أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - بشار مرشد - التعسف الوظيفي: كيف يحوّل المؤسسات من إنتاجية إلى ضغط؟














المزيد.....

التعسف الوظيفي: كيف يحوّل المؤسسات من إنتاجية إلى ضغط؟


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 12:07
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


مقدمة:

في أوقات الأزمات الإدارية والمالية، كثيرًا ما تتحول المؤسسات من أماكن للعمل والإبداع إلى فضاءات للتعسف الوظيفي. تكثيف الدوام، الإجراءات البيروقراطية، والتركيز على الكم بدل النوع يحوّل المؤسسات إلى فضاءات ضغط مستمرة، ويضع الموظفين تحت عبء دائم على حساب جودة الأداء.

التعسف هنا ليس انضباطًا، بل استغلال للسلطة واستعراض للقوة يظهر الفشل الإداري ويخفيه في الوقت ذاته. بعض المسؤولين يحافظون على امتيازاتهم، يُحيّدون الكفاءات، ويهمشون من لا ينتمي لدائرة الولاء، بينما يتحمل الموظفون العاديون العبء الأكبر.

نتائج هذا الوضع واضحة: انخفاض الإنتاجية، استقالات مبكرة، تآكل الثقة المؤسسية، وتحويل بيئة العمل إلى آلة ضغط ومصالح شخصية.


دوافع التعسف الوظيفي:

التعسف الوظيفي لا يحدث بشكل عشوائي، بل ينشأ من مجموعة من الدوافع التي تجمع بين العوامل النفسية والإدارية والاجتماعية:

1. إخفاء الفشل الإداري أو المالي
حين تواجه المؤسسة أزمة مالية أو ضعفًا في الموارد، يلجأ بعض المسؤولين إلى تكثيف الدوام وتشديد الإجراءات الشكلية لإيهام الموظفين والجمهور بأن المؤسسة تعمل بكفاءة، وهو ما يُعرف بـ استعراض السلطة.

2. حماية الامتيازات الشخصية
المسؤولون الذين يمتلكون امتيازات مثل سيارات رسمية، نثريات، مصاريف ضيافة أو حصص من الموارد، يصبح التعسف أداة للحفاظ على هذه المكاسب وتجنب أي تهديد لوضعهم.

3. تحييد الكفاءات
وجود موظفين أكفاء قد يشكل تهديدًا للنفوذ الشخصي، لذا يسعى البعض إلى زيادة العبء عليهم، وتشتيت تركيزهم على الكم بدل النوع، لتقليل تأثيرهم على القرارات والموارد.

4. تأمين الولاءات الشخصية
التعيينات والترقيات المبنية على العلاقات والولاءات تجعل التعسف أداة لضمان استمرار شبكة مصالح مغلقة داخل المؤسسة، حيث يُصَبُّ الضغط على من لا ينتمي لهذه الدائرة.


هذه الدوافع تتضافر لتنتج آثارًا واضحة على مستوى المؤسسة: انخفاض الإنتاجية، زيادة الاستقالات المبكرة، تآكل الثقة المؤسسية، وتحويل بيئة العمل إلى فضاء للضغط والمصالح الشخصية.


الحلول الممكنة:

1. شرائح صرف عادلة
تقسيم نسب صرف الرواتب حسب الامتيازات الفعلية لكل موظف ومسؤول لتقليل شعور الظلم وتعزيز العدالة المالية.

2. تخفيف الضغط الإداري
التركيز على نوعية الإنجاز وجودة العمل بدلاً من الكم من الإجراءات الروتينية، لمنح الموظفين مساحة للتفكير والإبداع وزيادة جودة الأداء.

3. المكافآت المعنوية
التقدير والاعتراف بالجهد والإنجاز يحفّز الأداء أكثر من المكافآت المالية وحدها، ويزيد ولاء الموظفين للمؤسسة.

4. الترقيات والتعيينات وفق الكفاءة
إصدار قوانين صارمة تحمي عملية اتخاذ القرارات من تأثير الولاءات الشخصية والمحسوبية، وتربط الترقيات والتعيينات بالخبرة والكفاءة الفعلية.

5. رقابة مستقلة
إنشاء هيئات رقابية مستقلة لمتابعة الأداء والقرارات الإدارية، لضمان الشفافية والمساءلة، وإتاحة آليات للشكاوى دون خوف من الانتقام.

6. وحدة قضائية مستقلة للشكاوى
تُنشأ وحدة قضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية وتتبع للسلطة القضائية مباشرة لتلقي الشكاوى الخاصة بسلوك المسؤولين والإجراءات التعسفية. هذه الوحدة تتعامل مع السلوك الإداري نفسه وليس الأشخاص، حفاظًا على جوهر الحصانة الإدارية التي تهدف إلى حماية المؤسسة والعمل، لا حماية المسؤولين شخصيًا.

7. بيئة عمل عادلة
تعزيز ثقافة مؤسسية تحمي الموظفين، تقلل الاستقطاب الطبقي بين المسؤولين والمرؤوسين، وتضمن أن العدالة والمكافأة العادلة تصبح جزءًا من طبيعة العمل اليومية.




خاتمة:

الإصلاح لا يبدأ بالإجراءات الشكلية، بل بالعدالة، الشفافية، والتقدير المعنوي للموظفين. عندما تُطبق هذه المبادئ بجدية، تتحول المؤسسات من فضاءات ضغط واستعراض سلطة إلى بيئات إنتاجية حقيقية، حيث يصبح الأداء النوعي والولاء للمؤسسة قاعدة ثابتة لا استثناء.



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يصبح الفاسد قديسًا... جمهورية النزاهة الوهمية
- فلسفة التنكّر والجحود… هندسة اليأس وتدمير الأمم
- الزمن الرقمي… يفضح النفاق
- الضمير والأخلاق... صمام الأمان بين التقلب الانتهازي والتكيف ...
- كلمة حق أُريد بها باطل... قراءة تحليلية
- الأحزاب...من الوسيلة النبيلة إلى الانحراف والتحزب
- الفصل بين الفكرة وذات الإنسان... جدلية النقد والتجريح
- مستقبل الصحافة... بين الحياد والإيحاء الموجَّه
- ادعاء الحكمة بلا تجربة… كالجعجعة بلا طحن
- الدولة الحاكمة وحاكم الدولة… من يواجه العواصف؟
- رواية الحق والتاريخ... الأمواج تهدم قصور الرمل
- التحيّز المعرفي... قصة خيالية هادفة
- رب ضارة نافعة...الغطرسة بداية التهاوي
- دول الاقليم بين التبعية... واستراتيجية التحالف
- الدراما العربية وتشويه التاريخ... عندما يتحول الفن إلى أداة ...
- الهجاء المستتر بالمديح… بهرجة وسط الدياجير
- الوعي غربال... بين المجاملة واللباقة والتملق
- حروب الوكالة... من يدفع الثمن في لعبة الأمم؟
- حوار المعالجات الرقمية...الجزء الثامن
- النظرة السطحية للسياسة... سراب لبعض الكتاب والمحللين


المزيد.....




- مداهمات وأسرار.. نظرة على عالم الوشم الخفي وغير القانوني في ...
- 3 قطع بلغز التوصل لاتفاق غزة.. مفاوض سابق يبين لـCNN
- اتفاق أولي بين إسرائيل وحماس وبداية نهاية حرب غزة.. إليكم ما ...
- من رسامة صغيرة إلى جريحة لا تخرج من البيت، قصة فايزة التي أط ...
- الكاميرات ترصد اللقطة الحاسمة: لحظة تسلّم ترامب ورقة روبيو ب ...
- زيارة مرتقبة لترامب إلى إسرائيل.. ماذا نعرف عن -المرحلة الأو ...
- ألمانيا تلغي -التجنيس السريع-.. من حافز إلى جائزة مشروطة؟
- هل الجدران بين الإسرائيليين والفلسطينيين أبدية؟
- احتفالات في غزة وإسرائيل بعد إعلان ترامب التوصل إلى اتفاق لو ...
- ترامب يعلن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بين حماس وإ ...


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - بشار مرشد - التعسف الوظيفي: كيف يحوّل المؤسسات من إنتاجية إلى ضغط؟