|
|
-بنات الخلافة- فيلم حول التلقين العقائدي والبحث عن الهوية وتأثير الشبكات الاجتماعية
علي المسعود
(Ali Al- Masoud)
الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 14:52
المحور:
الادب والفن
أنجزت المخرجة الألمانية "ماريكي إنجلهاردت " فيلما جريئا لأول مرة يتناول التطرف الأصولي وتجنيد للنساء في جميع أنحاء العالم الى التنظيمات المتطرفة ، يحمل عنوان " بنات الخلافة " أو بعنوان آخر " ربيعة " . يتتبع الفيلم رحلة شابتان فرنسيتان محبطتان يعيشان في مجتمع يهمشهما . ويقرران الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا على أمل العثور على حياة أفضل وأكثر احتراما بعد أن يغرر بهما . و تتحول رحلتهما إلى مواجهة وحشية مع واقع أسوأ بكثير من الواقع الذي كانوا يحاولان الهروب منه . تعمل جيسيكا (ميغان نورثام) وليلى (ناتاشا كريف) في دار رعاية للمسنين في باريس ،. بالنسبة للشابيتن البالغين من العمر 19 عاما، كان يشعران بالملل والروتين ، يريدان بشدة الابتعاد عن هذا الضغط والروتين القاتل ، كان هذا في عام 2014 . وفي هذا الوقت ، أعلنت الجماعة الإرهابية الإسلامية "داعش" إعلان ما يسمى ب "الخلافة" في سوريا . ويتم البحث عن عرائس لمقاتلي داعش من أوروبا الغربية أيضا. وعن طريق موقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) تعرفت الشابتان على أحد الشباب وتبين أن الشاب هو متطرف وينتمي لاأحد التنظيمات الأرهابية ويحاول أغراء الشابيتين بالزواج ،واستدراجهما لإنضمام الى داعش بحجة المشاركة بما يسمى ( جهاد النكاح ) . اختارت ليلى بالفعل زوجا بالصورة وتود ليلى مشاركته مع جيسيكا. بعد كل شيء ، تعدد الزوجات ليس من المحرمات في الإسلام. بعد وصولهما إلى الرقة ( العاصمة غير الرسمية لتنظيم الدولة الإسلامية آنذاك) يتم نقل الشابتين أولا إلى منزل للفتيات والنساء الراغبات في الزواج ، والذي تحكمه شيطانة برداء إمراءة يطلق عليها "مدام" الصارمة (لبنى أزبال) التي تتحكم بالفتيات. الغرض من ملاجئ النساء هو إشباع الرغبات الجنسية لإرهابي داعش - بعد عملية غسيل الدماغ . عند وصول الشابتين الفرنسيتين إلى مدينة الرقة، يتم مصادرة جوازات سفرهما وأرقام هاتفهما وحتى هويتهما ، وتغيير اسم جيسيكا إلى " ربيعة" وتجد نفسها محبوسة في سكن رث في مدينة الرقة ، يتم احتجازهما في انتظار إجبارهما على الزواج... التي تتسيد فيه أمرأة قوية قاسية ويطلق عليها "مدام" (لبنى أزبال ، ملفتة للنظر في برودتها وسلطتها) خبيرة في الترهيب في القبول والرضوخ لمتطلبات الدواعش . طبق الجهاديون نظاما في أراضي سوريا والعراق. من أجل زيادة عدد سكانها وضمان استمرارية تنظيم الدولة الإسلامية ، تم تجنيد آلاف النساء من أكثر من مائة دولة ليصبحن زوجات للمقاتلين . من بينهن الشابة جيسيكا (ميغان نورثام) وصديقتها ليلى (ناتاشا كريف) ، اللتين سئمنا من حياتهما المملة في فرنسا ، ستقرران تعلم اللغة العربية ، واعتناق الإسلام والسفر آلاف الكيلومترات للاستقرار في سوريا ، مما يعطي منعطفا جذريا لحياتهما المشوشة. بمجرد وصولهما إلى الرقة، سيعيش كلاهما في واحدة من العديد من المباني في البلاد، وهي مبان تهدف إلى إيواء النساء المحددات ( بجهاد التكاح ) على الأقل حتى يتم العثور على زوج لهم وبالتالي يحقق مهمتهم . هناك سيلتقيان بالسيدة (لبنى أزبال) مديرة المركز التي ستقيم معها جيسيكا علاقة مزعجة تتسم بالخضوع والسيطرة التي ستغير إلى الأبد طريقة تفكيرها وسلوكها . شخصة المدام (شخصية تلعبها لبنى أزبال ومستوحاة من شخصية حقيقية أمرأة مغربية تدعى "أم آدم المجاطي"، الجهادية المغربية المعروفة عالميا، وزوجة القيادي في تنظيم القاعدة ، "كريم المجاطي"، والعقل المدبر لتفجيرات الرياض وتفجيرات الدار البيضاء وتفجيرات مدريد وتفجيرات 11 سبتمبر ، الهاربة الآن) التي تتحكم بقبضة حديدة وعقوبات صارمة تصل لحد الجلد من جنود داعش بمجموعة من الفتيات الاجنبيات المغرر بهنً ، اضافة الى النساء اليزيديات ( السبايا) اللواتي يتقلن أسوء معاملة من وحوش دواعش من الرجال وعنف المراة العنيفة الصارمة ( الممثلة لبنى أزبال ) . "صورة لوالدتها " هذه واحدة من الأشياء القليلة التي احتفظت بها جيسيكا سرا بعد أن اضطرت إلى تسليم هاتفها الخلوي ومجوهراتها وملابسها عندما دخلت عالم السجانة "مدام". جيسيكا ، التي تحمل الآن الاسم العربي "ربيعة" ، لأن الصورة هي الذكرى الوحيدة للأم التي تركت العائلة عندما كانت ربيعة في الرابعة من عمرها. ربما يكون من الأفضل حجز رحلة العودة إلى فرنسا على الفور ، كما تعتقد مدام . ربيعة ليست مستعدة بعد للزواج من مقاتل داعشي . لكن جبروت المدام قادر على قمع الابتسامة الراضية التي تلعب حول زوايا فمها. لأن هذا هو بالضبط ما يقوم عليه حكمهم: محو الحياة الماضية للسياح الإرهابيين الغربيين من أجل كسر هويتهم وإعادة تجميعها. تتمثل إحدى أعظم نقاط القوة في الفيلم في كشف هذه النية المجردة بكل حدوثها ، بكل تفاصيلها وبكل قسوتها. هذه ليست فقط الطريقة التي يعمل بها الإرهابيين . هذه هي الطريقة التي تعمل بها كل الديكتاتوريات. هذا يجعل الفيلم عالميا. مزايا هذه الدراما القائمة على نماذج حقيقية وقصص حقيقية والتي بحثت عنها المخرجة " ماريكي إنجلهاردت " من عام 2016 فصاعدا ، تكمن في المساهمة في نقاش مهم يؤثر على جميع الأنظمة الاستبدادية، بما في ذلك الشعبوية اليمينية التي تتزايد حاليا. لأن الدراما توضح مدى عدم أهمية الدوافع الدينية والسياسية الملموسة التي تدفع الشباب والشابات إلى أحضان الأرهاب. بدلا من ذلك ، تكشف المخرجة إنجلهاردت ومؤلفها المشارك صموئيل دو عن الزخارف النفسية: عدم الاستقرار ، ونقص الآفاق ، ونقص الروابط بين الأمهات والآباء الذين يفخرون بأطفالهم . التلقين العقائدي والنزول إلى الجحيم صدمة الشابة جيسيكا ( ربيعة حالياً) في الحلم المفقود كانت كبيرة ، الفيلم يكشف عن الإنحدار من الحلم في الجنة إلى الجحيم الأعمق . في تصوير مقنع وآسر (التصوير السينمائي: أنييس جودار). بمجرد أن تمشي (المدام ) في المهجع الجماعي للنساء - في الجزء الخلفي من الباب بينما تقترب شخصية يغطيها السواد حتى يتسلل الخوف إلى قلوب الشابات . كما ذكرت المخرجة ماريكي "إنجلهاردت " في تعليقها :"كانت العديد من التفاصيل لا تصدق ووحشية لدرجة أنني اضطررت في كثير من الأحيان إلى "تخفيف حدة" الواقع من أجل جعله قابلا للتصديق للمشاهد " . على الرغم من أن شخصية العنوان (ربيعة ( تتحول تدريجيا من ضحية إلى جلاد ، إلا أن رسم الشخصية متباين ودقيق لدرجة أنه يحمل الحبكة من خلال جميع التقلبات والمنعطفات ويدعو إلى تحديد الهوية على الرغم من كل البقع المظلمة. تعطي الممثلة الفرنسية ميغان نورثام شخصيتها مزيجا مقنعا من الضعف والصلابة الداخلية ، والتي تتصاعد إلى الوحشية وتمس مسألة كيف يصبح الأشخاص "العاديون" جلادين وحراس لمعسكرات الإعتقال . تظهر ربيعة ( الشابة الفرنسية جيسيكا) المتوترة والغامضة وكذالك بقية الشابات المخدوعات اللواتي تحولت أحلامهنّ إلى كوابيس بعد أن أيصبح المنزل الداخلي سجنا لهنّ . هؤلاء النساء ضحايا التلقين العقائدي الذي يؤدي إلى الإيذاء الجسدي والنفسي، مذنبات في المقام الأول بالمشاركة في دعم منظمة إرهابية . ومع ذلك ، تميل نظرة "ماريكي إنجلهارت" إلى إظهار الضغط و الإكراه الذي يمارس ضدهنً تدريجيا داخل المنزل . الموضوع ليس داعش، ولا الاستبداد الذي يمارس على زوجات هؤلاء المقاتلين الذين يتكاثرون في سوريا أو العراق، والذين لا يزال أطفالهم المولودون هناك يتغذون في منطقة رمادية مشتعلة، والتي تعاملت معها الحكومات المتعاقبة منذ عام 2010 بشكل متوتر. الأطفال الذين تم تجنيدهم من قبل أيديولوجية بربرية وراديكالية ، قنابل موقوتة حقيقية ، الجيل القادم لارتكاب هجمات دموية محتملة. الموضوع ألأساسي هو التلقين ، التلقين العقائدي وخاصة الذي عانى منه النساء والأطفال المهمشون ، الذين يغذون الغضب المتزايد . "ربيعة" هي دراما فرنسية بلجيكية ألمانية تستكشف الأعماق المظلمة لوهم الحرية والأمل وإستدراج الشباب والشابات الى مسستنقع الإرهاب. الأسئلة التي يطرحها الفيلم ؟ كيف يمكن للمرأة التي تعيش في مجتمع حر وتقرر التحول إلى معتقد متشدد يحرمها من تلك الحرية؟ ، ما هي دوافعهنّ الحقيقية؟ ، هل هنّ مؤمنات حقا؟ ، هل هي سياسية؟ أم أنها نفسية بالأحرى؟ ، من أين تأتي الكثير من خيبات الأمل ؟، لماذا يجد الكثير من الناس في التطرف الديني حلا ممكنا لمشاكلهم؟. هذه بعض الأسئلة التي يطرحها فيلم "ماريكي إنجلهارت" الأول المحفوف بالمخاطر بطريقة ما . وكل الأسئلة التي يطرحها الفيلم أمامنا ، لا تزال من دون إجابة . فيلم يتحدث عن الإحباط وخيبة الأمل التي يعاني منها جيل مخذول في حياته، لذا يكون فريسة سهلة في إستدراجه الى وحل الأفكار الإرهابية والتلاعب الذي يمكن أن يتعرض له. لإعطاء إحساس أكبر بالحقيقة لهذا الفيلم المستند إلى أحداث حقيقية (شخصية لبنى أزبال مستوحاة مباشرة من شخصية (المجاطي ) المغربية التي أدارت العديد من البيوت في الرقة)، أجرت المخرجة عملية بحث طويلة من خلال إجراء مقابلات مع العديد من النساء اللواتي عاشن في المخابئ أو كنّ زوجات لأعضاء داعش . حتى أن أحداهنً كانت حاضرة طوال التصوير كي تشرح للفريق بأكمله تفاصيل الحياة اليومية وعمل هذه الأماكن ، غير المعروفة لمعظم العالم . هناك العديد من الأفلام الخيالية عن تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن القليل منها قام حتى الآن ببطولة النساء حصريا. تضع المخرجة "إنجلهارت " حدا لهذا المحرمات ووتوجه كاميرتها في تقديم فيلم إثارة محفوف بالمخاطر . فيلم من بطولة نساء يعشن محاطينً بالأنقاض ويبحثنً يائسات عن الأمل ، ربما في المكان الخطأ . الأحداث مستوحاة من القصة الحقيقية لامرأة كرست نفسها لتنفيذ أوامر التنظيم الأرهابي وحراسة العديد من منازل النساء أثناء الاحتلال الإرهابي لهذا التنظيم في سوريا ، تتابع إنجلهاردت هبوط جيسيكا (ميغان نورثام) وإنحدارها إلى الجحيم الأخلاقي، وساعدتها في كتابة السيناريو شهادات عشرات النساء اللواتي تمكنن من الهروب من هذا الوضع الكارثي ، شابة فرنسية اقتلعت من جذورها عاطفيا وينتهي بها الأمر برعاية سيدة داعش (لبنى أزبال) ، لتصبح يدها اليمنى وتخضع لرغبات الأرهابين المتطرفين . فهذه الفتاة الصغيرة مختلفة وسيتم تجنيدها بعد أن تتعرض الى التعذيب الجسدي (الذي لا يطاق) وغسيل الدماغ وهو الآخر يمثل التعذيب العقلي . يتم قص شعرها الأشقر الطويل ، وتتعرض للضرب ، وهي محبوسة بمفردها في غرفة بلا ضوء . كما أن وضع الأطفال المولودين في تلك البيئة مروع ومأساوي . نشأوا في في غرف بلا نوافذ ، مع أسلحة بلاستيكية فقط كألعاب . المخرجة "ماريكي إنجلهاردت " عملت مساعدة مخرج لبولانسكي أو شلوندورف أو كويفيريه ، كانت دقيقة في الكشف عن التجاوزات ولا تقع أبدا في دائرة العنف في مشاهد تكفي لإقناعنا بالاستعباد، وغياب الحرية التي تقترب من العبودية التي تتعرض لها الفتيات. لا يتعلق الأمر هنا بإدانة الإسلام كدين بل باستخدام الإسلام واختلاسه من قبل أتباعه الأكثر نفاق وتطرفا وتطرفا .تلك الصور الصادمة تعبر عن نظرة دقيقة ومنهجية للمبدأ الذي ينتهجه الفكر الداعشي الظلامي . الفيلم ليس فيلما وثائقيا ولكنه يهدف إلى أن يكون أقرب ما يمكن إلى الواقع ، هذا "المنزل" الذي أستقبل فتيات صغيرات من جميع أنحاء العالم ، وتم تجنيدهن ، ومقدر له أن يصبحن زوجات للجهاديين . كل هذا تحت حكم " لبنى أزبال " ، العشيقة لأزواج المدعوين ليصبحوا آباء لجيل جديد من المقاتلين . من خلال عملية تفضح خطورة التطرف والفكر الداعشي ، يستكشف الفيلم التلاعب العقلي والصراعات الداخلية لامرأة شابة ممزقة بين أصولها والأيديولوجية المفروضة. وتتطور في منزل يتم فيه تدريب زوجات المستقبل للمقاتلين، تحت تأثير المدام، وهي شخصية مفترسة تلعبها لبنى أزبال . تجسد العلاقة بين جيسيكا والمرأة المتسلطة ( لبنى زبال) الجانب النفسي المركزي للفيلم من هيمنة خفية ولكنها كاملة ، حيث يتم كسر الشابات وتأهيلهنّ لخدمة الأيديولوجية المتطرفة. يظهر الفيلم كيف تصبح جيسيكا ، الضحية في البداية ، تدريجيا شريكة في نظام يتم فيه محو الخط الفاصل بين الخير والشر . أداء الممثلة " ميغان نورثام يوضح قبضة التطرف الديني، ويكشف الآليات النفسية للهيمنة والسيطرة. يسلط العمل الضوء على صعوبة الهروب من هذا الفخ . ويركز على الدمار الداخلي الذي يسببه . المخرجة الألمانية "ماريكي إنجلهاردت " في مقابلة لها تحدثت المخرجة قائلة " استغرق هذا الفيلم ثماني سنوات من العمل لأننا لا نستطيع المخاطرة بتشويه هذه الأماكن. هناك مسألة أخلاقية تتعلق بهذا. منذ اللحظة التي نبدأ فيها التحدث مع الأشخاص الذين عاشوا هذا الجحيم وعادوا منه ، لدينا مسؤولية تجاههم ويجب علينا نسخ قصتهم بطريقة عادلة . أحاول أن أفهم هؤلاء الجلادين دون أن أعذرهم . إنه خط رفيع حقا ليس من السهل العثور عليه في الكتابة ". يعتمد السيناريو فقط على الشهادات التي قدمتها النساء في المحكمة ، كان دفاع هؤلاء النساء هو أنهن تم تجنيدهن وإجبارهن وخداعهن . السؤال هو معرفة النقطة التي ننتقل فيها واحدة منهنّ من ضحية إلى جلاد . الشابة الفرنسية جيسيكا (ربيعة) تأخذ مكان الجلاد هذا لإنقاذ نفسها، ولكن ربما تسعد أيضا بممارسة هذه القوة التي لم تمتلكها من قبل، تهيمن على ما يقرب من أربعمائة فتاة يحترمونها ويخافن منها. لذلك فضلت المخرجة التركيز عليها لتكشف لنا كيف يمكنك أن تفقد إنسانيتك وتصبح وحش ! . تم تصوير بعض المشاهد في الهواء الطلق في الأردن، على بعد بضعة كيلومتر من تمركز الدواعش وقريب من الحدود السورية . تحكي الفكرة وراء منازل هؤلاء النساء ( مصانع الإنجاب) . يتأكد داعش من أن هؤلاء النساء ينجبن أكبر عدد ممكن من الأطفال لتوسيع جيشه وغزو العالم ، إنه نفس الهذيان النازي. كما ذكرات المخرجة وهو أول فيلم روائي طويل لها . استنادا إلى أحداث حقيقية، يقدم الفيلم تحليلا جندريا لمشاركة النساء المتطرفات في الجهاد في سوريا، والعنف الذي تدبره النساء ضد النساء الأخريات لإخضاعهن للأيديولوجية الإسلامية المتطرفة . تمثل كل من الممثلات الثلاث الرئيسيات جزءا من هذه الآلية القاتلة: المرأة العنيفة المتسلطة ، والشابة المتطرفة التي تعتقد أنها تتبع مصيرها والتي تقدم نهاية مأساوية للفيلم ، وصديقتها التي ترفض الخضوع والتي سينتهي بها الأمر إلى تبني نفس أنماط العنف الذكوري التي حطمت نفسها. بشكل عام ، هذا الفيلم فريد من نوعه ، وإخراجه جيد للغاية وتحمله ممثلات قويات ، يأخذننا في رحلة إلى واقع قاسي ، حيث يختلط اللطف والسذاجة والغضب واليأس والقوة. يجب أن نراه إذا أردنا أن نفهم الجانب الآخر لتجنيد وتطرف الشباب الأوروبيين في الجهاد في سوريا من الجانب النسائي . مهما كانت الأسباب التي دفعت هؤلاء النساء إلى التطرف ، ففي أي مرحلة فشل المجتمع في مهمته في توفير بيئة معيشية يشعر فيها جميع مواطنيه بالرضا والأمان؟ ما الذي يدفعهم إلى اختيار مصير يسلب حقوقهم وحرياتهم؟ ، لم يقدم فيلم "ربيعة" إجابة دقيقة وكان بإمكانها تقديم وجهة نظر أكثر شمولا حول هذا الموضوع، فإن السؤال يستحق أن يطرح أكثر من أي وقت مضى، وخاصة في مناخ سياسي يزداد صلابة، خاصة فيما يتعلق بوضع المرأة . فيلم"ربيعة" لا يسعى إلى الصدمة أو الإبهار بآثاره . بدلا من ذلك ، يهدف الفيلم إلى تثقيف الناس وجعلهم يفكرون في آليات التلقين وأوهام الحرية. تمكن الفيلم من الحفاظ على أصالته ، ويقدم منظورا حول المصير المأساوي لأولئك الذين يجدون أنفسهم باحثات عن حياة أفضل ، في مواقف أسوأ من تلك التي كانوا يغادرون منها. كذالك يطرح أسئلة مهمة حول الهوية والتطرف وحالة المرأة في السياقات المتطرفة ، مع تجنب مخاطر الحكم الأخلاقي المبسط. نشعر أن "ماريكي إنجلهارت" قد بحثت مع النساء العائدات من الرقة ، لكنها كانت ستخفف من بعض الشهادات ، التي تعتبر "قاسية" للغاية بالنسبة لفيلمها ، "ربيعة" صورة قوية للنساء المخدوعات ، سواء كن ضحايا أو شهداء. مصيران متقاطعان تجسدهما ميغان نورثام بشكل لا تصدق ، والممثلة القديرة "لبنى أزبال" ، التي جسد ت شخصية "مدام"، شخصية مزدوجة تطابق صورة للمغربية فاتحة المجاطي بالملقبة ب "الأرملة السوداء" الهاربة . فيلم قوي ومقلق ولكنه ضروري لولا ذلك ، لتذكيرنا بشكل أفضل بمصير أو وضع العديد من النساء (حوالي 42,000) اللواتي غادرن للانضمام إلى جنود الخلافة ، والأطفال الذين ولدوا هناك (حوالي 25,000) في الوقت الذي استؤنف فيه القتال .
كاتب عراقي
#علي_المسعود (هاشتاغ)
Ali_Al-_Masoud#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم- لقاء مع بول بوت - يفتح الصفحة المشينة من التاريخ الكمب
...
-
- سامبا - فيلم يناقش الوضع المأساوي لطالبي اللجوء في أوروبا
-
- المروج البيضاء- فيلم غني بالرمزية والصور الشعرية
-
فيلم -موسم في فرنسا - دراما تفتح على النقاش حول اللاجئين بوا
...
-
فيلم -معركة تلو الأخرى- تعرية للرقابة وسلطة النظام الأمريكي
-
- الجدار- فيلم وثائقي -يفضح- السياسات المناهضة للهجرة في أور
...
-
فيلم - عيون كبيرة - يحكي حياة الرسامة مارغريت كين
-
فيلم - وداعا للغة- - وصية العبقري ( جان لوك غودار ) قصيدة بص
...
-
خوسيه -بيبي- موخيكا في السينما: أفلام لفهم حياته وإرثه النضا
...
-
-موت معلن - فيلم سوري يطلق صرخة تحذير من تفشي ظاهرة زواج الق
...
-
-قراءة لوليتا في طهران-.. حين تصبح القراءة وسيلة لمقاومة الا
...
-
-طهران- فيلم إثارة هندي يتناول الصراع الإيراني - الإسرائيلي
-
-سحابة- فيلم ياباني يتناول التأثير الثقافي والاجتماعي للعالم
...
-
فيلم -الليل يأتي دائماً-.. يكشف الجانب المظلم للحياة في أمير
...
-
- السينما ذاكرة -- أفلام صورت الانقلاب في تشيلي قبل 52 عاما
-
فيلم - محطمات القواعد- إحتفاء بالشجاعة والتحدي للمرأة ألافغا
...
-
فيلم - في أرض الإخوة - يفضح التمييز والعنصرية ضد المهاجرين ا
...
-
لإرث السينمائي للرسام السريالي سلفادور دالي
-
التناظر في المسار الشعري والإنساني للشاعرين : المصري - أحمد
...
-
فيلم - بيروت -عرض بائس يعيد احداث الحرب الأهلية
المزيد.....
-
ليوناردو دافنشي: عبقري النهضة الذي كتب حكاية عن موس الحلاقة
...
-
اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس
...
-
قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
-
زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
-
توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية
...
-
جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ
...
-
تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو
...
-
اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج
...
-
حوارية مع سقراط
-
موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ
...
المزيد.....
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|