أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشار مرشد - الأحزاب...من الوسيلة النبيلة إلى الانحراف والتحزب














المزيد.....

الأحزاب...من الوسيلة النبيلة إلى الانحراف والتحزب


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 10:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة: نشأة الأحزاب والهدف النبيل:
نشأت فكرة الأحزاب في الأساس لتلبية احتياجات الأمم والشعوب، من خلال الجمع بين الأفراد حول أفكار ورؤى مشتركة، دون أن تخرج عن اهتمام الأمة ككل أو تتعارض مع السياق العام أو العقيدة. كان الهدف الأساسي دائمًا واضحًا: تنظيم التنافس السياسي بشكل يخدم المجتمع، إبراز أقصر الطرق وأفضلها للوصول إلى الصالح العام، وتعزيز التنمية والعيش الكريم للجميع، لا لفئة محددة أو شخص معين. الأحزاب وُجدت كأداة للتعاون والعمل المشترك، لتقنين الصراع السياسي ضمن قواعد واضحة تخدم المجتمع ككل.


التحول التاريخي من التنظيم إلى الصراع:
تاريخيًا، نجد جذور فكرة الأحزاب في محاولات تنظيم التنافس السياسي. ففي العصر الروماني، بدأت فصائل المجالس كأدوات لتنظيم التنافس بين النبلاء، لكنها انحرفت لاحقًا لتصبح أدوات صراع عسكري بين القادة، كما حدث في صراع ماريوس وسولا، مما أدى إلى زعزعة استقرار الجمهورية.
وفي العصور الإسلامية، ظهرت المذاهب والفرق كآراء فكرية وسياسية، لكن تحول بعضها إلى ولاءات قسرية متعصبة عارضت المصلحة العليا للدولة. هذا النمط تكرر مع ظهور النوادي السياسية في أوروبا وصولًا إلى الأحزاب الحديثة في القرن التاسع عشر، حيث كانت الفكرة واحدة دائمًا: تنظيم التنافس السياسي بدل أن يكون صراعًا عشوائيًا.


التحول والانحراف والولاء الأعمى:
مع كل عصر، كان هناك انحراف للأحزاب حين تتحول عن أهدافها النبيلة. يظهر هذا الانحراف حين يغلب الولاء الأعمى للقيادة والحزب على المصلحة العامة. يصبح التحزب والتحيز هو الدافع، وتتضاءل الرؤى الكبرى في سبيل ولاءات ضيقة وصراعات شخصية، فتفقد الجماعات رسالتها الأصلية في الإصلاح والتقدم. يصبح الانتماء الحزبي أهم من خدمة الصالح العام، وهذا الانحراف كان دائمًا بداية الانحدار والتصدع، وصولًا إلى انهيار الأمم.


الأحزاب كـ "دويلة داخل الدولة":
عندما تتحول الأحزاب إلى "دولة داخل الدولة"، فإنها لا تبقى مجرد تنظيم سياسي، بل تتحول إلى كيان منفصل يعيد إنتاج الفساد الموجود في الدولة الكبرى داخل دويلته الصغيرة. يبدأ الانحراف المؤسسي. تُحتكر المناصب الرئيسية والقيادية والهيئات العامة لأعضاء الحزب الموالين، بغض النظر عن الكفاءة. يتحول التمويل العام من مناقصات ومشاريع إلى قناة لإثراء الأتباع لا لخدمة المواطنين. وبدلاً من أن تكون الصحافة والتعليم أدوات لخدمة المجتمع، يتم تجييرهما لتصبحا أبواقًا دعائية تخدم أجندة الحزب الضيقة. يصبح المواطن أو الموظف خاضعًا لولاء الحزب لا للقانون أو للمصلحة العامة، مما يضعف المجتمع في جميع المجالات.


الخاتمة والدرس المستفاد واستعادة الدور النبيل:
الدرس الرئيسي واضح: الأحزاب وسيلة لتنظيم المجتمع وخدمة الصالح العام، لكن عندما تتحول الولاءات والقيادة إلى غاية فوق المصلحة العامة، تفقد وظيفتها النبيلة وتصبح مصدر تهديد للمجتمع نفسه.
إن العودة إلى فهم الهدف الأصلي للأحزاب، وفصل الولاء الحزبي عن المؤسسات العامة، هو الطريقة الوحيدة لاستعادة دورها. ويتطلب ذلك تأسيس لجان كفاءة مستقلة لتعيين المديرين في القطاع العام، وتفعيل قوانين صارمة للتمويل الحزبي لضمان الشفافية والمساءلة، واعتماد منظومة رقابة إعلامية تمنع استغلال موارد الدولة لأغراض الدعاية الحزبية. عندها فقط، يمكن للحزب أن يظل أداة للتنظيم المدني، لا كدويلة حزبية تعكس الفساد والانقسام.



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل بين الفكرة وذات الإنسان... جدلية النقد والتجريح
- مستقبل الصحافة... بين الحياد والإيحاء الموجَّه
- ادعاء الحكمة بلا تجربة… كالجعجعة بلا طحن
- الدولة الحاكمة وحاكم الدولة… من يواجه العواصف؟
- رواية الحق والتاريخ... الأمواج تهدم قصور الرمل
- التحيّز المعرفي... قصة خيالية هادفة
- رب ضارة نافعة...الغطرسة بداية التهاوي
- دول الاقليم بين التبعية... واستراتيجية التحالف
- الدراما العربية وتشويه التاريخ... عندما يتحول الفن إلى أداة ...
- الهجاء المستتر بالمديح… بهرجة وسط الدياجير
- الوعي غربال... بين المجاملة واللباقة والتملق
- حروب الوكالة... من يدفع الثمن في لعبة الأمم؟
- حوار المعالجات الرقمية...الجزء الثامن
- النظرة السطحية للسياسة... سراب لبعض الكتاب والمحللين
- ريشة ابن خلدون الثاقبة… تكشف زيف أقلام التلوين
- الصبر بين الفضيلة والانتظار القسري...مأساة الإنسان أمام الظل ...
- الانتهازية والغطرسة والنفاق... قراءة عبر العصور
- التواصل الاجتماعي كأداة استخباراتية… والوعي المفقود
- حوار المعالجات الرقمية...الجزء السابع
- قبول المذلّة… إقرار بالمزيد


المزيد.....




- أسماك القرش البيضاء الكبيرة تتكاثر.. كيف يحاول فريق بحث تتبع ...
- زيندايا تتألق بفستان معدني يمزج بين أناقة الستينيات وروح الم ...
- الأردن: عائلة المتهم بهجوم معبر -الكرامة- يطالبون بالإسراع ب ...
- -شملت اقتحام مؤسسات وسرقة بنوك-.. المغرب يواجه احتجاجات متوا ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يرفض خطة لإنهاء الإغلاق الحكومي.. والبي ...
- قتيلان في احتجاجات -جيل زد- بالمغرب مع اتساع رقعة التظاهرات ...
- دعوات بسحب الجنسية من المتورطين في أعمال إرهابية داخل ألماني ...
- فلسطينيون وإسرائيليون من أجل السلام
- الاحتجاجات في نيبال والمغرب.. ما هو تطبيق -ديسكورد- الذي است ...
- حماس تواصل دراسة خطة ترامب بشأن غزة وتعديل بعض بنودها قبل ان ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشار مرشد - الأحزاب...من الوسيلة النبيلة إلى الانحراف والتحزب