أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين محمد ابوبكر - ”الإنسان ليس إلا قصبة“: مقاربة وجودية بين الرومي وباسكال















المزيد.....

”الإنسان ليس إلا قصبة“: مقاربة وجودية بين الرومي وباسكال


عزالدين محمد ابوبكر

الحوار المتمدن-العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 16:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- "من أضاف شيئًا بعد أن رسم فقد أخرج لوحة لا صورة".
(القسم الأول، ٢٦، خواطر؛ بليز باسكال)

هذا ما قاله بليز باسكال، واليوم بتدوينتي هذه أنا أقوم بإخراج لوحة لا صورة، لوحة تجمع بين الأوروبي والشرقي، والفلسفي والصوفي، لكن في البداية من هو بليز باسكال؟

هو أحد مواليد مدينة "Clermont-Ferrand"، عاصمة إقليم Auvergne الفرنسي، ولد عام ١٩ يونيو عام ١٦٢٣، ومات في يوم من الأيام، وقد بدأ باسكال حياته المعرفية، بالتعليم على يد والده الذي كان أمينًا في تربيته؛ حتى أنه قد تفرغ لتعليم الولد الصغير بليز باسكال، ورفض أن يرسله إلى المدرسة، بسبب عدم اقتناعه بالمناهج الدراسية، التي كانت متبعة في المدارس اليسوعية آن ذاك، وعلى الرغم من امتلاك هذه المدارس صيتًا عظيمًا بين النخبة المثقفة، إلا أن والد باسكال قد أصر على تعليمه وتثقيفه بنفسه، وأصبحت الفترة التي تفرغ بها الأب لابنه فترة عظيمة تزخر بالنشاط الذهني والاجتهاد العقلي، ويظهر هذا الأمر في المنهج الذي وضعه والد باسكال لإبنه؛ حيث وضع والد باسكال برنامجًا يبدأ بدراسة اللغات وقواعدها المشتركة، ثم الانتقال الى دراسة اللغتين اليونانية القديمة، واللاتينية حتى يتمكن من فهمها دون عناء، وهذه النقطة توضح مدى معرفة وثقافة والد بليز باسكال بالتطور اللغوي، ثم الإنتقال إلى الرياضيات، وقد قصد الوالد وضع الرياضيات في نهاية البرنامج الدراسي، من أجل أن يكون بليز باسكال قد بلغ عمرًا يسمح له باستيعاب الرياضيات ومنهجها، ثم بعد ذلك الفلسفة، ليكون بذلك باسكال قد استوعب اللغة اليونانية، من أجل فهم النصوص الفلسفية في لغتها الأصلية، وبعد ذلك يتجه بإبنه إلى الفلسفة بعد الرياضيات، قاصدًا من هذا الأمر، إعطاء إبنه خلفية عن البراهين والإثباتات الرياضية، واعطاءه القوة المنهجية أمام الأسئلة الفلسفية، لكن يا ترى ماذا قد يحصل إن قام كل أب بما فعله والد باسكال؟

ربما قد نحصل على بليز باسكال آخر، أو فيلسوف أصيل ليس له مثيل، لكن هذا لا يعني أن أنظمة الدراسة في البلدان المتحدثة باللغة العربية، هي أنظمة غبية غريبة عن الطالب، بل هي أنظمة مبنية على منهجية علمية، قصدانيتها عبثية، لا تعطي إلا معلومات لا فهمًا لها، وتنشد تحصيل الدرجات لا الفهم وبناء الآراء، وقد أعجب بليز باسكال بالمنهج الذي وضعه له والده، حتى أنه ذكر في إحدى رسائله أنه تعلم بشكل متفرد ومميز، وبعناية أكثر من أبوية، وأليس هذا الكلام جميلاً، إذن لماذا لا نراه في مدارسنا الغريبة؟، أن نرى في المعلم عطاءًا أكثر من أبوي هل يمكن هذا؟، يمكن نعم، لكنني أقول لا.

المهم، أن هذه التربية قد ساهمت بشكل كبير، في بناء شخصية وجودية أصيلة لا يزال صداها بيننا إلى اليوم، وروحها ترفرف في أروقة عقولنا، وقد ساهمت هذه التربية في تنمية قدرة بليز باسكال على الكشف العلمي، وتحريره من الخطابات والمفاهيم الإجتماعية التقليدية، والأهم من ذلك حسب رؤيتي أنها شجعته على تلقي العلم، ويظهر هذا في خواطره التي تبين لنا مدى تحمسه للعلم، ورغبته وشغفه بالعلم والاختراع، وكان لدى بليز باسكال هواية جميلة لا يمارسها إلا الإنسان الأصيل، وهي الرسم؛ حيث قد كان بليز باسكال يحب أن يقوم برسم الرسوم الهندسية، مثل الخطوط، والمثلثات، والدوائر، كل هذا وهو جالس في حجرته، وقد أدت هذه الرسوم إلى النظرية الهندسية القائلة بأن زوايا المثلث مساوية لقائمتين، لكن هل توصل بليز باسكال إلى هذه النظرية بمفرده؟، بالتأكيد لا، بل بدعم من والده الذي قد عامله معاملة أكثر من أبوية، حتى أنه قد أهداه نسخة من كتاب إقليدس في الرياضيات، عندما دخل علي إبنه بليز باسكال في حجرته ذات مرة، فوجده متأملاً مفكرًا، فلما رأى والد بليز باسكال هذا الشغف في عيني إبنه، قام بـ اهدائه هذا الكتاب.

تخيل لو فعل هذا بعض الآباء اليوم؟، ماذا كانت النتيجة؟، أو ماذا كانت سوف تكون؟، بالتأكيد لن تكون سلبية مثل أفعال الآباء مع أبنائهم، إن أباء اليوم لمنهم من هو منتقص المعرفة والوجدان، ولا يبعث الحب على قلبه ولده الغلبان، وهكذا يتبين لنا نزوع بليز باسكال نحو علم الهندسة وليس الجبر، أو الحساب، وقد لاحظ والده هذا النزوع وشاهده يولد أمامه يومًا بعد يوم، لدرجة أن والده عندما تأكد من هذا النزوع والميل، قام باصطحاب إبنه بليز باسكال إلى مجالس ومجتمعات العلماء الكبار في وقتهم، لكن هل يستطيع أحد فعل مثل هذا الفعل اليوم؟، الجواب يحتمل النفي والإيجاب، لكن هذا هل هناك من يرضى بذلك من العلماء؟، أيضًا الجواب يحتمل النفي والإيجاب، إذن علينا أن لا نسأل لماذا لا يظهر العلماء في بلدنا، ما دمنا لم نهيء لهم المناخ اللازم لظهورهم، وأعلم أنني أبدوا غريبًا وأنا أقحم ارائي بين سطور تسرد حياة فيلسوف، لكن إن الكتابة هي تسجيل، وأرى أن أفضل تسجيل هو تسجيل الواقع بلا تجميل، لأن الكتابة هي مسؤولية وجودية تقع على عاتق الكاتب وحده، أو على مراجع كتاباته وناشره في بعض الأحيان*، لكن الكتابة خصوصًا على موقع مثل الحوار المتمدن، يجب أن تتسم بالأصالة والجرأة الموضوعية، والرصانة الراديكالية!

وبعد أن تعرفنا على جزء من حياته لماذا لا نخترق حديقة فلسفته؟

نعم إن فلسفة بليز باسكال هي حديقة منمقة، حديقة تنير؛ حيث إنه في خضم السجال الفلسفي الأبدي حسب رؤيتي، حول ماهية الإنسان ومكانته الكونية، تبرز لنا عبارة خالدة كـ منارة إبتسمولوجية تضيء عتمة الوجود، لترسم صورة للإنسان تجمع بين أقصى الهشاشة وأسمى العظمة الأنطولوجية، إنها عبارة بليز باسكال، التي تختزل التناقض الجوهري في صلب الكينونة البشرية، معلنةً أن الإنسان ليس إلا قصبة!
نعم، الإنسان ليس إلا قصبة!
ففي عالم تحكمه قوانين طبيعية هائلة ومسافات فلكية لا تُحصى، يبدو أن الوجود البشري بماهيته ووكسته، ليس إلا مجرد نفحة عابرة، أو نقطة ضائعة بين "اللاشيء" الذي نقول عنه عدم، و"الكل" الذي يرى على أنه (الكون اللانهائي)، وإنّ هذه الإقامة القسرية (يالروعة الكلمة) في المنتصف هي التي تضع الإنسان تحت ضغط الفناء المستمر، أو الوجود نحو الموت بالقصدانية الهايدجرية من المفهوم، أو كيف يمكن لهذا الكائن الضئيل، المعرّض للزوال بأبسط الأحداث، أن يدعي اي شكل من أشكال التفوق أو الأهمية؟، أو كيف نحن نعلم أن جسمنا عبارة عن جسم مكون من ذرات، وكل ذرة قد جاءت من نجم انفجر، إذن كيف نكون غبارًا ونرى أننا أبطالاً، نعم نحن مجرد غبار نجمي يدعي الأهمية في كون لا يعرف إلا السكوت، وأصداء الانفجار العظيم؟!

وهذه العبارة الخالدة بأن الإنسان هو قصبة، هي من قِيَل الفيلسوف والرياضي واللاهوتي الفرنسي بليز باسكال (1623-1662)، وقد وردت في عمله الرئيسي والأهم في مسار فكره الفلسفي، وهو خواطر أو Pensées، الذي جُمع وتم نشره بعد وفات بليز باسكال، وهذا هو نص جملة باسكال الشهيرة:
- L homme n est qu un Roseau, Le plus faible de la nature Mais c est un Roseau pensant.
- الإنسان ليس إلا قصبة، أضعف شيء في الطبيعة، ولكنه قصبة مفكرة.
ويتجلى عمق مذهب بليز باسكال الفلسفي، في هذه الجملة من كتاب خواطر، لأن هذه الجملة هي ضمن فلسفة بليز التي يمكننا أن نقول عنها، أنها وجودية مبكرة؛ وينقسم المعنى في جملة باسكال السابقة، إلى شقين أساسيين، الشق الأول الذي تمثله القصبة ودلالتها على الضعف، والشق الثاني الذي تمثله الفكره ودلاتها على عظمة الوجود، والقصبة هي دلالة على الهشاسة، لأن القصبة في الطبيعة هي نبات ضعيف، وهش قابل للانكسار بأقل ريح أو قطرة ماء، وهنا ترمز القصبة إلى ضعف الإنسان الجسدي والمادي أمام قوى الطبيعة اللامبالية، وبالنسبة إلى بليز باسكال فإن الكون هو تلك الطبيعة الصامتة، والفضاء اللامحدود، الذي ليس بحاجة إلى بذل أي جهد للقضاء على الإنسان، ومحوه من على الوجود، وهذا هو بؤس الوجود البشري، وهي اولى الحقائق الوجودية التي يجب معرفتها بواسطة الفرد، وهو أن وجوده محتوم عليه بالفناء، الذي يضع نهاية لكل ادعاء رومانسي بالخلود المادي أو القوة والسطوة والإيمان بدوامهما.

أما عن لفظة مفكرة التي لحقت بالقصبة، فهنا يكمن التحول الفلسفي؛ حيث يتغير معنى الشيء أو وجوده بالصفة التي تتبعه، وهنا تتغير القصبة من مجرد قصبة، إلى قصبة مفكرة ممثلة للذات الإنسانية؛ حيث إن الفكر لهو الملاذ الوحيد، وهو الذي يجعل الإنسان، على الرغم من ضعفه، سيدًا على الكون الذي يحيط به، فالفكرة هنا هي الأداة التي يمكن للإنسان أن يحتوي الكون فكريًا بها، حتى لو لم يستطع أن يحتويه جسديًا، لأن الوجود له قيمة لا لأننا أقوياء، بل لأننا نفكر في ضعفنا فيه، وإن فلسفة القصبة المفكرة (إن جاز لي التعبير) هي دعوة صارخة للعودة إلى الذات، والتوقف عن الإلهي الذي يحاول الإنسان أن يعيش فيه هروبًا من حقيقة وضاعته (تعود على الإنسان)*، وقلة حيلته أو انعدامها بلا تفكيره، وتعد اهم نقطة في فلسفة باسكال، هي أنها فلسفة تدعونا إلى أن نعترف أولاً بالهشاشة المادية، كـحقيقة وجودية لا مفر منها، وان القيمة الحقيقية للإنسان ليست في ما يمتلكه أو ينجزه في العالم المادي، بل في قدرته على الوعي بنفسه وبـ الكون، وهنا وجب علينا أن نشير إلى أن بليز باسكال هو من أوائل الفلاسفة الوجوديين الإنسانويين؛ حيث إن عبارته السابقة تضع الإنسان في مواجهة محتومة مع عبثية الكون، وتشدد على أن الإختيار الفردي للوعي هو ما يمنح الحياة معناها في ظل الفناء، وتذكرنا القصبة المفكرة بأن أعظم انتصاراتنا ليست في قهر الطبيعة، بل في فهم مكاننا المتواضع والمتميز في آن واحد ضمن نسيج الوجود الهائل فيها.

ومن منظور وجودي، إن القصبة المفكرة لتعبر عن أن امتلاك الوعي، بمعني أن الإنسان ليس مجرد شيء تحكمه قوانين الطبيعة، بل هو ذات، يمنحها الوعي حرية الاختيار المطلقة في تفسير معنى وجودنا، حتى في اللحظة التي يوشك فيها الكون على سحقنا، وهذا هو الجوهر الوجودي؛ إن الكون يمكنه سحقنا، لكنه لا يمكنه أن يحددنا، أي أن مقولة سارتر باسبقية الوجود على الماهية سليمة، والقصبة المفكرة وجوديًا، هي الكائن الوحيد الذي يُعطى له خيار الاحتجاج الذهني على الفناء الجسدي، وإننا لا نستطيع أن نمنع الكون من سحقنا، فنحن قصبة، لكننا نستطيع أن نمنع الكون من إخضاع روحنا عبر فهمنا له فنحن قصبة مفكرة، وإن عظمة الإنسان هي في شجاعته على تحمل هذا القلق، وإعلانه للمعنى في عالم اللامعنى، والوقوف بكل شجاعة أمام العدم.

وفي أثناء قراءتي في كتاب الأبعاد الصوفية في الإسلام؛ تأليف آنا ماري شيمل، لفتت نظري الجملة التي أوردتها عن الرومي، بخصوص الجوع كـ طريق للوصول إلى الروحانية (راجع صـ ١٣٣، منه)، وهي "وهل يمكن لقصبة الناي أن تعني شيئًا لو امتلأ بطنها بالطعام؟"، وهي مقولة صوفية محضة في جوهرها تنشد التسامي، وتأتي هذه الجملة في سياق الحديث عن الأبعاد الصوفية في الاسلام وأهمية الزهد وعدم وجود طعام دنيوي في "جوف الصوفي"، وهي تثير التسائل الفلسفي الصوفي حول العلاقة بين الامتلاء المادي الممثل بالطعام، والقدرة على السمو الروحي أو المعنوي المتمثل في الناي؛ لكن ما يلفت الإنتباه حقًا هو ذكر قصبة الناي؛ في موضع يشير إلى الذات، أو إلى النفس البشرية بمعنى أصح، أو الجانب المعنوي من موجودية الفرد؛ حيث يشير المصطلح في ظاهره إلى الإمكانية الروحية الكامنة في الإنسان.

أما عن "لو امتلأ بطنها بطعام"، فتشير إلى الانغماس في الملذات الجسدية والاحتياجات المادية الدنيوية، في سياق صوفي، دائماً ما يُنظر إلى إشباع البطن كـ عقبة أمام رياضة النفس أو المجاهدة الروحية، إلا في بعض المدارس الصوفية، والرومي يستفهم بأسلوب انكاري؛ كيف يمكن للجزء الروحاني أو المتعالي في الإنسان (القصبة الناي) أن يحقق غايته ويتسامى أو يتعالى، إذا كان مسيطرًا عليه بالرغبات الدنيا والشهوات الجسدية؟، والجملة في عمومها هي دعم للقول بأن الجوع، أو تقليل الطعام هو وسيلة لـ إذلال النفس و الارتقاء بها إلى مقام المجاهدة؛ حيث يصبح الغذاء هو العبادة، أو نور الله بدلاً من الطعام المادي.

والجملة المنسوبة إلى الرومي هذه، من الناحية الوجوديّة هي في جوهرها سؤال، سؤال وجودي عن العلاقة بين الاحتياج والحرية وتأسيس الماهية عبر الوجود، والقصبة في هذا السياق تمثل النفس أو الوجود الخام، الذي ينتمي للكائن المُلقى في العالم، وهذا الوجود يمتاز باللاشيء المُحتمل، الذي تكون فيه النفس البشرية خالية من معنى مسبق أو ماهية، لأنها حرة، لكن هذه الحرية مخيفة لأنها تتطلب خلق المعنى، والإلقاء والحاجة يمثلان البطن الممتلئ بالطعام، والذي مثل العبودية للحاجة البيولوجية، أو الإنغماس في الوجود الزائف أو الواهي، وأغلب الوجوديين يرون أن الإنسان عندما يصبح مسيطرًا كليًا بالغريزة والحاجة (الطعام، النوم، الترف)، فإنه يبتعد عن كونه "ذاتًا واعية" ويتحول إلى "شيء" تحكمه الطبيعه.

والوجودي الحق يعتقد أن الجوع أو أي شكل من أشكال النقص، هو الذي يدفع الإنسان للبحث عن المعنى أو حتى الإله، لكن عندما يمتلئ البطن، يمتلئ فراغ الوعي مؤقتًا بالارتياح المادي، فيهرب الإنسان من مواجهة قلقه الأساسي، واسئلته الفلسفية عن نفسه ،وعن وجوده ،وعن ماهويته.

والرومي هكذا يطرح سؤالاً انكاريًا يدعو إلى التضحية بالراحة المادية كـ شرط للوصول إلى الماهية الروحية، أو الجوع، أو الإختيار الواعي لتقليل الحاجة، وتحرير الإنسان من سجن الضرورة، مما يجعله أكثر قدرة على صنع ماهيته الخاصة والارتباط بما هو أسمى مثل الرياضة الروحية في نص الرومي، وبكل بساطة إن سؤال الرومي، هو مقولة تؤكد على أن الجسد الخاوي، هو روح ممتلئة بالحرية والوعي، ولا يمكن للقصبة أن تجد ماهيتها أو تصنعها، بدون كسر أغلال الوجود البيولوجية واختيار الزهد بوعي كـ طريق للتسامي أو الترانسندنتالية.

والرومي قد عاش قبل باسكال، بفترة طويلة جداً؛ وعلى الرغم من الفارق الزمني والابتسمولوجي، بين تصوف العصور الوسطى الإسلامي، والفلسفة الغربية في عصر التنوير، إلا أن فكر الرومي يلتقي بفكر بليز باسكال، بشكل مذهل في استخدامهما الرمزية القصبية أو ما يمثلها، لتمثيل الهشاشة المادية الإنسانية، مع التأكيد على عظمته الروحية أو الفكرية، وكلاهما يرى أن الضعف الجسدي هو في الواقع دليل على قوته الكامنة في البعد الغير المادي مثل الفكر عند باسكال والروح عند الرومي.

أغلب المعلومات مأخوذة عن:
- بليز بسكال وفلسفة الإنسان؛ سلسلة أساطين الفلسفة الحديثة والمعاصرة؛ تأليف: الدكتورة راوية عبد المنعم عباس، دار النهضة العربية، طبعة عام ١٩٩٦، بيروت (الصفحات ٢٢٢٦).
- خواطر؛ تأليف: بليز بسكال؛ ترجمة: إدوارد البستاني، مجموعة الروائع الإنسانية، طبعة ١٩٧٢، بيروت (قراءة عامة للمقدمة، بالإضافة إلى المتون)*.



#عزالدين_محمد_ابوبكر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الفلسفة والتفكير، وخطر الأيديولوجية الإرهابية
- الفن ليس للتسلية، بل للفهم والتحول الوجودي!
- الألم لا يُشوّه الجمال ، لكنه يكشف عنه
- الشعر الرومانسي والشعر الوجودي: أيّهما أكثر تعبيرًا عن واقعن ...
- لماذا نسأل: لماذا؟ ، محاولة لبناء مدخل فلسفي موجز إلى أعمق ا ...
- قصيدة النرجس: قراءة وجودية و هرمنيوطيقية-أنطولوجية
- البيان القومي الوجودي الإنساني: رؤية فلسفية في جدلية الهوية ...
- وليم وردزورث: بين السمات الرومانسية والقراءة الوجودية
- التفكير القمري والتفكير الشمسي: قراءة في جدلية الإدراك والتك ...
- قراءة ديالكتيكيّة للأحلام ، ونظرات أخرى
- الوعي والتفكير القمري: نحو فهم الوجود من خلال أنماط الإدراك ...
- القمر ، والتفكير القمري على الطريقة المصرية القديمة: بين الد ...
- ديالكتيكيّة تفسير الأحلام عند ابن سيرين
- هل يمكن قراءة الأعمال الكرتونيّة وجوديًا؟
- المنطق الوجوديّ ... -المنطق الذي لا يسعى للتوصل إلى قوانين ث ...
- المنطق الوجودي ... منطق الإنسان الملقى به في الوجود
- مقالة غير ختاميّة عن فلسفة الشوارع المصريّة
- مقالات أدبيّة: الشذرّة الرهاويّة ... من الأدب الرؤيويّ الأپو ...
- مقالات وجودية: نظريّة المراحل الكيركجوريّة
- مقالات وجودية: فلسفة الشوارع المصرية ، الجزء الثاني


المزيد.....




- بملامح زوكربيرغ وماسك.. كلاب روبوتية برؤوس تُشبه البشر تثير ...
- -نتفليكس- تعلن التوصل إلى اتفاق لشراء -وارنر براذرز- وHBO
- الرئيس اللبناني لوفد مجلس الأمن: اعتمدنا خيار المفاوضات مع إ ...
- العراق.. صرخة مواطن بسبب أزمة البنزين
- -أمريكا أولا-... ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمن ...
- بحضور ترامب.. الكونغو الديمقراطية ورواندا توقعان اتفاق سلام ...
- يوروفيجن 2026: دول أوروبية تعلن مقاطعة المسابقة بعد قرار عدم ...
- شهيد بجنوب نابلس ومستوطنون يهاجمون بلدة شرق رام الله
- إستراتيجية جديدة لترامب تركز على أميركا اللاتينية وتحذر من م ...
- -غروكيبيديا- لا تقبل التعديلات إلا بعد موافقة الذكاء الاصطنا ...


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين محمد ابوبكر - ”الإنسان ليس إلا قصبة“: مقاربة وجودية بين الرومي وباسكال