أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - مكابس الموت… قراءة متأمّلة ودعوة للتهدئة














المزيد.....

مكابس الموت… قراءة متأمّلة ودعوة للتهدئة


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 02:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ الأيام الأولى لسقوط الأسد وتحرير المدن والمناطق وصولًا إلى دمشق، ومع اقتحام السجون السرّية والعلنية وإطلاق سراح السجناء، تداخلت المعلومات وتشتّت الأخبار، حتى بات المشهد غامضًا ومربكًا. وخلال عام واحد فقط، أخذ بعض السوريين يتبادلون الاتهامات فيما بينهم، فارتبكت الصورة وامتدّ الخلاف بين رفاق الثورة وأصدقائها، وهو ما جعل الحاجة ملحّة إلى تهدئة النقاش، وفصل الحدث نفسه عن الأشخاص الذين وجدوا أنفسهم متورّطين فيه دون قصد أو بدافع الصدمة.
لقد عاش السوريون سنواتٍ طويلة اختلطت فيها الحقائق بالشائعات، وتدفّقت خلالها الأخبار بلا ضوابط ولا مساءلة. كثيرون وقعوا – بحسن نيّة – تحت تأثير خبرٍ صادم أو صورةٍ مؤلمة، فكتبوا أو أدانوا أو شاركوا، ثم تبيّن لهم لاحقًا أنّ ما نُشر كان ناقصًا أو غير دقيق. وهذا أمر طبيعي في ظلّ غياب المحاسبة الإعلامية وكثرة الجهات التي تضخّ روايات متعارضة، حيث يجد المواطن نفسه أمام سيلٍ من الأخبار يصعب التثبّت من صدقيتها.

وبالنسبة للفيديو المتداول حول ما سُمّي “مكابس الموت”، فمن الطبيعي أن يتأثر الجميع؛ فما من بيت سوري إلا وذاق ألم الاعتقال أو الفقد أو القتل أو الاختفاء. لذلك جاءت ردود الفعل حادّة، خصوصًا أنّ أول من صوّر تلك الأمكنة كانوا شبّانًا شاركوا في تحرير السجناء، ثم لحق بهم آخرون تحت تأثير الصدمة والذهول. إنّ أساليب النظام في التعذيب – كما رواها الناجون – معروفة وقاسية: التعليق من الأطراف أو الرأس، الجلد المبرح، الحرمان من الطعام والدواء، وترك الضحايا يعانون حتى الموت، ثم الإخفاء عبر الدفن الجماعي أو التذويب. وعلى الرغم من اختلاف الرواية حول حقيقة مضمون “الفيديو” و“المكبس”، إلا أنّ ما حصل في سوريا أبشع وأعمق من ذلك بكثير. ولم نكن نحتاج إلى فيديو أو رواية ناقصة، لأنّ الواقع هو مرآةٌ لوجعٍ عاشه السوريون طيلة عقود، وأعاد إلى الذاكرة صورًا من الألم الذي لم يندمل بعد.
غير أنّ المؤسف اليوم هو تحوّل النقاش إلى محاكمات افتراضية، يصدر فيها البعض أحكامًا قاطعة من دون وثائق أو أدلّة، وكأنهم قضاة يحاكمون من صوّر أو نشر أو تفاعل. بل إنّ بعض الأصوات بدأت تشمت أو تهاجم لمجرّد أنّ شخصًا ما لم يكن معارضًا للنظام في حقبةٍ كان فيها مجرد نشر فيديو مُدان كفيلًا بأن يودي بصاحبه إلى موتٍ محقّق تحت التعذيب. وهنا تكمن خطورة الانزلاق إلى دائرة الاتهامات، بدل التركيز على جوهر القضية، وهو كشف الحقيقة ومحاسبة المجرمين الحقيقيين.

إنّ السوريين – بمختلف مكوّناتهم، باستثناء المتورّطين في منظومة القتل – متفقون على حقيقة واضحة: سقوط بشار الأسد فتح أبوابًا كانت مظلمة لسنوات، وما زال السوريون يتدرّبون على ممارسة حقوقهم كمواطنين أحرار، ويسعون إلى بناء دولتهم التي يستحقونها وفق قوانين مدنية عادلة قائمة على مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية. ولذلك فإنّ المرحلة الراهنة تحتاج إلى تهدئة النفوس، لا إشعال الخلافات، وإلى تعزيز السلم المجتمعي بدل إعادة إنتاج الانقسام الذي أراده النظام يومًا ما.

علينا أن نلتفت إلى ما يجمعنا، وأن نخفّف من حدّة الاتهامات، فالغالبية شاركت – عن قصد أو بغير قصد – في تداول الأخبار: منهم من أنتجها، ومنهم من حلّلها، ومنهم من تلقّاها وأعاد نشرها. والحقيقة الكاملة ليست في يد أحد، إلا من عاش تفاصيلها لحظةً بلحظة.
إنّ فصل الحدث عن الأشخاص وتجنّب إصدار الأحكام المسبقة هو الطريق لبناء علاقة صحّية بين السوريين في هذه المرحلة الحسّاسة، وهو السبيل إلى تجاوز آثار الماضي والانطلاق نحو مستقبلٍ يليق بتضحياتهم. إن بناء سوريا الجديدة يبدأ من قدرتنا على الإصغاء لبعضنا، لا من محاكمات افتراضية تزيد الانقسام وتعمّق الجراح.

* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توم باراك بين بغداد ودمشق… هندسة صراع أم صفقة سلام؟
- إسرائيل تتوغل مرارًا في الأراضي السورية وتستهدف المدنيين
- يجب مقاضاة إيران أولاً… ثم نتحدث عن الديون المزعومة
- شيفرة السياسة الخارجية تجاه سوريا : تداخل الملفات، أدوار الل ...
- إقالة مُلتبسة... شخصنة القرار وسوء الإدارة في اتحاد الكتّاب
- جلسة مغلقة بين الشرع وترامب: انسحاب إسرائيلي، تنمية مشروطة، ...
- إعادة تعريف اتحاد الكتّاب في سوريا: بين المهام والاستقلالية
- لماذا لم يُجفّف تمويل داعش؟ تقاطع المصالح وتشابك التحالفات ف ...
- بصدد حزب السلطة والمجرم الهارب وحكاية الشعب الزائد: هل يُعاد ...
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون إنسانياً؟ … قراءة في أطروحا ...
- حين يتحوّل الغناء إلى مرآةٍ للخراب
- الفساد لا يُكافَح بالفضائح، بل بالمحاكم
- نساء في الظل: حين يتحوّل الخطف إلى أداة تضليل
- هل المستشار الألماني ميرتس من جذور سورية؟ عن صورة المدينة، و ...
- اتحاد الكتاب العرب وإشكالية تحديثه في إطار العدالة الانتقالي ...
- لا شرعية لنشيد يُفرض خارج إرادة السوريين: النشيد الوطني يُقر ...
- السويداء بين فلول النظام والهجري وتفاهمات الدولة.. ملامح إعا ...
- موسكو بين إرث الجرائم وصفقة النفوذ / زيارة أحمد الشرع تفتح م ...
- لافروف... محامي الشيطان في محكمة الذاكرة السورية
- العقل الاستراتيجي الأميركي في سورية والمنطقة: شرعنة الانقسام ...


المزيد.....




- البيت الأبيض يعلق لـCNN على ظهور ترامب وكأنه يغفو خلال اجتما ...
- ترامب يصف النائبة إلهان عمر والصوماليين بكلمة -نابية-
- بعد تصريحات عالية السقف تجاه أوروبا.. بوتين يلتقي ويتكوف وكو ...
- من سرير المستشفى… الأفغاني المتهم بإطلاق النار على الحرس الو ...
- توقيف مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية السابقة موغيريني بشب ...
- عمليات المخابرات الأميركية السرّية في فنزويلا
- -ما وراء الخبر- يناقش أسباب تجاهل نتنياهو لأهداف ترامب في سو ...
- عاجل| انتهاء لقاء بوتين وويتكوف بعد مباحثات استمرت لنحو 5 سا ...
- بدا وكأنه يغفو.. ماذا حدث لترامب خلال اجتماع مجلس الوزراء؟
- إسرائيل تنشئ أقسامًا سرّية جديدة… لماذا تعيد بناء -دماغها ال ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - مكابس الموت… قراءة متأمّلة ودعوة للتهدئة