أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الهيموت عبدالسلام - من وحي التغاريد














المزيد.....

من وحي التغاريد


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 16:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وأنت تتصفح هذا السّرب الطويل من الصور والكلمات والصراخ ، تقرأ في التغريدة الأولى إن الحروف ليست بريئة كما نتوهم، بعضها يلمع كخيط ذهب في عتمة الطريق، يمنحك الأمل كما لو أن العالم ما زال طريّاً لم تُفسده يد الخراب والزيف، تقرأ جملة واحدة تجعلك تنهض وتقف من جديد، كجذع شجرة أيقظته شمس الفجر بعد ليل عاصف، جملة تجعلك تهمس لنفسك: انهض ما زال في الحياة متّسع لفعل شيء، لقول كلمة، لرفع الرأس في وجه الريح.

لكن ما أن تنتقل لتغريدة أخرى حتى تلتقي بأقلام وأصوات تعرف كيف تُطوّق القلب بالحديد، وتُلبس الروح سلاسل من طاعة عمياء، كأنها تُعيد كتابة طقوس العبودية في نسخة عصرية، كلماتها لا تُعلّمك سوى الركوع، ومُقدّر لك أن تنحني إلى الأبد ، هي كلمات كأصداف فارغة لا تسمع فيها سوى صخب الاستعباد ، تنسج من كل حرف سلسلة، و تبني من كل جملة سجنا، تجعل من الخنوع موسما ومن الاستسلام طقسا مقدسا.

ثم يطلع من قلب الصفحة صوت شامخ، يذكّرك أن النُبل لم يمت كلّه، وأن الشهامة لم تُرحّل بعد إلى المتاحف، كلمات من طراز الجبال: صامتة في حضورها، مهيبة في وقفتها، تقرئك أن الشموخ أبلغ من ألف خطاب كاذب.

ثم تنزل إلى القاع لتجد تغريدة ، لا تكتفي بأن تُقيّدك بل تُعلّمك طقوسَ الخضوع على وقع طبول البلادة، لغتها تصقل السلاسل وتلمع الصدء، تُعرّفك على فنون رفع الراية البيضاء كما لو أنها حرفة تُدرَّس بالترتيب: أول دروسها كيف تخفض العين بسرعة، ثانيها كيف تبتلع الكرامة في لقمة، ثالثها كيف تُعلّب الوعي ليستقر في الرفوف رخيصاً، رخيصة كما هو كل خطاب مَهين له زبناؤه وأسواقه حيث تُباع الضمائر بالتقسيط وبالجملة.

وفي ركن آخر تلمع تغاريد أخرى ، تصدح باسم فلسطين، لا تكتب بتصنع وحذلقة زائفة ، بل تنقش النور على صدر الحجر، ،تُبشر بالانتصار كما يبشر بالربيع بعد شتاء طويل، تُعلم الصمود كما يُعلّم الجبل صخوره الصبر على زلازل الزمن، كلمات تمنح الحروف صلابة السلاح ، و تسقي الأمل من منابع الذاكرة والتاريخ، صارخة إن الحرية ليست وعودا للتسوَُق بل أرضا تُسترد بالعرق والدم والإصرار.
فلسطين أَرض تنزف دما ودموعا، وَشعب يبني بأظافره جبهة أَمل فوق صخرة الألم.
أن تغرد لفلسطين ليس حرفا على شاشة ، بل هو رصاصة تثقب جدار الصمت العالمي، تجعل كلماتك دفاعات عن حق يتعرض لأَعنف معركة مسح في التاريخ ، هي بذرة عودة لتراب يسارع الآخرون لسرقته.

من يقرأ فلسطين قراءة مشتعلة يرى في كل بيت سلاحا وكتابا، ويرى على قسمات كل طفلة حكايةلحق مُغتصب، وعلى كل نخلةٍ شاهدة على زمنٍ كيف يغني المغني رحيلَ الغزاة،أما من يقرأها بعيون جبانة فيعلمك أن تبيع الحكاية بثمن زهيد .

تظل تتصفح وتتصفح ، وتقرأ ثم تقرأ وابلا من التغريدات، اختر التي تزرع فيك الكلمات شموخا وشهامة، أو تزرع فيك عُريَ الخضوع، اختر التي تزرع فيك بذور الأمل ووهج الحياة أو اتي تدخلك سوق النخاسة الحديثة ،سوق لاتباع فيه الأجساد فقط تباع فيه الضمائر والأرواح بقطع نقود زائفة.

وهكذا ستبقى تنتقل كل ساعة بل وكل دقيقة بين تغريدة وأخرى كمن يقفز بين جنة وجحيم، بين قناديل تضيء دربا وبين أقفاص تُكبّله، بين من يزرع في القلب موسماً من الربيع، ومن يُسقط عليه بردا كالصقيع، قراءة التغريدات ليست مجرد تقليب أوراق أو تصفح صفحات، بل هي سفرٌ في طبائع البشر،منهم من يُعطيك جناحين، ومنهم من يُحاول أن يَقصّهما بمقصّ الكلمات، من يفتح نافذة على الأفق ومن يغلقها بجدار من العتمة ، ومنهم يبني بحرف واحد قصرا من الأمل، ومنهم بكلمة سامة يحاول أن يهدم الصرح كاملا ، و منهم يكتب فترى النبض في السطور ،ومنهم من تسمع سوى صدى الصمت والفراغ ، منهم من يلقمك رغيف الفكر الذي لا يتخم البطون بل الذي ينير الدروب و منهم من يتقيأ فتات الفكر الذي يحمل في طياته سلسلة القيود ورائحة التاريخ الذي لا يتغير ،الفكر الذي يعيش في قفص الماضي و يرفض أن يتنفس هواء الحاضر ، إنه سجن العقل والروح.

يقول نيلسون مانديلا في اقتباس أصبح تغريدة عالمية
"لا يولد إنسان وهو يكره إنسانا آخر بسبب لون بشرته، أو أصله، أو ديانته… الناس يتعلمون الكراهية، وإذا كان بوسعهم أن يتعلموا الكراهية، فيمكنهم أن يتعلموا الحب أيضا… لأن الحب أقرب إلى طبيعة القلب البشري من الكراهية"



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضربات قوة أم ضربات ضعف
- لديهم نفط هائل وهذا النفط لنا (ترامب)
- سيكولوجية الأنا الرقمية
- أين اختفى التين الشوكي فاكهة الفقراء
- طلال لحلو و أرسطو والديمقراطية
- الكتابة فعل مقاومة وامتداد للحياة
- لأول مرة مؤتمر يهودي مناهض للصهيونية على الصعيد الدولي
- حوار متخيل بين -بنيامين نتنياهو- و -علي الحسيني الخامنئي-
- العمى الطائفي
- من الاستعمار إلى الاستحمار
- إضاءات حول استخدام الدكاء الاصطناعي في الإبادة بفلسطين
- سوق المشاعر
- وعاظ السلاطين
- الإنسان من زاوية أخرى
- سوريا التي ...
- حول مذكرة الاعتقال في حق نتن ياهو ويوآف غالانت
- انهيارإسرائيل
- يكفيك فخرا
- المغاربة
- الكتابة والارتزاق


المزيد.....




- العثور على رفات يُعتقد أنها لرجل متهم بقتل بناته في غابة بأم ...
- إستونيا: ثلاث مقاتلات روسية انتهكت مجالنا الجوي الجمعة
- ما هي حركة أنتيفا ولماذا يستهدفها ترامب؟
- -ملياردير ترامب يستعد للسيطرة على الإعلام- - في نيويورك تايم ...
- تعليق مساعدات ألمانية للسلطة الفلسطينية بسبب اعتراض مشرعين
- ترامب وشي جينبينغ.. رهانات أبعد من -تيك توك- بين واشنطن وبكي ...
- للمرة السادسة.. أمريكا تستخدم الفيتو بشأن حرب غزة
- على الحدود الروسية: مدينة نارفا الإستونية.. معركة الذكريات
- طائرات مسيّرة حرارية تنقذ صغار الغزلان في فرنسا
- عشرات القتلى في قصف لقوات الدعم السريع استهدف مسجدا في مخيم ...


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الهيموت عبدالسلام - من وحي التغاريد