصان) في تلك المنطقة . و كلا النمطين (المكاني والزمني) يساعدان في تفسير الجريمة على ضوء المعلومات عن البيئة الاجتماعية و الطبيعية و السياسية في منطقة الدراسة وما يجاورها . إضافة الى ذلك ، إمكانية حساب احتمالية حدوث الجريمة استنادا على نمط حدوثها الزماني و المكاني و بعد تحديد العوامل المحلية المؤثرة عليها .
يمثل تحديد الأنماط المكانية و الزمنية للجريمة حجر الزاوية في رسم السياسات العلاجية و الوقائية ، وبدونها تكون الإجراءات قاصرة عن المعالجة الحقيقية لأنها عبارة عن ردود أفعال ليس آلا . وتحديد الأنماط المكانية والزمنية مهمة ليست سهلة لأنها تتطلب خبرة و دراية بالتقنيات التحليلية ، وعلم الخرائط ، و تستوجب توفر بيانات دقيقة عن منطقة الدراسة ولفترة غير قصيرة . أن تعاون الأكاديميين مع رجال الشرطة في رسم خرائط الأنماط المكانية تعجل في السيطرة على الجريمة من خلال تحديد طبيعة العوامل المؤثرة على الأنماط و المكونة لها ، سواء أكانت هذه العوامل محلية أم خارجية ، طبيعية أم بشرية ، وهل أن الجريمة " متوطنة " أم ناتجة عن مستجدات يتطلب الانتباه الىها أخذها بالحسبان ( )
بزيادة درجة التباين المكاني لحدوث الجريمة يؤشر وجود بؤر تتركز فيها حالات حدوثها في أماكن معينة دون سواها ، في وقت يمثل التوزيع المتقارب للجريمة على سيادة الفوضى و الاضطراب (في حالة تكرار حدوثها بنسب عالية) . آما التباين الزمني الكبير فيعني أن العوامل المسببة للجريمة طارئة ، يعاكسه تقارب حدوث الجريمة من معدلها زمنيا الذي يدلل على وجود عوامل و ظروف محلية تساعد على استقرارية تكرار حدوث الجريمة . فعندما يترافق وجود تباين مكاني كبير في منطقة معينة مع تباين زماني قليل في نقاط معينة منها ، حينها يعني ذلك وجود ظروف محلية قد ساعدت على توطن الجريمة في هذه الأماكن ، والتي يمكن عدها مناطق جنوح و جريمة Criminal Area . وتلعب الخريطة هنا دورها في تحديد أماكن الجنوح و الجريمة ، وعلى وجه الخصوص عندما تسقط عليها البيانات المتوافرة لفترة زمنية غير قصيرة . وتتضح الصورة أكثر برسم خريطتين ، الأولى للنمط المكاني ، والثانية للنمط المكاني الذي يمثله التباين الزمني (على ضوء معامل التباين الزمني للوحدات الإحصائية في منطقة الدراسة) .
ويمكن اعتماد هذه الطريقة في تحديد درجة توطن أنواع معينة من الجرائم ، وذلك بقياس نسبة التباين الزمني لمجموع الجرائم الى نظيره لجريمة محددة . فحيثما تكون درجة تباين مجموع الجرائم في المنطقة أكبر من تباين جريمة محددة في المنطقة ذاتها و خلال المدة الزمنية نفسها دل هذا على توطن هذه الجريمة وخضوعها الى ظروف محلية تساعد على تكرار حدوثها بنسق قريب من معدلها . بالمقابل ، عندما تكون درجة تباين مجموع الجرائم أقل من درجة تباين جريمة محددة في المنطقة و خلال المدة عينها فيعني خضوعها الى ظروف خارجية طارئة . وما يصح على التباين الزمني يكون كذلك مع التباين المكاني . فعندما تكون درجة تباين مجموع الجرائم اكبر من مقابلتها لجريمة معينة فيعني ذلك سيادة هذه الجريمة و انتشار حدوثها في منطقة الدراسة بنمط قريب من معدلها . وهذا على خلاف من أن يكون تباين مجموع الجرائم أقل قرينه لجريمة محددة ، مما يؤشر تأثر هذه الجريمة بالعوامل الطارئة دون المحلية .
الأنماط المكانية (و الزمنية) للجريمة ، و الأنماط المكانية للتركيب الاجتماعي الاقتصادي تكمل بعضها البعض لتشكل صورة الوضع الأمني في المدينة أو منطقة الدراسة . إنها تفسر بعض ، ولا يستغنى عن أي منها عند التخطيط الاجتماعي و الجنائي ، عند رسم السياسة الاجتماعية ، وعند تحويلها الى برامج عمل . واشتراك جغرافي مستوعب لواجبه العلمي – الوطني و متمكن من نقل المعرفة العلمية الى مستوى التطبيق العملي الميداني في فريق عمل للربط بين الأنماط المشار اليها آنفا ضروري ، خاصة عندما يعتمد نظام المعلومات الجغرافية GIS في التحليل و الاستنتاج و رسم السياسات الاجتماعية المختلفة .
4 – 2 ) الرحلة لتنفيذ الجريمة ،
رجال حفظ الآمن مغرقون بالواجبات الىومية و التفاصيل الجزئية لعملهم ، و لا تتسنى نظرة شاملة ثاقبة إلا للقلة منهم تعينهم في صياغة تفسير علمي للجريمة في مناطق عملهم . المطلوب منهم متابعة الجريمة المفردة و كشفها ، وقد لا يسألون عن الصورة التراكمية للوضع الأمني في مناطق عملهم ، فالواجب محصور بالتنفيذ في الميدان أنيا . و رجال الإحصاء في مديريات الشرطة واجبهم تنضيد المعلومات في جداول وليس المطلوب منهم تحليلها واستجلاء ما تحتويه من معاني و علاقات و مؤشرات . وهذه ثغرة كبيرة من الضروري ملئها من خلال تكليف رجال شرطة ذوي دراية وخبرة أكاديمية ، أو أكاديميين يهمهم آمن المجتمع ، و تطوير معرفتهم النظرية بخبرة ميدانية تطبيقية للقيام بهذه المهمة .
بمعرفة البعد المكاني للتركيب الاجتماعي الاقتصادي للمدينة ، و بتحديد مناطق سكن المجرمين ومناطق حدوث الجريمة يصبح سهلآ تأشير مسار المجرمين بين أرجاء المدينة ، و تحديد مكان و وقت المراقبة . وقد اعتمدت مديريات الشرطة في العالم الخرائط في غرف العمليات ، أسقطت عليها البيانات ذات العلاقة ، فكانت الخريطة مفتاحا لتفسير الكثير من المعطيات التي لم تكن بارزة للعيان في الوهلة الأولى وساعدت في كشف الجريمة و متابعة منفذيها . لقد أصبحت الخريطة سمة ملازمة لغرفة العمليات ، فبدونها يصبح المكان قاعة اجتماعات اعتيادية . وعند مناقشة سرقة السيارات تتعزز أهمية الخريطة في متابعة الجريمة و مطاردة مقترفيها ، وذلك لأن حركة الجناة واسعة و سريعة بين أرجاء المدينة المختلفة ، وبدون الخريطة يصبح الأمر صعبا أن لم يكن مستحيلا . الخريطة ليست جغرافية ، ولكن التعامل مع المعلومات التي تسقط عليها و ربطها بالمعلومات الأخرى ذات العلاقة لغرض الاستنتاج و الاستدلال هو الجغرافية بمفهومها العلمي ، و بمنهجها التطبيقي .
لقد درست الجريمة في العديد من المدن و حدد على الخرائط المناطق التي تأوي المجرمين و المشبوهين ، و أماكن اقترافهم للجريمة . فقد درس احمد فارس العيسى ، على سبيل المثال لا الحصر ، جريمتي القتل و السرقة في مدينة البصره و حدد مناطق الجريمة حسب مسقط رأس المتهم ، وحسب مكان سكنه ، حسب مكان حدوث الجريمة و خرج بنمط مكاني واضح ( ) ، وكذلك درس حيدر الكرعاوي الجريمة و النجف ، و كثير غيرهم ايضا . و بتكامل المعرفة العلمية ( الجامعيين ) مع الخبرة الميدانية لرجال الشرطة يمكن أن تحل الكثير من المشكلات الاجتماعية ، ويكون أمن المجتمع أكثر استقرارية عندما ترسم السياسة العلاجية على أساس طبيعة كل منطقة و وضعها الأمني ، و في الوقت عينه يتعاظم الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية بين مختلف الفئات الاجتماعية . وحينها يسود الأمان و يتعزز الإحساس به لأنه أصبح مسؤولية اجتماعية عامة .
4 – 3 ) التوزيع الأمثل لمراكز الشرطة و دورياتها ،
الشرطة مؤسـسة تقدم خدمات مجتمعية لا يمكن الاستغناء عنها ، فمجرد تواجدها في الرقعة الجغرافية يقلل من احتمالات حدوث الجريمة . لذا من الضروري أن يكون انتشار قوتها و وتواجدها بشكل يؤدي الى هذه النتيجة وعلى أفضل صورة ، انتشار و تواجد يتناسب مع حاجة كل منطقة وحسب جدول زمني محدد مسبقا . ولما كان التباين المكاني حقيقة ماثلة للعيان لكل ما يراد حمايته و حفظ أمنه ، من سكان و ممتلكات وغيرها ، لذا فان التنظيم المكاني لتواجد رجال حفظ الأمن و عملهم يجب بالضرورة أن يأخذه في الحسبان . فمعرفة الواقع الجغرافي (الطبيعي و البشري) لمنطقة عمل وحدات الشرطة لا غنى لها عنه عند تحديد مواقع تواجدها الثابتة و المتحركة ، وعند تقرير خطط حركتها وإجراءاتها المختلفة ، وعند رسم حدود الإقاليم الوظيفية لوحداتها العاملة ، وعند تقييم أدائها ، وغيرها من المهام الأخرى . وفي الدول المتقدمة اعتمدت نماذج رياضية ( ) تساعد المسؤولين في اتخاذ القرارات الصحيحة لمثل هذه الحالات ، حيث يتم تحديد المواقع و المسارات باستخدام هذه النماذج ، بعد أن استندت على إحصائيات تفصيلية عن السكان و الجريمة و ربطتها بالمسرح الجغرافي الذي تمارس الشرطة واجبها عليه .
وتطورت النماذج من صيغة رياضية جامدة على الورق الى نماذج تجسيد Simulation متحركة ومتفاعلة مع متطلبات و حاجات صانعي القرارات . ولم تستقر الحالة عند هذا ، بل تطورت لتتحول الى نظم معلومات متكاملة ترتبط بالمكان بكل مفاصلها و تفاصيلها ، عرفت بنظم المعلومات الجغرافية Geographical Information Systems (GIS) حيث تنظم المعلومات وتبوب على أساس مكاني وتربطه بخريطة مخزونة في الحاسبة ، ومن خلالها ، وبعد إسقاط المعلومات المطلوب على الخريطة وتحليلها بواسطة الحاسبة ، أمكن تحديد مناطق الجنوح و الجريمة ، أماكن تواجد قوات الشرطة المتحركة و الثابتة ، و غيرها ، خاصة عند اتخاذ القرارات المباشرة و الإجراءات الآنية ، وحيثما يتطلب الوضع الأمني ذلك .
اشار محمد الخزامي عزيز ( ) الى انتشار استخدام نظم المعلومات الجغرافية وتطبيقاتها على المرافق الخدمية الخاصة بالإسعافات الأولية و المطافئ و الحالات المرورية والأمنية خلال عقد التسعينات ، وذلك لاختيار أقصر الطرق الى مكان الحادث أو الجريمة مستخدمة الصوت و الصورة الى جانب الخريطة . فمن خلال خزن المعلومات التفصيلية عن المسرح الجغرافي في الحاسبة ، و استرجاعها على شكل خرائط أو معلومات تمثل متغيرات معينة ، منفردة أو متجمعة ، يمكن اختيار المواقع المناسبة لمراكز الشرطة و مسار الدوريات و المسالك التي يمكن أن تنهجها القوة الساندة للوصول الى أماكن الحوادث و حيث الحاجة في أقصر وقت ممكن . تستند نظم المعلومات الجغرافية هذه على الخريطة ، وبهذه الحالة تحولت الخريطة من جدار غرفة العمليات الى شاشة الحاسبة الالكترونية ، موفرة معاها كل المعلومات التي قد يحتاجها صانع القرار ، ومنفذه في الوقت عينه . إنها عبارة عن مجموعة من الخرائط التي يمكن ربطها ببعض البعض لتوضح الصورة النهائية عن منطقة العمل ( ) . بعبارة أخرى ، ليس اختيار المواقع المثلى لمراكز الشرطة يتطلب معلومات و خرائط عن منطقة العمل ، بل كل نشاط و واجب تقوم به قوة الشرطة يحتاج هذا . وليس هناك من يتعامل مع الخريطة و المعلومات التي يمكن أن تحتويها مثل الجغرافي المتدرب تدريبا جيدا على البحث و التحليل و الاستنتاج . فالجغرافي في مثل هذه الحالات بمثابة الاستشاري لصانع القرار ، وهو الكادر الفني الوسطي الذي لا يمكن الاستغناء عن خدماته في كل المفاصل التي تتعامل مع المجتمع و تنظيمه المكاني .

5 – البعـد المكاني للمجال الديموغرافي للسكان ،
في الفقرة (4 – 2) سلط الضوء على الرحلة لتنفيذ الجريمة ، ولكن ماذا عن الجاني ؟ وماذا عن المجني عليه ؟ وهل لكل منهما بعد مكاني ؟ بعبارة أخرى ، الى أية درجة يتباين التوزيع الجغرافي للسكان حسب التركيبة العمرية ؟ وهل تتعرض جميع الفئات العمرية الى الجرائم المختلفة بالنسبة ذاتها ؟ وهل لجريمة معينة علاقة بفئة عمرية محددة أو جنس معين ؟
وعودة الى التنظيم المكاني للتركيب الاجتماعي ( 3 أعلاه) ، فان البعد الديموغرافي يشكل أحد أركان هذا التركيب . فهو يتباين مكانيا بشكل كبير لا يمكن ملاحظته إلا من خلال خرائط توزيع السكان حسب الفئات العمرية و نسبة النوع . وفي الدول الغربية ، وفي المدن الكبرى على وجه الخصوص ، لوحظ نمطا مكانيا للسكن يرتبط بدورة حياة ألا سره . فالعزاب يسكنون قريبا من مركز المدينة ، و في المرحلة الأولى من الزواج يستمر الحال كذلك ، ولكن درجة الانتفاع المكانية تتناقص مع مجيء الأطفال حيث تظهر متطلبات جديدة تستوجب الانتقال الى مواقع أخرى في أطراف المدينة و ضواحيها . وفي مراحل متقدمة من دورة حياة الآسرة ، بعد انفصال الأبناء بسبب العمل أو الزواج يفكر الأباء بالعودة الى مركز المدينة حيث المرافق الصحية و الخدمية التي يحتاجوها باستمرار تقريبا . فالدورة تبدأ من مركز المدينة و تنتهي عنده . وفي دراسة قام بها رعد ياسين محمد عن التركيب الاجتماعي لمدينة الزبير خلص الى وجود تباين ديموغرافي مكاني في هذه المدينة الصغيرة ( ) ، فكيف الحال مع المدن الكبيرة التي لم تدرس بعد ؟
أشارت الكثير من الدراسات المعنية بالجريمة الى أن المسافة التي يقطعها الجاني تختلف حسب الفئة العمرية ، فالمراهقون و الشباب تكون جنحتم قريبة من السكن في الغالب ، ويركزون على ما سهل حمله و غلى ثمنه . في وقت تكون المسافة التي يقطعها الجاني أطول في المراحل العمرية اللاحقة ، وتتباين الأهداف (المجني عليها) . وتكون مناطق سكنى المسنين و العوائل الأحادية المعيل أكثر تعرضا للجرائم من العوائل الكبيرة ، والكبيرة نسبيا . بعبارة أخرى ، يمكن تحديد نوعية الجريمة ، و الجاني و المجني عليه من خلال معرفة التركيب العمري و النوعي للساكنين . فالجرائم التي تحدث في الأماكن التي يكثر فيها الأطفال هي ليست تلك التي تحدث حيث يكثر المسنون ، وهي ليست التي تنتشر في المناطق التي تسود فيها فئة الشباب . أن معرفة التركيب العمري و النوعي و تنظيمهما المكاني يساعد في اتخاذ القرارات الخاصة بتقديم الخدمات المجتمعية ، بما فيها خدمات الطوارئ و الجانب الأمني .
ركزت الدراسات السابقة على التعرف على هوية المتهمين (الجناة) ، وحددت الفئات العمرية و المهنية و ربطت كل منها بنوع معين من الجرائم . واهتمت الدراسات الحديثة بالضحايا ، وأيضا بتركيبهم العمري و النوعي و المهني ، وركزت على دورهم في جذب الجاني و التستر عليه . يعني هذا ، أن النمط المكاني لتركيبة الجناة ، و النمط المكاني للمجني عليهم مادتان تستحقان الدراسة و تحديد طبيعة الصلة بينها . هناك شذرات من الإشارات الى هذا الموضوع في الكتابات العراقية ، ولكن ليس هناك دراسة ، حسب علمي ، قد صبت اهتمامها على هذا الجانب الحيوي .

6 – ألبعـد المكاني لمسرح الجريمة ،
يقوم الجاني ، في العادة ، بجمع المعلومات و مراقبة الضحية ومعرفة تفاصيل عنها وعن نمط سلوكها وتحركها ، كذلك يدرس بعناية طبيعة المكان الذي يسهل عليه قيامه بجرمه فيه ، وهذا المكان ليس فقط الموضع (النقطة التي تحدث فيها الجريمة) ، بل الموقع من حيث البيئة المحيطة به . انه يدرس بعناية المجني عليه ويتفحص موضع و موقع مكان الجريمة . انه يختار المكان و الزمان ، بعد أن اختار الضحية . وقد أكدت الدراسات وجود أماكن واهنة يمكن أن يستغلها ضعاف النفوس للقيام بأعمالهم الدنيئة . عقدت مديرية الشرطة العامة في بغداد ندوة علمية متخصصة تحت عنوان ((دور التخطيط العمراني في الحد من الجريمة)) ، وخلصت الندوة الى أن الجريمة تزداد حيث تختلط استعمالات الأرض مع بعضها البعض ، وفي المناطق التي يمر بها اكثر من شارع رئيسي نافذ . إضافة الى ذلك أشرت دور التصاميم العمرانية واقترحت الاتي :-
أ - تقليل ارتفاع المبنى وذلك لأن :-
(1) ارتفاع عدد الوحدات السكنية لكل مدخل يزيد من فرصة حدوث الجريمة .
(2) زيادة عدد الشقق في كل طابق يزيد من احتمال حدوث الجريمة .
ب – فصل المباني غير السكنية عن السكنية ، وزيادة المسافة الفاصلة بينها .
ت – إيجاد موانع و محددات طبيعية لتقليل فرص اختراق المحلة السكنية من خارجها .
ث – تقليل إمكانية الاختفاء قرب المساكن أو المتاجر و غيرها ، وتحسين إنارة الشوارع .
ج – النوافذ الكبيرة تسهل عملية اختراق المبنى و تضعف حمايته ، على عكس النوافذ الصغيرة في التصاميم الشرقية القديمة .
ح – توقيع الفعاليات الخارجية على مرأى من نوافذ المنازل و المتاجر يساعد على الحد من الجريمة .
خ – توقيع مواقف السيارات داخل الوحدات السكنية لتقليل تعرضها الى السرقة . ( )
على ضوء نتائج هذه الندوة ، والدراسات الأخرى ، ألا يمكن تحديد الأماكن و المناطق الواهنة التي تحتاج الى حماية أمنية أكثر من غيرها ؟ اليس المطلوب إسقاط المواقع الواهنة هذه على خريطة عمل وحدات الشرطة ؟

7 – ومـاذا بـعـد ؟
ان دور الجغرافي في خدمة المجتمع من خلال بحوث تطبيقية لا حد له ، وذلك لأن المسرح الجغرافي الذي يعيش الانسان عليه و ينشط فيه هو ميدان عمل الجغرافي ، فكل ما يوجد و يحدث على ارض هذا المسرح هو مادة للدراسة بالنسبة للجغرافي . فلكل شيء على سطح البسيطة أوجه يمكن أن ينظر اليه من خلالها ، وأن يدرس على أساسها . وكل وجه من هذه الاوجه له خصائصه التي تتباين مكانيا و زمنيا ، لذا فان الابعاد المكانية للدراسة لا حصر لها . و ما يصح على الجريمة يكون كذلك عن جميع الظواهر البشرية و الطبيعية .
وبتوفر تقنية نظم المعلومات الجغرافية يتعاظم دور الجغرافي وذلك لأن "بنك المعلومات" قد ترتبت بياناته على أساس الخريطة (المكان) فاصبح الأمر أكثر سهولة واكثر تشويقا و اغراء . كما أن غير الجغرافيين ، من مسؤولين و غيرهم ، ومن خلال التسمية (نظم المعلومات الجغرافية) سيرتبط في ذهنهم سؤال مفاده : أين الجغرافي العراقي من هذا ؟ ستسقط الحجة من يدي الجغرافي العراقي ، وسيكون في وضع لا يحسد عليه . وما على الجغرافي العراقي الا اتباع سبيلين في وقت واحد : تعلم تقنية نظم المعلومات الجغرافية ، و اختيار الابعاد المكانية للظواهر القريبة من اختصاصه و اهتماماته العلمية لدراستها بعمق وموضوعية . كل ما يحتاجه ، الجرأة ، وحسن الاختيار ، و التوكل على الله . ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، وهو نعم المولى و نعم النصير .

8 - مقترح
1) صياغة استراتيج بحثي مشترك مع مؤسسات الدولة و المجتمع المدني لدراسة المشكلات التي يعاني منها الاقليم الوظيفي للجامعه ،
2) استحداث وحدة ابحاث مكانية ( ) تابعة الى جامعة المثنى لدراسة المشاكل التي تعاني مدينها مدينة السماوة ، والاقليم الوظيفي للجامعه ، تضم باحثين في تخصصات : الجغرافيا ، الاجتماع ، علم النفس ، الاقتصاد ، البيئة ، الهندسة ، الارشاد التربوي ، الاحصاء . يكون العمل فيها :
أ- على ملاك الوحدة البحثية ،
ب- تفرغ كامل لمدة سنة قابلة للتمديد ،
ج- تفرغ جزئي لمدة ستة اشهر فاكثر .
تتولى القيام بابحاث ودراسات متداخلة التخصصات و متعددتها تعنى بكل ما تعاني منه المدينة من مشاكل طبيعية وبشرية ، وتتطلب اتخاذ قرارات مهمة و رسم استراتيجيات مستقبلية .
3) استحداث مرصد حضري ، ( ) يرتبط بمجلس المحافظة ، و يكون للجامعة الحضور المميز فيه لجمع المعلومات والبيانات و القيام بالدراسات والابحاث التي تحتاجها المحافظة .



#مضر_خليل_عمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستراتيج البحثي : اسس و سياق عمل
- دعوة لدراسة تداعي بغداد حضاريا
- هل تكذب الجغرافيا ؟
- عندما تكون الجغرافيا مصدر صداع ومتاعب : فلسطين انموذجا
- الانتشار المكاني للظواهر الاجتماعية
- الحضارات الفرعیة : تفاعل أم صراع
- الجغرافي و صناعة القرار السياسي
- الخريطة الذهنية لمصادر القوة والضعف في علم الجغرافيا
- صراع الهوية : -نحن- و -هم-
- نحباني للو الالفية الثالثة
- للثقافة جغرافيتها المميزة
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
- ارهاصات متقاعد
- الفاصلة الثقافية بيننا و العالم المتمدن
- ثقافة الايفون
- بناء ثقافة البحث العلمي : الممارسات الموصى بها
- تحت الرماد نار حرب مقدسة
- التغييرات الاجتماعية والثقافية : العراق انموذحا
- تقييم نقدي لواقع التعليم الجامعي في العراق
- الجامعة والإبداع الفكري: أمراض تصيب الجامعة فتعيقها عن الإبد ...


المزيد.....




- صانعة المحتوى اللبنانية عبير الصغير تحتفل بخطوبتها في أجواء ...
- صانعة المحتوى عبير الصغير تحتفل بخطوبتها.. تفاصيل حصريّة عن ...
- -بخطوة نادرة-.. مسؤول يكشف لـCNN: وزير الخارجية السعودي سيزو ...
- ترامب: بكين -انتهكت بالكامل- الاتفاق مع واشنطن بشأن الخفض ال ...
- -برا وبحرا وجوا-.. -نيويورك تايمز- تكشف بنودا من مذكرة أوكرا ...
- الولايات المتحدة.. سحب طماطم ملوثة بالسالمونيلا قد تفتك بالم ...
- السيسي يتلقى اتصالا من رئيس وزراء اليونان بعد أزمة دير سانت ...
- تحذيرات من -أسلوب جديد- لسرقة أموال المصريين عبر الهواتف
- -سبيس إكس- تخطط لإرسال روبوتات إلى المريخ
- كاتس يهاجم ماكرون: اعترافكم بفلسطين مجرد ورق يلقى بمزبلة الت ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - مناهج دراسة الجريمة جغرافيا