حسن خليل غريب
الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 12:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
. التحولات الكبرى: هل يفلت العرب من قبضة واشنطن وطهران؟
منذ العام 2015، يشهد الموقف العربي الرسمي، وعلى رأسه الموقف السعودي، تحولات استراتيجية عميقة في علاقته بالولايات المتحدة الأميركية وبمحيطه الإقليمي، لا سيما إيران. هذه التحولات لم تكن مجرد ردود فعل آنية، بل تعكس إدراكًا متزايدًا لدى صناع القرار العرب بأن التحالفات التقليدية لم تعد تضمن الأمن القومي العربي، وأن المشروع الإيراني لا يزال يشكل تهديدًا وجوديًا يتطلب إعادة تموضع استراتيجي.
في هذا السياق، يبرز حسن خليل غريب كأحد الأصوات القليلة التي قرأت هذه التحولات مبكرًا، وربطتها بما يسميه "الموجة الثالثة من الاستراتيجيات الأميركية" في المنطقة.
1-الموجة الثالثة: الهيمنة الناعمة بدل الحروب
في مقالته "العرب والموجة الثالثة من الاستراتيجيات الأميركية في مرحلة التحولات الراهنة"، يرى غريب أن الولايات المتحدة لم تتخلَّ عن مشروعها في الهيمنة على المنطقة، بل غيّرت أدواتها. فبعد عقود من التدخلات العسكرية المباشرة، انتقلت واشنطن إلى استراتيجية تقوم على إنهاء الحروب وخلق بيئة آمنة للاستثمار، دون أن تتخلى عن أهدافها الجيوسياسية. ويعتقد غريب أن "إنهاء الحروب لا يعني نهاية الاستراتيجية الأميركية، بل بداية موجة ثالثة أكثر خطورة." الحوار المتمدن، 2025
هذه الرؤية تضع العرب أمام تحدٍ مزدوج: كيف يواجهون مشروعًا أميركيًا متجددًا في أدواته، ومشروعًا إيرانيًا ثابتًا في طموحاته التوسعية؟
2-إيران: تهدئة تكتيكية أم خطر استراتيجي؟
رغم التهدئة الظاهرة بين السعودية وإيران، والتي توجت باتفاق بكين عام 2023، يرى غريب أن المشروع الإيراني لا يزال قائمًا على التمدد الطائفي، وأن أي تقارب عربي – إيراني يجب أن يُقرأ في سياق ميزان القوى، لا في إطار مصالحة حقيقية.
فإيران، بحسب غريب، استفادت من الانسحاب الأميركي من العراق وسوريا، وملأت الفراغ عبر أذرعها المسلحة، ما يجعل أي تهدئة معها مجرد "هدنة ظرفية"، لا تحولًا استراتيجيًا.
3-نحو مشروع عربي مستقل
لا يكتفي غريب بالنقد، بل يطرح بديلًا يتمثل في بناء مشروع قومي عربي مستقل، يستعيد القرار السيادي، ويعيد الاعتبار لمفهوم الأمن القومي العربي. هذا المشروع، كما يراه، لا يقوم على الارتهان لأي محور خارجي، بل على تحالف عربي شعبي ورسمي، يقوم على الوعي القومي، لا على المصالح الفئوية أو الطائفية. وهذا ما يعبِّر عنه قائلاً: "لا خلاص للعرب إلا بمشروعهم، لا بمشاريع الآخرين."
خاتمة
رؤية حسن خليل غريب تضعنا أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة الموقف العربي من موقع الفاعل لا المفعول به؟ أم أننا سنظل ندور في فلك مشاريع الآخرين، ننتظر نتائجهم ونتحمل كلفتها؟
الجواب، كما يبدو، لا يكمن في واشنطن أو طهران، بل في العواصم العربية نفسها.
#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟