أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشار مرشد - الدولة الحاكمة وحاكم الدولة… من يواجه العواصف؟














المزيد.....

الدولة الحاكمة وحاكم الدولة… من يواجه العواصف؟


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8479 - 2025 / 9 / 28 - 10:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة:
حين نسمع كلمتي الدولة والحاكم، يتبادر إلى الذهن كيانان متداخلان، لكنّ التدقيق يكشف عن فارق جوهري: الدولة الحاكمة تختلف عن حاكم الدولة. الأولى مفهوم مؤسسي راسخ، والثاني شخص عابر مهما امتد به الزمن. الخلط بينهما كان ولا يزال سببًا لانهيارات سياسية واجتماعية متكررة عبر التاريخ.


من منظور فلسفي وسياسي واجتماعي:
تتضح أبعاد هذه المسألة عبر القراءة التاريخية والفكرية:

البعد الفلسفي: يرتبط بشخصية الحاكم من ثقافة وعلم ووعي وضمير.

البعد السياسي: القدرة على ممارسة المعرفة وإدارتها ضمن إطار القانون والدستور.

البعد الاجتماعي: انعكاس الحكم على المجتمع وتأثيره في استقرارهم وتطورهم.


التمييز الجوهري بين المفهومين:

الدولة الحاكمة:
هي كيان قانوني ومؤسساتي، يضبط عمل السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية. حكم الدولة هنا ثابت بالدستور والقانون، لا يتأثر بتغير الأشخاص، وهي الإطار الذي يحفظ التوازن بين السلطات ويحقق مبدأ الفصل بينها. المؤسسات أقوى من الأشخاص، ومن هنا ينبع الاستقرار.

حاكم الدولة:
هو الشخص الذي يختزل الدولة في ذاته، فيُمسك بمقاليد السلطة كلها، ويصبح الدستور أداة بيده، والمؤسسات مجرد واجهات تشرعن إرادته. في هذا النموذج، إذا غاب الحاكم، تنهار الدولة، وتتفكك الرؤية والمشروع، ويصبح الشعب رهينًا لمزاج الفرد.

الدولة في التعريف العلمي والبعد التنموي:
الدولة كيان يتكون من الأرض، الشعب، ونظام الحكم. هذا الثالوث هو الركيزة الأساسية للتنمية والرقي. الدولة الحاكمة تتيح الاستقرار والتطور لأنها تقوم على الاستمرارية، أما حاكم الدولة فمهما كانت قدراته، يظل رهينًا لفرديته، ويظل غياب شخصه كارثة محتملة.


الواقع التاريخي والإسقاطات:

النموذج المنهار: الإمبراطوريات الفردية، مثل روما في مراحلها الأخيرة، وبعض الممالك المطلقة، انهارت بموت الحاكم أو هزيمته، لأن الدولة لم تكن سوى انعكاس لإرادته. التجربة العربية الحديثة أثبتت أن الوراثة في الحكم لم تُحدث تغييرًا، فالسلطة بقيت مرتبطة بالشخص لا بالمؤسسة.

النموذج المستمر: الأنظمة الغربية الحديثة، والخلافة الراشدة في التاريخ الإسلامي، بنوا الدولة على المؤسسات والعدل، فتغير الأشخاص لم يؤثر على استمرارية الدولة أو مشروعها.


حاكم الدولة كمعضلة وجودية:
عندما يتحول الحاكم إلى الدولة، يصبح سقوطه كارثة وجودية؛ الشعب ينقسم، النظام ينهار، والأرض تهدد بالضياع. الاعتماد على الفرد وحده ليس خطأ سياسيًا فحسب، بل تهديدًا لبقاء الأمة.


جوهر المعضلة:
المسألة ليست في عمر القائد، بل في طبيعة الحكم نفسه. الشباب الذين ورثوا كراسي آبائهم لم يحققوا أي تغيير حقيقي، لأن السلطة بقيت شخصية لا مؤسساتية. العائق الحقيقي ليس السنّ، بل عقل متحجر وجموح منفلت لا يلتزم بالقانون والدستور. كما أشار ابن خلدون، الدولة الحاكمة تقوم على المؤسسات، وهي الضامن للاستقرار والنمو، ومهما كان عمر الحاكم عشرينًا أو ثمانين، فإن التقدم والازدهار مرتبطان بفلسفة حكم القانون وقوة المؤسسات، لا بطبيعة الفرد الحاكم.


خاتمة:
بين الدولة الحاكمة وحاكم الدولة يكمن مستقبل الشعوب. الدولة الحاكمة تصون الأرض والشعب والنظام، وتضمن الاستمرار عبر المؤسسات والقوانين. حاكم الدولة، مهما بدت قدراته، يزرع بذور الفناء في اللحظة التي يغيب فيها. الدرس البليغ: الحضارات لا تنهض بالأفراد، بل بالمؤسسات التي تعلي القانون فوق الجميع وتواجه العواصف دون أن تنهار.



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الحق والتاريخ... الأمواج تهدم قصور الرمل
- التحيّز المعرفي... قصة خيالية هادفة
- رب ضارة نافعة...الغطرسة بداية التهاوي
- دول الاقليم بين التبعية... واستراتيجية التحالف
- الدراما العربية وتشويه التاريخ... عندما يتحول الفن إلى أداة ...
- الهجاء المستتر بالمديح… بهرجة وسط الدياجير
- الوعي غربال... بين المجاملة واللباقة والتملق
- حروب الوكالة... من يدفع الثمن في لعبة الأمم؟
- حوار المعالجات الرقمية...الجزء الثامن
- النظرة السطحية للسياسة... سراب لبعض الكتاب والمحللين
- ريشة ابن خلدون الثاقبة… تكشف زيف أقلام التلوين
- الصبر بين الفضيلة والانتظار القسري...مأساة الإنسان أمام الظل ...
- الانتهازية والغطرسة والنفاق... قراءة عبر العصور
- التواصل الاجتماعي كأداة استخباراتية… والوعي المفقود
- حوار المعالجات الرقمية...الجزء السابع
- قبول المذلّة… إقرار بالمزيد
- ندم شاهين ...وتهكّم الممعوط
- حين تتوحد الأعراق... ويتشرذم الأعراب
- الحرية الكَيِّسَة...والحياد الجَري
- حوار المعالجات الرقمية... الجزء السادس


المزيد.....




- بعد حوادث الدنمارك والنرويج- هل تسمح ألمانيا لجيشها بإسقاط ا ...
- روسيا تشن هجوما واسعا على أوكرانيا بمسيرات وصواريخ وبولندا ت ...
- أكبر هجوم روسي على كييف وتأهب في بولندا والحلفاء
- غزة.. 98 قتيلا في القطاع منذ فجر اليوم
- المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعدادا للكذب
- روسيا: تحييد كل الجنود الأوكرانيين المحاصرين في غابات خاركيف ...
- إيران تندد بإعادة فرض العقوبات الأممية -غير المبررة-
- ركلوا جروها ولكموها بشدة.. حادثة مروعة لاعتداء مجموعة على فت ...
- بعد افتتاح سد النهضة.. مصر: إثيوبيا توهمت أننا سننسى حقوقنا ...
- إلغاء التجنيس وسحب الجنسية الألمانية.. الأسباب والمسوغات الق ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشار مرشد - الدولة الحاكمة وحاكم الدولة… من يواجه العواصف؟