أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يحي عباسي بن أحمد - فلسطين بين خيانة الأنظمة ووفاء الشعوب قراءة في البنية العميقة للموقف العربي














المزيد.....

فلسطين بين خيانة الأنظمة ووفاء الشعوب قراءة في البنية العميقة للموقف العربي


يحي عباسي بن أحمد
كاتب

(Abassi Yahia Ben Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 00:09
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم تعد الخيانة في السياق العربي مرتبطة بسلوك فردي أو قرار سياسي معزول، بل تحوّلت — في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية — إلى بنية كاملة تعمل بهدوء وانتظام داخل أنظمة الحكم. فالسؤال اليوم لم يعد: من خان فلسطين؟ بل: كيف صارت الخيانة سياسة؟ وكيف سقطت فلسطين من حسابات السلطة وبقيت في وجدان الشعوب؟
1. حين تنفصل الدولة عن الأمة
في التجربة العربية الحديثة، لم تنجح الدولة في أن تكون التعبير السياسي عن الأمة، بل تحولت — في كثير من النماذج — إلى جهازٍ لإدارة الأمن، وضبط المجتمع، وتأمين البقاء في الحكم. ومع هذا التحول، تغيّرت وظيفة السياسة:
لم تعد فلسطين قضية وجود، بل أصبحت:
ملفًا تفاوضيًا، عبئًا دبلوماسيًا، ورقة مقايضة في سوق التحالفات.
وهنا بدأ الانفصام التاريخي:
الشعوب ترى فلسطين معنى الكرامة، والأنظمة تراها خللًا في معادلة الاستقرار.
2. ثلاثة أنماط للخيانة… ونتيجة واحدة
يمكن تصنيف المواقف الرسمية العربية من فلسطين في ثلاثة أنماط رئيسية:
أولًا: أنظمة التطبيع
وهي التي حوّلت العلاقة مع الكيان الصهيوني من عداء إلى شراكة أمنية واقتصادية. هذه الأنظمة لم تطبّع حبًّا في السلام، بل خوفًا من شعوبها، وبحثًا عن حماية خارجية تضمن بقاء السلطة.
ثانيًا: أنظمة الصمت
لا تُطبّع علنًا، ولا تدعم فعليًا. تمارس سياسة “الحياد الأخلاقي”، وهي في الحقيقة أخطر من التطبيع، لأنها تُميت القضية ببطء، وتمنح الخيانة قناعًا ناعمًا.

ثالثًا: أنظمة الدعم الشكلي
ترفَع خطاب المقاومة، لكنها لا تترجمه إلى سياسات. تستخدم فلسطين كـ”ديكور شرعي” لامتصاص غضب الشارع، دون أن تدفع أي كلفة حقيقية في الصراع.
ورغم اختلاف الخطاب، فإن النتيجة واحدة:
تحييد فلسطين عن دورها التاريخي كقضية تحرر مركزية.
3. لماذا بقيت فلسطين حيّة في وجدان الشعوب؟
لأن فلسطين لم تدخل الوعي العربي من بوابة الدولة أصلًا، بل من بوابات أعمق:
من الدين، من الحكاية الشعبية، من الأغنية، من ذاكرة النكبة، ومن صورة الطفل تحت الركام.
الدولة حاولت احتكار الرواية، لكن فلسطين أفلتت من هذا الاحتكار، لأنها سكنت الوجدان قبل أن تسكن الخطاب الرسمي.
4. الأقصى… الرمز الذي يفشل في التدجين
يمثل المسجد الأقصى أخطر نقطة تماس بين الوجدان الشعبي والأنظمة. فهو ليس رمزًا سياسيًا فقط، بل عقدة دينية وتاريخية وروحية، توحّد الشعوب خارج الانقسامات المذهبية والإيديولوجية. ولهذا، فإن كل عدوان على الأقصى يتحول إلى أزمة شرعية صامتة للأنظمة، لأنه يعيد تذكير الشعوب بما حاولت السلطة نسيانه.
5. من الخيانة السياسية إلى السقوط الأخلاقي
الأخطر من الخيانة السياسية هو ما تلاها:
انهيار المعنى الأخلاقي للدولة.
حيث استُبدلت مفاهيم:
التحرير بالاستثمار
الكرامة بالاستقرار
الأمة بالسوق
وهنا لم تعد فلسطين فقط ضحية الاحتلال، بل أيضًا ضحية السياسة بلا أخلاق. لاستثناء الجزائري: حين تتطابق الدولة مع الذاكرة
وسط هذا المشهد العربي المأزوم، تبرز الجزائر كحالة نادرة:
ليست لأنها تملك قوة خارقة، بل لأنها لم تفصل بعدُ بين ذاكرتها الثورية وفلسطين.
1. فلسطين في الوعي الجزائري ليست ملفًا سياسيًا بالنسبة للجزائري:
• فلسطين ليست “قضية خارجية”،
• بل امتداد رمزي لتجربة الاحتلال التحرري.
الجزائري يرى في الفلسطيني:
• صورة أجداده تحت الاستعمار،
• ويرى في الانتفاضة صورة ثورته،
• ويرى في الأقصى صورة مسجد قُتل في ساحته الشهداء.
لهذا، لم تدخل فلسطين الوعي الجزائري من بوابة الإعلام، بل من بوابة الهوية الثورية.
2. استمرارية الموقف الرسمي: من الثورة إلى الدولة
على خلاف أنظمة كثيرة غيّرت بوصلتها بتغيّر التحالفات، حافظت الجزائر — رغم التحولات — على:
• رفض التطبيع مبدئيًا،
• دعم فلسطين سياسيًا ودبلوماسيًا،
• اعتبارها قضية مبدئية لا ظرفية.
ليس لأن النظام الجزائري بلا تناقضات، بل لأن فلسطين في الجزائر ليست مجرد سياسة، بل جزء من الشرعية الرمزية للدولة نفسها.
3. حين يسبق الشعب الدولة
في جميع المحطات الكبرى:
• الانتفاضات،
• الحروب،
• الاعتداءات على الأقصى،
كان الشارع الجزائري:
• أسرع من الموقف الرسمي،
• وأصدق من الحسابات،
• وأكثر وضوحًا من الدبلوماسية.
الجزائر لم تُجبر شعبها على حب فلسطين، بل فشلت — لو حاولت — في انتزاعها من وجدانه.

6. خلاصة المعنى
سقطت فلسطين من خرائط القرار الرسمي، لكنها لم تسقط من خرائط الوعي.
سقطت من البروتوكولات، لكنها بقيت في العقيدة والضمير.
الأنظمة تخاف فلسطين لأنها تفضح:
زيف السيادة، كذب الخطاب القومي، حدود “الواقعية السياسية” حين تنقلب إلى تبرير للخيانة.
أما الشعوب، فترى في فلسطين آخر مرآة للكرامة.
ولهذا، كلما تقدّمت الخيانة خطوة، عاد الوجدان الشعبي خطوتين.



#يحي_عباسي_بن_أحمد (هاشتاغ)       Abassi_Yahia_Ben_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصادم البنية الحضارية بين فكر مالك بن نبي ومشروع دولة الكيان
- مستقبل الكيان بين التوراة والقرآن: قراءة تحليلية في البنية ا ...
- النبوءة بين التفسير الإسلامي واليهودي — بنية المعنى ووظيفة ا ...
- إسرائيل في الشرق الأوسط: بين الوظيفة الاستراتيجية والبعد الع ...
- مقاومة التغريب عند مالك بن نبي: بين فرنسا والهوية
- عبادة الزعيم وخيانة الوعي: قراءة في أثر زعماء العاطفة على ال ...
- تيه المثقف بين إرادة السلطة وإرادة الجمهور قراءة في الانحياز ...
- السياسي المثقف والمثقف السياسي: بين الفكر والسلطة والوعي
- فلسطين: المشكلة أم المرآة؟ إعادة التفكير في مركزية القضية دا ...
- المسألة اليهودية عند مالك بن نبي: قراءة تحليلية أكاديمية
- العفن كآلية داخلية لتراجع المجتمعات – قراءة تحليلية في فكر م ...
- الخلاف الفكري بين مالك بن نبي وجمعية العلماء المسلمين الجزائ ...
- سيد قطب ومالك بن نبي: مقارنة موسعة بين الفكر والإيديولوجيا و ...
- العلمانية والتطرف: جدلية الردود المتبادلة ونقاط الالتقاء مع ...
- التوتر بين المطلق والتأويل قراءة في جدلية النص الإلهي والعقل ...
- الأسس المحورية في فكر مالك بن نبي وإعادة توجيه العقل العربي ...
- من الثورة إلى التوريث: الشرعية التاريخية في الجزائر بين الذا ...
- التأويل بين مالك بن نبي ومحمد أركون
- من الدين إلى الوعي: إعادة بناء الخطاب الإيماني المعاصر
- الدين والسياسة في الجزائر: من التقديس إلى التوظيف


المزيد.....




- فرنسا تفتح تحقيقا بعد رصد مسيرات فوق قاعدة تابعة لقوة الردع ...
- علماء يعلنون عن -اكتشاف استثنائي- لمئات التماثيل الجنائزية ف ...
- أفريكا ريبورت: اتفاق الكونغو ورواندا موقَّع بالأيدي لا بالقل ...
- غزة مباشر.. الاحتلال ينسف مباني بالقطاع والداخلية تدعو أفراد ...
- قاعدة بيانات تدعم تصنيف تنظيم إخوان السودان جماعة إرهابية
- بيان عربي إسلامي يرفض تصريحات إسرائيل بشأن معبر رفح
- شاهد.. إنقاذ عاملي تنظيف نوافذ علقا على ارتفاع 15 طابقًا
- تحذير عربي - إسلامي من -تهجير الفلسطينيين-: 8 دول بينها مصر ...
- سيناريو روسي يتخيّل حربًا مع أوروبا: صواريخ باليستية يتبعها ...
- لوموند: على فرنسا أن تستعد لتفادي شتاء ديمغرافي قاس


المزيد.....

- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يحي عباسي بن أحمد - فلسطين بين خيانة الأنظمة ووفاء الشعوب قراءة في البنية العميقة للموقف العربي