أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - بشار مرشد - الوعي غربال... بين المجاملة واللباقة والتملق














المزيد.....

الوعي غربال... بين المجاملة واللباقة والتملق


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 11:41
المحور: قضايا ثقافية
    


​مقدمة:
​التملق في ظاهره كلام جميل، لكنه في جوهره خداع رقيق. يظن المتملق أنه يملك ذكاءً خاصاً، وأنه يستطيع أن يفتح القلوب بالمديح، بينما يفقد احترامه لنفسه شيئاً فشيئاً. في المقابل، الممدوح زيفاً يعيش التناقض نفسه: قد تعجبه الكلمات للحظة، لكنها لا تمنحه دفئاً حقيقياً، إذ يشعر أن ما يسمعه ليس عن ذاته، بل عن صورة مزيفة تُقدَّم له لغاية أخرى.

​التملق كسرابيل واهية:
​يظهر التملق كـثياب زائفة: يظنها الناس سترة تحمي، لكنها لا تحمي من حر الحقيقة ولا تحفظ دفء الصدق. يلبسها المجتمع حين يخاف المواجهة، فيتزين بالكلمات، بينما يبقى عارياً أمام نفسه. الفرق بين التملق والمجاملة واللباقة يحدده الوعي والنية. المجاملة تضيء الحسن من دون أن تُنكر العيوب، واللباقة تهذب الصراحة لتصل بلطف، أما التملق فيزوّر الحقيقة لمصلحة ضيقة.

​تأثير التملق على المجتمع:
​حين يشيع التملق، يصبح الصدق غريباً، بل مؤذياً في عيون من اعتادوا المديح. يتحول المجتمع إلى مسرح مليء بالتصفيق، لكن بلا حرارة حقيقية. الوعي هنا هو السلاح ضد هذه الأقنعة الزائفة: أن تقول الكلمة وأنت تحترم نفسك وتحترم الحقيقة يمنح العلاقة دفئاً وقوة، أما التملق، مهما بدا براقاً، يظل وهماً لا يستر ولا يحمي.

​التملق في عيون المراقب:
​التملق ليس علاقة بين شخصين فقط، بل مرآة يظهر فيها كل طرف:

*​المتملق: غالباً يُنظر إليه كمن يتنازل عن كرامته ليكسب رضا الآخرين. قد يُرى ماكراً أو انتهازياً، لكنه في النهاية يُفقد احترامه. الابتسامات التي يلقاها غالباً مجرد غلاف، والناس في داخلهم يعرفون أنه يبيع الصدق بأرخص ثمن.

*​الممدوح زيفاً: هو أيضاً ليس في مأمن. إن بدا مستمتعاً بالتملق، يُنظر إليه كضعيف يحتاج لتغذية وهمية، وإن قبل التملق من دون رد، بدا متغطرساً يستمتع بسلطة وهمية. حتى من يمدحونه، قد يتهامسون أنه يعيش في سراب لا في حقيقة.

*​عيون المراقب: المراقب يكشف الحقيقة: يرى المتملق كمن فقد احترامه، والممدوح زيفاً كمن يعيش على وهم، ويرى بينهما شراكة في خدعة مشتركة. التصفيق الذي يبدو إعجاباً غالباً ما يكون مراقبة صامتة وتحليلاً لكل حركة وكلمة.

​الأقنعة الزائفة:
​التملق يظهر على شكل أقنعة مزدوجة: قناع يلبسه المتملق ليخفي ضعفه ونواقصه، وقناع آخر يلبسه الممدوح زيفاً ليخفي حاجته المستمرة للثناء والموافقة. من بعيد، يلاحظ المراقب أن كلا الطرفين يعيشان في وهم؛ لا أحد منهما محمي من حرارة الواقع أو برودة الحقيقة. ما يبدو في الظاهر دفئاً أو انسجاماً، يتكشف سريعاً كقناع فارغ لا يغني عن الصدق.
​التملق مفتاح للفساد وعقبة للإبداع
​التملق ليس مجرد كلام زائف، بل هو مفتاح للفساد وسلم للانتهازية. يغري بعض الأفراد بتجاوز القيم والواجبات، ويخلق بيئة يربح فيها المزيف على حساب الصادق. كما أنه عقبة أمام الريادة والإبداع: فمن يعتاد على التملق يبتعد عن المخاطرة، ويعتمد على قبول الآخرين الزائف بدلاً من الابتكار الحقيقي. وهكذا، لا يخسر المتملق وحده، بل المجتمع بأسره يفقد فرص التقدم والصدق في العمل والعلاقات.

​خاتمة:
​في النهاية، لا يكسب أحد. المتملق يخسر صورته أمام المراقبين، والممدوح زيفاً يخسر ثقتهم. ما يبدو لحظة دفء ينكشف سريعاً كقناع فارغ لا يقي ولا يغني. الوعي والنية الصافية هما الطريق الوحيد لتجاوز الأقنعة الزائفة، وإعطاء الكلمة صداها الحقيقي ودفء الصدق في العلاقات.



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروب الوكالة... من يدفع الثمن في لعبة الأمم؟
- حوار المعالجات الرقمية...الجزء الثامن
- النظرة السطحية للسياسة... سراب لبعض الكتاب والمحللين
- ريشة ابن خلدون الثاقبة… تكشف زيف أقلام التلوين
- الصبر بين الفضيلة والانتظار القسري...مأساة الإنسان أمام الظل ...
- الانتهازية والغطرسة والنفاق... قراءة عبر العصور
- التواصل الاجتماعي كأداة استخباراتية… والوعي المفقود
- حوار المعالجات الرقمية...الجزء السابع
- قبول المذلّة… إقرار بالمزيد
- ندم شاهين ...وتهكّم الممعوط
- حين تتوحد الأعراق... ويتشرذم الأعراب
- الحرية الكَيِّسَة...والحياد الجَري
- حوار المعالجات الرقمية... الجزء السادس
- حوار المعالجات الرقمية... الجزء الخامس
- حوار المعالجات الرقمية....الجزء الرابع
- حوار المعالجات الرقمية.... التسريب الثالث
- حوار المعاجات الرقمية... التسريب الثاني
- حوار مسرب بين معالجات ألفا وبيتا
- الأقنعة والحقائق... مسرحية الانتصار عبر المنصات الاجتماعية
- ظل المؤسسة... بين الولاء والنهب


المزيد.....




- اليوم 716 للحرب: قصف مستمر على غزة.. والإعلان عن تشكيل جبهة ...
- ترامب يتوعد أفغانستان: أمور سيئة ستحدث إذا لم تُعد قاعدة باغ ...
- تقرير أميركي ينتقد إدارة الأزمة خلال عملية الإجلاء من أفغانس ...
- ترامب لا يستبعد القوة العسكرية لضم جزيرة غرينلاند الدنماركية ...
- -أمور سيئة ستحدث-.. ترامب يوجه تهديدا مبطنا لطالبان بسبب قاع ...
- -تنهار القلوب قبل الجدران-... حين تغرس الجرافات الإسرائيلية ...
- ماذا وراء تسمية القسام لـ47 أسيرا باسم الطيار رون أراد؟
- ترامب يفرض 100 ألف دولار لتأشيرات عمل وغموض بشأن تطبيق القرا ...
- ما العقوبات التي سيعاد فرضها على إيران بعد مهلة الأيام الثما ...
- إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ من غزة وإصابة 10 جنود في حادث


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - بشار مرشد - الوعي غربال... بين المجاملة واللباقة والتملق