|
|
فيلم - شفاه مختومة - توثيق لمرحلة مهمة من الاضطهاد الستاليني
علي المسعود
(Ali Al- Masoud)
الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 18:50
المحور:
الادب والفن
فيلم " شفاه مختومة" توثيق لمرحلة مهمة من الاضطهاد الستاليني
فيلم روائي ألماني صدر عام 2019 من إخراج" بيرند بوهليش" ، ينقل المخرج وكاتب السيناريو بيرند بوهليش المشاهد إلى ألمانيا الشرقية المبكرة، التي ترغب في خوض مستقبل جديد وفي الوقت نفسه تصوير أجزاء من قمع الماضي. يركز الفيلم على ثلاث نساء ألمانيات أفرج عنهن بعد أكثر من عشر سنوات من السجن في معسكرات العمل السوفيتية، لكنهن مضطرات للالتزام الصمت بشأن معاناتهنّ .الدافع للمخرج بوهليش في التعامل مع هذا الموضوع، الذي كان من المحرمات في ألمانيا الشرقية، كان لقائه بالممثلة سويتلانا شونفيلد في عام 1988. قصة البطلة أنتونيا بيرغر في الفيلم مبنية على مصير والدتها، ولكن وفقا لتترات البداية، فهي أيضا مستمدة من تقارير ومحادثات مع شهود معاصرين آخرين. في الفيلم، تظهر شونفيلد نفسها في دور والدة أنطونيا . أفتتاحية الفيلم من مدينة (فورستنبرغ )، ألمانيا الديمقراطية عام 1952، عودة ثلاث نساء من الأسر السوفيتي إلى وطنهن الألماني. في ثلاثينيات القرن الماضي، شبابات شيوعيات، انطلقنً الثلاثة إلى بلد مستقبلهنً السياسي الثوري، لكن حكم عليهنً بالسجن هناك لفترات طويلة خلال حملات التطهير التي قام بها ستالين، والتي قضوها لاحقا في معسكرات الاعتقال تحت ظروف خارجية قاسية و من دون أي ذنب. من وجهة نظر مسؤولي الحزب في ألمانيا الديمقراطية، يجب ألا يعلنً ذلك تحت أي ظرف من الظروف. لذلك يطلب من الرفيقات أن يلتزمنً بالصمت بشأن ماضيهنً ، ويطلب منهنً القول عند السؤال بأنهنً "عملنً في أماكن مختلفة في الاتحاد السوفيتي". وعلى مضض، يوقعنً الأقرار أو الأمر ؛ فقط الكبرى، سوزان شومان، تعترف بتغير موقفها ("لم أعد رفيقة") وسرعان ما تغادر جمهورية ألمانيا الديمقراطية ؛ أما الاثنين الآخريات ، فالامتنان للعمل والسكن، والولاء ل "القضية" المشتركة، والإيمان بمستقبل أفضل في "ألمانيا أفضل" أكثر، أهمية . بالنسبة لأنطونيا بيرغر، هناك سبب مهم آخر في قبولها بكتابة التعهد : إنقاذ ابنتها ليديا البالغة من العمر أحد عشر عاما، والتي لم تكن لتنجو من مرض الرئة الشديد الذي أصابها في معسكر فوركوتا لولا رعاية الدكتور زايدلر، الذي يعالج ليديا في فورستنبرغ، يرافق تعافيها برعاية ومشاعر خاصة لها ولأبنتها . لاحقا، يزور الأم وابنتها في شقتهما، ويدعو أنطونيا للرقص، و يذهب كليهما في رحلة إلى جبال أورال الشتوية. منافسه السري في كسب ود أنطونيا هو المسؤول الحزبي "سيلبرشتاين " الذي يحاول أن يجعل نفسه لا غنى عنه كمعيل وحامي ، دون أن يبتعد عن منصبه كرفيق حزبي يقظ ونشيط . خلال تقديمها كمديرة جديدة لكولتورهاوس( المركز الثقافي ) يقوم أحد القدامى من الشيوعين في عرض أفضل كنز محفوظ، وهو أول تسجيل لفرقة "كولون لينكس" عام 1932. تنهار أنطونيا بعد الأصوات الأولى: فهي الناجية الوحيدة من بين 15 شيوعيا شابا تجولو في ا البلاد يغنون للحزب والثورة عند زيارتهم لموسكو ، لكن خلال حملات التطهير التي قام بها ستالين، تم اعتقال الجميع وأعدموا بالرصاص باستثناء شخص واحد ، تمر امامها صورة صور الشابات والشباب الذين أعدم نظام ستالين ، تنهار و تهرب أنطونيا باكية، يتبعها سيلبرشتاين، ويستمع إلى وصفها اللأحداث وكيف اعدم الشباب الثوري . من بداية الفيلم، لم تكن غاية لمخرج وكاتب السيناريو " بيرند بوهليش" إدانة المسؤولين في ألمانيا الشرقية . بل يعتنون بالنساء، ويحاولون مساعدتهن" وتوفير سبل الراحة لهنّ. وربما كانوا هنّ أنفسهنّ يؤمنون بذلك عندما يقولون إن الدولة لا تزال هشة جدا للتعامل مع الماضي. أنطونيا، على الأقل، تتبع هذا الخط من التفكير. هي ليست انتهازية ترى في ذلك فرصة لتعيش حياة جميلة من جديد. بل هي اشتراكية مقتنعة بنفسها، وبالطبع تعرف كم الظلم الذي حدث لها، لكنها مستعدة لتجاهله من أجل مجتمع أفضل .أما التحدي الأكبر للجميع فجاء أخيرا بوفاة ستالين في 5 مارس 1953، والتي علمت بها أنطونيا خلال بروفات. تسرع إلى المنزل تتفاجأ مرتين: من المرأتين اللتين تنتظرها، ، ومن الكأس الشمبانيا على الطاولة للأحتفال برحيل ستالين. يدخل الدكتور زيدلر مباشرة ؛ يشعر بخيبة أمل تامة مما يراه. لا تستطيع سوزان كبح نفسها، وضد إرادة أنطونيا، تواجهه بالحقيقة كاملة بانها ترقص وتغني لموت الديكتاتور ، وتصرح بوجه الدكتور: هل أخبرتك أنتونيا كيف قتل زوجها ؟، يصطدم الدكتور بماضي إنتونيا . بدلا من المحاولات اللفظية للتفسير، تضغط أنطونيا على دفتر يومياتها القديمة وتضعه في يده . في الصباح، يزور الدكتور زيدلر الرفيق سيلبرشتاين للحصول على بعض اليقين النهائي بشأن ماضي إنتونيا . لكنه يقلل من شأن الأمر، مما تؤكد مخاوف زيدلر. وقد اتخذ قراره الآن ، سيغادر جمهورية ألمانيا الديمقراطية ويتولى عيادة والده في هامبورغ. ترفض أنطونيا طلبه بمرافقته. تؤكد أنها لن تغادر أبدا، "لأنه وإلا سيكون كل شيء بلا معنى". تستدعى ( إنطونيا) من قبل أمن الدولة لافشاء اسرار أعتقالها في معسكر( الغولاغ) السوفيتية ، بينما كانت الرجل من أمن الدولة ينتظر بالفعل خارج الباب ، تودع إنطونيا الدكتور زيدلر وتطلب منه توصيل إبتنها ليديا إلى والدتها في غرونبرغ في جبال الأورال. يصرخ محققها، وهو سجين سابق في معسكر اعتقال بوخنفالد، في وجهها قائلا إن هناك حقيقة واحدة فقط عندما يتعلق الأمر ب "المعسكرات" و"الأحكام الظالمة": المجازر التي تسبب بها النازيون . "الحقيقة هي ما يفيد قضيتنا "، ويشفع لها نضال والدها الشيوعي ( الذي رحل قريباً) وعمدة المدينة ، وبينما تدرك ذلك، تحاول أنتونيا محو ماضيها بحرق مذكرتها . تخرج وتلتقي مع إبنتها ووالدتها، وهي تحتضنهما بقوة بين ذراعيها ، "الآن سنبدأ من جديد " . هناك مقطعان مؤلمان للأحداث، يقاطعان لفترة وجيزة في سرد الفيلم بعد المقدمة وقبل النهاية، يعاكسان الأمل الخافت الكامن في الصورة النهائية. تشير إلى المستقبل ب36 عاما، إلى ليلة سقوط جدار برلين من 9 إلى 10 نوفمبر 1989، وتظهر أنطونيا المسنة، التي تبدو منعزلة، لا تقبل دعوة الجيران المتحمسين للخروج وتجري مكالمة هاتفية مع الدكتور "كونراد زايدلر" في هامبورغ، مقتصرة على بضع جمل، في النظرة العامة، يتضح للمشاهد أيضا ما يعنيه سقوط الجدار بالنسبة لها: النهاية الفعلية لجمهورية ألمانيا الديمقراطية وبالتالي الأمل الذي تعلقت به بوجودها حتى ذلك الحين أصبح سراباً ويوتوبيا الاشتراكية الإنسانية على الأراضي الألمانية يثبت أخيرا أنه وهم. ويبرز السؤال عن السبب ؟ ولماذا؟ . من خلال الإشارة إلى هذه الحقيقة التاريخية، يسعى الفيلم أيضا إلى المساهمة في البحث في أسباب سبب آخر في فشل تجربة جمهورية ألمانيا الديمقراطية. بالتأكيد أضيفت أسباب أخرى كثيرة لاحقا، كما يقول المخرج بيرند بوهلش، وبالتأكيد رد فعل قيادة الحزب عندما تم تسريبه ما حدث لرفاقهم في الاتحاد السوفيتي مفهوم: كانوا يخشون أن يفقدوا شرعية أنفسهم بنشره. لكن هذا لم يحل المشكلة، كما قال، بل أجلها فقط . والمشهد المفجع ، حين أسقط الجنود السوفييت بلا رحمة زوجها في الزنزانة ، على الرغم من حقيقة هتافه لستالين قبل إطلاق النار عليه . اضطرت إحداهن( أنتونيا الشابة الشيوعية المدانة ظلما أنطونيا بيرغر (ألكسندرا ماريا لارا)) لمشاهدة زوجها يقتل برصاصة أمام عينيها عندما جلب هدية ولادة لابنته التي لم يرها منذ ثلاث سنوات، بعد أن تتجاوز السياج الذي يفصل بين معسكر الرجال ومعسكر النساء يتنقل الفيلم عدة مرات بين الضوء والظلام. إذا رتبتها زمنيا، تتغير اتجاهها مرتين فقط: من الظلام إلى النور ثم العودة إلى الظلام. في بداية معسكرات العمل السوفيتية ( الغولاغ) كعالم مظلم حرفيا: حتى في النهار كان كئيبا وقاحل؛ الأمطار المستمرة، والكد، والموت والمرض؛ القادة يصرخون أو يرفضون الرد؛ تم تصويره بالأبيض والأسود. عند وصولهنّ إلى فورستنبرغ، أشعة الشمس لأول مرة؛ الدفء، خاصة الدفء الإنساني: تسمع الأسئلة، وتحل المشاكل؛ مستشفى مشرق ونظيف؛ وكذلك الشوارع والمنازل والشقق... مدينة خيالية؟، مستحيل. كانت المدينة السكنية آيزنهوتنكومبينات أوست (التي بدأ بناؤها في عام 1950، وأطلق عليها اسم ستالينشتات في عام 1953 وأعيدت تسميتها إلى آيزنهوتنشتات في عام 1961 بعد اندماجها مع فورستنبرغ) مشروعا اسكاني مميز، ومدينة مخططة ونموذجية، أتقن بوهليش ومصوره توماس بلينيرت في كشف هذا التياين بين عالمين متناقضين . كرفيقة لا تشوبها شائبة وطفلة محترقة بشكل مؤلم في الاتحاد السوفيتي، مشككة في نفسها. ومع ذلك، فإن تأثير والدها، الشيوعي المقتنع (الذي توفي لاحقا)، والذي استوعبت تحديه بعمق حتى تمسكت به حتى فشل جمهورية ألمانيا الديمقراطية، يثبت أنه أقوى بكثير. ونتيجة لذلك تفشل في ذلك. وبناء عليه، يرسم الفلاش فورورد السينمائي عالمها مرة أخرى بألوان داكنة في 9 نوفمبر 1989: المشهد هو شقة أنطونيا، كما في البداية، والصور أيضا من تلك السنوات، كما لو أن الزمن توقف هنا. ربما يكون الوقت ليلا، الغرف مضاءة بشكل خافت، أنتونيا ترتدي نظارات بعدسات مظلمة. يبدو أنها لا تعاني من أي معاناة مادية، ولا تبدو مريضة، لكنها في سن السادسة والسبعين تتحرك كأنها امرأة مسنة. عندما يسألها أحد الجيران إذا لم ترغب في المجيء معها، أو إذا لم تكن بخير، تغلق الباب دون كلمة . من الواضح ، لأنه فيلم مؤطر في سياق سياسي ، فإن العمل يفيض بأيديولوجية ، وهذا لا يعني أنه يحاول الكثير من الإخفاء. في الواقع ، في المشاهد الأولى ، يلقي المخرج في وجوهنا الرسالة الرئيسية للفيلم ، بالإضافة إلى ملخص لما يدور حوله الفيلم. نرى فيه الشخصية التي تلعبها ألكسندر ماريا لارا (وهو أحد أعمدة الفيلم بأدائه الرائع) ، وهي نزيلة في معسكر سوفيتي ، تكتب في يوميات قناعتها الحقيقية بالشيوعية وكيف ستنتهي الثورة بالانتصار في المستقبل. بعد بضع ثوان ، فيلم " شفاء مختومة " أو " ومواجهة المستقبل" بعنوانه الألماني . (ومواجهة المستقبل) كانت جملة يعرفها كل مواطن في التجربة الاشتراكية على الأراضي الألمانية المسماة ألمانيا الشرقية لعقود. لأنها كانت السطر الثاني من النشيد الوطني مباشرة بعد "نهض من الأنقاض". قام الملحن الأسطوري هانس آيسلر وكاتب الأغاني (ولاحقا وزير الثقافة) يوهانس بيخر بإنشاء النشيد في عام 1949. ومع ذلك، وبما أن الكلمات تحدثت أيضا عن "ألمانيا المتحدة الوطن"، لم تعد تغنى منذ عام 1972. ولهذا فإن النص بالكاد معروف اليوم. تسلط الدراما المكثفة الضوء على فصل لم يكن معروفا من قبل من جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وتروي قصة العائدات من المعسكرات الستالينية( الغولاغ)، كانوا شبابا وشابات كانوا مؤمنين ومقتنعين بالأفكار الشيوعية الذين هاجروا من ألمانيا النازية إلى الاتحاد السوفيتي في ثلاثينيات القرن العشرين. لاحقا، نفوا إلى معسكرات العمل تحت حكم ستالين . أنطونيا ترمز إلى واحدة منهم . لكن رغم تجاربها السيئة، تأمل في مستقبل أفضل في جمهورية ألمانيا الديمقراطية. هناك، يعمل الحزب والناس المتحمسون على بديل لألمانيا الغربية، حيث لا يزال النازيون يشغلون مناصب مؤثرة . مرارا وتكرارا، تضطر أنتونيا بيرغر لتسأل نفسها ما إذا كان قرارها هو القرار الصحيح – حتى يوم سقوط الجدار في عام 1989. ليست الوحيدة التي تؤمن ببناء الاشتراكية، فالطبيب الشاب كونراد، الذي تلتقي به وتحبه، قرر أيضا أن يسلك الطريق الشاق ورفض ممارسة والده الطبية في هامبورغ من أجلها . في أواخر الثمانينيات، أثناء تصوير حلقة من بوليزيروف، علم المخرج " بيرند بوهليش " صدفة من الممثلة سفيتلانا شونفيلد أنها ولدت عام 1951 في معسكر عمل سوفيتي في كوليما، سيبيريا . والدتها بيتي شونفيلد (التي أدت دورها في الفيلم ابنتها سفيتلانا)، وهي شيوعية مقتنعة، تم اعتقالها في موسكو خلال حملات التطهير الستالينية وحكم عليها بالسجن خمس سنوات، ثم عشر سنوات في معسكر العقاب. في سن السادسة توفي والدها في المعسكر ، جاءت الأم وابنتها إلى برلين. أصبحت سيرة المرأتين وصمت الأم الذي دام عقودا حول ما مررتا به نقطة انطلاق لفكرة الفيلم . من أجل "شفاه مختومة" قرأ بيرند بوهليش "عددا لا يحصى من الكتب وتقارير الشهود والوثائق" وتحدث مع المتضررين. "الكثير من الناس يأسوا من جمهورية ألمانيا الديمقراطية – ومع ذلك لم يكونوا يفكرون في إلغائها، بل تغييرها." ولهذا السبب فإن التمثيل المتقن للممثلة الرئيسية ألكسندرا ماريا لارا مهم جدا كرمز تعريفي. الأصالة هي الكلمة المفتاحية. وقد قدمت هذه الفكرة بشكل رئيسي الممثلة المسرحية البرلينية سويتلانا شونفيلد: ولدت عام 1951 في معسكر عمل سيبيري في منطقة كوليما كابنة الشيوعية بيتي شونفيلد، التي كانت نشطة في نادي الرياضة العمالية "فيشته" منذ عام 1927. نيابة عن الحزب الشيوعي الديمقراطي، سافرت إلى موسكو في عام 1932، حيث عملت لدى الأممية الشيوعية (الكومنترن)، بما في ذلك في مكتب فيلهلم بيك. تم طرد بيتي شونفيلد من الحزب الشيوعي الديمقراطي عام 1936 بتهمة "ارتباطها بعناصر مضادة للثورة" واعتقلت في موسكو عام 1937. حكم عليها بالعمل القسري مدى الحياة، ولم تتمكن من الهجرة إلى ألمانيا الشرقية إلا في عام 1957 مع ابنتها سفيتلانا وأختها – حيث قتل والدها في سيبيريا. تحت تهديد عقوبة سجن أخرى، لم يسمح لعائلة شونفيلد بالحديث عن سجنهم في المعسكر . في الفيلم تظهر أنتونيا بيرغر ضمن المعسكر الشهير للستاليني في فوركوتا، رغم أنها كانت شيوعية مقتنعة أنها هربت فقط من النازيين. في عام 1952، أفرج عنها في إجراء تسوية مع ألمانيا الشرقية. لقد أطلق السوفييت ببساطة النار على زوجها ورموه عند قدميها. والآن تستقبلها قيادة المنطقة الاشتراكية الألمانية بجميع التكريمات. هم يعتنون بابنتهم المريضة بشدة. تحصل على شقة جميلة وعمل واعتراف. لكنها مضطرة لتوقيع اتفاقية سرية بشأن الأحداث في الاتحاد السوفيتي. هذا يسمم حياتها الجديدة الجميلة، والتي تشمل أيضا علاقة حب مع طبيب أطفال. يصور هذا الفيلم مصير أولئك الذين أصبحوا ضحايا ولاؤهم الخاص، وبالتالي لم يسمح لهم حتى بصياغة الظلم . يطور بوهليش القصة بهدوء شديد، ويستخدم أيضا شخصيات مبتذلة غير مقنعة مثل جار يتظاهر بأنه ماركسي، لكنه يتضح أنه مخبر من الستازي. وقبل كل شيء، لا يتمكن بوهليش من إيجاد الفروق الدقيقة. ولكن تاريخ ونضال والدها كان له تأثير ، والدها، الشيوعي المتفاني (الذي توفي لاحقا)، هوالذي شفع لها وأطلق سراحها . فيلم " شفاه مختومة " مكرس لفصل من تاريخ ألمانيا بعد الحرب الذي (للأسف) نسي تقريبا اليوم. تدور حول آلاف الشباب (لا أحد يعرف كم كانوا حقا) الذين كانوا شيوعيين في ثلاثينيات القرن الماضي وانتقلوا إلى الاتحاد السوفيتي لأنهم ببساطة أحبوا البلاد بنظامها الاشتراكي الجديد آنذاك .بمجرد وصولهم، تورطوا في الرعب الأحمر (في منتصف إلى أواخر الثلاثينيات) الذي كان يعلو في ذلك الوقت. أي شخص وكل شخص (وخاصة الأجانب!) كان يمكن أن يكون أعداء للاشتراكية وتم حبسهم في معسكرات لسنوات عديدة – في الغالب دون أي مبرر – بناء على تعليمات قيادة الحزب وبأوامر من القائد ستالين . في الختام : يظهر فيلم "شفاه مختومة" الجانب المظلم من الفترة الستالينية في ألمانيا المنقسمة في العقود الأولى بعد الحرب العالمية الثانية . استخدم زعيم الاتحاد السوفيتي آنذاك، جوزيف ستالين، مصطلح القمع رسميًا لوصف محاكمة الأشخاص الذين يعتبرون مناهضين للثورات وأعداء للشعب . سلسلة من حملات القمع والاضطهاد السياسي في الاتحاد السوفيتي دبرها ونفذها جوزيف ستالين في الفترة من أغسطس 1936إلى مارس 1938. شملت عملية تطهير واسعة النطاق لمسؤولي الحزب الشيوعي والحكومة، وقمع الفلاحين، وقيادة الجيش الأحمر، واضطهاد الأشخاص الغير منتسبين، إتسمت تلك الفترة بمراقبة بوليسية واسعة النطاق، وكان السجن والتعذيب والاستجواب العنيف والإعدام التعسفي وسيلة لتعزيز السيطرة على المدنيين ، استخدم زعيم الاتحاد السوفيتي آنذاك، جوزيف ستالين، مصطلح القمع رسميًا لوصف محاكمة الأشخاص الذين يعتبرون مناهضين للثورات وأعداء للشعب .اتهم مئات الآلاف من الضحايا بجرائم سياسية متنوعة (التجسس، والتحطيم، والتخريب، والتحريض ضد السوفيت، والمؤامرات للتحضير للانتفاضات والانقلابات). سرعان ما تم إعدامهم بالرصاص أو أرسلوا إلى معسكرات العمل في غولاغ. مات العديدون في معسكرات العمل الجزائية من الجوع، والمرض، والتعري والإرهاق. فيلم "الشفاه المختومة " محاولة لإعادة صياغة مفهوم جمهورية ألمانيا الديمقراطية من منظور أكثر إنسانية (وهو ما تقدمه شخصية ألكسندر ماريا لارا)، ولكنها تنفصل عن الأساليب الستالينية والأساليب المماثلة، والتي تشكل جزءا من الإطار البيروقراطي. كما لو أن هذه الشخصية الرئيسية ، نوع من تناسخ الثورية " روزا لوكسمبورغ "، كانت الفكرة الحقيقية للشيوعية البحتة ، على عكس المنفذين الآخرين ، الذين حرفوا هذه المبادئ. الرسائل الأيديولوجية للفيلم مكشوفة تماما ، وتجدر الإشارة أيضا إلى أن موضوع جمهورية ألمانيا الديمقراطية في ألمانيا لا يزال محظورا إلى حد ما . ومن مزايا هذا الفيلم أن شخصياته ممزقة بين الدعوة إلى مجتمع أكثر عدلا والشك في طرق القيام بذلك .
كاتب عراقي
#علي_المسعود (هاشتاغ)
Ali_Al-_Masoud#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم- مناوبة ليلية- يستكشف الحياة الصعبة لمهنة التمريض ونقد
...
-
-بنات الخلافة- فيلم حول التلقين العقائدي والبحث عن الهوية وت
...
-
فيلم- لقاء مع بول بوت - يفتح الصفحة المشينة من التاريخ الكمب
...
-
- سامبا - فيلم يناقش الوضع المأساوي لطالبي اللجوء في أوروبا
-
- المروج البيضاء- فيلم غني بالرمزية والصور الشعرية
-
فيلم -موسم في فرنسا - دراما تفتح على النقاش حول اللاجئين بوا
...
-
فيلم -معركة تلو الأخرى- تعرية للرقابة وسلطة النظام الأمريكي
-
- الجدار- فيلم وثائقي -يفضح- السياسات المناهضة للهجرة في أور
...
-
فيلم - عيون كبيرة - يحكي حياة الرسامة مارغريت كين
-
فيلم - وداعا للغة- - وصية العبقري ( جان لوك غودار ) قصيدة بص
...
-
خوسيه -بيبي- موخيكا في السينما: أفلام لفهم حياته وإرثه النضا
...
-
-موت معلن - فيلم سوري يطلق صرخة تحذير من تفشي ظاهرة زواج الق
...
-
-قراءة لوليتا في طهران-.. حين تصبح القراءة وسيلة لمقاومة الا
...
-
-طهران- فيلم إثارة هندي يتناول الصراع الإيراني - الإسرائيلي
-
-سحابة- فيلم ياباني يتناول التأثير الثقافي والاجتماعي للعالم
...
-
فيلم -الليل يأتي دائماً-.. يكشف الجانب المظلم للحياة في أمير
...
-
- السينما ذاكرة -- أفلام صورت الانقلاب في تشيلي قبل 52 عاما
-
فيلم - محطمات القواعد- إحتفاء بالشجاعة والتحدي للمرأة ألافغا
...
-
فيلم - في أرض الإخوة - يفضح التمييز والعنصرية ضد المهاجرين ا
...
-
لإرث السينمائي للرسام السريالي سلفادور دالي
المزيد.....
-
قرع جدران الخزّان في غزة.. قصيدة حب تقاوم الإبادة الجماعية ا
...
-
رعب بلا موسيقى ولا مطاردات.. فيلم -بطش الطبيعة- يبتكر لغة خو
...
-
-صوت هند رجب-: فيلم عن جريمة هزت ضمير العالم
-
وزارة الثقافة تنظم فعالية
-
لوحة لفريدا كاهلو تباع بـ54.7 مليون دولار محطمة الرقم القياس
...
-
انطلق بـ-صوت هند رجب-.. مهرجان الدوحة للأفلام يفتح أبوابه لث
...
-
-تعال أيها العالم-: الشاعرة الفلسطينية داليا طه تخاطب العالم
...
-
لوحة ذاتية للفنانة المكسيكية فريدا كاهلو تُباع بأكثر من 50 م
...
-
مدير المسرح الفلسطيني بالقدس: الاحتلال يحاربنا بشتى الطرق
-
مدير المسرح الفلسطيني بالقدس: الاحتلال يحاربنا بشتى الطرق
المزيد.....
-
مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|