أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الهيموت عبدالسلام - دروس من ممالك الحشرات















المزيد.....

دروس من ممالك الحشرات


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 12:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انحدر الإنسان حتى أصبح أدنى من بعض الفصائل الحشرية, تفوقت الحشرات في البناء والدفاع وقيم التضامن والتعاون والتضحية وإنكار الذات ، وذلك بناء على أنماط سلوكية غريزية مدهشة ، في مملكتي النحل والنمل لا توجد بطالة لأن لكل فرد دور يقوم به، ولا احتكار لأن الموارد توزع حسب الحاجة ، لا بيروقراطية ولا تسلط لأن الجميع يعمل بتنسيق كامل دون قائد ، ولا تلوث أو احتباس حراري فالنحل يُنتج العسل منذ ملايين السنين دون تدمير البيئة بل في تناغم كامل مع الطبيعة ، يقول الفيلسوف "برتراند راسل ": لو تعلّم البشر من النمل لاختفى الجوع من العالم، هم يخزنون الطعام جماعيا، ويوزعونه حسب الحاجة، دون بورصة أو مضاربات أو أسواق ، ويقول عالم الطبيعة "ديفيد آتينبارا" خلية النحل هي أفضل نموذج للاقتصاد الدائري: لا فائض، لا نفايات، لا فضلات، لا بطالة،كل فرد يعمل لصالح الكل.

يعمل النمل كـكائن واحد، لكل فرد دور محدد عمال وجنود و ملكة بصفر درجة من الأنانية، عند الإصابة بمرض تُعزل النملة المصابة لحماية الجماعة، وقد يتم التضحية بالمرضى لضمان بقاء الخلية وسلامتها وهذا ما يسمى العزل الصحي؟ يعمل النمل كوحدة موحدة لبناء أعشاش معقدة حيث يتعاون الأفراد دون توقع مكافأة فردية أو حوافز مادية ، ينقل النمل الغذاء من فم لفم آخر لضمان تغذية الجميع، حتى لو كان ذلك على حساب الجوع الفردي وهو شكل أشكال التضامن الغذائي.
يذكر عالم الأحياء "إدوارد أوسبورن ويلسون" أن النمل والنحل يظهران تعاوناً يجعلك تتساءل: لماذا لا يستطيع البشر تحقيق هذا المستوى من التكامل؟

النحلة العاملة تموت بعد لدغها للدفاع عن الخلية وهي تعطيك عسلا، وهو سلوك تضحيوي مطلق لا يوجد له مثيل في المجتمعات البشرية إلا ناذرا ، وهي تضحية غير مشروطة ولا تحتاج لدوافع إيديولوجية أو عاطفية، تتواصل النحلة عبر رقصة الاهتزاز لنقل معلومات دقيقة عن مواقع الغذاء لمساعدة الآخرين ،وعند نقص الموارد تُغذّى اليرقات بشكل تفضيلي لضمان استمرار النوع، عن ذلك يقول أرسطو "في مجتمع النحل نجد العدالة بلا قوانين، والتضحية بلا تردد ، ويقول "مارتن لويتز" عالم الحشرات إن الحشرات تعلمنا أن التضامن ليس فضيلة، بل ضرورة بيولوجية للبقاء.
أما عن الأحتباس الحراري الذي يهدد كوكب الأرض برمته، الإنسان الذي اخترع الپلاستيك الذي لايتحلل هو الإنسان الذي ينظم حاليا مؤتمرات أممية لحماية البيئة واتفاقيات دولية للحد من هذا الپلاستيك الذي اخترعه، ويمول استثمارات هائلة لإعادة التدوير وحملات عالمية لتنظيف البحار والشواطئ من هذه المادة السامة بملايين الدولارات ،يقول "نعوم تشومسكي" لو حكم النملُ العالم، لاختفى الاحتباس الحراري لأنهم يبنون مدنهم عموديا وليس أفقيا ، ويعيدون تدوير كل شيء، ولا ينتجون سوى ما يحتاجون".
النمل والنمل لم يقرأ كتب الاقتصاد ولا يعرف الخوصصة ولكن يحرص غريزيا على توفير الغذاء كمخزون جماعي للجميع ولا يوجد تخزين فردي أو احتكار ، كما لا توجد قصور بجانب أكواخ، ولا عشوائيات بجانب أبراج.
في مجتمعات النحل والنمل نظام بلا سجون ولا شرطة، عمل بلا استغلال،و عدالة بلا قضاة ولا محاكم ، هي ليست لا مملكة ولا جمهورية ، الملكة لا تسود ولا تحكم فقط تبيض للحفاظ على استمرار النوع ، هي اشتراكية غريزية ، ومساواة بدون مواثيق وعهود دولية ، وتنمية مستدامة بلا مؤتمرات مناخية، وحماية للبيئة بلا شعارات خضراء، والدفاع فقط عن الخلية لا هجوم ولا توسع فلا تجد في هذه المجتمعات أسرى واستعباد .

ما السر في نجاح وتفوق مجتمعات الحشرات الاجتماعية مثل النحل والنمل والدبابير والنمل الأبيض؟ لأنه هنا يدار كل شيء بشكل جماعي ولا قيمة ولا وجود للفرد خارج إطار الجماعة ، الذكاء الجماعي أو العقل الجماعي: لا يوجد قائد واحد أو دماغ مركزي يتخذ القرارات، القرارات مثل مكان بناء العش، أو طريق البحث عن الطعام تتولد من تفاعلات بسيطة بين الأفراد ومعلومات كيميائية (فرمونات) يتبادلونها ، الخلية ككل تُظهر ذكاءً أكبر بكثير من أي فرد فيها،
المعدة كذلك جماعية تتم بعملية الإرجاع الغذائي، في النمل هي أشبه بنظام دورة دموية مشتركة، الطعام لا يملكه فرد، بل ينتقل ليصل إلى من يحتاجه الملكة، اليرقات، الشغالات العاملة، الشغالة التي تجمع الطعام هي بمثابة الفم المتنقل للجماعة، والممرضة داخل العش هي المعدة التي تطعم الآخرين.
الدفاع الجماعي عندما تتعرض الخلية أو العش لهجوم، لا يفر الأفراد لإنقاذ أنفسهم، بل يتحولون فورًا إلى جهاز مناعي أو أطراف مدافعة، في النمل مثلا قد تقوم الجنود ذات الفكوك القوية بالعض، و تقوم شغالات أخرى بحقن السم أو حتى تفجير أجسامها كما في بعض الأنواع لإطلاق مواد لزجة توقف العدو، التضحية الفردية من أجل بقاء العش هي القاعدة.
التكاثر الجماعي أو العضو التناسلي الجماعي، الملكة هي المبيض الوحيد ،دورها الحيوي الوحيد هو التكاثر، الذكور هم الحيوانات المنوية الطائرة، الشغالات أو البنات التي لا يلدن هن جميع الأعضاء الأخرى التي تبني، تطعم، تنظف، تدافع، لضمان بقاء الملكة والتي تشكل العضو التناسلي للمملكة.
التواصل كذلك جماعي وهو جهاز عصبي جماعي :الفرمونات هي لغة الكيمياء التي تنظم كل شيء: الإنذار، تحديد المسار، التعرف على أفراد الخلية، تنظيم النشاط ، المعلومات تنتشر في الجسد الجماعي كإشارة كهروكيميائية في جهازنا العصبي.
بينما كان الإنسان يخطّ أولى جمله على الكهوف، كانت مجتمعات النحل قد أرست قوانينها العمرانية: إسكان شعبيّ سداسيّ دقيق التهويةو نظام توزيع غذائي ، ونظام صحي وقائي يعزل المرضى بلطف قبل أن يصبحوا وباءً ، وبينما كان الإنسان يخترع العجلة كانت مستعمرات النمل قد حلّت أزمة النقل عبر أنفاق ذكية تحت الأرض، مع مسارات محددة خالية من الازدحام المروري ووقود حيوي صديق للبيئة، بينما لا يزال مئات الملايين يعانون من البطالة في عالمنا فإن هذه الحشرات قضت على البطالة منذ العصر الطباشيري وحققوا اشتراكية مثالية في وقت مازال يموت 9 مليون إنسان سنويا بالجوع وسوء التغدية .
فكم من قرون يحتاجها الإنسان ليصل إلى مجتمع الحشرات ، مجتمع بلا جوع وبلا بطالة وبلا احتكار وبلا تسلط وبلا استغلال وبلا قتل وبلا إبادة وبلا استعمار وبلا استعباد ؟



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتراح متواضع
- الديمقراطية هي الحل
- الحياحة الرقمية
- العطب قديم
- ملحمة غزة
- من وحي التغاريد
- ضربات قوة أم ضربات ضعف
- لديهم نفط هائل وهذا النفط لنا (ترامب)
- سيكولوجية الأنا الرقمية
- أين اختفى التين الشوكي فاكهة الفقراء
- طلال لحلو و أرسطو والديمقراطية
- الكتابة فعل مقاومة وامتداد للحياة
- لأول مرة مؤتمر يهودي مناهض للصهيونية على الصعيد الدولي
- حوار متخيل بين -بنيامين نتنياهو- و -علي الحسيني الخامنئي-
- العمى الطائفي
- من الاستعمار إلى الاستحمار
- إضاءات حول استخدام الدكاء الاصطناعي في الإبادة بفلسطين
- سوق المشاعر
- وعاظ السلاطين
- الإنسان من زاوية أخرى


المزيد.....




- حمله وطرحه أرضًا بقوة.. شاهد جنودا أمريكيين يهاجمون أمريكياً ...
- البحرية الأمريكية تؤكد انتشال طائرتين تحطمتا في بحر الصين ال ...
- عائلات تفرّ إلى الملاجئ قرب الحدود بين كمبوديا وتايلاند وسط ...
- مئات من سكان تايلاند يحتمون داخل صالة رياضية فيما يتواصل الق ...
- وضعية -الديناصور ريكس- أثناء النوم قد تسبب تلفًا دائمًا في ا ...
- كأس العرب-برنامج ربع النهائي: قمة بين العراق والأردن... وصدا ...
- واشنطن تستضيف مؤتمر -حلفاء إسرائيل- بمشاركة وفود من 30 دولة ...
- إسرائيل وبوليفيا تستأنفان العلاقات بعد قطيعة بسبب حرب غزة
- أوروبا بين إرث الحرب الباردة وضغط اللحظة
- وزير إسرائيلي: الحرب مع سوريا حتمية


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الهيموت عبدالسلام - دروس من ممالك الحشرات