أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الهيموت عبدالسلام - سوق المشاعر















المزيد.....

سوق المشاعر


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 8302 - 2025 / 4 / 4 - 00:41
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


هناك في التاريخ البشري مراحل تستيقظ فيها المشاعر بقوة ، فلا يكاد يمر أسبوع حتى يحدث انقلابٌ في مشاعر الرأي العام إثر حادثة سير، كارثة طبيعية ، تظاهرة رياضية ، موت ديانا ،حرائق، انتصار المنتخب الفرنسي في كأس العالم 1998 ، حتى أصبحت المشاعر سِلعة سوقية يتم تسويقها بأيدي المتحكمين في أنشطتنا الترفيهية، الذين يستغلونها بالطريقة التي يريدونها ، يمزجون مشاعرنا في خلطة من الخوف والهلع والفرح والحزن والغضب والارتياح في لعبة تمتزج فيها المشاعر بكل تناقضاتها.

إن المشاعر أصبحت مٌصممة على الغضب والعنف والهستيريا والانفعال العاطفي والتي تلخصها نظرية " النوافذ المكسورة " بالتطبيع مع العنف اللفظي والمعنوي مما جعل المجتمع أكثر عدوانية .
أصبح لدينا خللٌ في الإحساس ولم نعد نهتز لنظرة طفل ، حفيف الريح بين الأشجار، غناء طائر ، لوحة فنية ،إبادة جماعية ، أصبحنا نحتاج لتجارب عنيفة لنحس بالحياة ، السياقة الخطيرة ، الرياضات الخطيرة ، أعمال العنف ، الموسيقى والحفلات الصاخبة ، الاهتياجات المبتذلة ، أصبحنا في سوق المشاعر وعبادتها ، نفضل المشاعر الانفعالية أكثر من الإحساس الدائم ، نفضل مشاعر الصدمة بدل الإحساس الذي يدعو للتأمل، أصبح الإنسان يبحث عن مواقف تهزه ونشاطات هستيرية تكثر فيها الحركة والصخب وليس الإحساس والتأمل.

لماذا حصل كل هذا؟
الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الأخبار والمعلومات تتدفق فيه بسرعة كبيرة لا تسمح بالتحليل والتأكيد من صدقيتها .
الخوارزميات تغذي الغضب : منصات فايسبوك وتويتر و تيك توك تفضل المحتويات المثيرة للجدل والاصطدام والخلافات مما يجلب الكثير من التفاعل والمشاركة وبالتالي الإعلانات والربح
يقول المؤسس السابق المشارك في منصة الفيسبوك "شون باركر" سنة 2017 بأن "المنصة صُممت لاستغلال نقاط الضعف النفسية لدى المستخدمين، مما يشجع على الإدمان وانتشار المحتوى المثير"
التلاعب بالمشاعر لزرع التفرقة والانقسام عبر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح ظاهرة واسعة الانتشار، وغالباً ما يتم استخدام استراتيجيات نفسية وسياسية متطورة لتحقيق أهداف معينة،
"تشاماث باليهاثيا " نائب رئيس فابسبوك السابق في مؤتمر ستانفورد سنة2017 يقول: " نحن في فايسبوك صنعنا أدوات تمزق النسيج الاجتماعي ...أقف هنا أشعر بذنب شديد ،لقد خدعنا المستهلكين ولم يكن لدينا أي ضمير" وأضاف "فايسبوك وباقي المنصات تطلق الدوبامين في عقلك وتجعلك مدمنا على اللايكات وهذا أمر خطير " وحذر في مقابلة ( CNBC) " أنا لا أسمح لأطفالي باستخدام هذه القمامة ( فايسبوك /أنستغرام) لأنني أعرف كيف صٌممت لاستغلال الضعف البشري" ويقول ساخرا " فيسبوك لا يبيع منتجا بل يبيع تغييرا في سلوكك للمعلنين وهل تظن أن هذا أخلاقي ؟ ويضيف أن التطور الهائل الذي حصل في فايسبوك كان مبنيا على استغلال علم النفس الإدماني ، ويخلص أن التكنولوجيا ليست شريرة ولكن السياسات الجشعة هي المشكلة

-الأمة التي تلهو أكثر مما تتعلم، مصيرها أن تُحكم من قبل من يلهونها (أرسطو)
لا يخفى على أحد كم طغى الترفيه والفرجة والإثارة الرخيصة والصراعات المصطنعة ومسابقات الفضائح وبرامج تتبع المشاهير كيف يلبسون وكيف يأكلون وكيف ينامون بدون أي مضمون فكري ،مقاطع قصيرة تعزز قصر حاسة الانتباه تعتمد الإبهار البصري السريع ، يقول "غي ديبور" في كتابه مجتمع الفرجة : كل ما كان يعاش مباشرة صار مجرد تمثيل لقد أصبحت الحياة مجرد مجموعة من الصور المعروضة "
أصبح الترفيه ليس فقط أداةً للسيطرة لإبعاد الناس عن التساؤل عن واقعهم المعيشي بل يستخدم الترفيه كأفيون جديد يخدر الجماهير ويبعدهم عن النضال من أجل تغيير أوضاعهم ،

لماذا أصبح خبرٌ فنانة غيرت لون شعرها ، أو تحدي الرقص بملابس النوم ، أو رئيس دولة معينة يأكل سندويتش جبن ، أو بيلا حديد تأكل موزة والعديد من الأمثلة حيث كلمة عابرة وحركة بسيطة من المشاهير تتحول إل تريندات وملايين من الإعجابت ، لماذا حولت الثقافة الاستهلاكية الإنسا إلى إنسان راض بالتفاهة ،يسعى فقط لإشباع حاجات مصنوعة لا حقيقية يقول "هربرت وماركوز" ؟ ربما لأن السلطة تزدهر عندما يصبح الناس مهووسين بالتفاصيل التافهة، ولربما وسائل التواصل الاجتماعي أعطت حق الكلام لجيوش من الحمقى كما يقول "أمبرتو إيكو" ، ولربما إلهاء الجماهير بالتفاهات لأن التفاهة أداة للتحكم الأكثر فعالية في العصر الحديث كما يرى "نعوم تشومسكي"
في كتابه "الترفيه حتى الموت" يتحدث "نيل بوستمان " أن الثقافة تحولت إلى عروض ترفيهية تقتل الفكر النقدي وفي كتاب "مجتمع المشهد" لصاحبه "غي ديبور "يشرح كيف تحولت الحياة إلى سلسلة من الصور المستهلكة ، المشهد أصبح هو الحارس الليلي للنوم الاجتماعي ، المشهد هو إنستغرام ،تيك توك اليوتوب، إعلانات اليوتوب.

الكثير من الكتب و الكثير من الكتاب والكثير من الأفلام السينمائية التي تنتقد الترفيه الهابط والرخيص والترفيه الذي يجعلك أيقونة عالمية في 15 دقيقة ،الترفيه التي يهدف الإلهاء والتخدير والتفاهة والاستلاب والحط من قيمة الإنسان والإعلاء من قيمة الأشياء ومن قيمة الحيوانات ومن قيم منحطة مقززة لا هدف لها سور التربح والشهرة ، هؤلاء الفنانون والكتاب يطرحون بدائل لهذا التسونامي في دينامية بديلة متشبتين بالفن الذي يخدم الإنسان والعقل والروح .

الفن المرتبط بالحس هو الفن والفن هو الذي ينقدنا من العبودية اليومية ويغسل الروح من غبار الحياة اليومية كما يقول "بيكاسو" وأن الحضارة كما يقال ليست الحاجيات التي تشتريها وإنماالحاجيات التي تثري روحك ، والحضارة ليست في كم نستهلك بل كيف نفكر وكيف نبدع، الحضارة ليس تراكما للممتلكات بل تقدما في الأفكار والقيم (ويل ديورانت) ، وعندما ينام العقل تتحول الحضارة إلى خراب كما يقول ابن خلدون ، وأن الطغاة المستقبليين سيدمروننا لا بالتعذيب ،بل بجرعات لانهائية من المتعة التافهة كما قال "ألدوس هيكسلي".

لمن أراد التوسع أكثر في الموضوع هناك كتب مثل :
*عبادة المشاعر لمؤلفه ميشيل لكروا
*التلاعب بالعقول: سياسات الخوف لصاحبه نعوم تشومسكي
* الرأسمال العاطفي لإيفا إيلوز



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعاظ السلاطين
- الإنسان من زاوية أخرى
- سوريا التي ...
- حول مذكرة الاعتقال في حق نتن ياهو ويوآف غالانت
- انهيارإسرائيل
- يكفيك فخرا
- المغاربة
- الكتابة والارتزاق
- حرب الأنفاق في غزة
- الحركة الطلابية الغربية و دعمها لغزة وفلسطين
- جحيم الفكر
- آفة العبودية الطوعية
- أسئلة المعنى واللايقين
- النحل أم الدبابير
- الشعب الفلسطيني وجدارة الحياة
- صفحات سوداء من تاريخ منطقة زرهون : الباشاوات القواد والشيوخ
- البنيات الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة زرهون (1911-1939)
- صفحات من تاريخ منطقة زرهون
- حين كنت ذبابة إلكترونية
- افرضوا علينا المزيد من الضرائب قبل أن يفوت الأوان


المزيد.....




- ترامب يكشف سبب توقيع اتفاقية المعادن النادرة مع أوكرانيا
- تقرير: مجلس إدارة تسلا يبدأ إجراءات استبدال إيلون ماسك كرئيس ...
- مصادر لـCNN: إدارة ترامب تدرس إرسال مهاجرين إلى دولة عربية و ...
- تحليل لـCNN: إيران تغازل ترامب بفرصة الـ-تريليون دولار-.. لك ...
- وزير الدفاع الأمريكي يهدد إيران بسبب الحوثيين
- الكركمين.. -حارس أمين- للكبد و-مهندس ماهر- للقلب
- ZTE تطلق هاتفها المتطور لهواة التصوير
- -ظاهرة علمية فريدة-.. أشجار تتنبأ بكسوف الشمس قبل حدوثه!
- اكتشاف مصدر جديد للذهب في الكون المبكر!
- الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط يضاعفان الإنفاق على التسلّح


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الهيموت عبدالسلام - سوق المشاعر