الهيموت عبدالسلام
الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 16:14
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في الملاحم القديمة كانت البطولة دفاعاً عن الشرف والمجد والسلطة، في الإلياذة قاتل "أخيل" دفاعا عن مجده، وفي الأوديسة جاب "أوليس" البحار بحثاً عن عودته إلى عرشه، وفي المهابهارتا الهندية دارت الحروب حول الحق في الحكم.
لكن في ملحمة غزة، البطولة ليست من أجل مجد ولا تاج أرضي ولا حُكم، بل من أجل الحق في الحياة نفسها في أن يكون للإنسان بيتٌ وسماء واسم وطفل وأغنية، إنها بطولة من لا يملك شيئا إلا كرامته، وهذا أسمى مراتب البطولة في الوعي الإنساني.
في الملاحم القديمة كان الأبطال أنصاف آلهة، أما في غزة فالأبطال من لحم ودم وجوع، نساء يخبزن تحت القصف، أطفال يضحكون وسط الأنقاض، شيوخ يقيمون الصلاة على ركام بيوتهم، تاريخ يكتبه صغار حفاة على ركام بيوتهم
في الملاحم اليونانية كان يُراق الدم ليُرضي الآلهة، أما في غزة فيُراق الدم كل ثانية ليُرضي الضمير الإنساني الغائب، تهرق كل هذه الدماء لكي تُقال كلمة الحق في وجه الطغيان العالمي.
هي ملحمة بلا أولمپياد، بلا قادة خالدين، بلا أنصاف آلهة، بل فيها شعبٌ خالد بروحه و هي ٱلمرة الأولى في التاريخ التي يتحول فيها شعب بأكمله إلى بطل واحد، وجراحُه إلى لغة أخلاقية للبشرية.
في الملاحم القديمة كانت تنتهي بٱنتصار أو موت البطل،أما ملحمة غزة فهي لا تنتهي، كل يوم يُقتل بطل، ويولد بطل جديد، كل مرة تُقصف فيها الحياة نفسها وتقوم كالعنقاء من جديد.
في غزة البطولة تُقاس بالقدرة على البقاء وسط الجحيم، غزة ملحمة الكون كله، غزة تقول للعالم بأن البطولة لا تولد من القوة،
بل من الإصرار على الحياة رغم إرادة الموت، إنها ملحمة الإنسان الأخير وهو يقف في وجه التوحش، و كما لو كان هوميروس يقولها اليوم : «أنا أحارب لكي لا يُمحى إسمي من الوجود»، و كما يقول محمود درويش
«إنه فرح الناجين من الغرق، لا فرحُ المنتصرين في المهرجان»
إنه ٱنتصار الروح على الإبادة
ٱنتصار الإرادة على التجويع
ٱنتصار الإنسان على من أرادوا له الفناء
ٱنتصار أن تبقى حيّاً بعد أن قرر العالم كله محوَك .
العالم بخير مادام فيه كل هذا الصمود، وكل هذا التضامن العالمي الذي تحول إلى صرخة وجودية قلبت الموازين حين شعر العالَم أن الفلسطيني لا يقاتل دفاعاً عن نفسه بل عن الإنسانية المشتركة.
#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟