أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علا مجد الدين عبد النور - أبجدية السياسة (الاخيرة): سياسة واقتصاد














المزيد.....

أبجدية السياسة (الاخيرة): سياسة واقتصاد


علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 23:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما اشتبك الاقتصاد والسياسة في علاقة طردية تجعل سلامة أحدهما علامة على صحة الآخر، وكانت دائماً تقلبات الأسعار وندرة الموارد
سببًا مباشرًا لاندلاع الاحتجاجات الشعبية والتحولات السياسية الكبرى عبر التاريخ. ففي فرنسا، أشعل ارتفاع أسعار الخبز قبل الثورة الفرنسية صراعًا عُرف باسم "حرب الطحين" عام 1775، فيما شهدت مسيرة النساء إلى فرساي عام 1789 غضبًا شعبيًا عارمًا بسبب ندرة الخبز وارتفاع ثمنه، ممهِّدة الطريق لثورة كاملة. وعلى مر القرون، لم تقتصر الظاهرة على أوروبا، إذ اندلعت مظاهرات حاشدة في مصر عام 1977 بعد قرار الحكومة رفع الدعم عن السلع الأساسية، وفي تونس عام 1984 عقب زيادة أسعار الخبز والمواد الغذائية الأخرى. وقد امتدت هذه العلاقة بين الاقتصاد والسياسة إلى العصر الحديث، حيث كانت أسعار الغذاء والبطالة من بين المحفزات الرئيسة للربيع العربي 2010-2011، الذي اجتاح تونس ومصر ودولًا أخرى، مؤكدًا أن القرارات الاقتصادية ليست مجرد أرقام وحسابات، بل قوة قادرة على إشعال الحراك السياسي وتغيير مجرى التاريخ.
ومنذ أن وُجدت الدول الحديثة، ظلّ الاقتصاد والسياسة وجهين لعملة واحدة. فكلمة "اقتصاد" أصلها يوناني وتعني تدبير شؤون البيت، ثم اتسعت لتشمل تدبير شؤون المجتمع والدولة وإدارة الموارد المحدودة لتلبية رغبات البشر اللامحدودة. وكذلك الحال فيما يخص السياسة والتي تسعى لتدبير شؤون الوطن ورعاية المواطنين.

يدرس الاقتصاد كيفية الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، بينما تدرس السياسة كيفية توزيع السلطة واتخاذ القرارات. ومع ذلك، يلتقي العِلمان في نقطة مركزية: من يتحكم في الموارد؟ وكيف تُستخدم لخدمة المجتمع؟

السياسة والاقتصاد… توأمان لا يفترقان

ظهر علم الاقتصاد السياسي ليدرس الظواهر التي تربط بين المجالين معًا، ويفسّر كيف يصبح الاقتصاد أداة في يد السياسة، وكيف تحرك السياسة عجلة الاقتصاد أو تعطلها.

يرى آدم سميث أن الاقتصاد هو علم “ثروة الأمم”، بينما يرى ريمون بار أنه علم إدارة الموارد النادرة. ومع كل هذه التعريفات، ظلّ الاقتصاد يلعب دورًا في الاستراتيجيات العسكرية والجغرافية السياسية، وفي تخطيط الدول لمستقبلها.


كيف تؤثر السياسة على الاقتصاد، والعكس؟

تتجلى العلاقة بين السياسة والاقتصاد في تأثير كل منهما على الآخر بشكل مباشر وعميق. فالقرارات السياسية هي التي تحدد الإطار الذي يعمل فيه الاقتصاد، سواء على مستوى السياسات الداخلية أو العلاقات الدولية. فعلى سبيل المثال، السياسات الاقتصادية مثل الضرائب، والإنفاق العام، وأسعار الفائدة، ليست مجرد أدوات تقنية، بل هي قرارات سياسية بامتياز تؤثر على حجم الاستثمارات، واتجاه الاستهلاك، وحتى على سعر السلع والخدمات في الأسواق.

ولا يمكن للاقتصاد أن يزدهر في بيئة غير مستقرة سياسيًا، فغياب الأمن والاستقرار يعيق عمل الشركات، ويثبط المستثمرين، ويخلق حالة من عدم اليقين تعطل النمو. بالإضافة إلى ذلك، تلعب القوانين والتشريعات دورًا محوريًا، فتنظيم العمل، وحماية الملكية الفكرية، وإنشاء بيئة استثمارية شفافة، كلها عوامل تجذب رؤوس الأموال، بينما الفوضى التشريعية أو القوانين المتناقضة يمكن أن تطرد الاستثمارات وتضعف الاقتصاد.

أما على المستوى الدولي، فتحدد العلاقات السياسية بين الدول شكل التعاون التجاري والاقتصادي، إذ تتحكم الاتفاقيات التجارية، والرسوم الجمركية، والعقوبات، في قدرة الدول على الوصول إلى الأسواق العالمية. ومثال حي على ذلك هو العلاقة بين الصين واليابان؛ فقد انفجرت التجارة بين البلدين بعد عودة العلاقات السياسية في عام 1972، ووصل عدد الشركات اليابانية العاملة في الصين إلى أكثر من 32 ألف شركة بحلول 2018، باستثمارات تجاوزت 117 مليار دولار، ما يوضح كيف أن السياسة تفتح أو تغلق الأبواب أمام الاقتصاد.

وعلى الجانب الآخر، يؤثر الاقتصاد على السياسة بنفس القدر من الأهمية. فالاستقرار الاقتصادي يعزز رضا المواطنين ويقوي شرعية الحكومة، بينما الأزمات الاقتصادية تؤدي إلى الاحتجاجات الاجتماعية وتغيير السياسات، وقد تدفع إلى إعادة هيكلة النظام السياسي بأكمله. كما تؤثر الظروف الاقتصادية على أولويات السياسيين، وتجبرهم على إطلاق برامج إصلاحية أو تعديل السياسات العامة لضمان البقاء في السلطة.

أما على المستوى الدولي، فالقوة الاقتصادية تحدد مكانة الدول على الساحة العالمية، وتؤثر في نفوذها السياسي والعسكري. كما أن رفاهية المواطنين ترتبط بمشاركتهم في الحياة السياسية، إذ تشير الدراسات إلى أن المجتمعات الأكثر ثراءً تشهد مشاركة أوسع وأكثر تأثيرًا في اتخاذ القرارات.

وفي هذا الإطار، تختلف الأيديولوجيات الاقتصادية في كيفية تعاملها مع السياسة والاقتصاد. فالليبرالية تؤكد حرية السوق وتقليل دور الدولة، ما يعزز النشاط الاقتصادي لكنه قد يضعف العدالة الاجتماعية. أما المنظور القومي فيرّكز على دور الدولة الرئيسي في تنظيم الاقتصاد وحماية مصالحها الوطنية، لكنه قد يؤدي إلى منافسة صارمة بين الدول. في حين يركز المنظور الماركسي على العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة، مع رؤية الخلل السياسي كنتيجة طبيعية للخلل الاقتصادي، لكنه يواجه تحديات في تطبيق الحوافز الاقتصادية بشكل فعال.


الخلاصة

السياسة تحدد كيف تُدار الموارد…
والاقتصاد يحدد شكل السلطة وقدرتها على البقاء.

لا يمكن فصل الاثنين، ولا يمكن فهم أحدهما دون الآخر.
فالسياسة بلا اقتصاد تصبح شعارات،
والاقتصاد بلا سياسة يصبح فوضى.



#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)       Ola_Magdeldeen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبجدية السياسة _7_ نظم الحكم عبر التاريخ
- أبجدية السياسة (6): اللامبالاة السياسية
- أبجدية السياسة_5_ الأحزاب السياسية
- العلمانية الدينية بين المستحيل والممكن..
- أبجدية السياسة (4): مجلس الشيوخ
- -حين يصبح التفكير تهمة.. أزمة حرية الاعتقاد في مصر”
- أربعة وثلاثون عامًا من اللاجدوى
- أبجديّة السياسة (3): -مجلس النواب-
- حرب المال والبلطجة من أجل عيون المواطن!!
- أبجدية السياسة ....-الحياة السياسية-
- لن يرضى عنك المتأسلمون حتى تتبع ملتهم!!
- أبجديّة السياسة: لماذا يجب أن نفهم السياسة؟
- بين الجهل و التجهيل ,,متى ننضج ديمقراطياً؟!
- ولنا في الخيال حب ...حين تلمع الاغنية ويبهت الفيلم!!
- الخروج من اللعبة_ الأخيرة
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية_ سيدات السلطة2
- المرأه المصريه و حقوقها السياسيه_ (سيدات السلطة)
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية (2)
- الخروج من اللعبة (5)
- بين استعراض الإيمان واستعراض الجسد… مصر تدفع ثمن التريند


المزيد.....




- -بطلب من أمريكا-.. رئيس وزراء قطر يكشف بداية علاقة الدوحة بح ...
- هيغسيث يدافع بشراسة عن ضربات الكاريبي: -سنُغرق كل من يجلب ال ...
- سوريا: ما الذي تحقق بعد عام من سقوط نظام الأسد؟
- شوارع بودابست تغص بالعدائين في سباق -سانتا ران-
- مأساة في غوا الهندية: 25 قتيلاً على الأقل بحريق في ملهى ليلي ...
- ألمانيا وإسرائيل توقعان اتفاق شراء منظومة -آرو 3- الصاروخية ...
- ألمانيا ـ صاروخ -أرو 3- يدخل الخدمة ضمن -درع السماء الأوروبي ...
- هل الجري يوميا صحي فعلا؟ اكتشف أضراره!
- وفد نقابي رفيع المستوى يشارك في ملتقى التوظيف الرابع بكنيسة ...
- ماكرون يلوح بفرض رسوم جمركية على الصين لحماية التجارة الأورو ...


المزيد.....

- انتخابات برلمان العراق، موقف الطبقات والأحزاب منها وملاحظات ... / مؤيد احمد
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علا مجد الدين عبد النور - أبجدية السياسة (الاخيرة): سياسة واقتصاد