مشتاق الربيعي
Mushtaq alrubaie
الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 19:50
المحور:
قضايا ثقافية
إنّ الارتقاء بالذات ليس مجرّد سلوك عابر، بل هو مسار طويل من الوعي والتهذيب، يبدأ من داخل الإنسان قبل أن ينعكس على خارجه. ومن أعظم أشكال هذا الارتقاء أن يتحلّى المرء برقيّ الأخلاق وسموّ التعامل؛ فالأخلاق الحسنة هي العلامة التي تبقى، والذكرى التي لا يطويها الزمن.
فالإنسان مهما طال عمره، تبقى أخلاقه أطول عمراً منه، لأنها تُخلِّد اسمه في قلوب الآخرين. وقد يرحل الجسد، لكن موقفاً نبيلاً يبقى حيّاً، وكلمة طيبة تُظلّل صاحبها حتى بعد غيابه، وتسامح في لحظة غضب يكتب لصاحبه قدراً من الاحترام لا يزول.
وحين يتعرض الإنسان لإساءة، تظهر حقيقته. فصاحب الأخلاق الرفيعة يتجاوز، ولا ينحدر إلى مستوى الردّ بالمثل؛ لأن الردّ على الإساءة بإساءة ليس إلا ضعفاً متستراً بالقوة. أمّا التجاوز فهو نضج، وهو علامة على قلبٍ أدرك أن قيمته لا تقاس بردود الأفعال، بل بما يحمله من صفاء.
ولذلك علينا أن نتصرف بحكمة في الحياة؛
فالحكمة ليست فقط في الكلام، بل في حسن التصرّف، وضبط النفس، ومعرفة قيمة الهدوء في زمن امتلأ بالضجيج.
وهناك ميزان دقيق يمكن من خلاله معرفة أخلاق أي إنسان بوضوح، دون خطب طويلة أو ادعاءات كثيرة:
وإن أردت أن تعرف مدى أخلاق الإنسان،
فراقبه حين يتعامل مع النادل… ومع عامل النظافة.
فمن يحترم من هم أضعف منه نفوذاً، وأقلّ منه مكانةً اجتماعية، هو الإنسان الذي يستحق الاحترام فعلاً. ومن يرى الجميع بعين الكرامة، لا بعين الطبقية، هو صاحب الأخلاق الصافية.
فالأخلاق الحقيقية لا تُرى في التعامل مع الأقوياء، بل مع المستضعفين.
ولا تُقاس بطريقة الحديث مع المسؤول، بل بطريقة الابتسامة التي يمنحها لمن يخدمه بلا مقابل.
فالارتقاء بالأخلاق يعكس صفاء القلب،
والارتقاء بالحكمة يعكس نضج العقل،
والارتقاء بالذات يجمع الاثنين معاً ليصنع إنساناً أفضل…
يترك أثره في الحياة مهما طال الزمن
#مشتاق_الربيعي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟