أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بشار مرشد - حين تتوحد الأعراق... ويتشرذم الأعراب














المزيد.....

حين تتوحد الأعراق... ويتشرذم الأعراب


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 12:56
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


حين تتوحد الأعراق ويتشرذم الأعراب


##مقدمة:
منذ فجر التاريخ، شكّلت العصبية ـ بمعناها الواسع ـ الأساس الذي قامت عليه المجتمعات. ففي الجزيرة العربية قبل الإسلام، كانت العصبية القبلية الضامن الأول للحماية والبقاء، فهي التي توحّد الأخوة وأبناء العمومة لمواجهة الغريب. هذه الروح، وإن حملت سلبيات، كتغليب القرابة على الحق، إلا أنها منحت القبيلة تماسكًا جعلها قادرة على الصمود في بيئة قاسية.
مع مجيء الإسلام، هُذِّبت العصبية وأُعيد توجيهها من الولاء الأعمى للقبيلة إلى الولاء للحق والعدل، مع الحفاظ على قيم النخوة والشجاعة والوفاء. وهكذا أصبح الولاء ليس للقبيلة فقط، بل للوحدة الجامعة للأمة، مما يضمن استمرار المجتمع القوي والمنسجم.

##الغرب وبروز العصبية القومية:
حين ضعفت سلطة الإقطاع في أوروبا أواخر العصور الوسطى، تحولت العصبية من روابط دموية ضيقة إلى رابطة قومية أوسع.
فرنسا وألمانيا وإيطاليا، استندت إلى اللغة والتاريخ المشترك كأساس لبناء الدولة القومية. الثورة الفرنسية أعطت مفهوم "الأمة" بعدًا سياسيًا، فتحوّل الولاء من الأمير إلى الوطن.
لاحقًا، في الحربين العالميتين، تجلّت العصبية القومية بأقصى صورها، لكنها تحولت بعد ذلك إلى توحيد أوروبا عبر الاتحاد الأوروبي، أي تحويل العداء التاريخي إلى مصلحة مشتركة.
الولايات المتحدة، من جانب آخر، جمعت مهاجرين من أعراق شتى تحت هوية وطنية جامعة، فشكّلت العصبية الوطنية قوة صلبة في مواجهة المخاطر، رغم تنوع المكونات الداخلية.

##الشرق الأدنى والأقصى وصياغة العصبية المستحدثة:
في الشرق أيضًا، لم تختفِ العصبية، بل أُعيد إنتاجها بطرق استراتيجية، سواء في دول الشرق الأدنى أو الأقصى:
الصين (الشرق الأقصى): الأمة الصينية الكبرى تجاوزت اختلافات الأقليات لصالح مشروع قومي يدعمه الحزب الحاكم.
روسيا (الشرق الأدنى/الأوروبي-الآسيوي): استمرت العصبية الإمبراطورية السلافية والأرثوذكسية، وأضافت بعدًا قوميًا لمواجهة الغرب.
الهند (الشرق الأدنى): رغم تنوعها العرقي والديني، توحدت تحت هوية قومية قوية (الهندوتفا).
كوريا الشمالية (الشرق الأقصى): حوّلت العصبية القومية إلى أيديولوجيا مغلقة تعتمد على الذات (جوتشي).
هنا يظهر بوضوح كيف تحولت العصبية من رابطة دم إلى رابطة دولة قومية، تضبط المجتمع وتوجهه نحو مشروع سياسي واقتصادي واضح.

##العرب: من العصبية الجامعة إلى التشرذم:
يمتلك العرب مقومات طبيعية للوحدة لم تمتلكها شعوب أخرى: لغة موحدة، ثقافة واحدة، دين جامع (الإسلام في الغالبية)، وتاريخ مشترك يمتد قرونًا.
لكنهم لم ينجحوا في تحويل هذه المقومات إلى عصبية قومية جامعة. بعد انهيار الخلافة وتقسيم حدود سايكس–بيكو، وتأسيس الدولة القُطرية، انقسمت العصبية العربية إلى:
نزاعات قبلية.
انقسامات طائفية.
صراعات حزبية وسياسية.
بدل أن تكون العصبية جسرًا للتوحيد كما في أوروبا والصين، تحولت إلى أداة للتناحر الداخلي، فأصبح الأخ على أخيه، وابن العم على ابن عمه، بينما الغريب يستفيد من هذا التمزق.

##الخاتمة:
العصبية ليست خيرًا مطلقًا ولا شرًا مطلقًا، بل أداة اجتماعية:
إذا وُجّهت نحو مشروع جامع، تتحول إلى قوة قومية تبني حضارات ودول.
إذا وُجّهت نحو الداخل، تتحول إلى معول هدم يفتت المجتمعات.
الغرب والشرق أعادوا صياغة العصبية لتخدم الدولة القومية والمصلحة المشتركة، أما العرب فقد بقوا أسرى تفككهم الداخلي، رغم أن مقومات الوحدة لديهم أقوى بكثير.

يبقى السؤال: هل يمكن للعرب أن يستعيدوا عصبيتهم الجامعة، لكن هذه المرة في صورة دولة حديثة عادلة، تجمع ولا تفرق، توحد ولا تشتت؟



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية الكَيِّسَة...والحياد الجَري
- حوار المعالجات الرقمية... الجزء السادس
- حوار المعالجات الرقمية... الجزء الخامس
- حوار المعالجات الرقمية....الجزء الرابع
- حوار المعالجات الرقمية.... التسريب الثالث
- حوار المعاجات الرقمية... التسريب الثاني
- حوار مسرب بين معالجات ألفا وبيتا
- الأقنعة والحقائق... مسرحية الانتصار عبر المنصات الاجتماعية
- ظل المؤسسة... بين الولاء والنهب
- الشرق والغرب... الظل الذي تغلّب على النور
- بين الركام والأمل… غودو الفلسطيني
- الطبيعة وتصحيح اختلال القوة
- هل يتحول الطموح إلى جموح منفلت؟
- التفاوض....معركة ذكية بين طرفي العملية وأسرار النجاح
- من جعل الفكرة صنمًا، لم يختلف عمّن جعل الشخص معبودًا... الحر ...
- المصادر الإعلامية... الغموض المستحدث والإعلام الموجّه
- سفينة العودة... لن يتهاوى الحلم
- من خراف بانورج إلى دمية لابوبو... غياب الحكمة
- القطيع الهائم… من اليأس يولد الأمل
- ما بين منهجية التحليل... وضروب التخمين


المزيد.....




- سلسلة حوادث غامضة منها رؤوس خنازير أمام مساجد.. هل يُؤجج عمل ...
- شاهد ما قالته أرملة تشارلي كيرك في أول كلمة علنيةً لها منذ و ...
- تخلّى عن -منصب الأحلام- في -فوغ-.. فهل ينجح إدوارد إينينفول ...
- غزة.. مقتل العشرات من الفلسطينيين بهجمات إسرائيلية الجمعة مع ...
- فرحة عارمة في شوارع برازيليا بعد إدانة بولسونارو بتهمة محاول ...
- بكتيريا مفيدة للسرطان.. اكتشاف جديد يعزز فاعلية العلاج الكيم ...
- على مائدة العشاء.. واشنطن والدوحة يواجهان تداعيات الهجوم الإ ...
- مظاهرات في صنعاء تنديدا بالغارات الإسرائيلية على اليمن ودعما ...
- نقص حاد بالاحتياجات الأساسية للنازحين من زلزال كونر شرقي أفغ ...
- زلزال يضرب قبالة ساحل كامتشاتكا الروسية ولا خطر من تسونامي


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بشار مرشد - حين تتوحد الأعراق... ويتشرذم الأعراب