أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أمين أحمد ثابت - إشكالية الجنس في سياق التقنين الإنساني ونظم التحريم الدينية والاجتماعية















المزيد.....

إشكالية الجنس في سياق التقنين الإنساني ونظم التحريم الدينية والاجتماعية


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 8535 - 2025 / 11 / 23 - 16:39
المحور: قضايا ثقافية
    


مقدمة
تعد مسألة الجنس واحدة من أعقد القضايا المرتبطة بالوجود الإنساني، إذ تتداخل فيها أبعادٌ بيولوجية واجتماعية وثقافية ودينية. ورغم أنّ التكاثر ظاهرة بيولوجية مشتركة في جميع الكائنات الحية، إلا أنّ الإنسان انفرد بقدرة على تقنين الممارسة الجنسية عبر منظومات أخلاقية ودينية وقانونية، تجاوزت الوظيفة التكاثرية لتشمل حفظ الأنساب، وتنظيم العلاقات، وصون الاستقرار الاجتماعي وفق المتصور الاعتقادي المجتمعي والديني عربيا ، وإن كانت ذات الاشكالية تظل حاضرة حتى خارج المنظور الطبيعي لحاجة اساسية مربوطة بالوجود الحي للكائن ومسألة استمرارية وجود نوعه وذلك بفعل اختلاف تعدد المذاهب الدينية والطائفية المجتمعية والارث التقليدي حول مسألتي التحريم والاجازة ودرجة التحريم والتحليل .
يهدف هذا البحث إلى مناقشة جوهر إشكالية الجنس في بعدين رئيسيين:
1. التقنين البشري للجنس عبر التاريخ مقارنةً بالأنماط البيولوجية للتكاثر في الكائنات الأخرى.
2. مفهوم التحريم الذاتي والاجتماعي والديني للخيانة الجنسية وحدود الحرية الفردية في المجتمعات العربية، مع طرح سؤال محوري:
هل الأفضل تحرير الجنس من الإشكالية الأخلاقية، أم البقاء ضمن منظومات التحليل والتحريم التي تشكّل بنية المجتمع العربي؟

أولًا: التقنين الجنسي في الإنسان مقابل آليّات التكاثر في الكائنات الحيّة
1. التكاثر في الكائنات الحيّة: منظور بيولوجي صرف
تشترك الكائنات الحيّة جميعها في "القانونية الأساسية لاستمرار الحياة"، أي مبدأ استدامة النوع. إلا أنّ آليات ذلك تتنوّع:
• الانقسام الخلوي (Mitosis): آلية لا جنسية تضمن استمرارية الخلايا دون مفهوم "ذكر" و"أنثى".
• التكاثر اللاجنسي بالأبواغ: شائع في الفطريات، يعتمد على نسخ وراثية مكرّرة دون تبادل جيني.
• الجنسي عبر الأمشاج:
• التلقيح الذاتي في الكائنات ثنائية الجنس (كالنباتات)، دون وجود مفهوم "الغيرة" أو "الوفاء".
• الفصل الجنسي الكامل كما في الحيوانات، حيث يهدف السلوك الجنسي أساسًا إلى التكاثر وبقاء النوع.
في جميع هذه المستويات، الجنس وظيفة حيوية لا علاقة لها بالقيم أو الأخلاق أو ضبط السلوك.

2. الإنسان: انتقال الجنس من الوظيفة الحيوية إلى البُعد الثقافي
يُعدّ الإنسان الكائن الوحيد الذي:
• نظّم الجنس قانونيًا ودينيًا وأخلاقيًا.
• ربط الجنس بالهوية والأنساب والملكية الأسرية.
• حوّل الممارسة الجنسية من فعل بيولوجي إلى مؤسسة اجتماعية (الزواج).
تاريخيًا، ظهر التنظيم الجنسي مع:
• ظهور المجتمعات الزراعية المستقرة.
• الحاجة إلى حفظ النسب والميراث.
• بناء الأسرة كوحدة إنتاج واستقرار.
الإنسان إذًا حَمَّل الجنس دلالات تتجاوز الطبيعة، ليصبح محورًا للضبط الاجتماعي.

ثانيًا: التحريم الذاتي والاجتماعي والديني للخيانة الجنسية
1. التحريم الذاتي (Psychological Prohibition)
تشير الدراسات النفسية إلى أن:
• كلًا من الرجل والمرأة يمتلك نزوعًا طبيعيًا إلى الرغبة في التعدد أو الخيال الجنسي.
• لكن المجتمع والدين والعُرف يفرضان تحريمًا صارمًا لمجرد التفكير في طرف ثالث، مما يولّد ما يسمى بـ"التحريم الذهني".
وهذا ما يجعل:
• الخيانة تُعدّ محرّمًا قيميًا لأنها تهدد الاستقرار الأسري.
• بينما يظل الخيال منطقة صامتة بين الفرد وذاته.

2. التحريم الديني وتراتبيته
تختلف النظم الدينية في التعامل مع الجنس:
• المسيحية: الزواج أحاديّ وأبديّ.
• اليهودية والإسلام القديم: أباحا التعدد ونكاح الإماء والجواري تاريخيًا.
• الإسلام المعاصر: يُبقي على التعدد بشروط ويُحرّم الزنا تحريمًا قطعيًا.
يمثل الدين إذًا نظامًا مركّبًا من التحليل والتحريم، يهدف لحماية المجتمع من التفكّك الأخلاقي والنسَبي.

ثالثًا: إشكالية الحرية الجنسية في المجتمعات العربية
يطرح الباحثون سؤالًا فلسفيًا معاصرًا:
هل نحرّر الجنس ونحاسب فقط عند الضرر؟
كما يحدث مع الخمر مثلًا:
– المبدأ: حرية شخصية.
– العقوبة: عند إلحاق الضرر بالمجتمع.
لكن في المجتمعات العربية، هناك اعتبارات أساسية:
• الجنس ليس شأنًا فرديًا صرفًا.
• يرتبط بالشرف، والعائلة، والقبيلة، والنسب، والدين.
• أي خلل فيه يُعدّ تهديدًا لبنية المجتمع نفسها.
لذا فإن فكرة "تحرير الجنس" تصطدم بـ:
• الموروث الديني.
• الحساسية الأخلاقية.
• البنى العائلية الممتدة.
• اختلاف المذاهب والطوائف في معايير التحليل والتحريم.

رابعًا: كيف نحلّ معادلات الاختلاف بين المذاهب والطوائف في مسائل الجنس؟
الحل لا يكون بالتوحيد القسري، بل عبر أربعة مستويات:
1) المرجعية المشتركة
التمسّك بالحدود المتفق عليها عبر الطوائف (الزواج – حفظ النسب – منع الاعتداء والعنف الجنسي).
2) الاجتهاد المعاصر
فتح باب الاجتهاد الفقهي لحلّ إشكالات العصر مثل:
• العَلاقات الرقمية
• الإخصاب الصناعي
• عقود الارتباط الجديدة
• مفهوم الخصوصية والحرية الشخصية
3) إدارة الاختلاف بسياق قانوني
تبنّي:
• قوانين مدنية تُراعي التنوع
• مع الحفاظ على مساحة للقوانين الشرعية الشخصية
4) التربية الجنسية الأخلاقية
ليس عبر الانفتاح المطلق، بل عبر:
• تعليم احترام الجسد
• المسؤولية
• الحدود الشرعية
• فهم البُعد النفسي للعلاقات


خاتمة
إشكالية الجنس لدى الإنسان ليست بيولوجية بل حضارية.
فالكائنات الأخرى تمارس الجنس لأجل البقاء، أما الإنسان فيمارسه داخل شبكة معقدة من الأخلاق والقانون والدين والثقافة.
والسؤال ليس: هل نحرّر الجنس؟
بل: كيف ندير الجنس في مجتمعٍ يحترم الدين، ويحفظ النسب، ويضمن الحرية الشخصية دون هدم البنية الأخلاقية؟
هذا التوازن – لا التحرير المطلق ولا المنع المطلق – هو الطريق الأكثر انسجامًا مع بنية المجتمعات العربية.

مراجع مقترحة
1. Foucault, Michel. The History of Sexuality. Vol. 1–3.
2. Lévi-Strauss, Claude. The Elementary Structures of Kinship.
3. Malinowski, Bronisław. Sex and Repression in Savage Society.
4. Abu-Lughod, Lila. Veiled Sentiments: Honor and Poetry in a Bedouin Society.
5. محمد عابد الجابري، العقل الأخلاقي العربي.
6. حسن حنفي، الدين والثورة.
7. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته.
8. عبد الوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة.



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعظم جريمة في التاريخ . . أنتجها الإنسان / مقالة فكرية
- عشق . . يفوق ذاته / اقصوصة خاطرة مارس18 /٢٠£ ...
- على حافة الذاكرة / ١٥ نوفمبر ٢٠£ ...
- الذكاء الاصطناعي عبقرية تهدد الانسانية ب : تحولات السلطة وال ...
- وجها مرآة واحدة / يناير ٢٠٢٣ م
- راقص الجمر اقصوصة الومضة. 10نوفمبر 2025
- لي نشوة الغمام المسافر /9ابريل 2025 - ذكرى عودتك مولدي
- على فراغ تقف / مايو ١٩٨٧ م - ...
- على فراغ تقف / مايو ١٩٨٧ م ...
- ضباب الذاكرة / قصيدة مدورة
- تحليل كتاب ابجديات يمنية معاصرة في التفكير والكتابة للكاتب أ ...
- مؤلفي ( ابجديات يمنية معاصرة في التفكير والكتابة)
- الانسان . . وغائية العقل التخليقي June 1981 - من كتابي (اب ...
- تحليل نقد ادبي جمالي اولي ل : رواية البلاد المشمسة لا تعرف ا ...
- البلد / المدينة . . تغرق بالخطيئة - قصة قصيرة / 26سبتمبر 2 ...
- الشوفة / قصة 23/ اكتوبر 2025
- الثقب / اقصوصة
- بلدي اليوم مطير قصة قصيرة / ومضة - 15 اكتوبر ...
- ليلة ممطر حمرة
- لهب يشيخ العمـــر / ذكرى اكتوبر ثورة اكتوبر1963 ضد الاستعمار ...


المزيد.....




- تطبيق للذكاء الاصطناعي يُتيح للمستخدمين إنشاء صور -هولوغراف- ...
- فيديو لـ-مغامرة هجومية بمروحية للجيش السوداني على مواقع الدع ...
- سجناء ومنفيون.. صحفيون فائزون بجائزة دولية غابوا عن حفل تكري ...
- وسط صعوبة الانتشال ورفض إسرائيلي بإدخال المعدات.. جثث تحت أن ...
- لا تمنع الأطفال من العد بالأصابع.. العلم يؤكد فائدته في تعلّ ...
- ساعة ذهبية توقّف عندها الزمن في مأساة -تيتانيك- تنتقل من أعم ...
- ملعب كامب نو يعيد فتح أبوابه وجماهير برشلونة تعود بعد 2 عام ...
- باريس تكتسي حلة بيضاء من الثلوج
- البرازيل: حاول -كسر السوار الإلكتروني-...هل سعى الرئيس الساب ...
- عمان توقع اتفاقا مع إيرباص لإطلاق أول قمر صناعي للاتصالات


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أمين أحمد ثابت - إشكالية الجنس في سياق التقنين الإنساني ونظم التحريم الدينية والاجتماعية