أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بشار مرشد - القوة في الحق والحرية... والضعف في العبودية والبطش














المزيد.....

القوة في الحق والحرية... والضعف في العبودية والبطش


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 19:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المقدمة:
كل قوة بلا ضمير هي وهم مُتسلِّح، وكل بطش بلا حق هي عبودية مُتخفية في هيئة سلطان. وحدها القوة التي تنبع من الضمير هي الحرية الحقيقية، لأنها تمنح الإنسان القدرة على الصمود، حتى حين تنهار الجدران الخارجية ويُسحق الجسد.
الشعوب لا تُباد فقط حين يُهدم جسدها، بل حين يُمحى ضميرها ويُنسى الحق. في أعماق كل أمة حرة ينبض ضمير جمعي كجهاز مناعة روحي، يحوّل الألم إلى وعي، والمأساة إلى ذاكرة، ويحوّل الانكسار إلى قوة صامتة، قادرة على إعادة إنتاج الحياة من قلب الدمار. فالحرية ليست بامتلاك السلاح، بل امتلاك الحق والكرامة، والإيمان بأن مقاومة الباطل تبدأ من الداخل.


النفس والفكر:
حين تنهار الجدران، يبدأ امتحان الداخل. الضمير الفردي، ذلك الشعور العميق بالكرامة والحق، يصبح خط الدفاع الأول. الشعوب الحرة تحوّل خوفها إلى وعي، والألم إلى دافع لإعادة بناء معنى الحياة. هذه "المناعة النفسية الحضارية" تمنح القدرة على الصمود رغم البطش، وتحوّل المأساة إلى طاقة للبقاء.
الفكر الجمعي يترجم هذه القوة على مستوى الجماعة: الذاكرة المشتركة، والسردية الجمعية التي تحفظ الهوية والمعنى، تجعل كل فرد مُرتبطًا بالبقية. كل فعل مقاومة، مهما بدا صغيرًا، يصبح جزءًا من إرث جماعي يحمي الأمة من الانهيار، ويُعيد إنتاج الحرية بعد الكارثة. في هذا التفاعل بين النفس والفكر الجمعي، يولد شعور جماعي بأن البقاء ليس مسألة حظ، بل إرادة وضمير حي.

البنية الاجتماعية وقوة الروابط والذاكرة المشتركة:
على مستوى المجتمع، البقاء لا يقوم على القوة المادية وحدها، بل على الثقة المتبادلة، وعلى الضمير الجمعي الذي يربط الأفراد ببعضهم. فالقيم المشتركة، والرموز الثقافية، والسرديات الجمعية تعمل كخط دفاع معنوي يحافظ على الهوية ويحوّل المأساة إلى قوة دافعة حيث ان كل مستوى النفس الفردية، والفكر الجمعي، والبنية الاجتماعية كل منها يدعم الآخر. وهنا تتجلى الحرية الحقيقية، ليست في الحديد أو الرصاص، بل في إرادة الضمير وقدرة الأمة على الصمود رغم محاولات الطمس والإبادة. الروابط الإنسانية الصلبة والذاكرة الحية تمنح القوة لأمة يمكن أن تنهض بعد كل سقوط لتجد نفسها مرة أخرى أكثر وعيًا وثباتًا.

الخاتمة:
الحرية ليست امتلاك السلاح، بل امتلاك الحق والضمير والفكر الواعي. الشعوب التي تبقى ليست بالضرورة الأقوى ماديًا، لكنها دائمًا الأكثر وعيًا بذاتها، وأكثر قدرة على تحويل الألم إلى ذاكرة والمعاناة إلى معنى.
لقد أثبتت التجارب الحضارية الكبرى أن القوة الوجودية تتجسد في قدرة الأمة على التمسك بسرديتها التاريخية، وتشكيل روابط اجتماعية صلبة لا يخترقها البطش. ففي كل مرة واجه فيها الضمير الإبادة، كان سلاحه الأعظم هو الإصرار على المعنى المشترك وإعادة إنتاج الحياة من قلب الدمار، ليبقى الفكر الجمعي هو درع البقاء الأخير.
كل شعب حر يحمل داخله قوة صامتة تُمكّنه من النهوض بعد كل سقوط، واستعادة كيانه رغم كل محاولات الطمس. وهكذا، يبقى الضمير والحق القوة التي لا تُقهر، والبقاء هو انتصار الوعي والكرامة على البطش والعبودية المموّهة بالقوة.



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض
- نبض الصبر الفلسطيني.. صمود الموظفين والعمال رغم كل شيء
- سياسة الترف بعد الفقر.. هندسة الوعي وتغيّر الغايات
- الدفة وتعدد القباطنة... والعواصف المستمرة
- الشك الهيكلي الجماعي... وباء الاستبداد والاضطهاد
- الأمة التي تصرّ على اختراع العجلة السياسية والتنموية
- الاحتواء السياسي ومشتقاته...انتداب ووصاية جديدة
- الطريق الأقصر إلى الحضارة والتقدُّم... حين يصبح العقل هو الث ...
- وراثة الأحزاب… موت الفكرة وخلود الكرسي
- فلسطين... طائر الفينيق والبراق
- الثراء السريع… حين يصبح المال علامة استفهام
- النظام العالمي... تعدد شكلي للدول تحت مظلة الخمسة
- المؤسسات... المرآة الحقيقية للدولة
- الاستعمار بالمدافع... والاستحمار بالعقول
- فلسفة الحكم الرشيد... ترسخ العقد الوطني
- بين الفلسفة والصفات والإدراك... مسارات تكوين الشخصية والفكر
- قراءة في رحلة البحث عن الحقيقة
- الإعلام الرقمي… من منبرٍ للمعرفة إلى ساحةٍ للفوضى
- التعسف الوظيفي: كيف يحوّل المؤسسات من إنتاجية إلى ضغط؟
- حين يصبح الفاسد قديسًا... جمهورية النزاهة الوهمية


المزيد.....




- فرنسا تقلد يسرا وسام -جوقة الشرف- من رتبة فارس
- انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الج ...
- الانتخابات العراقية.. لماذا أثار تصريح إيراني كل هذا الجدل؟ ...
- -أجب عن الأسئلة الموجهة إليك دون أي تعليق-.. القاضي يلجم غضب ...
- العاصفة الاستوائية -فونغ وونغ- تقترب من تايوان مصحوبة برياح ...
- -لن نتخلى عن سلاحنا-.. حزب الله يلوّح بـ-وضع حد- لإسرائيل
- من التطوع إلى الإلزام .. نقاش ساخن حول مستقبل الجيش الألماني ...
- بسبب لامين يامال .. عودة الجدل بين برشلونة والاتحاد الإسباني ...
- العراق.. ماذا عن نسبة الإقبال والمشاركة في الانتخابات التشري ...
- خالد حسين من دير البلح يحول ركام الحرب إلى أعمال فنية تروي م ...


المزيد.....

- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بشار مرشد - القوة في الحق والحرية... والضعف في العبودية والبطش