فوز حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 16:49
المحور:
الادب والفن
كانت السماء رمادية خفيفة، والهواء يحمل برودة لطيفة تسبق هطول المطر.
وقفتُ عند نافذة صفّي الزجاجية، أحدّق في مجرى نهر الراين الممتد أمامي.
من أين للنهر هذه القدرة كي يغرينا للتأمل؟
كان هذا السؤال يدور في خلدي بينما المياه تنساب ببطء، وكأنها تهمس لي بلغة قديمة، لغة لم أفهمها بعد، لكني شعرت بها في قلبي.
مدرستي لتعليم اللغة الألمانية تقع مباشرة على ضفة النهر.
وفي كل استراحة بين الدروس، أجد نفسي منجذبة إلى تلك النافذة، كأنها نافذة أخرى على عالم أوسع.
أتأمل السفن الصغيرة وهي تعبر، والطيور التي تلامس سطح الماء بأجنحتها، والناس الذين يسيرون على الضفة المقابلة حاملين كتبًا أو زهورًا أو مجرد أحلامهم اليومية.
حين عدتُ إلى مقعدي، ظلّت كلمات أستاذتي سوزان ترنّ في أذني: اللغة نهر".
"Sprache ist ein Fluss "
شعرتُ أن العبارة لم تكن مجرد درس، بل حقيقة أعيشها.
فاللغة، مثل النهر، تحتاج وقتًا لتجري بسلاسة، تحتاج صبرًا حتى تصير جزءًا من الحياة اليومية.
كل يوم، كانت الكلمات الألمانية الجديدة تدخل عقلي مثل قطرات مطر، صغيرة، متفرقة، لكنها مع الوقت تصنع جدولًا، ثم نهرًا خاصًا بها. وحين رفعت نظري مجددًا نحو الراين، ابتسمتُ: فكّرتُ أنّه يومًا ما سأعبر أنا الأخرى هذا النهر بالكلمات، كما يعبره الناس بالجسور والقوارب، وسأحكي قصتي بلغة جديدة تمامًا.
#فوز_حمزة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟