أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - بشار مرشد - المؤسسات... المرآة الحقيقية للدولة














المزيد.....

المؤسسات... المرآة الحقيقية للدولة


بشار مرشد
كاتب وباحث

(Bashar Murshid)


الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 11:03
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


مقدمة: المؤسسة كمرآة

المؤسسات ليست مجرد مبانٍ أو موظفين، بل هي مرآة تعكس روح الدولة وعلاقتها الحقيقية بمواطنيها.
عند دخولك مكتبًا حكوميًا، أو مراجعتك لمستشفى، أو طلبك وثيقة من دائرة رسمية، ترى أمامك الصورة الحقيقية للنظام: هل هو عادل ويخدم الناس بكرامة، أم أنه بيروقراطية تثقل كاهل المواطنين وتزرع شعورًا بالذل والتبعية؟

كل إجراء يتأخر، كل ختم مطاطي يُستخدم تعسفًا، وكل واسطة تُمنح خارج القانون، يترك أثرًا مباشرًا وعميقًا على ثقة المواطن بالدولة.


الرشوة والوساطات: التشوه الخفي للعدالة

حين تنتشر الرشوة، تتحول المؤسسات إلى مرآة مشوهة. يصبح المواطن العادي ينتظر طويلاً في الصفوف، بينما يتجاوز الأقوياء والمتنفذون الجميع بسهولة.

هنا، يتحول القانون إلى مجرد حبر على ورق، وتصبح الحقوق ليست ثابتة للجميع، بل حكرًا على من يملك المال أو النفوذ.

الرشوة في هذا السياق ليست مجرد تبادل للمال، بل هي رمز للسلطة القائمة على التبعية والمحسوبية، وتُظهر للمواطن أن العدالة اختيارية وليست حقًا ثابتًا.


الفساد الداخلي: الولاء بدلاً من الكفاءة

المشكلة لا تتوقف عند علاقة المؤسسة بالمواطن فحسب، بل تمتد إلى قلبها الداخلي. لقد أصبحت الترقيات والتوظيفات تعتمد بشكل متزايد على:

المال والولاء بدلاً من الكفاءة والخبرة.

تهميش الموظف النزيه، في حين يصبح الوسيط أو صاحب النفوذ هو المعيار الفعلي للنجاح.


النتيجة هي مؤسسات عاجزة عن أداء مهامها بكفاءة، وبيئة عمل مُشوهة تغذي الفساد بدورها، لتخلق بذلك حلقة مفرغة لا نهاية لها من التدهور الإداري.


تنوع أشكال الرشوة: من النقد إلى النفوذ

الرشوة ليست دائمًا نقدًا مباشرًا. غالبًا ما تأخذ أشكالًا رمزية تبدو "لطيفة" أو مقبولة اجتماعيًا، مثل:

1. الهدايا: كالعطور، الملابس الثمينة، أو الساعات.

2. الخدمات الشخصية: كقضاء مصالح خاصة للموظف أو تسهيل إجراءات لا علاقة لها بالعمل.

3. الولاء والمحسوبية: كتوظيف الأقارب أو منح الامتيازات الإدارية غير المستحقة.

4. الدعم الرمزي والنفوذ: توفير حماية أو دعم سياسي واجتماعي.



كل هذه الأشكال، مهما بدت صغيرة أو رمزية، تؤدي إلى نتيجة واحدة: تفضيل البعض على الآخرين، وتآكل سريع للعدالة والثقة في المؤسسات.


الحلول: التكنولوجيا والشفافية الرقابية

أولاً: التكنولوجيا والتحول الرقمي

يجب حوسبة الخدمات وتحويل الإجراءات إلى منصات رقمية.
هذا يضمن أن تتعامل الآلة مع البيانات وفق القانون، بدلاً من أن يتعامل الموظف مع الجيب أو الهدايا.
هذا التحول يقلل بشكل كبير من فرص الوساطة والرشوة، ويخلق بيئة أكثر عدالة وشفافية.

ثانيًا: الممارسات الرقابية والإصلاح غير التكنولوجي

1. تعزيز الشفافية والمساءلة: نشر نتائج العمل، تقارير الأداء، ومراجعة القرارات الإدارية بشكل علني.

2. تطبيق القوانين بصرامة: فرض عقوبات واضحة ورادعة على كل مخالفة، سواء كانت رشوة نقدية، هدية، أو استغلالًا للنفوذ.

3. التثقيف الأخلاقي: تدريب الموظفين على القيم المهنية وربط الترقيات بالكفاءة الفعلية والجدارة وحدها.

4. حماية المبلغين عن الفساد: توفير آليات آمنة وسرية للإبلاغ عن الرشوة أو التلاعب دون خوف من الانتقام.

5. مكافأة الأداء النزيه: تقدير الموظف الذي يعمل بشفافية وكفاءة لبناء ثقافة عمل مضادة للفساد.



الخاتمة: استعادة الثقة والمؤسسات العادلة

في نهاية المطاف، المؤسسات ليست مجرد مبانٍ، بل هي مقياس لقيم الدولة وعلاقتها بمواطنيها.

عندما تغيب الكفاءة ويحل محلها النفوذ والمال، وتنتشر الرشوة والوساطات، تصبح هذه المرآة مشوهة، ويختل ميزان العدالة. يرى المواطن الدولة خصمًا بدلاً من خادمًا، وتنهار المؤسسة داخليًا بسبب استبدال الجدارة بالولاء، والحق بالامتياز.

إصلاح المؤسسات لا يبدأ بالقوانين وحدها، بل يبدأ بإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة.

حين تُحترم الكفاءة، ويُطبق القانون على الجميع بلا استثناء، وتُعزز الشفافية، تتحول المؤسسات من أدوات للتبعية إلى خدمة حقيقية للناس وضمان لحقوقهم.
إن استعادة هذه الثقة هي المفتاح لبناء دولة عادلة، حيث يُعامل المواطن بكرامة، وتكون القيم هي المعيار لا المال أو النفوذ.



#بشار__مرشد (هاشتاغ)       Bashar_Murshid#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستعمار بالمدافع... والاستحمار بالعقول
- فلسفة الحكم الرشيد... ترسخ العقد الوطني
- بين الفلسفة والصفات والإدراك... مسارات تكوين الشخصية والفكر
- قراءة في رحلة البحث عن الحقيقة
- الإعلام الرقمي… من منبرٍ للمعرفة إلى ساحةٍ للفوضى
- التعسف الوظيفي: كيف يحوّل المؤسسات من إنتاجية إلى ضغط؟
- حين يصبح الفاسد قديسًا... جمهورية النزاهة الوهمية
- فلسفة التنكّر والجحود… هندسة اليأس وتدمير الأمم
- الزمن الرقمي… يفضح النفاق
- الضمير والأخلاق... صمام الأمان بين التقلب الانتهازي والتكيف ...
- كلمة حق أُريد بها باطل... قراءة تحليلية
- الأحزاب...من الوسيلة النبيلة إلى الانحراف والتحزب
- الفصل بين الفكرة وذات الإنسان... جدلية النقد والتجريح
- مستقبل الصحافة... بين الحياد والإيحاء الموجَّه
- ادعاء الحكمة بلا تجربة… كالجعجعة بلا طحن
- الدولة الحاكمة وحاكم الدولة… من يواجه العواصف؟
- رواية الحق والتاريخ... الأمواج تهدم قصور الرمل
- التحيّز المعرفي... قصة خيالية هادفة
- رب ضارة نافعة...الغطرسة بداية التهاوي
- دول الاقليم بين التبعية... واستراتيجية التحالف


المزيد.....




- تحليل.. باستخدام المعادن النادرة والدبلوماسية البارعة والكثي ...
- كلب يشعل حريقًا في منزل مالكه.. كاميرا مراقبة ترصد مشهدًا صا ...
- ترامب يسعى للاستفادة من زخم اتفاق غزة.. كيف؟
- بعد انهيار الهدنة.. الدوحة تستضيف محادثات بين كابول وإسلام آ ...
- حملة -نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية-: موقفنا من تعديلات ...
- اتهامات بوجود -أثار تعذيب- على جثامين فلسطينيين سلمتها إسرائ ...
- هل يتعلم الجنين اللغات الأجنبية وهو في رحم أمه؟
- بعد تدهور سمعته.. الأمير البريطاني أندرو يتخلى عن لقبه الملك ...
- بين الفَوضى الخَلّاقة والتَّدمير الخَلّاق
- وكالة التصنيف الائتماني -ستاندرد آند بورز- تخفض تصنيف فرنسا ...


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - بشار مرشد - المؤسسات... المرآة الحقيقية للدولة